نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي


"عودة اللاجئين" ورقة بيد الثورة فهل ثمة من يُديرها؟




ملف عودة المهجرين واللاجئين السوريين إلى بيوتهم ومناطقهم الأصلية هو ـ دون أي شك ـ أَعْقدُ ملف يواجه الأطراف التي تسعى إلى فرض حل سياسي في سوريا، وهو أقوى ملف تمتلكه الثورة والمعارضة السورية على الإطلاق.


 
"حق العودة" للجماعات التي تم تهجيرها وللأفراد مكفول في القوانين الدولية بما في ذلك: "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان" (1948)، و"اتفاقية جنيف الرابعة" (1949)، و "العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية" (1966)، كما تضمنته قوانين الكثير من الدول، "حق العودة" كما تم تعريفه في هذه القوانين الدولية كافّة أكّد على تضمُّن مفهومين أساسيين: التطوعية في العودة وسلامة العائدين وكرامتهم.

اهتمام روسيا المفاجئ بعودة المهجرين (وهي التي شاركت في تهجيرهم بارتكاب جرائم حرب ضدهم "حلب مثالاً") له عدة أسباب متعلقة بمصالحها الخاصة ومصلحة تابعِها النظام العميل في دمشق، روسيا تحتاج لتحويل مكتسباتها العسكرية إلى إنجازات سياسية مستدامة وأن تنهي تدخلها المباشر في الملف السوري وتنتقل إلى جني الثمار قبل أن تتغير المعطيات الداخلية أو الإقليمية أو الدولية.

الوصول إلى حل سياسي مستدام في سوريا يتطلب تحقيق درجة معينة من الشرعية الدولية والسورية، وهذه الشرعية أساسية لتفعيل عملية إعادة الإعمار ومنع استمرار حالة "الدولة الفاشلة" في مناطق سيطرة النظام وتفاقمها، بدورها، تعتبر الكثير من الدول الغربية المؤثرة أموال إعادة الإعمار أقوى الأوراق التي بيدها للتأثير في الملف السوريّ والضغط على روسيا ووضع حدّ لتفردها بالملف، وبالتالي لن يقدّم الأوروبيون لروسيا هذه الورقةَ مجاناً.

في نفس الوقت، لا يمكن تحقيق الحد الأدنى من الشرعية في أي حل سياسي دون حل قضية الانتخابات المزعومة التي تُعوّل عليها روسيا للإبقاء على الأسد "الكيماوي" أو الدفع ببديل شكليّ له، وهذه القضية (الانتخابات) لا يمكن علاجها أو حتى وَضْع تصور لها ما لم يتم حَسْم ملف عودة المهجرين واللاجئين.

أما ملف عودة المهجرين واللاجئين نفسه فهو مرتبط بملفين شائكين إلى أبعد الحدود: أولهما التعديلات الدستورية اللازمة لتحقيق بيئة أمنية تضمن سلامة العائدين وحقوقهم، والملف الثاني هو الإصلاحات اللازمة في القطاع الأمني لتحويل هذه التعديلات الدستورية والقوانين إلى واقع، وأخيراً، فإن عودة المهجرين واللاجئين سيضع على الطاولة ملفاً آخرَ لا يقل تعقيداً وتحدياً وهو ملف الملكية الخاصة وعملية السطو والاستيلاء على ممتلكات المهجَّرين وكل القوانين والإجراءات غير القانونية أو الشرعية التي ارتكبها النظام في هذا الخصوص.

من خلال هذا السرد السريع، من السهل أن نرى مركزيّة قضيّة "العودة" وسببَ استعجال روسيا الحلّ بشأنها على طريقتها ووَفْق معاييرها ومصالحها، وقد بدأت روسيا فعلياً بالتواصل مع الدول المحيطة بسوريا، خاصّة لبنان والأردن لإجبار اللاجئين السوريين على العودة قسراً وبأسرع وقت ممكن وتحت أي شروط، لا سيّما أن النظام بحاجة ماسّة لليد العاملة وللمجندين في جيشه المنهار لمعالجة حالة الشلل التي وصل إليها.

في وجه هذا التهديد الخطير، يجب على الثورة والمعارضة السورية التمسك بالثوابت التالية بما يخص عودة المهجرين واللاجئين:

- الحل السياسي يجب أن يقدّم تصوّراً تفصيلياً لقضية "العودة" وخارطةَ طريق عمليةً واضحة للخطوات اللازمِ اتباعها لتحقيق هذا الحل وتحويله إلى واقع ملموس.

- حق "العودة" يضمن حرية عودة المهجرين واللاجئين وقدرتهم على ممارسة كامل حقوقهم كمواطنين في بلدهم، وفي نفس الوقت ـ أيضاً ـ يجب أن يضمن حمايتهم من "العودة القسرية التي ستكون سبباً في قتلهم أو اعتقالهم.

- رفضُ أيّ حديث عن بَدْء عودة المهجرين واللاجئين قبل الوصول إلى الحل السياسي الشامل الذي يحقق الانتقال السياسي، شعار المرحلة يجب أن يكون: الحل السياسي (بالشروط المذكورة) أولاً ثم العودة.

- البيئة الأمنية التي تضمن حياة وحرية وحقوق العائدين شرط أساسي، وهذه البيئة تحتاج لثلاث حزم متكاملة: تعديلات دستورية، وإصلاحات جذريّة في القطاع الأمني، وضمانات ومراقبة دولية وإقليمية.
- أيّ عملية إعادة إعمار ولو تحت مسمياتٍ ظاهرها إنساني، ومشاركة أي طرف إقليمي أو دولي فيها، هي عملية غير قانونية أو شرعية، وجريمة بحق الشعب السوري ومساعدة لتعويم نظام بشار "الكيماوي" ومكافأته على قتله للمدنيين الأبرياء وتدمير سوريا.

- لا يمكن أن تبدأ عملية إعادة الإعمار قبل أن يتم التوصل إلى حل سياسي شامل ونهائي يتضمن حل ملف "العودة" وحق الملكية وعكس القوانين التعسفية التي تم إصدارها من قِبل النظام للاستيلاء على أملاك عموم الشعب السوري بما فيهم المعارضون له بما يخدم عملية التغيير الديموغرافي الممنهجة.
- لا يمكن الحديث عن أي انتخابات في سوريا قبل أن يتم حلّ ملف "العودة".

- الشروط اللازمة لحل سياسي يحقق متطلبات "العودة" يجب أن تستثنيَ بشاراً "الكيماوي" من مستقبل سوريا وتفتح المجال أمام انتقال سياسي حقيقي وفرصة جديدة للسوريين لبدء مرحلة جديدة في تاريخهم.

بإمكان الثورة والمعارضة السورية التمسك بهذه الثوابت بل والقتال "سياسياً" من أجلها وجعلها هي "الواقعية السياسية" الجديدة، وحشد الدعم الدولي لها من خلال الخطاب الصحيح والطرح الجريء، وأن يعلموا أن الثورة تمتلك ورقة حساسة جداً ومحورية تحتاجها روسيا وهي: الشرعية السورية للحل السياسي.

ومن هنا تبرز أهمية قضية أخرى، وهي الإصرار على تأمين شروط حياة كريمة للمهجرين واللاجئين في أماكن تواجدهم الحالية، وعدم السماح لبعض الدول والأطراف بالتضييق عليهم لإجبارهم على العودة القسرية، وهذا يتطلب عملاً سياسياً وحقوقياً وإعلامياً حثيثاً، وفي نفس السياق، فإن منع حصول أي محاولة لاجتياح إدلب وما حولها يعتبر أساسياً لمنع المزيد من المأساة الإنسانية وموجات الهجرة واللجوء إلى تركيا وأوروبا.
يجب أن يتم تحويل الشمال السوري (وشرقه) إلى بيئة آمنة ومستقرة اقتصادياً واجتماعياً تسمح ببدء عودة النازحين ريثما يتم التوصّل إلى حل سياسي حقيقي.

إن سبب مغادرة اللاجئين والمهجرين لبيوتهم لم تكن ظروف الحرب، أو أزمة اقتصادية، أو احتجاجاً على الدستور، بل كان بسبب القتل والمطاردة الأمنية من قِبل النظام، والحصار والتجويع المنهجي، والقصف العشوائي للمدنيين واستعمال الأسلحة الكيماوية، عناصر التهديد هذه مازالت حاضرة.

ملف عودة المهجرين سيكون على قائمة جدول أعمال "سوتشي 2"، يجب أن يصبح هذا الملفُّ حجر الزاوية في الرؤية السياسية وخطابِ الثورة والمعارضة السورية، وهو ملف غير قابل للتفاوض أو المساومة؛ لأنه ببساطة يتعلق بمستقبل وأرواح الملايين من السوريين، وبيضة القبان في تحديد المنتصر السياسي في هذه الحرب، لذلك سيحتاج إستراتيجية واضحة في التعامل معه وصلابة في الموقف.
الفشل في إدارة هذا الملف سيؤدي إلى تغيُّر وجه سوريا الديموغرافي ربما لحقبة طويلة جداً، أو سيدفع بالأبرياء إلى عودة كارثية تنتهي باعتقالهم أو قتلهم وسيتحمل مسؤوليتها مَن ساهم فيها.
------------
نداء سوريا

لبيب نحاس
الاثنين 30 يوليوز 2018