نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عن روسيا وإيران شرق المتوسّط

08/05/2024 - موفق نيربية

( في نقد السّياسة )

05/05/2024 - عبد الاله بلقزيز*

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام


الهاني رئيس حزب المجد : راشد الغنوشي متخصص في صنع الأزمات والادعاءات




تونس صوفية الهمامي - عبد الوهاب الهاني مناضل حقوقي وسياسي من قيادات ومؤسسي الاتحاد التونسي للطلبة اواخر الثمانينات قضى عشرين سنة في المنفى بين باريس وجينيف وشغل خطة ممثل دائم للجنة العربية لحقوق الانسان لدى الامم المتحدة بجنيف والناطق الرسمي للشبكة الدولية للحقوق والتنمية. -
"المجد" حزب وسطي ليبرالي اجتماعي هدفه بناء ديمقراطية معاصرة في كنف احترام الهوية العربية الاسلامية واستئناف مشروع بناء الدولة التونسية الحديثة ، شعاره مواطنة جمهورية ديمقراطية (م.ج.د).


الهاني رئيس حزب المجد : راشد الغنوشي متخصص في صنع الأزمات والادعاءات
بقدر ما شكل اغتيال شكري بلعيد صدمة للرأي العام أدخل تونس في اخطر منعرج سياسي واجتماعي، كيف تقرأون تداعيات ما يحدث اليوم؟  
 
من أولى تبعات اغتيال الشهيد شكري بلعيد، هو كشف عجز الحكومة على توفير الأمن للمواطنين وحماية البلاد من تجار الأسلحة ومن تجار الأحقاد والاغتيالات، فحادث الاغتيال لم يكن الأول بل سبقه سحل لطفي نقض حتى الموت في محافظة تطاوين بالجنوب التونسي، وسبقه اغتيال أحد شيوخ التبليغ لطفي القلال بطعان سكين عند خروجه لإمامة الناس في صلاة الصبح بحي مون بليزير الراقي على بعد عشرات الأمتار من احدى الوزارات . 
كما استشهد عدد من خيرة ظباط وأعوان الجيش والأمن في مواجهات مع مجموعات مسلحة أو أثناء عمليات لحفظ الأمن. إذن اغتيال شكري بلعيد وان كان الحدث الأكبر إلا أن ما سبقته من أعمال إرهابية واجرامية فشلت الحكومة في السيطرة عليها.
كما كشف اغتيال بلعيد فشل الطبقة السياسية في الابتعاد عن منطق التخوين والإقصاء والتشهير بالخصومات وهتك أعراضهم بالزور والبهتان حيث سبق الاغتيال ممارسات ممنهجة من العنف السياسي المادي واللفظي ضد الشهيد عبر مليشيات الروابط التي تدعي حماية الثورة وتقوم في الواقع بترهيب خصوم الحزب الحاكم.
 
طيب وماذا عن الأزمة السياسي وهل من مخرج ؟
  
بالفعل لقد دخلت تونس الى أزمة سياسية حادة أدت الى استقالة الحكومة والى تكليف وزير الداخلية علي العريض لتشكيل حكومة جديدة، ومن المفارقات أن لعلي العريض شعبية كبيرة داخل حزبه رغم فشله في تسيير وزارة الداخلية وضمان أمن التونسيين كان من ابرز فشله.
اغتيال شكري بلعيد واستعمال أسلحة محرمة دوليا (شاوزن) ضد المتظاهرين العزل في محافظة سليانة شمال غربي البلاد، والاعتداء على المتظاهرين السلميين بمناسبة احياء ذكرى الشهداء يوم 9 أبريل بشارع الحبيب بورقيبة وأمام وزارته من طرف مليشيات تدافع عن حزبه الحاكم وبتواطىء مع رجال الأمن. 
لكن علي العريض ربما يكون الخيار الاقل سوءا داخل حركة النهضة، هذا بالاضافة الى حركته فرضت أن يكون رئيس الحكومة هو "مرشح الحزب ذي الأغلبية" في المجلس التاسيسي
ونجحت في تضمين هذا الشرط الخبيث في التنظيم المؤقت للسلط العمومية الذي يقوم مقام الدستور الصغير المؤقت للمرحلة الانتقالية.
 
لكن راشد الغنوشي رئيس الحركة أعلن عن تنازل حزبه عن وزارات السيادة بعد رفض شديد الأمر الذي تقبلته المعارضة بذهول ؟ 
 
من المفارقات أيضاً أن حركة النهضة تقبل اليوم بشروط حلفاءها، في حين أن رفضها أدى الى إسقاط حكومة أمينها العام حمادي الجبالي وأدخل البلاد في النفق المظلم.
لقد عودنا راشد الغنوشي على التمسك بمواقف واهية ثم التراجع عنها بعد فوات الأوان حيث أصبح مختصا في صنع الأزمات والادعاءات لاحقا حتى يظهر بانه صاحب الحل السحري في التراجع لأجل "التوافق ومصلحة البلاد" ، كما حصل مع طرح موضوع التنصيص على الشريعة كمصدر للتشريع في الدستور والتمسك بالنظام البرلماني وتأجيجهم وحشد الأنصار لذلك ثم التراجع بعد تأزم الأوضاع والالتحاق بالأفكار التي كان يرفضها.
 
هل توافق بعض من يرجىء ذلك الى ازدواجية خطاب مقصود لحركة النهضة وهي سياسة متبعة لدى الحركات الإخوانية لحشد الولاء الداخلي ؟ 
 
الأزمة الاخيرة بينت بالفعل أن حركة النهضة الإخوانية الحاكمة تضع مصلحة ووحدة التنظيم فوق المصلحة الوطنية وقبل وحدة الشعب ووحدة الدولة فالتضحية بحكومة أمينها العام كانت مناورة الهدف منها إعلاء مصلحة التنظيم ودور التنظيم في رسم سياسات البلاد وإفراغ مؤسسات الحكم الشرعية من محتواها .
وهذا خطر كبير يتهدد لا فقط التجربة التونسية بل وأيضا كل التجارب التي قادها أو يقودها الاخوان المسلمون في السودان أو في فلسطين (غزة) سابقا أو مصر وتونس حاليا.
فالتمسك بوحدة تنظيم الإخوان في السودان على حساب وحدة الشعب والدولة أدى الى انقسام المجتمع، ثم الى انقسام الدولة ثم الى انفصام عرى الوحدة الوطنية حتى مع اقليم دارفور.
التحدي الاكبر في تونس اليوم هو إعلاء وحدة الدولة ووحدة الشعب أي الأمة حتى وان أدى ذلك الى انقسام الحزب الاخواني الحاكم فالاحزاب تنشأ وتزول وتتحالف وتنقسم ولكن الدولة واحدة لا يمكن أن نسمح لاحد بتقسيمها.
 
كيف السبيل لخروج التونسيين من حالة الاحتقان ؟
 
أمام العريض خياران لا ثالث لهما، إما اعتماد نفس منهجية المخلصين والمكافأة والمحاصصة الحزبية وبالتالي اعادة انتاج الفشل والأزمة من جديد، وإما استيعاب الدرس واستخلاص العبر من اخطاء حكومة رفيق دربه حمادي الجبالي وتكوين الحكومة الجديدة على قاعدة الكفاءة والولاء للوطن وحده وبناء الانسجام والتضامن الحكومي على اساس برامج واقعية وواضحة بعيدا عن الانسجام المغشوش الذي تفرضه مؤسسات الاحزاب وزاعماتها ومشائخها.
 
كيف السبيل الى ذلك وتونس تعيش وضعا اقتصاديا كارثيا؟
 
تعيش تونس أوضاعا اقتصادية صعبة بفعل الأخطاء التي اركبتها الحكومة وقلة خبرة غالبية أعضاءها وبسبب التردد الذي ميز اداء حكومة الحبابي و عجزه في احيان كثيرة اتخاذ القرارات اللازمة وفشل حكومته في رسم خطة اقتصادية واقعية وواضحة.
هذا اضافة الى تداعيات الأزمة الاقتصادية في اوروبا الشريك الاول لتونس دون إغفال النتائج الكارثية التي ادت اليها سياسات النظام المخلوع.
 
أزمة السياحة، من يتحمل مسؤولية تراجعها وهل هم السلفيون كما تردد أحزاب المعارضة ؟ 
 
بلا شك فشل الحكومة في فرض استتباب الأمن هو الذي أدى الى تراجع الحجوزات بطريقة غير مسبوقة خاصة بعد ثلاث احداث كبرى عرفتها البلاد، الاولى كانت الهجوم على السفارة الامريكية يوم ١٤ سبتمبر والصور الكارثية التي تم تداولها في العالم .
بالاضافة الى تورط تونسي في اغتيال السفير الامريكي في مقر القنصلية الأمريكة في بنغازي اما الحدث الثاني هو تورط مجموعة من الشبان التونسيين في عملية احتجاز الرهائن في النقطة الغازية عين أمينياس بصحراء الجزائر على بعد عشرات الكيلومترات من النقطة الحدود الثلاثية التونسية الجزائرية الليبية، اما الثالث فكان اغتيال الشهيد شكري بلعيد.
وكل هذه الاحداث مجتمعة ادت الى رسم صورة مأساوية وغير مضيافة عن تونس الوجهة السياحية، وهو ما يحتم رسم خطة وطنية لتحسين صورة تونس في الخارج وطمأنة السياح والمستثمرين والشركاء.
 
كيف تقيم علاقات تونس الخارجية؟ 
 
تميز اداء وزارة الخارجية بفوضى وارباك كبير وتناقض وتضارب في المواقف بين رئاسة الجمهورية المؤقتة ورئاسة الحكومة المؤقتة ووزير الخارجية المؤقت ، فغابت الوجهة السياسية الواضحة. 
هذا اضافة الى تفرد وزير الخارجية بقرارات وجولات عشوائية وارتجالية لم تشارك في صياغتها الادارة الدبلوماسية، واصبحنا نعيش دبلوماسية السفارات والقبل والاحضان بعيدا عن دبلوماسية المؤسسات والملفات والقرارات المدروسة.
كل ذك اضافة الى تتالي الفضائح حول شخص الوزير وسوء استعماله للمال العام وعدم اكتراثه بالحفاظ على سمعة الوظيفة وسمعة الدولة حيث لحقت به قضايا أخلاقية لا تشرف اي وزير وأي حكومة خاصة وانه ينتمي الى تنظيم إخواني وانه صهر زعيم هذا التنظيم.
الفشل الاكبر لحكومة النهضة الإخوانية وحلفائها كان بالأساس فشلا أخلاقيا في احداث القطيعة اللازمة مع ممارسات واخلاق النظام المخلوع حيث استباح الاخوانيون في تونس تعيين الاصهار والأقارب والأحباب في مفاصل الدولة ونسوا ان هذه الممارسات هي التي كانت سببا في الإطاحة بنظام بن علي وخروجه من قلوب الناس الى الأبد.
 
ماذا عن اداء المعارضة سيما بعد اغتيال بلعيد؟
 
المعارضة في العموم كانت تبحث عن موطىء قدم وتعديل موازين القوى لصالحها والانحياز لمطالب الشعب واستحقاقات الثورة ومراقبة عمل الحكومة.
المعارضة قامت بالتعبئة القصوى بعد اغتيال شكري وكانت جنازته جنازة وطنية بامتياز اعلنت فيها المعارضة الحداد الوطني والإضراب العام دون مشاركة الترويكا الحاكمة ، وتعاطف الشعب مع رموز المعارضة وعّبر عن إدانته للعنف وللتباطىء وتساهل وزارة الداخلية مع الجماعات الإرهابية والمتطرفة فاصبح مثلا مطلب حل مليشيات الروابط التي تدافع عن الحزب الحاكم مطلبا شعبيا بفعل مجهودات المعارضة. 
لكن اكبر تحدي للمعارضة اليوم هو تجميع قواها وتنظيم صفوفها في جبهة ديمقراطية واحدة على اساس برنامج انتخابي مشترك لتوفير بديل ممكن وواقعي للحزب الحاكم على شاكلة المجهودات التي تقودها المعارضة المصرية للدفاع عن الدولة وعن التعايش السلمي وعن الديمقراطية الناشئة.
 
هل كانت لديكم ردة فعل في حزب المجد حول اتهام وزير الداخلية علي العريض للسلفيين المتشددين الضلوع في اغتيال بلعيد؟ 
 
أخطأ العريض وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال ورئيس الحكومة المكلف، عندما قام بنفسه بالاعلان عن نتائج التحقيق الأولية حيث انه لبس جبة الأجهزة الأمنية المختصة في الوقت الذي كان عليه ان يلبس جبة رئيس الحكومة، فكانت تصريحاته بمثابة تسييس ملف الاغتيال كما اخطأ عندما اتهم التيارات الدينية المتشددة في المطلق دون تحديد وتدقيق الجهة الحزبية او التنظيمية او الإجرامية التي تقف وراء الاغتيال، الشيء الذي أدى الى امتعاض شريحة كبيرة من السياسيين والمواطنيين، وادخل البلاد في موجة من الاتهامات السياسية المتبادلة خاصة بين حركة النهضة والجبهة الشعبية اليسارية التي أسسها الشهيد من جهة وبين حركة النهضة الإخوانية والتيار السلفي الواسع من جهة اخرى.
في حين اشارت عديد التقارير الإعلامية وتحقيقات المرصد الوطني لاستقلالية القضاء الى تورط جهة تنظيمية بعينها من التنظيم الرئيسي للسلفية الجهادية في تونس.
هذا اضافة الى عجز الحكومة عن فرض سلطة القانون على المساجد التي يسيطر عليها أئمة من رموز نفس التيار المتهم حيث اصبحت مناطق خارجة عن نفوذ الدولة وسلطة القانون،  
اذ لا يزال عدد كبير من رموز النهضة يغازلون التيار السلفي المتشدد لاسباب انتخابية بحتة ويرفضون تطبيق قوانين الدولة التي تنص على تعيين الأئمة والقائمين على بيوت الله من طرف الحكومة المئتمنة على الشعائر الدينية.
 في هذا الصدد ينبغي على العريض نشر قائمة بالمساجد الخارجة عن سلطان الدولة وضبط خطة لإخراجها من الوضعية اللاقانونية والعودة الى مبدا نشر اسماء الأئمة المعينين في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية لضمان الشفافية وتمكين الراي العام من الرقابة.
 
تونس بجميع مكوناتها امام تحديات كبيرة لاجتياز الأزمة كرئيس حزب هل لديك بدائل بدل النقد المستمر ؟ 
اهم التحديات هي اعادة الطمانينة وتحسين الوضع الامني وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين واستئناف الحوار الوطني للتوافق على طبيعة النظام السياسي المقبل للبلاد وضبط الروزنامة الانتخابية واعتماد الدستور في اقرب الاجال ومحاصرة العنف السياسي وفرض قانون وسلطان الدولة على الجميع وضبط خطة واضحة لتحسين سمعة البلاد في الخارج. 
لكن يبقى الخط الفاصل اليوم هو الصراع بين تيار الدولة وتيار الفوضى في حين ان الحزب الحاكم لا يزال يحتكم الى فكر سياسي يقوم على الاحتجاج ولعب دور الضحية الدائم والانقلاب ومحاولة اجهاض مفهوم الدولة لحساب مفهوم الامة الدينية الشاملة وإضعاف الدولة القطرية والاعلاء من شان التنظيم ومرشد التنظيم الى درجة القدسية.
بيد ان بلداننا تحتاج الى فكر سياسي يؤمن بالدولة ويؤمن بالبناء وليس الهدم ويؤمن بالتعايش السلمي وليس بالإقصاء ويؤمن بمراكمة مجهود البناء عملا بقول النبي عليه الصلاة والسلام "انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق"  

صوفية الهمامي
الجمعة 8 مارس 2013