نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عن روسيا وإيران شرق المتوسّط

08/05/2024 - موفق نيربية

( في نقد السّياسة )

05/05/2024 - عبد الاله بلقزيز*

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام


السجناء السياسيون .... تاريخ طويل من القمع المدعوم مجتمعياً والحط من الإنسان جسديا وعقليا




امستردام - خوسيه زيبيدا - السجين السياسي يأتي من اللا مكان. وقبل سجنه يقدم للمحاكمة. النظام الذي قد يكون سافر الإستبداد يقرر من مدة طويلة أن ذاك الشخص هو أمرؤ مشبوه. وفي الشارع يتجنبه الأصدقاء والجيران حتى لا يحسبوا عن طريق الخطأ انهم على صلة بذلك المشبوه


العنف الجسدي يتبع الاعتقال عادة والتعذيب هو الأسلوب المعتاد للحصول على المعلومات
العنف الجسدي يتبع الاعتقال عادة والتعذيب هو الأسلوب المعتاد للحصول على المعلومات
وفي يوم اعتقاله. يفضلون في الغالب أن يكون ذلك خلال الليل. ربما يكون شخص ما قد وشى به او يكون اسمه على اللائحة السوداء للخدمة السرية. من تلك اللحظة تتم معاملته بطريقة يكون من شانها ان تفقده كرامته. ويحاولون أن يجعلوه يشعر بأنه مذنب بكل السبل.

ويعتقد حراسه بأنه خائن للقضية - وأيما قد يكون ذلك -سواء أكان مشتطاً أو شخصاً فاسداً فالشيء الرئيسي هو انه شخص حقير وينبغي ألا يعامل بتعاطف.

التعذيب والاذلال
واذا كان النظام ديكتاتورية عسكرية ، فإن العنف الجسدي يتبع الاعتقال. والتعذيب هو الأسلوب المعتاد للحصول على المعلومات مما يؤدي الى الوصول الى مشتبه بهم آخرين. ويستخدم لكسر التماسك الأخلاقي والمعنوي للضحايا.

في البداية يوضع علي المعتقل القناع حتى يصير في الظلمة. ثم تأتي الصدمات الكهربائية والغمس في البراز والتعليق من اليدين أو القدمين والاغتصاب. أساليب مجربة ومختبرة للحط من الضحية جسديا وعقليا. ويمكن أن يستغرق التعذيب بضع ساعات أو بضعة أشهر. وكثير من الناس ليسو بقادرين على تحمل ذلك.

وتعقب التعذيب أنواع كثيرة من الإذلال. التقاط أعقاب السجائر كل صباح ؛ الركض في أرجاء السجن حتى ينهار الضحية ؛ مع الركل والضرب والتعرض للشتائم من قبل حراس قساة.

السجين السياسي لا يمتلك أي حقوق على الإطلاق : ويمكن اغتياله أو أن يختفي أو أن يدان أو يطلق سراحه. وإذا كان هناك أي شك حول 'الخطر' الذي يمثاه للنظام فربما أرسل إلى معسكر اعتقال أو نفي.

إنكار
أنا خارج السجن ، فأن المجتمع ينكر إلى حد كبير وجود سجناء سياسيين. وسوف يقول الناس : "لا بد أن يكونوا قد فعلوا شيئا خاطئا".وبمجرد سقوط النظام يقولون : "لم أكن أعرف ، لا لم يخبرني أحد قط ." أو "لم أكن أعرف أن الأمراً كان مريعاً هكذا."

لا يمكن للسجناء السياسيين أن يوجدوا إلا بسبب الدعم الذي يلقاه النظام من قطاعات مهمة من المجتمع المدني. وبدون دعمهم فإن انتهاكات حقوق الإنسان لن تستمر لفترة طويلة. الخوف والرعب بالطبع يلعبان دورا أساسيا في قمع المقاومة. وبدون ذلك الخوف فإن النظم القمعية لن تكون قادرة على الاستمرار. ووجود سجناء سياسيين يزيد من الشعور بالخوف.

وإذا لم يكن النظام ديكتاتورية عسكرية ، فإن سياسات الحكومة المدنية الشمولية تبدأ عملية أكثر دقة. قمع أكثر انتقائية ويؤثر فقط على أولئك الذين يعتقد أنهم يشكلون حقا خطرا على النظام. الناس الذين هم على استعداد لمواجهة خطر السجن والتعذيب. الرجال والنساء القادرين على تعبئة الآخرين. الذين يجب أن يراقبوا ويتجسس عليهم باستمرار، سواء كان ذلك في الخفاء أو في العلانية. وإذا ما تجاوزوا الحدود يتم القبض عليهم.

الغموض
فقط المضطهِدون هم من يعرف تلك الحدود. ثم يوقعون العقوبات التي لا تتناسب إطلاقاً مع الجريمة المزعومة ، الإخلال بالنظام العام والتحريض على المشاركة في المنظمات غير المشروعة : عشرة أعوام في السجن. التآمر ضد نظام الحكم : عشرون سنة. هذه العقوبات هي بمثابة مثال لأولئك الذين يفكرون في أن يصبحوا منشقين. وإذا كانت الحكومة تعتقد ان المشتبه به ربما يكسب محاكمة ، يتم إبقاؤه في السجن وتؤجل المحاكمة إلى ما لا نهاية. إن المفاهيم المزدوجة و الغموض من السمات المميزة للنظام الظالم.

خلال فترة الحجز تستمر المعاملة السيئة لكسر أي شعور بالتمرد يجده السجين في نفسه. ويجوّع لدرجة أنه يبدأ في التصرف مثل البربري الذي لا يفكر إلا في بقائه على قيد الحياة. والبعض يكتشف أن الرغبة في البقاء على قيد الحياة هي مصدر جميع أنواع التمرد. لكن قناعاتهم الأخلاقية والسياسية هي من القوة بحيث أنها تتغلب على كل الشدائد. ويجد السجين السياسي طرقا كثيرة كي يتولى ضميره وحريته الداخلية القياد.

لحظات الانتصار
كل قرار شخصي ، ومهما كانت أهميته قليلة ، هو انتصار. كل عمل من أعمال التضامن والرعاية للآخر ، يعطي القوة الداخلية التي تساعد على التعامل مع الانتكاسات. فعلى سبيل المثال فإنه من المثير للاهتمام أن نعرف لماذا يغضب الحراس عندما ينظر اليهم السجناء في عيونهم ، أو عندما يجيبون عليهم . ألأن ذلك يتوجه الى ضميرهم؟ لا على الاطلاق. لكن ذلك بسبب أنهم يدركون لاشعوريا أن في هذه النظرة أو تلك الكلمات يكمن رفض الرضوخ.

ولكن جنبا إلى جنب مع كل الحزن والبؤس -فإن أفضل وأسوأ الناس يأتون إلى السطح في مثل هذه الظروف – وهناك لا يزال مجال للمرح بين السجناء أو حتى مجرد لفتة من التعاطف من أحد الحراس. ومن دون تلك اللحظات الإيجابية ، فإن الوضع ما كان ليطاق. وبدون الكتاب أو صوت الموسيقى منبعثاً من الراديو يمكن أن تحل بك حالة من الضيق الشديد.

لا يخرج أي سجين سياسي من الاعتقال سليماً تماماً. بل تكون لديه مخاوف عميقة ، ولكن اذا سلك الطريق الصحيح وأخذ حريته على نحو تام وعاش دون مشاعر سيئة فإن مستقبله سيكون إيجابياً : وسوف تساعده تجاربه على البقاء والاستمرار واستخدام لغة الأمل كسلاح ضد الاستبداد. وسوف يصبح دليلا حياً على أن الديكتاتورية ، من أي نوع ، لا يمكن لها أبداً أن تدمر الروح الحرة. ورغم كل شيء يواصل الحياة ويسهم حتى ولو بكلمة واحدة أو لفتة واحدة أو أي عمل في الوعي الذي ، في نهاية طريق اللامبالاة، ينبلج عند مخيمات الأنظمة الشمولية

خوسيه زيبيدا - إذاعة هولندا العالمية
الثلاثاء 15 يونيو 2010