نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

خديعة الرحمة

03/07/2025 - هناء محمد درويش

التريمسة...حين يلتقي العائد بظلّه

24/06/2025 - عبير داغر إسبر

انهيار إمبراطورية إيران

17/06/2025 - براءة الحمدو

حزب حاكم جديد في سورية

08/06/2025 - بشير البكر


بعد 30 عاما.. المادجيرمانز بموزمبيق ما زالوا يحلمون باستعادة أموالهم




مابوتو - عندما انهار جدار برلين قبل ثلاثين عامًا، جرى وضع خوسيه كوسا على متن طائرة ليعود إلى وطنه قادما من ألمانيا الشرقية حيث عمل هناك لعدة سنوات، وكان تلقى وعدا بأن جزءا من راتبه سيكون في انتظاره في بلده الأصلي لدى عودته في أي وقت.


وقال كوسا /56 عاما/: "اعتقدت أنني سأعود لأصبح مالكاً لشركة"، وقد بدا المستقبل مشرقا، بحسب ما ذكره الرجل الذي كان يتحدث اللغة الألمانية بطلاقة، وقد أكمل دورة تدريبية. ولكن الأموال التي حصل على وعد بها لم تكن في انتظاره عندما عاد إلى وطنه، مضيفا: "لقد كذبوا علينا وخدعونا". ومازال كوسا والعمال الآخرون من موزمبيق الذين ذهبوا إلى ألمانيا الشرقية بعقود ووعود، وأطلق عليهم "مادجيرمانز"، يشعرون بتداعيات هذا الأمر الذي لم يكتمل بعد، رغم مرور ثلاثة عقود. وأبرمت جمهورية موزمبيق، التي كانت في خضم حرب أهلية، اتفاقا مع ما كان يعرف باسم جمهورية ألمانيا الديمقراطية (ألمانيا الشرقية )، في عام 1979 بشأن إرسال عمالة مؤقتة للعمل لدى شركات مملوكة للدولة. وبشكل إجمالي، توجه إلى ألمانيا الشرقية واحد وعشرون ألف عامل متعاقد من موزمبيق، وستة آلاف عامل من أنجولا. وتم أيضا إرسال أطفال من موزمبيق وناميبيا- مستعمرة ألمانية سابقة كانت في حالة حرب في ذلك الوقت- إلى ألمانيا الشرقية، ليكونوا في أمان بعد تعرض مخيم لاجئين لتفجير. وتلقى مئات الشباب تعليما في مدينة ستاسفورت، بالقرب من ماجديبورج. وكانت نايتا هيشونو، التي وصلت إلى ألمانيا الشرقية وهي فتاة صغيرة، واحدة من هؤلاء الشباب. وبعد سنوات من نشأتها في ألمانيا، كانت إعادتها إلى ناميبيا بمثابة صدمة ثقافية كبيرة، حسبما قالت بالألمانية التي تتحدثها بطلاقة. وفي الوقت الحالي، تتراس هيشونو معهد ناميبيا للديمقراطية في العاصمة ويندهوك ، وهي ترى أن الحظ قد حالفها ، فقد انتهى المطاف ببعض الأطفال الذين أرسلوا إلى ألمانيا الشرقية في الشوارع، أو توفوا بعد عودتهم إلى بلادهم،. فمن الصعب تحديد كلمة "وطن" عندما تكون نشأة المرء في مكانين مختلفين. ويتذكر كوسا جيدا لحظة وصوله إلى ألمانيا الشرقية، وكان ذلك في شهر آذار/ مارس من عام 1983، وكانت البلاد لا تزال في فصل الشتاء، ولم يكن قد سبق له رؤية الثلوج. وأقام كوسا مع بعض مواطنيه داخل عنبر للمبيت، وعمل في "تسولينرودا" في "تورينجن"، بعد تدريبه كفني أخشاب. وتم احتجاز ما يصل إلى 60 في المئة من أجور العمال المتعاقدين ، بغرض تحويلها إلى حساب في وطنهم في وقت لاحق . وكان لدى كوسا أمل في أن يتمكن من استخدام نصيبه من هذه الأموال ليبدأ حياة جديدة بعد عودته إلى وطنه. وكانت هناك حاجة ماسة إلى هذه الاموال ، بعدما لقي أكثر من مليون شخص حتفهم ودُمِرَ الاقتصاد نتيجة الحرب الأهلية في موزمبيق، والتي وضعت أوزارها في عام 1992. ولكن العائدين وجدوا أنه لم يتم تحويل أموال إلى أي حسابات خاصة، بحسب كوسا. وردا على سؤال عن الجهة التي ذهبت إليها هذه الأموال، يعتقد المؤرخ هانز يواخيم دورينج أن موزمبيق ربما استخدمتها لسداد ديونها. كما يرى أن الحكومة في مابوتو عملت "أن الجزء المستقطع من الأجور لن يتم إرساله إلى موزمبيق بحسب الوعد، ولكن سيبقى في جمهورية ألمانيا الديمقراطية"، وهو ما وصفه كوسا بالاحتيال من الجانبين. وقال جونتر نوك، مستشار الحكومة الألمانية للشؤون الأفريقية، إنها مشكلة "داخلية تخص موزمبيق"، مضيفا: "لا يمكن للحكومة الاتحادية (في ألمانيا) أن تتدخل بسبب خطاً حدث في موزمبيق، أو ربما كان قرارا سياسيا متعمدا". وعانت آنا راكويل ماسويو، التي تبلغ من العمر 51 عاماً الآن، أيضا من هذا الاحتيال. وقالت ماسويو، وهى من موزمبيق أيضا، إنها لم تكن ترغب في مغادرة ألمانيا الشرقية في ذلك الوقت، ولكن "كان لزاما علي أن أعود لأني كنت حبلى في طفل"، وهو أمر كان ممنوعا لعاملة متعاقدة. وأوضحت أن الأمور لم تكن سهلة دائما في ألمانيا الشرقية، حيث كان البعض يتفوهون بتعليقات عنصرية، ورغم ذلك راقت الحياة لها هناك. وتابعت ماسويو بالقول إن الحياة كانت تسير على ما يرام في ما يتعلق بكسب المال، والذهاب إلى نوادي الرقص (ديسكو) أو دور العرض السينمائي مع الأصدقاء، مضيفة: "كانت الموسيقى جيدة – افتقدها... لم أكن أحب تناول اللحوم كثيراً، لكن الكعك كان لذيذا." وبعد عودتها من ألمانيا الشرقية، وقد صارت أما، إلى بلد دمرته الحرب الأهلية، لم تتمكن ماسويو من العثور على وظيفة لمدة طويلة، قبل أن تصبح عاملة بناء، ثم مساعدة لطبيب. ولكنها لم تستطع أبدا أن تحقق حلمها في أن تصبح ممرضة. وتحسر كوسا لأن تجربته المهنية في ألمانيا الشرقية لم يكن لها قيمة بعد عودته. وهو يخرج إلى الشارع كل يوم أربعاء، وهو يحمل طبولا، للتعبير عن احتجاجه أمام وزارة العمل في مابوتو، رغم أنه يعلم جيدا أن هذا الاحتجاج لن يكون له تأثير. ولكن، على الأقل، يمكن أن يجد فيه بعض عزاء مع العمال الآخرين من "المادجيرمانز" الباحثين عن العدالة.

جيولا فورستر ورالف إي كروجر
السبت 11 يناير 2020