
وعلى الفور جرى رفع خضر مجددا على أكتاف المشيعين الذين توجهوا به إلى أقرب مقبرة في مدينة رفح ليغطى التراب جثته التي كانت علقت لخمسة أيام بعد أن سحقها التراب داخل النفق المنهار.
وبدا هذا المشهد متكررا لدى سكان مناطق جنوب قطاع غزة الذين ودعوا ستة ضحايا منذ بداية العام الجاري فقط في حوادث العمل داخل أنفاق التهريب أو ما بات يعرف بأنفاق الموت لدى سكان القطاع الساحلي.
وبدأت مأساة عائلة خضر عندما خرج إلى عمله كالمعتاد في نفق للتهريب يختص بتوريد مواد للبناء إلا أن سوء الأحوال الجوية دفعت إلى انهيار مفاجئ للنفق ليلقى حتفه مع اثنين آخرين من العمال.
غير أن انتشال جثة خضر استغرق خمسة أيام بعد أن حفرت آليات ثقيلة جزءا كبيرا من النفق المنهار في الجانب الفلسطيني من الشريط الحدودي مع مصر ما بدد أمال شبه يائسة كانت لدى عائلته بانتشاله حيا.
وتمتم مشاركون في جنازة التشييع وهي تسير على عجل " دفع حياته مثل غيره ثمنا لضريبة العمل في أنفاق الموت التي لا ترحم".
وترصد مؤسسات حقوقية مصرع أكثر من 235 فلسطينيا داخل أنفاق التهريب غالبيتهم سحقا بالرمال منذ منتصف عام 2006 عند بدء شيوع انتشار الأنفاق.
وتستقطب الأنفاق التي تكتظ على منطقة الشريط الحدودي بين غزة ومصر بالمئات منها مئات العمال قصد تهريب المواد التموينية والإنشائية والسيارات والوقود من خلالها.
وتثير معادلة الأنفاق غضبا متناميا بين سكان غزة إذ بينما جنى القائمون عليها أموالا طائلة فقد صغار العمال فيها حياتهم في ظل معدلات قياسية من الفقر والبطالة تنتشر بين سكان القطاع البالغ عددهم زهاء مليون و700 ألف نسمة.
وأغلقت حكومة حماس العمل في الأنفاق لبضعة أيام في مناسبتين خلال شهر كانو ثان/ يناير الماضي ما تسبب في ارتفاع طفيف على أسعار مواد البناء التي يعتمد القطاع على توريدها عبر الأنفاق.
تمثل الأنفاق واحدة من مسببات عديدة لـ"الموت المجاني" للسكان في غزة.
ومن هذه المسببات الموت حرقا بفعل تكرار حوادث اندلاع النيران داخل المنازل بسبب اللجوء لوسائل إضاءة بديلة لأزمة انقطاع التيار الكهربائي التي يعانيها قطاع غزة منذ منتصف العام 2006.
ومثلت حادثة مصرع عائلة من ستة أفراد في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة خلال شهر كانون ثان/ يناير أيضا، واحدة من أبشع هذه الحوادث وانتهت كغيرها بدفن الضحايا تحت التراب وإدراجهم ضمن قوائم طويلة من ضحايا الحصار.
وتحول منزل العائلة المنكوبة إلى أكوام من الرماد الأسود الناتج عن ألسنة النيران التي التهمت أجساد الضحايا وهم رجل وزوجته وأطفالهم الأربعة لم تتجاوز أعمارهم ستة أعوام.
وعند تشييع الضحايا أجهش أقاربهم بالبكاء، فيما كان الأسى باديا على وجوه المعزيين المتوافدين إلى المنزل وقد ضاق بمساحته المحدودة بمعالم حزينة للفاجعة وهو يعبر عن أوضاع اقتصادية بائسة للعائلة .
وبالكاد التقط أقارب للضحايا صورة للأطفال الأربعة وقد غطى الرماد أجسادهم النحيلة المتفحمة.
ويعتمد كثير من سكان غزة على الشموع أو مولدات الكهرباء الصغيرة التي تعمل بالبنزين لإنارة منازلهم في ظل انقطاع الكهرباء الذي يمتد في معظم الأحيان إلى ثماني عشرة ساعة في اليوم.
ولقي نحو 30 فلسطينيا على الأقل أغلبهم أطفال مصرعهم جراء حوادث حريق مماثلة بسبب أزمة انقطاع التيار الكهربائي خلال السنوات الأربع الأخيرة.
وخلفت الحادثة انتقادات متزايدة لحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة بالقوة منذ منتصف عام 2007 وتقول جماعات حقوقية إن عدم نجاحها في حل معضلات القطاع الساحلي ونقص الخدمات الأساسية هو السبب في سقوط المزيد من الضحايا.
غير أن الحركة الإسلامية رفضت هذه الاتهامات، معتبرةً أن مآسي غزة نتيجة واضحة للحصار الخانق الذي تفرضه إسرائيل على القطاع.
وقال القيادي في حماس صلاح البردويل" إنه لا يمكن تحميل الحركة بالمسؤولية عن مآسي سكان غزة كون أن الحركة تبذل كل جهدها في مواجهة الحصار وتداعياته التي تخلف حوادث الكوارث وليس العكس ".
واعتبر البردويل أن ضحايا أزمة الكهرباء أو أنفاق التهريب يسأل عنها من فرض واقع الحصار على سكان غزة ومارس بحقهم العقاب الجماعي.
ويتفق المحلل السياسي من غزة طلال عوكل بأن الحصار سبب رئيسي في أزمات غزة التي تحصد بشكل متكرر ضحايا تسجل كلها في قائمة قتلى القدر.
غير أن عوكل يتساءل عن إمكانية اتخاذ إجراءات تكفل السلامة، أو تقلل من الخسائر البشرية؟ كما يتساءل ألا يمكن اعتبار هذه المآسى من النتائج الأكيدة لاستمرار حالة الانقسام الفلسطيني الداخلي " التي لا يبدو أن ثمة سبيلاً لمعالجتها؟".
ويضيف عوكل "الناس في غزة تبدي استعداداً منقطع النظير لدفع ثمن الاحتلال وعدواناته المتكررة ولكنها غير مستعدة لأن تدفع دائماً فاتورة السياسات الخاطئة، والحسابات الفصائلية، وأزمات الحكم، هذا هو الأمر الذي يجب معالجته ".
وبانتظار هذا العلاج المنشود من سكان غزة فإن بيانات التعازي والنعي شبه اليومية لضحايا "الموت المجاني" فوق الأرض وفي باطنها ستبقي مستمرة بالصدور بانتظار حلولا في الأفق.
وبدأت مأساة عائلة خضر عندما خرج إلى عمله كالمعتاد في نفق للتهريب يختص بتوريد مواد للبناء إلا أن سوء الأحوال الجوية دفعت إلى انهيار مفاجئ للنفق ليلقى حتفه مع اثنين آخرين من العمال.
غير أن انتشال جثة خضر استغرق خمسة أيام بعد أن حفرت آليات ثقيلة جزءا كبيرا من النفق المنهار في الجانب الفلسطيني من الشريط الحدودي مع مصر ما بدد أمال شبه يائسة كانت لدى عائلته بانتشاله حيا.
وتمتم مشاركون في جنازة التشييع وهي تسير على عجل " دفع حياته مثل غيره ثمنا لضريبة العمل في أنفاق الموت التي لا ترحم".
وترصد مؤسسات حقوقية مصرع أكثر من 235 فلسطينيا داخل أنفاق التهريب غالبيتهم سحقا بالرمال منذ منتصف عام 2006 عند بدء شيوع انتشار الأنفاق.
وتستقطب الأنفاق التي تكتظ على منطقة الشريط الحدودي بين غزة ومصر بالمئات منها مئات العمال قصد تهريب المواد التموينية والإنشائية والسيارات والوقود من خلالها.
وتثير معادلة الأنفاق غضبا متناميا بين سكان غزة إذ بينما جنى القائمون عليها أموالا طائلة فقد صغار العمال فيها حياتهم في ظل معدلات قياسية من الفقر والبطالة تنتشر بين سكان القطاع البالغ عددهم زهاء مليون و700 ألف نسمة.
وأغلقت حكومة حماس العمل في الأنفاق لبضعة أيام في مناسبتين خلال شهر كانو ثان/ يناير الماضي ما تسبب في ارتفاع طفيف على أسعار مواد البناء التي يعتمد القطاع على توريدها عبر الأنفاق.
تمثل الأنفاق واحدة من مسببات عديدة لـ"الموت المجاني" للسكان في غزة.
ومن هذه المسببات الموت حرقا بفعل تكرار حوادث اندلاع النيران داخل المنازل بسبب اللجوء لوسائل إضاءة بديلة لأزمة انقطاع التيار الكهربائي التي يعانيها قطاع غزة منذ منتصف العام 2006.
ومثلت حادثة مصرع عائلة من ستة أفراد في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة خلال شهر كانون ثان/ يناير أيضا، واحدة من أبشع هذه الحوادث وانتهت كغيرها بدفن الضحايا تحت التراب وإدراجهم ضمن قوائم طويلة من ضحايا الحصار.
وتحول منزل العائلة المنكوبة إلى أكوام من الرماد الأسود الناتج عن ألسنة النيران التي التهمت أجساد الضحايا وهم رجل وزوجته وأطفالهم الأربعة لم تتجاوز أعمارهم ستة أعوام.
وعند تشييع الضحايا أجهش أقاربهم بالبكاء، فيما كان الأسى باديا على وجوه المعزيين المتوافدين إلى المنزل وقد ضاق بمساحته المحدودة بمعالم حزينة للفاجعة وهو يعبر عن أوضاع اقتصادية بائسة للعائلة .
وبالكاد التقط أقارب للضحايا صورة للأطفال الأربعة وقد غطى الرماد أجسادهم النحيلة المتفحمة.
ويعتمد كثير من سكان غزة على الشموع أو مولدات الكهرباء الصغيرة التي تعمل بالبنزين لإنارة منازلهم في ظل انقطاع الكهرباء الذي يمتد في معظم الأحيان إلى ثماني عشرة ساعة في اليوم.
ولقي نحو 30 فلسطينيا على الأقل أغلبهم أطفال مصرعهم جراء حوادث حريق مماثلة بسبب أزمة انقطاع التيار الكهربائي خلال السنوات الأربع الأخيرة.
وخلفت الحادثة انتقادات متزايدة لحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة بالقوة منذ منتصف عام 2007 وتقول جماعات حقوقية إن عدم نجاحها في حل معضلات القطاع الساحلي ونقص الخدمات الأساسية هو السبب في سقوط المزيد من الضحايا.
غير أن الحركة الإسلامية رفضت هذه الاتهامات، معتبرةً أن مآسي غزة نتيجة واضحة للحصار الخانق الذي تفرضه إسرائيل على القطاع.
وقال القيادي في حماس صلاح البردويل" إنه لا يمكن تحميل الحركة بالمسؤولية عن مآسي سكان غزة كون أن الحركة تبذل كل جهدها في مواجهة الحصار وتداعياته التي تخلف حوادث الكوارث وليس العكس ".
واعتبر البردويل أن ضحايا أزمة الكهرباء أو أنفاق التهريب يسأل عنها من فرض واقع الحصار على سكان غزة ومارس بحقهم العقاب الجماعي.
ويتفق المحلل السياسي من غزة طلال عوكل بأن الحصار سبب رئيسي في أزمات غزة التي تحصد بشكل متكرر ضحايا تسجل كلها في قائمة قتلى القدر.
غير أن عوكل يتساءل عن إمكانية اتخاذ إجراءات تكفل السلامة، أو تقلل من الخسائر البشرية؟ كما يتساءل ألا يمكن اعتبار هذه المآسى من النتائج الأكيدة لاستمرار حالة الانقسام الفلسطيني الداخلي " التي لا يبدو أن ثمة سبيلاً لمعالجتها؟".
ويضيف عوكل "الناس في غزة تبدي استعداداً منقطع النظير لدفع ثمن الاحتلال وعدواناته المتكررة ولكنها غير مستعدة لأن تدفع دائماً فاتورة السياسات الخاطئة، والحسابات الفصائلية، وأزمات الحكم، هذا هو الأمر الذي يجب معالجته ".
وبانتظار هذا العلاج المنشود من سكان غزة فإن بيانات التعازي والنعي شبه اليومية لضحايا "الموت المجاني" فوق الأرض وفي باطنها ستبقي مستمرة بالصدور بانتظار حلولا في الأفق.