تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

طبالون ومكيودون وحائرون

07/11/2025 - ياسين الحاج صالح

"المتلحف بالخارج... عريان"

07/11/2025 - مزوان قبلان

كيف ساعد الهجري و"قسد" سلطة الشرع؟

07/11/2025 - حسين عبد العزيز

” قسد “.. ومتلازمة انتهاء الصلاحيّة

07/11/2025 - رئيس تحرير صحيفة الرأي

مفتاح الشَّرع الذَّهبي

06/11/2025 - د. مهنا بلال الرشيد

هل يعرف السوريون بعضهم بعضا؟

29/10/2025 - فارس الذهبي

كلمة للفائزين بعضوية مجلس الشعب السوري

26/10/2025 - ياسر محمد القادري


تنويعات على ثرفانتس .....هوس الحياة بين الواقع والخيال في تجربة "كيشوت ..." الجزائري




الجزائر-انشراح سعدي - "كيشوت الرجل الذي لا ذنب له"مسرحية عرضت بالمسرح الوطني الجزائري من تأليف محمد بن قطاف و إخراج شوقي بوزيد،ترجمها من الفرنسية إلى العربية الفصحى الناقد المسرحي محمد بوكراس، مسرحية تحمل ابعادا فلسفية ويقف أبطالها عند نقطة فاصلة بين عالم الخيال والواقع و ينطلقون من تساؤل جماعي هل الحياة الخيالية أحسن من الحياة الواقعية أم هي أكثر سوءا منها على اعتبار أنها مصطنعة وفكرة المسرحية كما قد يظن المتابع العجول تنويعات عصرية مستوحاة من نص "دون كيخوته " للأسباني ثرفانتس


دون كيخوته كما تخيله الرسامون
دون كيخوته كما تخيله الرسامون
هذا ما يخيل لنا عند سماع اسم المسرحية لكن النص المسرحي الجزائري رغم التنويعات على الاصل المعروف هو نص مبتكر يعالج من خلال شخصية كيشوت العديد من الأحاسيس الخاصة بالإنسان على غرار الحب و الكراهية و الأنانية و الألم وكلها تثير لدى الجمهور أسئلة ميتافيزيقية حسب يؤكد صاحب النص المسرحي محمد بن قطاف.

وجاءت المسرحية باللغة العربية الفصحى وجرت العادة ان تكون المسرحيات الجزائرية باللهجة العامية ،ولكنها كانت إضافة مميزة للعمل خصوصا وان الأسلوب المسرحي جاء فريدا من نوعه فلحظات النزاهة والصدق هي اللغة الجوهرية للعمل ولم يكن ليوجد أي فرق لو كان النص جاء بالدارجة أو الامازيعية.

مسرحية "كيشوت، الرجل الذي لا ذنب له" التي قدّمت أوّل أمس بالمسرح الوطني عن نصّ أمحمد بن قطاف وإخراج شوقي بوزيد، وقام بتمثيل مشاهدها كلّ من فاضل عباس آل يحي الذي يقوم بدور كيشوت البطل، كمال زرارة، الهاني محفوظ، فطيمة شيخ، إبراهيم جاب الله، فائزة أمال، توفيق رابحي والطفل عبد الغني علوان، تحكي حكاية كيشوت الرجل الذي اختار أن يسير بدون هدى بحثا عن مغامرات أو هروبا من واقع أليم فرّقه بحبيبته، هو رجل من كثرة قراءاته لكتب الفروسية، تحوّل إلى فارس لكن في عالم الخيال، ومضى ماشيا في القصة الحقيقية لميغال سرفنتس وراكبا سيارة في العرض المسرحي إلى عالم، قد يغيّر منه أشياء كثيرة ويصلح عيوبه العديدة، وان كان المسرحية ليست اقتباسا من قصة دون كيشوت لميغال دي سرفانتاس ، ولكنه يتناص مع دون كيشوف الذي يحارب الطواحين فكيشوت يخارب الواقع بسيف من نوه خاص هو الخيال المطلق.

في طريق البطل كيشوت الممزوجة بالواقع والخيال، يلتقي كيشوت ببانشو، رجل بسيط قرّر هو الآخر السفر وتغيير حياته، فيسافران معها ويعيشان أكثر من مغامرة ويلتقيان بالعديد من الشخصيات الغريبة وفي الأخير ينفصلان ويعود كيشوت إلى حبيبته التي تقتل بسببه فيموت جسده هو الآخر بعدما طعنت روحه مرات ومرات.

حاول المخرج شوقي بوزيد التأرجح واللعب بين عالمين، الأوّل خيالي ذاك الذي يعيش فيه كيشوت ويتخيّل أحداثه مثل كونه يركب سيارة والثاني واقعي رسمه المخرج من خلال وضعه أربعة أجهزة تلفزيون معلّقة تحكي بالصور ما يقوله ويفعله كيشوت في حياته الخيالية مثل ركوب سيارة حقيقية، أي انّه قسّم العمل المسرحي إلى جزأين، واحد خاص بنظرة كيشوت غير الواقعية، والثاني يعكس الصورة الحقيقة للأمور وما يحدث على خشبة المسرح.

وكان اعتماد المخرج على الأسلوب السريالي من خلال خلقه لشخصيات غريبة تنتمي إلى جمهورية دون شعب ولا نشيد ولا ماء، يلتقي بها كيشوت وخادمه باشنو في رحلتهما، علاوة على كلّ الظلال التي تلاحقهما في هذه السفرة تنتمي إلى عالم الخيال لكيشوت.

وتنتهي رحلة كيشوت عندما يصبح الطريق مستقيما بدون منعرجات وهو ما لا يناسبه، ولكن العودة إلى الحياة الواقعية أمر، فحبيبته ماتت والنيران تأكل الشاشات المعلقة تعبيرا عما يشعر به الفارس النبيل الذي لم يفهم الحياة ولم يقبلها فاختار الخيال ومات فيه، وتكون نهاية العمل بخروج كل الممثلين مرتدين ألبسة رجال الفضاء ورؤوسهم متحولة إلى شاشات تلفزيون.

وجاءت أحداث العمل بوتيرة بطيئة إلى حدّ الملل في بعض الأحيان كما خلت هذه المسرحية من الحركية والحيوية، ومن السحر أيضا فلم تخلق أجواء ساحرة تجذب إليها الجمهور، ولم يتمكن من المقاربة بين ماهر خيالي وواقعي فضاع المشاهد أما كم من الأسئلة الميتافيزيقية التي لا تنتهي حتى بانتهاء المسرحية ربما لان النص أعمق من أن يجسد على ارض الواقع بشخوص لم تلبس العمل بشكل جيد، أو أن الفكرة أصلا لا تتلائم مع ماتعود المهتم بالمسرح الجزائري مشاهدته.

انشراح سعدي
الثلاثاء 26 يناير 2010