تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

أعيدوا لنا العلم

18/09/2025 - أحمد أبازيد

عودة روسية قوية إلى سوريا

17/09/2025 - بكر صدقي

لعبة إسرائيل في سوريا

10/09/2025 - غازي العريضي

من التهميش إلى الفاشية

10/09/2025 - انس حمدون

الوطنية السورية وبدائلها

04/09/2025 - ياسين الحاج صالح


الحقوقي والمحامي مختار الجلالي : الحكومة التونسية عاجزة ...




تونس : صوفية الهمامي
من معارض شرس لنظام بن علي الى وزير للفلاحة والبيئة بعد الثورة الى معارض مستقل ، ذلك هو محمد مختار الجلالي الذي اكد لصحيفة "الهدهد الدولية" انه لم يترك المعارضة فقد كتب عليه ان يكون ضمن نسيجها منذ البداية ، لكن الظروف شاءت ان يخرج منها مدة احد عشر شهرا وهي المدة التي قضاها في الحكومة الانتقالية الاولى ، وها هو يعود اليوم بكل قوة ليواصل دوره ولو بصفة فردية.
عن المعارضة في مفهومها الشامل يقول الجلالي : "ان المعارضة تتطلب نظرة وتحليلا للوضع القائم، وإبداء الراي فيه وفي السياسات المتبعة إزاءها ونقدها واقتراح مشاريع الحلول والبدائل"


الحقوقي والمحامي مختار الجلالي :  الحكومة التونسية عاجزة ...
 
اما كيف يرى المعارضة من وجهة نظره يوضح المحامي محمد مختار الجلالي : "اداء المعارضة ضعيف ، ولاحظت مؤخراً انها اصبحت تخشى على ما يبدو ردود فعل الكتلة الحاكمة من انتقاداتها ومواقفها.
ففي البداية كانت المعارضة تقف ازاء كل ما تعتبره خطأ يصدر عن الحكومة صغيرا كان أم كبيرا، لكن أمام ردود الفعل المتعددة والمتشنجة والقوية، خيرت المعارضة ان تتجاوز التفاصيل، في حين ان التغاضي عن التفاصيل قد يؤدي الى التراكمات والازمات ، وربما تجبر المعارضة ان تحجم على نقد امهات المسائل أيضاً.
فعندما يتكلم اي مسؤول من النهضة ويقول بان النهضة كانت اهم مقاوم للديكتاتورية، حال ان النهضة كانت صاحبة مشروع سلفي بالأساس وقد جابهها بن علي بالسجن والتشريد والتعذيب، فأصبحت ضحية يدافع عنها الحقوقيون في تونس وفي الخارج ولم تكن مقاومة للدكتاتورية  عبر  مشروع ديمقراطي يدافع عن الحقوق والحريات.
وعلى سبيل المثال عندما يقول رئيس الحكومة المؤقتة في المجلس التاسيسي "اشكر كل من شارك معنا في مقاومة الديكتاتورية" كنت اتصور رد فعل عاجل من المعارضة للتصحيح لكنه لم يأتي" . 
ويزيد الجلالي بالقول : "اذن على المعارضة الا تستنكف عن معارضة كل ما يجب معارضته وكل خطإ يصدر عن السلطة، لان التهاون في أداء هذا الواجب الوطني الكبير يؤشر الى تغول السلطة وتضاعف منافسيها ، كما أن النقد يحفز السلطة ويجعلها اكثر انتباها لما تقوم به أو تقرره ، علاوة على أنه لا يجب ان يصد المعارضة على ما تبديه السلطة من امتعاض ومن حساسية إزاء النقد وما تظهره من ثقة زائدة عن الحد في أحيان كثيرة".
* ما هي مؤاخذتك او بماذا تتوجه الى الحكومة ؟ 
اول مأخذ على اداء الحكومة هو عدم اتخاذ القرارات اللازمة الواجب اتخاذها سواء تلك المتعلقة بالمستقبل القريب للبلاد او بالمستجدات، وهو ما جعل المواطن التونسي يعيش حيرة حقيقية سببها غياب "نقاط الاستدلال" التي من شانها ان تطمئنه على مستقبله ومستقبل ابنائه حتى ينصرف الى القيام بشؤونه وهو مرتاح البال.  
فالحكومة لم تعلن عن اي برنامج ولا عن اي خطة عمل ولا عن اي رزنامة من شانها إعطاء مؤشرات إيجابية تبعث على التفاؤل والثقة لدى التونسيين،  
فنحن لا نعرف مثلا الى الان موعد الانتخابات المقبلة ولا خطط الحكومة في ازالة المعوقات التي تحول دون جلب الاستثمار الاجنبي، ولا خطتها في انجاح الموسم السياحي الذي انطلق الان، كما اننا نجهل خطة الحكومة لمجابهة المطالب الاجتماعية التي تشتد حدتها يوما بعد يوم وفي عديد المناطق والتي يزيدها تفاقما شعور الناس باللامبالاة .
* كيف ترى تعاطي الحكومة مع المستجدات في الشارع ومع بعض القضايا الاجتماعية بشكل عام ؟  
- هذه الحكومة للأسف الشديد عجزت حتى عن فض بعض المشاكل ( أو انها رفضت فضها) على غرار واقعة العلم وواقعة المنقبات بجامعة منوبة على سبيل المثال، مما أدى في بعض الاحيان الى حالات من الاحتقان ما كنا لنعيشها لو كانت ردة الفعل جدية وسريعة، ولا يفوتني هنا الاشارة الى ان الحكومة لم يقلقها اثارة مسائل هامشية وشغل الراي العام بها،  رغم انها مجرد مسكنات سرعان ما ينقشع مفعولها .
واذا كان رئيس الحكومة قد حاول طمأنة الناس واعطاء مؤشرات إيجابية فان خطابه لم يرق الى مستوى البرنامج الاقتصادي والاجتماعي واقتصر على أرقام محتملة وعلى موارد قد تأتي وقد لا تأتي 
فعموم الناس ينتظرون اكثر من ذلك بكثير واعتقد انهم قادرين على انتظار تحقيق مطالبهم أشهرا وسنوات شريطة ان يقتنعوا بان هنالك برنامجا جديا وواضحا يمكنهم التمسك بهم وبالتالي فان خطاب رئيس الحكومة رغم الإيجابيات الواردة به ومنها بالخصوص القطع مع الطريقة القديمة في الخطاب السياسي فقد بقي اقرب منه الى الحملة الانتخابية . 
كنت امل ان يكون برنامج عمل الحكومة المستقبلي في مستوى التفاصيل التي نسمع بها عن برنامج حزب النهضة للخمس سنوات القادمة.  
* وما المطلوب من الحكومة في ظل التجاذبات القائمة للخروج من المازق الاجتماعي ؟ 
-  المطلوب اجراء حوار شامل مع جميع الاحزاب والمنظمات والقوى الوطنية حول خطة متكاملة تقترحها للخروج من الأزمة والتوصل الى توافق عريض حول رزنامة عمل مدروسة واضحة المعالم يلتزم بها الجميع، أساسها مصارحة الشعب التونسي بحقيقة الإمكانيات المتوفرة امام الاستحقاقات التي يطالب بها المواطنون ، واقناع مكونات المجتمع والمواطنين على حد السواء بان ما يتم اقتراحه هو اقصى ما يمكن القيام به في اطار الظروف المالية والاقتصادية الراهنة.
عندما يكون المواطن على علم بان مشاكله ستحل في ظرف معين فان له من الذكاء والتفهم ما يجعله يقبل بالممكن ويرجئ غيرها الى مواعيد محددة. 
وهذا كما اسلفت يتطلب دراسة معمقة وبرنامج جدي يعتمد على معطيات صحيحة ويجعل من برنامج الحكومة التزاما قابلا للتحقيق والإنجاز.
 هذا علاوة على جوانب اخرى هي بمثابة مؤشرات سيئة من المحبذ الاقلاع عنها، منها تفادي التشنج والانفعال والتحكم في محتوى التصريحات التي تصدر من هنا وهناك، كالعدول عن زرع أعوان وانصار الحزب الحاكم في جميع مؤسسات وادارات الدولة، دون مراعاة الكفاءة وتكافؤ الفرص مما يؤشر الى عودة غير محمودة الى الخلط بين الحزب والدولة  ومنها التصرف  مع فئات الشعب بمكاييل مختلفة الخ ....
* قبل فترة علت الأصوات الحقوقية مبدية تخوفا جديا على مستقبل الحريات في تونس ما حقيقة ذلك؟  
- ما يقلقني هو ما تبديه الحكومة في كثير من المناسبات من انزعاج من ممارسة الناس لحرياتهم، كأن هذه الممارسة موجهة ضد الكتلة الحاكمةوالحال ان ممارسة الحقوق والحريات اصبحت من البديهيات التي لا يجب ان تزعج أحدا.
ولتعلم الحكومة المؤقتة ان النقد لا مفر وان سعة الصدر محمودة وان الخطر يكمن في كون الحد من الحريات ومن الحقوق بتعلة المبالغة في النقد تمثل بداية العودة للاستبداد.
كما ان النقد الذي حرم منها الشعب التونسي لعقود طويلة هو الكفيل وحده ولو كان لاذعا بجعلنا ندرك اخطاءنا ونصحح اعوجاجنا لنتقدم الى الافضل.
* ونحن نعيش اليوم العالمي لحرية الصحافة ما رايك في ما سمي بالمعركة القائمة بين الاعلام العمومي والحكومة ؟   
- الاعلام هو احد اهم الحصون ضد الديكاتورية، بالتالي فان استقلاله وحياده ومهينيته ضمانة للبلاد والعباد ، لذلك وجب التصدي بكل قوة لكل من تحدثه نفسه بوضع اليد على الاعلام او تدجينه او تركيعه لخدمة مصالح حزبية او فئوية او غيرها .
ولا ننسى ان اي سلطة في اي بلاد كانت دوما ترغب في جعل الاعلام حليفها ونصيرها ليبرز حسناتها وخصالها ويغطي عيوبها ومساوئها . 
اما عن وضع إعلامنا العمومي فقد خرج من قمقم السلطة اثر الثورة وذاق حرية كاد ينسى طعمها، ولا أخاله سيفرط فيها مهما كانت الإغراءات والتهديدات ، وان كانت النقائص عديدة فانا شخصيا افضل بقاءها على العودة لما كنا عليه قبل الثورة ، ثم إن ممارسة الإعلاميين تجربة الحرية كفيلة بتحسين أدائهم وابراز كفاءاتهم ومؤامرات .
غير ان ممارسات السلطة في الفترة الاخيرة والحملات الشعواء التي تقودها او تسمح بها ضد الاعلام ، لا تبشر بخير ومهما كانت مسبباتها وتعلاتها فمن الواضح ان هدفها ليس إصلاح الاعلام و الارتقاء بمستواه  بقدر ما هو محاولة لاحتوائه .
* كرجل قانون أكيد لك راي في نظام العدالة الانتقالية الذي اطلقته وزارة حقوق الانسان؟  
- قبل كل شيء أود ان ابدي تعجبي مما سمعت على لسان وزير المالية في احدى الإذاعات من ان هنالك أموالا متأتية للميزانية من الصلح المجرى مع بعض رجال الاعمال.
اقول له من الذي ابرم  الصلح؟ ومن الذي فاوض في شانه؟ وباي شروط ومقابل ماذا؟ أليس لدينا وزارة تعنى بالعدالة الانتقالية ؟   
 العدالة الانتقالية تعني القطع مع الماضي ومع منظومات الفساد الاداري والمالي والسياسي الذي كان مستشريا، وهدفها بلوغ مصالحة وطنية تنسى الماضي وتؤسس للمستقبل بنظرة متفائلة واليات تحصن ضد الفساد.
ولتخفيف الأوجاع ومداواة الجراح على الهيئة المزمع تكوينها تشريك المتضررين والاستماع اليهم  لان في ذلك ترويحا على المتضررين يجعلهم اقرب الى الصفح منه الى الثأر على غرار ما تم في المغرب الأقصى وجنوب افريقيا. 
 فالعدالة الانتقالية ليست مجموعة صفقات يقع إبرامها مع هذا الفاسد او ذاك بغاية غلق الملفات بل هي المرحلة الاولى لاستئصال الفساد. 
 

صوفية الهمامي
الاحد 20 مايو 2012