نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

التريمسة...حين يلتقي العائد بظلّه

24/06/2025 - عبير داغر إسبر

انهيار إمبراطورية إيران

17/06/2025 - براءة الحمدو

حزب حاكم جديد في سورية

08/06/2025 - بشير البكر

المفتي قبلان صاحب الرؤية

02/06/2025 - يوسف بزي

المثقف من قرامشي إلى «تويتر»

24/05/2025 - د. عبدالله الغذامي :

التانغو" فوق حطام المنطقة

22/05/2025 - عالية منصور


شباب الدار البيضاء في المغرب يغامر ويغطس في سبيل الطالب الحمراء




الجديدة ( المغرب) - مروة سالم - بدأ آلاف من الشباب موسم جني الطحالب بالمناطق المحيطة لمدينة الجديدة (جنوب العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء) في ظل ظروف صعبة للغاية.


أطفال وفتيات ونساء في انتظار ما سيجود به
أطفال وفتيات ونساء في انتظار ما سيجود به
وهم "مغامرون" ينطلقون في جني الطحالب غير مبالين بالمخاطر التي تحف بهذه العملية خصوصا في ظل عدم توفر إمكانيات الغطس التي يمكن أن تقي هؤلاء الشباب من مفاجآت البحر وأمواجه.

انطلاقا من أول تموز/ يوليو الماضي الجاري وحتى بداية شهر تشرين أول /أكتوبر المقبل، يمارس آلاف من الشباب عملية الغطس في قاع البحر بشاطئ الجديدة (التي لا تبعد عن الدار البيضاء إلا بعشرات الكيلومترات). يستخدم هؤلاء الشباب وسائل بدائية وتقليدية في إخراج "كنز البحر". إنها الأعشاب الحمراء التي يطال انتظارها طيلة السنة لأن استخراجها غدا يشكل مصدر قوت آلاف من عائلات المنطقة.

مع بدء موسم جني الطحالب، يأخذ سكان منطقة الجديدة الشاطئية العدة ويتوجهون إلى مناطق خالية وغير صالحة للسباحة، هناك يشرعون في توزيع الأدوار فيما بينهم.

فاستخراج الطحالب يتطلب تكوين فرق من الشباب القادرين على الغطس رغم عدم توفر الوسائل التي تساعدهم على ذلك، فيلجأون إلى "ابتكار" إمكانيات تقليدية تعفيهم اقتناء بعض الأمور مثل بدلة الغطس وقنينة الأكسجين في حال المكوث طويلا تحت مياه البحر. الغطاسون يخوضون المغامرة بلباس السباحة العادي كما أنهم يستعملون خراطيم مياه طويلة يستعينون بها للتنفس، أما القوارب التي يدخلون بها إلى قارع البحر، فهي متهالكة لأن أغلبها كانت تستعمل للصيد التقليدي، غير أن التنافس القوي في موسم جني الطحالب يدفع ملاكي القوارب الخشبية إلى استغلالها في هذه العملية التي في نظرهم تدر عليهم موارد لا يستهان بها.

أمام حشود غفيرة من أهالي المنطقة، تتوجه مجموعات من الشباب نحو البحر و تتكون فرق من خمسة أو ستة أفراد لتقود القارب إلى وسط المياه، فيما يبقى شباب آخرون في حالة تأهب في انتظار ما سيجود به البحر من أعشاب حمراء. إذ في الغالب ما تتشكل هذه الفرق انطلاقا من الانتماء الأسري أو العائلي.

الانطلاقة غالبا ما تكون في الساعات الأولى من كل صباح، ولا تنتهي إلا بعد الثالثة عصرا ....الشباب الذين سيدخلون البحر يفترض أنهم سباحون من العيار الثقيل وعليهم تحسب المخاطر والاستعداد لأي طارئ جوي,. في عرض البحر وبمجرد وجود القارب إلى المنطقة التي يعرفها الغطاسون كما يعرفون مرافق منازلهم، يتناوب الشباب على الغطس في عمق يتجاوز 15 مترا، لأن التحدي أن يتمكنوا من جمع أكبر كمية من الطحالب مستعينين في ذلك بالشباك وهي عملية تتطلب جهدا كبيرا وإرادة حديدية لأن ما سيتم جنيه من هذه الأعشاب الثمينة سيباع بسعر بخس لا يسمن ولا يغني المتاعب والمخاطر التي يتعرض لها هؤلاء.

في فترة العصر وبمجرد ظهور أولى القوارب العائدة من عرض البحر، يبدأ الهتاف وتستعد كل عائلة لتكون عند الموعد وتستقبل "أبطال الطحالب" الذين غامروا من أجل جمع أكوام من الأعشاب.

شباك مليئة بالطحالب وشباب أنهكهم الغطس لساعات طويلة وعادوا أدراجهم لا يطلبون سوى الخلود إلى الراحة بعد تسليم البضاعة إلى من سيتولى حمل تلك الأكوام لإيصالها إلى شاطئ البحر.

هناك أفواج تنتظر، يسمع زعاريد النساء تارة وصياح الصغار تارة أخرى وشباب يدخلون في شجارات وتتعالى الأصوات، لكن رغم هذا وذلك، فإن العيون جاحظة تترقب ما جاد به البحر في ذلك اليوم.

عمل الفريق الثاني ينطلق فترى شبابا لا يترددون عن حمل أكوام ثقيلة فوق ظهورهم يقصدون تسليمها للنساء المصطفات اللواتي ينتظرن. مهمتهن السهر على تجفيف الأعشاب الحمراء من خلال طرحها أرضا وعرضها تحت أشعة الشمس. عملية تقنية بسيطة لأن الهدف أن تخلص الطحالب المستخرجة من قاع البحر من المياه وتجف حتى تصبح صالحة لتسوق.

لا يكاد يصدق المتتبع لأطوار استخراج الطحالب الثمن الذي تباع به هذه الأعشاب المعروفة عالميا والتي تستعمل في صناعة الأدوية والمستحضرات التجميلية وغيرها من الاستعمالات ..دراهم معدودة للكيلوجرام من الطحالب أحيانا لا تتعدى عشرة دراهم (حوالي يورو واحد فقط) . الشباب الذين يسهرون على عملية استخراج الطحالب واعون كل الوعي بأنهم يخاطرون بأنفسهم مقابل مبالغ زهيدة، لكن مع ذلك بعتبرون الطحالب مصدرا لرزقهم ينتظرونه طيلة أشهر السنة حتى يتمكنوا من توفير دراهم معدودة تساعدهم على تجاوز قساوة الحياة.

كما أن هؤلاء يعرفون جيدا أن وسطاء تجارة الطحالب هم المستفيدون أكثر من العرق الذي يتصبب منهم أثناء استخراج كميات الأعشاب الحمراء، لكنهم يستسلمون للوضع، المهم بالنسبة إليهم أنهم يعيشون بفضل الطحالب مهما كلفهم ذلك من ثمن.

وإذا كانت مصالح وزارة الفلاحة المغربية حذرت أكثر من مرة من احتمال استنزاف ثروة "الطحالب" لأنها تستغل بطريقة عشوائية وغير مضبوطة، فإن أهالي المنطقة لا يجدون بدا عن هذا النشاط البحري كما أنهم يديرون ظهورهم لبعض الجمعيات البيئة التي بدأت تدق ناقوس الخطر وتنذر وقوع "كارثة بيئية" في منطقة الجديدة حيث يتم استخراج الطحالب دون مراعاة الثورة السمكية.

فالفوضى هي سيدة الموقف في منطقة استخراج الطحالب ولا أحد بإمكانه منع السكان من ممارسة "نشاطهم السنوي". إنها "مملكة مستخرجي الطحالب" لا يدخلها إلا المشاركون في كافة مراحلها.

مروة سالم
السبت 29 غشت 2009