نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي


'الأولوية هي أمن إسرائيل!'






التصريحات الروسية بشأن سيطرة "الجيش العربي السوري" على الحدود السورية ـ الإسرائيلية، لا يشق لها غبار. فقد قال السفير الروسي في تل أبيب أناتولي فيكتوروف للقناة العاشرة الإسرائيلية إن "الأولوية هي ضمان أمن إسرائيل وهذا ليس مجرد كلام فارغ للسياسة الخارجية الروسية... يجب ألا تكون هناك قوات غير سورية في المنطقة الجنوبية".


  الأرجح أن سجال متشدقي الممانعة بهذا التصريح وبالوقائع الجارية في جنوب سورية أمر غير مجد، ذاك أنهم هم أنفسهم لم تكن يوما المواجهة مع إسرائيل قضيتهم، وهم ليسوا أكثر من أذناب مذهبية يرددون وراء سادتهم ما يلقنوهم إياه. وتصريحات فيكتوروف تؤكد ذلك، إذ أن صوتا واحدا لم يسمع وهو يرد على الحليف الروسي الكبير وهو يقول: "الأولوية هي ضمان أمن إسرائيل". فحليف حزب الله والنظام السوري ودولة ولاية الفقيه يعتبر أن الأولوية هي "ضمان أمن إسرائيل"! ماذا يمكن أن يقال بعد هذا الوضوح؟
خرافة الصراع مع إسرائيل ليست وهما خالصا، فهي حقيقية في اللحظة التي تجد الجماعة ضرورة لها في سياق حروبها المذهبية
لقد أصبح مضجرا انتظارنا صوتا من "أصحاب القضية" ممن قاتلونا وقاتلوا السوريين لـ"حماية المقاومة"، يوضح لنا ما الذي يجري بين الحين والآخر من خيانات داخل البيت. لكن كلام فيكتوروف لم يجاره كلام لجهة وضوحه وحسمه الخيارات. فقد تبين أن الرجل في خندق واحد معنا نحن الخونة والمطبعين، وأن النصف مليون قتيل سوري قضوا على مذبح آخر. أي هذيان هذا، وأي انكشاف، وفي المقابل أي صمت وأي خذلان. "الأولوية هي أمن إسرائيل!". هل من كلام بعد هذا الكلام، وهل من انتصار أوضح. لا ابتذال بعد هذا الابتذال، ولا صفاقة توازي صفاقة السفير في حديثه للقناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي. ماذا عن "أبو علي بوتين" بعد هذا التصريح، وماذا عن صوره تزين "ساحات الانتصار في جنوب لبنان"؟
لكن للمسألة وجه آخر أيضا. ثمة منتصرون في سورية، النظام من بينهم ومن بينهم أيضا إسرائيل، طالما أن الأخيرة ضمنت أمنها بكفالة روسية هذه المرة. وإيران أيضا منتصرة، طالما أن حليفها السياسي والمذهبي بشار الأسد قد انتصر. ومن المؤكد أن المعارضة السورية بشقيها السياسي والعسكري، وشرائح المجتمع السوري الأوسع (السنة) قد انهزموا جميعا. ووفق هذا المشهد على المرء أن يعيد ترتيب الاصطفافات تبعا للنتائج. فأن يكون حزب الله والنظام قد انتصرا إلى جانب إسرائيل، وأن يخرج علينا السفير الروسي في تل أبيب ليقول ما قاله، فإن الأمور تقاس بنتائجها، وإذا كانت هذه هي نتيجة الحرب في سورية، فعلينا أن نعود إلى بداياتها للقول بأن حزب الله توجه للقتال في سورية ضمن مهمة تفضي إلى هذه النتيجة.
خرافة الصراع مع إسرائيل ليست وهما خالصا، فهي حقيقية في اللحظة التي تجد الجماعة ضرورة لها في سياق حروبها المذهبية. نقاتل في سورية لنحمي النظام ونناور بفلسطين على خط هذه الجبهة. نشعل حربا هائلة في لبنان مع إسرائيل لنتدارك فيها هزيمة في الداخل. وفي كلا الجبهتين موقع الجماعة هو الهدف وليس فلسطين، والدليل هو النتيجة.
خطاب الممانعة لم يكن يوما سوى مراوغة مذهبية وسياسية مهمته حماية أنظمة الردة والجريمة​
ها هو السفير الروسي يعلن النتيجة من تل أبيب، والممانعة من الوقاحة إلى حد يمكنها من أن تعلن معه انتصارها، على ما فعلت في حرب تموز (2006) على رغم الهزيمة الواقعية لجهة حجم الدمار وعدد القتلى والأهم لجهة النتائج التي أفضت إلى تأمين حدود إسرائيل على نحو لم يتأمن لها منذ نشوء الكيان.
لنعيد رسم المشهد في ظل الحروب التي خيضت مع إسرائيل، فالأخيرة لم تكن يوما محصنة على نحو ما هي محصنة اليوم. في جنوب لبنان هي محصنة بقرار دولي وبـ 15 ألف جندي دولي يحرسون حدودها، وفي سورية محصنة بموقف موسكو، وفي الأردن ومصر باتفاقيتي سلام. هذا مشهد لو أتيح لبن غوريون أن يعايشه لنام بعده قرير العين.
لا ترتبط المسألة بسجال الممانعة بما قاله حليفها الروسي الأكبر لجهة أن أمن إسرائيل هو أولويته، إنما في البحث عن سر هذا "النكران" وعن المادة التي يتشكل منها. فقد قُتِل نصف مليون سوري على مذبح خطاب "حماية المقاومة"، وها هي الأخيرة تلتحق بمن قال إن أمن إسرائيل أولويته! ما سر هذا الصمت؟ وما سر هذا القبول؟ لا جواب سوى أن خطاب الممانعة لم يكن يوما سوى مراوغة مذهبية وسياسية مهمته حماية أنظمة الردة والجريمة. وهو خطاب لا يحترم أصلا عقول أهله ومريديه، وغير معني في أن يشرح لهم سر هذا الشطط الكبير، ثم إن كسلا موازيا أصاب أهله ومريدوه، ولم يعد تفسير ما يجري جزءا من همومهم.
يمكن لهذا المشهد أن ينجلي عن صورة أكثر تشريفا لأصحابه إذا ما قرروا نقل الخطاب إلى حقله الفعلي، وقالوا لنا: "الحرب لم تكن يوما بالنسبة إلينا أكثر من حرب مذهبية. انتصرت إسرائيل وانتصرنا معها عليكم".
----------
موقع الحرة

حازم الأمين
الخميس 2 غشت 2018