نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي


التوريث والجدار ... قضايا سياسية تلقي بظلالها على عالم الفقه وتشعل حرب الفتاوى في مصر




القاهرة - محمد عبد الرؤوف - يرى البعض من مؤرخي الحضارة الإسلامية أن السياسة وشؤون الحكم كانت هي السبب في أول خلاف فقهي شهده التاريخ الإسلامي في إشارة منهم إلى حادثة سقيفة بني ساعدة والاختلاف حول تسمية الخليفة الأول. وسواء كانت شؤون الحكم هي مبعث الخلاف الفقهي الأول أم لا فإن أمور السياسة ما زالت تلقي بظلها على عالم الفقه. فلا تزال ساحة الفتاوى ميدانا خصبا للتشاحن السياسي الدائر في بر مصر


الجامع الأزهر
الجامع الأزهر
ويعد اللجوء إلى الفتاوى لدعم الموقف السياسي أو المعارضة في مصر قديم قدم الدولة المصرية ذاتها. حيث شهد التاريخ المصري الكثير من الحوادث التي لجأ فيها الحكام إلى المؤسسات الدينية لدعم سلطتهم وقراراتهم السياسية سواء كان القائمون على تلك المؤسسات الدينية كهنة يقدسون الإله أمون أم قساوسة يمجدون يسوع المسيح أم شيوخا يؤمنون بالإسلام كخاتم النبوات.

فحتى نابليون بونابرت ابن الثورة الفرنسية وعصر الأنوار قدم نفسه إلى الشعب المصري بوصفه حاميا للإسلام وتقرب لعلماء الأزهر. كذلك كان المعارضون يسرعون إلى النصوص المقدسة لتبرير ثورتهم على الحكم القائم وهو نفس ما قام به من ثاروا على الحملة الفرنسية. ولعل أشهر الفتاوي السياسية في العصر الحديث هي تلك الخاصة بشرعية مشاركة القوات المصرية في حرب الخليج عام 1991.

الفتاوى المسيسة
لكن الفتاوى المسيسة بدأت تتأثر في الآونة الأخيرة بحالة الشد والجذب التي تشهدها مصر في السنوات الأخيرة بحيث صارت هناك فتوى تقترب من توجه الحكومة المصرية سواء في الشؤون الداخلية أو القضايا الخارجية وأخرى تعارض. ودائما ما تشهد ساحة الفتاوى المسيسة تردد اسم مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر والذي أنشئ عام 1961 في عهد الرئيس جمال عبد الناصر بهدف "تجديد الثقافة الإسلامية وتجريدها من الفضول والشوائب وآثار التعصب السياسى والمذهبى"، بحسب القانون الذي ينظم عمل المجمع. ويضم المجمع في عضويته 50 عضوا على أن يكون بينهم 20 عضوا من خارج مصر.

ويجمع المجمع في عضويته بين الدكتور سيد طنطاوي شيخ الأزهر والدكتور على جمعة مفتي الديار المصرية، وهما المنصبان الذي يتم تعيين من يشغلهما بقرار جمهوري، والدكتور يوسف القرضاوي المقرب من جماعة الإخوان المسلمين المعارضة وهو المصري الأصل القطري الجنسية.

" ليس بالفريضة الإسلامية"
ومع تزايد مظاهر التدين في الشارع المصري ذي الأغلبية المسلمة تزايد اهتمام وسائل الإعلام بآراء المجمع في العديد من القضايا التي يعايشها الشعب المصري. ومن أبرز القضايا التي أدلى فيها المجمع بدلوه كانت مسألة فوائد المصارف والتي أباحها المجمع عام 2002 وهي الفتوى التي أثارت الكثير من الجدل وقتها لتعارضها مع الكثير من الفتاوى والأحكام السابقة.
وعاد الجدل والنقاش حول المجمع مع تأييده لموقف شيخ الأزهر في حظر ارتداء النقاب الذي قال إنه "ليس بالفريضة الإسلامية" وهي الفتوى التي دفعت جماعة الأخوان المسلمين إلى أن تشن هجوما شديدا على كل من شيخ الأزهر والمجمع مطالبة بإقالة الأول وتعديل القواعد التي تحكم عمل الأخير.


التوريث والجدار
وقد أثار شيخ الأزهر الكثير من النقاش عن العلاقة بين السياسة والدين خاصة مع إعلانه أنه لا يوجد ما يحرم توريث الحكم إذا تم عبر الانتخابات، كما أشار في تصريحات صحفية بعدم شرعية التظاهرات السلمية، كذلك كان قد دعا إلى جلد الصحفيين الذين نشروا معلومات غير صحيحة عن مرض الرئيس المصري حسني مبارك.

ومع الإعلان عن تشييد مصر لجدار على الحدود التي تربطها بإسرائيل وقطاع غزة حتى اندلع اشتباك سياسي بين مناصري الحكومة المصرية الذين يرون في الأمر حماية للحدود المصرية بجانب كونه شأناً داخلياً يقع على عاتق الدولة المصرية ذات السيادة التعاطي معه. لكن ومن جهه أخرى ارتفعت أصوات منددة بالأمر واصفا إياه بالتواطؤ مع إسرائيل لإحكام الحصار على قطاع غزة الخاضع لسيطرة حركة حماس والتي تعد امتدادا لفكر جماعة الأخوان المسلمين المصرية.

ومثلما ينتقل النقاش حول أي قضية في مصر إلى الساحة الدينية تحول الأمر إلى تبارز ديني. حيث أفتى الشيخ القرضاوي بأن تشييد الجدار محرم شرعا وهو ما برره بالقول "لأن المقصود به سد كل المنافذ على غزة، للزيادة في حصارهم وتجويعهم وإذلالهم والضغط عليهم، حتى يركعوا ويستسلموا لما تريده إسرائيل".
لكن كان لمجمع البحوث الإسلامية رأيا مخالفا لفتوى رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين حيث أصدر بيانا شدد فيه على أن تشييد الجدار لا يتعارض مع الشريعة "حيث أن من حق مصر الشرعي في أن تقيم على أراضيها من المنشآت والسدود ما يصون أمنها وحدودها وحقوقها".
ضريبة عقارية

وبينما أيد المجمع تشييد الجدار فإنه امتنع حتى الآن عن الخوض في مسألة أخري تتعلق بالمباني والمعمار ألا وهي قضية الضريبة العقارية. حيث بدأت الحكومة المصرية في فرض ضريبة عقارية على المباني والوحدات السكنية ذات القيمة المالية المرتفعة. وبينما لاقى القرار تأييد أعضاء في المجمع إلا أن الضريبة الحكومية لاقت معارضة فقهية من جبهة علماء الأزهر وهي جمعية تضم العديد من علماء الأزهر كانت مصدر الكثير من المعارضة للأزهر وهو ما عرضها للحظر القانوني.

وبينما ينظر البعض إلى الاختلاف في الآراء الفقهية على أنه من مظاهر الصحة والتعددية إلا أن الأمر يعرض مصداقية الفتاوى للتشكيك ويطرح تساؤلات عن طبيعة العلاقة بين السياسة والدين

محمد عبد الرؤوف - إذاعة هولندا العالمية
السبت 30 يناير 2010