
مسلسل ليالي ...أزمة تشابه مع طلعت وسوزان
من البداية لاحظنا أن المسلسلات الإجتماعية ورغم تعدد وإختلاف أفكارها إلا أنها قدمت تساهلاً متعمداً في معالجة الموضوعات بشكل لا يحترم عقلية المشاهد العادي وليس المشاهد المدقق حيث تلخصت الحوارات بين شخصيات الأعمال الرئيسية في حوارات تتسم بالسطحية الشديدة إما في المثالية المفرطة أو الشر المجسد دون وسطية منطقية وهو أمر غير معقول في الحياة العادية رغم أن العديد من تلك الشخصيات مثقفة وذات تأثير إجتماعي في محيطها ، نجد ذلك في شخصية الطبيب ووكيل النيابة والمحامي وحتى رجل الأعمال ، لكن أكثر ما يحبط المشاهد هو تهلهل أحداث معظم المسلسلات التي تحمل بُعداً إجتماعياً فالتطويل فيها هو السمة الرئيسية وضياع الفكرة الرئيسية أو الرسالة المطلوب توصيلها للمشاهد هو الأمر الواقع بلا أدنى مبالغة ، ورغم أن الفروقات الفردية في تقمص الشخصيات بين الممثلين قد تساعد على إخفاء بعض عيوب سيناريو القصة إلا أن ضعف المعالجة الدرامية ظل واضحاً للمشاهد .
اما المسلسلات التي تحمل أفكاراً بوليسية لم تكن أفضل حالاً فمسلسل ليالي وهو الذي تمت مهاجمته منذ الحلقات الأولى بدعوى تقديمه لقصة حياة المطربة الراحلة سوزان تميم وقضية هشام طلعت مصطفى ، ووصل الأمر إلى تلويح أسرتها باللجوء إلى القضاء لوقف عرض المسلسل ، المثير في الأمر أن فريق العمل ظل متمسكا بموقفه رافضا الربط بين أحداث مسلسل ليالي وسوزان تميم ، ورغم كل ما أثير حول ذلك المسلسل إلا أنه جاء بالنهاية ضعيف المستوى وسيئ الآداء ، فبطلة المسلسل وهي الممثلة زينة تجدها تمثل بإفتعال واضح ومبالغة ظاهرة ادت إلى كشف ضعف تقمصها للشخصية الرئيسية للمسلسل . كذلك مسلسل قاتل بلا أجر وهو الذي تدور أحداثه في إطار بوليسي حول وكيل نيابة يجسد دوره الممثل فاروق الفيشاوي ولديه ابنة وهي منه فضالي تصاب بمرض خطير يتطلب سفرها للخارج ، ولضيق حاله يضطر إلى أن يلجأ لعمته الثرية وهي الممثلة عايدة عبد العزيز ولكنها تخذله في طلبه ثم تتطور أحداث المسلسل بإكتشاف مقتل العمة في ظروف غامضة وتشير كل أصابع الاتهام إلى وكيل النيابة لأنه الوريث الشرعي لها وفي حاجة شديدة للمال ، حيث جاءت أحداث المسلسل شبه منفصله بسبب حشو الكثير من المشاهد بحوارات لا تنبئ عن أي فائدة درامية .
فيما نجحت المسلسلات ذات الصبغة السياسية وفق ما اورده موقع دار الكتب الثقافي في الافلات من فخ التسطيح منها مسلسل هدوء نسبي الذي قام بإخراجه المخرج التونسي شوقي الماجري ومن تأليف السيناريست السوري خالد خليفة ، وتدور أحداث المسلسل حول ما يواجهه الصحفيون العرب والأجانب في العراق من أهوال الحرب ومخاوف الاختطاف والاعتقال خلال حرب العراق الأخيرة 2003 م التي أدت إلي سقوط بغداد ، ومزية المسلسل الواضحة منذ البداية هو مجموعة لفنانين من مختلف الأقطار العربية من سوريا ومصر وفلسطين والعراق والخليج العربي و لبنان والأردن وتونس حيث مثل الجانب المصري في المسلسل نيللي كريم والإعلامي كريم كوجك ،و تتابع مشاهد المسلسل وسط وجود عدة قصص اجتماعية تدور حول شحصيات الصحفيين العرب وحياتهم الخاصة قبل حضورهم الى العراق ، ورغم جودة العديد من المشاهد المحبوكة درامياً وفنياً إلا أن ذلك لم يمنع بعض المؤلفين العراقيين من إتهام المسلسل بأنه يروج للطائفية والتعصب ويدعم الإرهاب عبر عدة مشاهد تظهر الشيعة وهم يتآمرون مع الأمريكان ضد السنة . كذلك جاء مسلسل ماتخافوش بطولة الفنان نور الشريف ليحمل فكرة نبيلة لكن معالجته حوراياً ودرامياً جاءت أضعف بكثير من مسلسل هدوء نسبي ، حيث عاب المسلسل التطويل والمط الواضحين فمثلاً تجد البطل وهو يحاور أحد الشخصيات بالمسلسل وكأنه يتحدث في خطب طويلة وبأفكار توجيهية مباشرة كما تجد في حلقات أخرى البطل ( مقدم البرامج المرموق ) وهو يقدم حلقات من برنامجه التلفزيوني كانت تمتد أحيانا لتستغرق حلقة المسلسل بأكملها وهو أمر غريب ويصيب المشاهد بالملل لأنه جالس أمام الشاشة ليشاهد عملاً درامياً وليس برنامجاً سياسياً كما أن اشكالية المسلسل الرئيسية المتمثلة في البحث في هوية البطل كيهودي ام مسلم لم يتم الكشف عنها إلا في الحلقة السابعة والعشرين في حين لم تتضمن الحلقات السابقة أي إشارة واضحة إليها .
المسلسل الوحيد الذي أتى يحمل لنا رائحة أدب الجاسوسية هذا العام وهو حرب الجواسيس لم يخل من فخ السطحية والإستسهال ورغم أن كتابة مثل تلك المسلسلات تستلزم أن يقوم صانعوها بإحترام عقلية المشاهد نظراً لجدية الموضوع وخطورة الطرح إلا أن المسلسل لم يفعل ذلك للأسف فقد حمل المسلسل العديد من الأخطاء الفنية والأحداث غير المنطقية في أكثر من مشهد فمثلاً هناك مشهد تطلب البطلة منة شلبي الذهاب إلى فندق، فيذهبون بها إلي فندق كراون بلازا (Crowne Plaza ) وهذا الفندق تم إفتتاحه في روما عام 1972م أي بعد انتهاء الأحداث الافتراضية للمسلسل بأربعة أعوام كاملة ، كما أن جميع بوابات الفندق إلكترونية في عصر كانت فيه الأبواب الدوارة هي قمة التكنولوجيا كما تحمل السيارات تحمل لوحات معدنية عليها شعار الاتحاد الأوروبي وسيارات الأجرة من موديلات ما بعد الألفية الثانية هذا طبعاً عوضا عن ظهور أشخاص يتحركون في خلفية الكادر يستخدمون الموبايل وآخرون يجلسون في المقاهي وهم يستخدمون أجهزة "لاب توب" ولا مجال للحديث طبعا عن أن ملابس الأشخاص بالشارع خارج النطاق التاريخي لهذه الفترة تماماً بينما كان مشهد دخول البطلة إلى أحد المحلات للتسوق بينما على واجهة المتجر إعلان هائل الحجم يعلن عن موسم التخفيضات لعام 2009 م هو المشهد الأكثر فجاجة في عدم إحترام عقلية أي مشاهد .
مسلسلات السيرة الذاتية كانت أفضل حالاً في المعالجة رغم أنها لم تكن في الإجمال بالمستوى اللائق بتاريخ النجوم الأصليين ، فمسلسل أبو ضحكة جنان الذي يحكي قصة حياة الفنان الأسطورة إسماعيل يس لم يخل من بعض المبالغة في الإتجاهين سواء بالتحامل عليه في عدة مشاهد أو التهوين من قدره في مشاهد أخرى ، كما عاب المسلسل أيضاً طريقة كلام الممثل أشرف عبد الباقي وهو الذي قام بدور الراحل اسماعيل يس حيث يقلده طوال حلقات المسلسل بنفس أسلوب و طريقة كلام اسماعيل يس المضحكة والتي كنا نراه يتكلم بها على الشاشة ليضحكنا في حين أنه في الحقيقة لم يكن يتكلم بذلك الأسلوب في حياته العاديه ، لكن يحسب للمسلسل إهتمامه بإبراز بعض النقاط التي كانت خفيه في حياة الراحل حيث يذكر علاقته برجال ثورة 23 يوليو وطلبهم منه تقديم أفلام دعائية عن الجيش المصري كفيلم إسماعيل ياسين في البوليس الحربي و إسماعيل يس في الأسطول و إسماعيل ياسين في الطيران . المسلسل الآخر في تغطية السيرة الذاتية لأحد النجوم الراحلين هو مسلسل أنا قلبي دليلي وهو مسلسل غنائي يتعرض للسيرة الذاتية للمطربة المصرية اليهودية الأصل ليلى مراد ، عنوان المسلسل هو عنوان إحدى أشهر أغاني ليلى مراد و يؤخذ على المسلسل نفيه بشكل مستمر ومُلّح تعاون الراحلة ليلى مراد مع إسرائيل وحتى تعاطفها معها ، بل ويظهر المسلسل استناداً على معالجة كاتب القصة بأنها تقوم بتأييد القضايا الوطنية المصرية وذلك حتى إعلان إسلامها بسبب حبها لسماع الأذان كما تم رصد أكثر من 15 حلقة عن حياة والد ليلى مراد "زكي مراد" الشخصية التي جسدها الفنان عزت أبو عوف وعن علاقاته النسائية "زواجه وطلاقه" وأغفل بطلة المسلسل ، كما جاء أداء صفاء سلطان فاترا وباردا جداً كما تؤكد الناقدة ماجدة خير الله إضافة إلى غياب روح ليلي مراد عن العمل خاصة أنني عندما أشاهدها أتذكر على الفور الفنانة شادية فهي قريبة الشبه بها وليست بها من ملامح ليلى مراد أي تشابه ، السبب الثالث : تجاهل المخرج ضرورة وجود صوت ليلى مراد ضمن أحداث المسلسل فلم أسمع أغنية لليلي مراد بصوتها فكيف يقدم المسلسل ليلي مراد وفي الوقت نفسه تغيب فيه الروح والصوت والحدوتة كما أنه بالنسبة للفنان أحمد فلوكس الذي جسد شخصية الفنان أنور وجدي فأنا لم أر أداء سيىء وردىء بهذا الشكل من قبل فظهر أحمد "يهتز شمال ويمين ووسطه زمبلك" وهذه أمور لم يفعلها أنور وجدى في حياته على الأطلاق فقد كان شخص متزن و صاحب عقلية جبارة وواحد من أهم الشخصيات التي أنتجتها السينما المصرية ...
وحيث أننا نتكلم عن تلك الدراما الرمضانية من خلال المنظور الثقافي فإننا نجد أن الميزان قد إختل بشدة لصالح التسطيح وتغييب الفكر فلم نجد عملاً رمضانياً واحداً إحترم عقل المشاهد بصورة مطلقة أو قدم فكرة ثقافية أو طرح قيمة مجتمعية بل إنه حتى صورة المثقف كانت مثاراً للسخرية والإستهزاء في العديد من المشاهد بتلك الأعمال الدرامية ولم نشاهد سوى خالد الصاوي وهو يتألق في مسلسل قانون المراغي حيث قدم شخصية محامي مثقف بلا إدعاء ويجيد المحاورة والكر والفر بدون أي استعراض ، وهو ما يُحسب له كممثل أدى الدور بإقتدار بغض النظر عن قيمه تلك الثقافة ومدى تأثيرها في بحر من الأخلاقيات غير الشريفة لمحامي فاسد .
إجمالاً فإننا حين ننظر إلى مسلسلات رمضان المصرية لعام 2009 م وهي التي تعدى إجمالي تكاليفها 500 مليون جنيه مصري على أقل تقدير وفي بعض التقديرات 750 مليون جنيه مصري نجد السؤال يتقافز إلى الأذهان وهو ما العائد المتوقع على المجتمع المصري الذي يعيش أكثر من ثلثيه تحت خط الفقر ؟ وما العائد الثقافي من تمثيل باهت وقصص سطحية ومكررة لا تقدم فناً ولا تطرح رؤى ولا تثير فكراً ؟ لاسيما اذا علمنا إن تكلفة التترات - فقط - للمسلسلات الرمضانية لهذا العام بلغت 10 ملايين جنيه بحسب جريدة الشروق حيث تقاضت المطربة اللبنانية نانسي عجرم قيمة مبلغ 100 ألف جنيه عن غناء تتر مسلسل " ابن الأرندلي " الذي قام ببطولتها لفنان يحيى الفخراني ، كما تقاضت المطربة الشابة جنات مبلغ 80 ألف جنيه عن غناء تتر مسلسل " حكايات وبنعشها " الذي قامت ببطولته الفنانة ليلي علوي .
اما المسلسلات التي تحمل أفكاراً بوليسية لم تكن أفضل حالاً فمسلسل ليالي وهو الذي تمت مهاجمته منذ الحلقات الأولى بدعوى تقديمه لقصة حياة المطربة الراحلة سوزان تميم وقضية هشام طلعت مصطفى ، ووصل الأمر إلى تلويح أسرتها باللجوء إلى القضاء لوقف عرض المسلسل ، المثير في الأمر أن فريق العمل ظل متمسكا بموقفه رافضا الربط بين أحداث مسلسل ليالي وسوزان تميم ، ورغم كل ما أثير حول ذلك المسلسل إلا أنه جاء بالنهاية ضعيف المستوى وسيئ الآداء ، فبطلة المسلسل وهي الممثلة زينة تجدها تمثل بإفتعال واضح ومبالغة ظاهرة ادت إلى كشف ضعف تقمصها للشخصية الرئيسية للمسلسل . كذلك مسلسل قاتل بلا أجر وهو الذي تدور أحداثه في إطار بوليسي حول وكيل نيابة يجسد دوره الممثل فاروق الفيشاوي ولديه ابنة وهي منه فضالي تصاب بمرض خطير يتطلب سفرها للخارج ، ولضيق حاله يضطر إلى أن يلجأ لعمته الثرية وهي الممثلة عايدة عبد العزيز ولكنها تخذله في طلبه ثم تتطور أحداث المسلسل بإكتشاف مقتل العمة في ظروف غامضة وتشير كل أصابع الاتهام إلى وكيل النيابة لأنه الوريث الشرعي لها وفي حاجة شديدة للمال ، حيث جاءت أحداث المسلسل شبه منفصله بسبب حشو الكثير من المشاهد بحوارات لا تنبئ عن أي فائدة درامية .
فيما نجحت المسلسلات ذات الصبغة السياسية وفق ما اورده موقع دار الكتب الثقافي في الافلات من فخ التسطيح منها مسلسل هدوء نسبي الذي قام بإخراجه المخرج التونسي شوقي الماجري ومن تأليف السيناريست السوري خالد خليفة ، وتدور أحداث المسلسل حول ما يواجهه الصحفيون العرب والأجانب في العراق من أهوال الحرب ومخاوف الاختطاف والاعتقال خلال حرب العراق الأخيرة 2003 م التي أدت إلي سقوط بغداد ، ومزية المسلسل الواضحة منذ البداية هو مجموعة لفنانين من مختلف الأقطار العربية من سوريا ومصر وفلسطين والعراق والخليج العربي و لبنان والأردن وتونس حيث مثل الجانب المصري في المسلسل نيللي كريم والإعلامي كريم كوجك ،و تتابع مشاهد المسلسل وسط وجود عدة قصص اجتماعية تدور حول شحصيات الصحفيين العرب وحياتهم الخاصة قبل حضورهم الى العراق ، ورغم جودة العديد من المشاهد المحبوكة درامياً وفنياً إلا أن ذلك لم يمنع بعض المؤلفين العراقيين من إتهام المسلسل بأنه يروج للطائفية والتعصب ويدعم الإرهاب عبر عدة مشاهد تظهر الشيعة وهم يتآمرون مع الأمريكان ضد السنة . كذلك جاء مسلسل ماتخافوش بطولة الفنان نور الشريف ليحمل فكرة نبيلة لكن معالجته حوراياً ودرامياً جاءت أضعف بكثير من مسلسل هدوء نسبي ، حيث عاب المسلسل التطويل والمط الواضحين فمثلاً تجد البطل وهو يحاور أحد الشخصيات بالمسلسل وكأنه يتحدث في خطب طويلة وبأفكار توجيهية مباشرة كما تجد في حلقات أخرى البطل ( مقدم البرامج المرموق ) وهو يقدم حلقات من برنامجه التلفزيوني كانت تمتد أحيانا لتستغرق حلقة المسلسل بأكملها وهو أمر غريب ويصيب المشاهد بالملل لأنه جالس أمام الشاشة ليشاهد عملاً درامياً وليس برنامجاً سياسياً كما أن اشكالية المسلسل الرئيسية المتمثلة في البحث في هوية البطل كيهودي ام مسلم لم يتم الكشف عنها إلا في الحلقة السابعة والعشرين في حين لم تتضمن الحلقات السابقة أي إشارة واضحة إليها .
المسلسل الوحيد الذي أتى يحمل لنا رائحة أدب الجاسوسية هذا العام وهو حرب الجواسيس لم يخل من فخ السطحية والإستسهال ورغم أن كتابة مثل تلك المسلسلات تستلزم أن يقوم صانعوها بإحترام عقلية المشاهد نظراً لجدية الموضوع وخطورة الطرح إلا أن المسلسل لم يفعل ذلك للأسف فقد حمل المسلسل العديد من الأخطاء الفنية والأحداث غير المنطقية في أكثر من مشهد فمثلاً هناك مشهد تطلب البطلة منة شلبي الذهاب إلى فندق، فيذهبون بها إلي فندق كراون بلازا (Crowne Plaza ) وهذا الفندق تم إفتتاحه في روما عام 1972م أي بعد انتهاء الأحداث الافتراضية للمسلسل بأربعة أعوام كاملة ، كما أن جميع بوابات الفندق إلكترونية في عصر كانت فيه الأبواب الدوارة هي قمة التكنولوجيا كما تحمل السيارات تحمل لوحات معدنية عليها شعار الاتحاد الأوروبي وسيارات الأجرة من موديلات ما بعد الألفية الثانية هذا طبعاً عوضا عن ظهور أشخاص يتحركون في خلفية الكادر يستخدمون الموبايل وآخرون يجلسون في المقاهي وهم يستخدمون أجهزة "لاب توب" ولا مجال للحديث طبعا عن أن ملابس الأشخاص بالشارع خارج النطاق التاريخي لهذه الفترة تماماً بينما كان مشهد دخول البطلة إلى أحد المحلات للتسوق بينما على واجهة المتجر إعلان هائل الحجم يعلن عن موسم التخفيضات لعام 2009 م هو المشهد الأكثر فجاجة في عدم إحترام عقلية أي مشاهد .
مسلسلات السيرة الذاتية كانت أفضل حالاً في المعالجة رغم أنها لم تكن في الإجمال بالمستوى اللائق بتاريخ النجوم الأصليين ، فمسلسل أبو ضحكة جنان الذي يحكي قصة حياة الفنان الأسطورة إسماعيل يس لم يخل من بعض المبالغة في الإتجاهين سواء بالتحامل عليه في عدة مشاهد أو التهوين من قدره في مشاهد أخرى ، كما عاب المسلسل أيضاً طريقة كلام الممثل أشرف عبد الباقي وهو الذي قام بدور الراحل اسماعيل يس حيث يقلده طوال حلقات المسلسل بنفس أسلوب و طريقة كلام اسماعيل يس المضحكة والتي كنا نراه يتكلم بها على الشاشة ليضحكنا في حين أنه في الحقيقة لم يكن يتكلم بذلك الأسلوب في حياته العاديه ، لكن يحسب للمسلسل إهتمامه بإبراز بعض النقاط التي كانت خفيه في حياة الراحل حيث يذكر علاقته برجال ثورة 23 يوليو وطلبهم منه تقديم أفلام دعائية عن الجيش المصري كفيلم إسماعيل ياسين في البوليس الحربي و إسماعيل يس في الأسطول و إسماعيل ياسين في الطيران . المسلسل الآخر في تغطية السيرة الذاتية لأحد النجوم الراحلين هو مسلسل أنا قلبي دليلي وهو مسلسل غنائي يتعرض للسيرة الذاتية للمطربة المصرية اليهودية الأصل ليلى مراد ، عنوان المسلسل هو عنوان إحدى أشهر أغاني ليلى مراد و يؤخذ على المسلسل نفيه بشكل مستمر ومُلّح تعاون الراحلة ليلى مراد مع إسرائيل وحتى تعاطفها معها ، بل ويظهر المسلسل استناداً على معالجة كاتب القصة بأنها تقوم بتأييد القضايا الوطنية المصرية وذلك حتى إعلان إسلامها بسبب حبها لسماع الأذان كما تم رصد أكثر من 15 حلقة عن حياة والد ليلى مراد "زكي مراد" الشخصية التي جسدها الفنان عزت أبو عوف وعن علاقاته النسائية "زواجه وطلاقه" وأغفل بطلة المسلسل ، كما جاء أداء صفاء سلطان فاترا وباردا جداً كما تؤكد الناقدة ماجدة خير الله إضافة إلى غياب روح ليلي مراد عن العمل خاصة أنني عندما أشاهدها أتذكر على الفور الفنانة شادية فهي قريبة الشبه بها وليست بها من ملامح ليلى مراد أي تشابه ، السبب الثالث : تجاهل المخرج ضرورة وجود صوت ليلى مراد ضمن أحداث المسلسل فلم أسمع أغنية لليلي مراد بصوتها فكيف يقدم المسلسل ليلي مراد وفي الوقت نفسه تغيب فيه الروح والصوت والحدوتة كما أنه بالنسبة للفنان أحمد فلوكس الذي جسد شخصية الفنان أنور وجدي فأنا لم أر أداء سيىء وردىء بهذا الشكل من قبل فظهر أحمد "يهتز شمال ويمين ووسطه زمبلك" وهذه أمور لم يفعلها أنور وجدى في حياته على الأطلاق فقد كان شخص متزن و صاحب عقلية جبارة وواحد من أهم الشخصيات التي أنتجتها السينما المصرية ...
وحيث أننا نتكلم عن تلك الدراما الرمضانية من خلال المنظور الثقافي فإننا نجد أن الميزان قد إختل بشدة لصالح التسطيح وتغييب الفكر فلم نجد عملاً رمضانياً واحداً إحترم عقل المشاهد بصورة مطلقة أو قدم فكرة ثقافية أو طرح قيمة مجتمعية بل إنه حتى صورة المثقف كانت مثاراً للسخرية والإستهزاء في العديد من المشاهد بتلك الأعمال الدرامية ولم نشاهد سوى خالد الصاوي وهو يتألق في مسلسل قانون المراغي حيث قدم شخصية محامي مثقف بلا إدعاء ويجيد المحاورة والكر والفر بدون أي استعراض ، وهو ما يُحسب له كممثل أدى الدور بإقتدار بغض النظر عن قيمه تلك الثقافة ومدى تأثيرها في بحر من الأخلاقيات غير الشريفة لمحامي فاسد .
إجمالاً فإننا حين ننظر إلى مسلسلات رمضان المصرية لعام 2009 م وهي التي تعدى إجمالي تكاليفها 500 مليون جنيه مصري على أقل تقدير وفي بعض التقديرات 750 مليون جنيه مصري نجد السؤال يتقافز إلى الأذهان وهو ما العائد المتوقع على المجتمع المصري الذي يعيش أكثر من ثلثيه تحت خط الفقر ؟ وما العائد الثقافي من تمثيل باهت وقصص سطحية ومكررة لا تقدم فناً ولا تطرح رؤى ولا تثير فكراً ؟ لاسيما اذا علمنا إن تكلفة التترات - فقط - للمسلسلات الرمضانية لهذا العام بلغت 10 ملايين جنيه بحسب جريدة الشروق حيث تقاضت المطربة اللبنانية نانسي عجرم قيمة مبلغ 100 ألف جنيه عن غناء تتر مسلسل " ابن الأرندلي " الذي قام ببطولتها لفنان يحيى الفخراني ، كما تقاضت المطربة الشابة جنات مبلغ 80 ألف جنيه عن غناء تتر مسلسل " حكايات وبنعشها " الذي قامت ببطولته الفنانة ليلي علوي .