
يعود تاريخ الصحافة في ليبيا إلى عام 1827 حين انشأ عدد من قناصل الدول الأوربية فى طرابلس صحيفة " المنقب الإفريقي " باللغة الفرنسية لتعبر عن حال المستعمرين هناك ، تبعها إنشاء أول صحيفة باللغة العربية تحت اسم " طرابلس الغرب " والتي أنشأها الوالى العثمانى محمود نديم باشا ، ورغم كم الاستبداد الذي شهدته ليبيا اثناء الحقبة العثمانية الا ان البلاد شهدت ظهور العديد من الصحف والمجلات ، ولابد من الإشارة هنا إلى أن المادة الثانية من قانون المطبوعات العثماني عام 1909 ينص على "أحقية كل شخص بلغ عمره 21 عاما في إصدار صحيفة يومية أو أسبوعية أو مستقلة"،
كما شهدت البلاد إدخال مطابع خاصة. ،ومع دخول الإستعمار الإيطالي لليبيا عام 1911 دخلت الصحافة في ليبيا حقبة سوداء، حيث تمت مصادرة المطابع، واستولت السلطات العسكرية عليها.. كما استبدلت جريدة "طرابلس الغرب" بـ "إيطاليا الجديدة" ، وبعد خروج الاستعمار الإيطالي عام 1943ودخول ليبيا تحت الإدارة البريطانية شهدت الصحافة في ليبيا بداية تأسيس جديد، وعلى أسس أقرب إلى الصحافة المعاصرة اليوم، وقد صدر في هذه الفترة ما يقرب من 20 صحيفة، وذلك بسبب نشاط الأحزاب والقوى السياسية، نشاطا لم تعهده ليبيا طوال تاريخها المعاصر، ومع حصول ليبيا على استقلالها في ديسمبر 1951 وعلى الرغم من ان حكومات الملك إدريس السنوسي ألغت الأحزاب السياسية، إلا أن الأرقام التالية تعكس مدى نشاط الصحافة في ذلك الوقت: فقد صدرت 14 صحيفة يومية وأسبوعية، و13 مجلة شهرية أو نصف شهرية و8 صحف ناطقة باللغة الانجليزية و3 صحف ناطقة باللغة الايطالية. وكانت نسبة الصحف المستقلة تبلغ 65 في المائة، بينما لا تتعدى نسبة الصحف الحكومية 35 في المائة ، وفي عام 1969 ومع قيام "ثورة سبتمبر " ودخول البلاد تحت حكم مجلس قيادة الثورة الذي ترأسه العقيد معمر القذافي، بدأ ضباط الثورة بمصادرة الصحف الخاصة وتقليص الصحف الصادرة عن الهيئات والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني، وإنشاء صحف ذات "لون ثوري موجه"، ودخلت الصحافة في ليبيا مرحلة "تثوير الجرائد وأدلجتها ولم يعد المجال مسموحا بإنشاء صحف خاصة أو مستقلة"،
وصدرت أول صحيفة يومية في 20 / 10 / 1969 تحت اسم "صحيفة الثورة". "12 " أعقبها تقديم عدد من الصحافيين الليبيين للمثول "أمام محكمة الشعب"، بسبب كتاباتهم "المخالفة لتوجهات الثورة الليبية"، كما اعتقل عشرات من الصحافيين الليبيين ضمن 700 مثقف وكاتب تم اعتقالهم في عام 1973 ، ومنع المواطنون الليبيون من ممارسة حقهم في إصدار الصحف الخاصة، كما منعوا من الكتابة والتعبير عن آرائهم التي قد لا تتفق مع رؤى النظام السياسي القائم، وأصبحت مثل هذه الكتابات سببا كافيا للاعتقال والسجن، والمثول أمام محاكم لا تمتلك أبسط معايير وأسس المحاكم العدالة. ومع عام 1973 وإعلان ما يعرف "بالثورة الثقافية"، تم إعلان "سلطة الشعب" في 1977 وإنشاء حزب "حركة اللجان الثورية" على الرغم من منع الأحزاب في ليبيا، بات مشهد الصحافة في ليبيا أكثر تضيقا وقمعا."13 "
أما اليوم فِإن المشهد الصحافي الليبي وصل إلى حالة من الفشل والتراجع، على مستوى القوانين وعلى مستوى الواقع، فاليوم ليبيا لا يوجد بها سوى 4 صحف رئيسية فقط، ثلاثة منها (الجماهيرية والشمس والفجر الجديد) تابعة للمؤسسة العامة للصحافة، وواحدة (الزحف الأخضر) تتبع حزب "حركة اللجان الثورية"، الجهة الوحيدة التي من حقها أن تصدر الصحف. ولا تتعدى مبيعات هذه الصحف في رأي البعض 4 آلاف نسخة، بل إن بعضها تقلص إلى 1500 نسخة، يتم توزيعها على المؤسسات الحكومية بشكل إلزامي ، ومهمة هذه الصحف تتمثل في الترويج لأفكار الكتاب الأخضر، والدعاية لثورة 1969، وتمجيد العقيد القذافي، الذي لا يمكن نقده أو نقد أفكاره بأي حال من الأحوال، كما لا يمكن نشر أي أفكار أو رؤى "تخالف توجهات الثورة ومبادئها" ،ورغم التطورات الهائلة التى عرفتها حرية الصحافة واستقلال قطاع الإعلام فى أغلب دول العالم لا زالت الصحافة فى ليبيا تعانى من هيمنة السلطة (النظام السياسى) الكاملة عليها وعدم وجود أي هامش لحرية الصحافة خاصة فيما يتعلق بالمواضيع والقضايا الهامة والمتعلقة مباشرة بحقوق المواطنة و بممارسة السلطة وتركيبتها والنظام السياسى وتجاوزاته القانونية والإدارية فى إدارته للشأن العام، كل هذه المواضيع التى تناقش فى أغلب دول العالم بكل حرية على صفحات الجرائد و فى منابر إذاعية وتلفزيونية حرة لا زالت تعتبر فى ليبيا حتى الآن "خطوط حمراء" لا يسمح بالكتابة فيها أو النشر حولها تحت غطاء "حماية الثورة" وتارة بوضع "خطوط حمراء" تحتكر بموجبها جميع أدوات النشر وتتحكم حتى فى تحديد المواضيع التى يمكن تناولها والمواضيع الممنوع الخوض فيها."14 "
2- الإنترنت
على الرغم من غياب أى إطار قانونى محدد لآليات رقابة وحجب المواقع المختلفة إلا أن السلطات الليبية تفرض رقابتها على المواقع المعارضة، وفى بعض الحالات تقوم بتدميرها تماما، ويقول أحد الناشطين من ليبيا أن جميع مواقع المعارضة محجوبة داخل ليبيا ولا يمكن تصفحها إلا عن طريق تخطى البروكسى، ومن هذه المواقع المحجوبة "أخبار ليبيا" http://www.akhbar-libya.com و"ليبيا وطننا" http://www.libya-watanona.com و"ليبيا المستقبل" http://www.libya-almostakbal.com وأنه عندما يحاول أحدهم تصفح هذه المواقع من داخل مقاهى الإنترنت ربما يتعرض للطرد أو ما هو أسوأ من ذلك (28)، بينما يقول مواطن آخر أن هناك حجب واضح لبعض المواقع خاصة مواقع المعارضة وأن الدولة هى المسئولة عن الحجب، وأن الأجهزة الأمنية قامت فى الآونة الأخيرة باستقدام مجموعة من الخبراء من روسيا فى هذا المجال من أجل زيادة قبضتها على تصفح الانترنت
ورغم الرقابة والتضييق الذى تفرضه السلطات الليبية على استخدام شبكة الإنترنت إلا أنها أثبتت نجاحا ملحوظا كوسيلة إعلام مؤثرة خاصة فى حالة مظاهرات بنغازى التى اندلعت فى 17/2/2006، وقامت السلطات الليبية بفرض حالة من التعتيم الإعلامى الشديد على هذه الأحداث ولكن الانترنت أفلتت من هذا الحصار كما قالت بيانات الجماعات الحقوقية الليبية، وذكر بيان أن السلطات الليبية قامت بإغلاق عدد من مقاهى الإنترنت كما قامت بمراقبة المقاهى الأخرى، وتم اعتقال العديد من رواد هذه المقاهى للتحقيق معهم بتهمة زيارة "مواقع مشبوهة". ورغم ذلك فإن الأخبار التى تسربت حول الأحداث نشرتها مواقع المعارضة الليبية من خلال رسائل إلكترونية من الداخل."15"
3- المحطات التليفزيونية والفضائيات
ولا توجد في ليبيا أية محطات إذاعية أو تلفزيونية ذات ملكية خاصة، بل تقع جميعها تحت سيطرة الحكومة عبر "الهيئة العامة لإذاعات الجماهيرية العظمى"، ، التي تضع بصرامة برامج للترويج لما تحققه من نجاحات.
وحتى وقت قريب كان عدد القنوات التليفزيونية فى ليبيا محدود للغاية سواء فضائية او أرضية منها :
الجماهيرية والفضائية الليبية . ليبيا الشبابية .المنوعة . التواصل . الهداية . وقناتي ليبيا الرياضية .وقناة البديل .
وكان لمدينة طرابلس نصيب الأسد منها.
ولعل قيام معمر القذافى بتأميم قناة الليبية المستقلة ، وتحويلها الى قناة حكومية ، وتسليمها لرئيس هيئة الإذاعة الليبية ، في شهر ابريل 2009 ، بسبب اعتراض البعض على برنامج الاعلامى المصري الشهير حمدى قنديل الذى بدأ عرضه على القناة في مارس 2009 ، يوضح بجلاء مدى سهولة إتخاذ القرارات للأخ العقيد ، الذي يزعم عدم سيطرته على أي شيء وأن الأمور كلها في يد اللجان الثورية في ليبيا.
4- شئون النشر والكتب
وعلى صعيد السماح بنشر وتداول الكتب والمجلات والصحف على ليبيا، لا تزال سلطات الرقيب الجمركي تمنع دخول أغلب الصحف العربية والدولية، ولا تسمح إلا بدخول صحيفة "العرب الدولية" بسبب إنحيازها الواضح للنظام الليبي وآرائها المؤيدة له، كما لا تزال "مجلة عراجين"، وهي مجلة ليبية ثقافية تصدر من القاهرة، ممنوعة من الدخول إلى البلاد.
ولم تكن دعوة أحد أنجال القذافي (سيف القذافي) لإلغاء وزارة الإعلام مناديا بـ"إلغاء وزارة الإعلام بشكلها المعتاد، معتبرا أنه عندما تكون هناك وزارة إعلام في أي دولة معناه ليست هناك حرية، لأنه ستكون هناك رقابة على المطبوعات والنص وعلى الصحافة والرقيب"."16 " سوى درب من الدعاية الجوفاء لمؤسسته التي افتتحها بإسم مؤسسة الغد التابعة لمؤسسة القذافي التي يرأسها، اذ لم تمض عدة أيام حتى جاءت تصريحات السيد أحمد إبراهيم ـ الذى يمثل الخط الذى يوصف بالثوري ـ أثناء توليه لرئاسة "المركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب الأخضر" فى 13 مايو 2008 .. التى قال فيها ، بعد تأكيده أن حرية التعبير خدعة غربية (..إن الصحافة الديمقراطية هي التى ينص عليها الكتاب الأخضر ، أي التى تصدرها لجنة شعبية ممثلة لكل فئات المجتمع ..).."17 "
ثانيا : التظاهر والتجمع السلمي :
تم حظر التظاهرات والإعتصامات والإضرابات السلمية كصوره من صور التعبير الجماعي من قبل القطاعات والفئات الشعبية والمهنية والطلابية، بعد أن كانت جميع القطاعات الشعبية والمهنية تتمتع بهذا الحق في ظل الحكم الملكي، حيث شهد عقدي الخمسينات والستينات عدداً من التظاهرات والمسيرات والاحتجاجات السلمية والإضرابات العمالية العفوية، إلا أن هذا الأمر توقف تماماُ بعد ثورة 1969بدعوى أن كل المطالب الشعبية تحققت أو سوف تتحقق على يد قادة ثورة الفاتح ، وأصبح التعبير عن الرأي والتوجهات والآراء السياسية بالصورة التي كانت تتم في السابق بمثابة "الخيانة العظمى" ، ومنعت كافة المظاهرات المعارضة لثورة الفاتح او لسياسة القذافي وسمح فقط بالمظاهرات المؤيدة للثورة من اجل استجداء التأييد والمساندة . " 18 "
وفي عام 1972 أصدر "العقيد" القذافى أمرا شفهياً ثم كتابيا عمم على سائر الدوائر والمؤسسات والشركات والإدارات الحكومية في ليبيا ينص على " إخراج العاملين والموظفين في المسيرات والتظاهرات التى تنظمها السلطة ، ومعاقبة المتخلفين عن ذلك والرافضين للمساهمة فيها "، وكذلك الحال بالنسبة للنقابات العمالية والمهنية المختلفة، ووصل الأمر في معظم الأحيان الى حد دفع مبالغ مالية للمتظاهرين سواء كانوا ليبيين أو عرب أو أجانب ، ووفقا لما نشره موقع ليبيا الحرة على منتدى الحوار به فإن المظاهرات التى خرجت لتعبر عن رأي القطاعات الشعبية المختلفة والطلابية الحرة رافضة لنظام القذافي وممارسته بداية من عام 1972 وحتى 1976 فقد تعرض المشاركون فيها إلى أبشع صور القمع واعتقل الألاف من عناصرها وأودعوا السجون والمعتقلات، وتعرض عدد كبير منهم الى التعذيب، وقتل بعضهم أو شنق في الميادين والساحات، وشرد الكثيرون منهم فى المنافى ، ولا ننسي هنا ان القذافى لم يتوانى عن اطلاق أوامره الشخصية فى ابريل 1984بإطلاق النار على المتظاهرين الليبيين الذين تظاهروا أمام مكتبه الشعبي بالعاصمة البرطانية حيث سقطت شرطية إنجليزية.
وفى فبراير 2007 حاول عدد من أصحاب الرأى والناشطين السياسين القيام باعتصام سلمى فى ميدان الشهداء بطرابلس فقامت سلطات الأمن واللجان الثورية بالإعتداء عليهم وعلى ذويهم ووجهت لهم تهم كاذبة . "19 "
ثالثا : تجريم حق تكوين الأحزاب
تصنف ليبيا على انها من أبرز دول العالم التى تمنع إقامة أحزاب سياسية ، فوفقا للوثيقة الصادرة عن مؤتمر الشعب العام " الهيئة التشريعية " فالاحزاب السياسية ممنوعة ويعتبر كل من يمارس الحياة الحزبية خائن وعميل ويقف امام نهضة وتطور البلاد ، ورغم ذلك ظهرت عددا من الحركات السياسية المعارضة، وكان تيار الجماعة الإسلامية " الاسم الليبي لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا" هو الاكثر ظهورا على الساحة ."20 " .
وفي لقاء مع قناة الجزيرة الفضائية عام 2005 ،قال سليمان عبد القادر ، المراقب العام للإخوان المسلمين في ليبيا "ما عندنا الآن هم الإخوان الموجودين داخل السجن.. خارج السجن لا ليس عندنا أي عدد من الإخوان، كل الإخوان اعتُقلوا وموجودين داخل السجن""21 "
أما عن القوى الأخرى مثل اليسار فليس هناك أوضح مما قاله العقيد القذافي في 15/4/1973م في مقدمة إعلانه عن قيام ما أسماها بالثورة الشعبية " أنا لا أقبل أن واحد يسمم أفكار الناس وهو ليس بقادر على قبول التحدى… هذه حصلت فى الجامعة وحصلت فى الشارع،… وعليه أنا اقول لكم أى واحد نجده يتكلم عن الشيوعية أو فكر ماركسى أو إلحادى سوف يوضع فى السجن. وسأصدر الأمر لوزير الداخلية بتطهير أى مجموعة من هؤلاء الناس المرضى… وإذا وجدنا أى شخص من الإخوان المسلمين أو حزب التحرير الإسلامى يمارس نشاطاً سرياً إعتبرناه يمارس نشاطاً هداماً مضاداً للثورة التى قامت من أجل الشعب سنضعه فى السجن… وهناك أناس اعرفهم سكتُ عنهم وسامحتهم، ولكن لا يمكن أن نسمح لهم بعد اليوم بتسميم أفكار الشعب… معنى هذا أن هناك أناس عليهم أن يجهزوا أنفسهم من الأن لأنى سأضعهم فى السجن."
ولا يجب ان ننسي هنا الواقعة الشهيرة للعقيد القذافى اثناء زيارته إيطاليا مؤخرا حين نصحها بإلغاء كافة الاحزاب السياسية قائلا " لو كان الامر بيدى لألغيت الأحزاب السياسية ومنح الشعب الايطالي السلطة المباشرة ووقتها انه لن يكون هناك يمين ولا يسار ولا وسط فالنظام الحزبي يجهض الديمقراطية" ."22 "
إهدار الأموال الليبية
وفقا لما أورده الدكتور محمد يوسف المقريف رئيس ديوان المحاسبة الأسبق وسفير ليبيا في الهند فى مقالته عن مأساة ليبيا ومسئولية القذافي في عام 2002 ، فقد أنفق النظام الليبي بعد الثورة ما لا يقلّ عن 40% من عائدات ليبيا النفطية على شراء السلاح وتكديسه وعلى الإنفاق العسكري!! و أن الرائد عبد السلام جلود أورد في خطاب ألقاه بمدينة سرت خلال ما عُرف بعيد الوفاء الذي أقيم في الذكرى العشرين للانقلاب اوائل ابريل عام 1989 أنّ النظام أنفق منذ قيام الانقلاب وحتى ذلك التاريخ ما نسبته 22% من عائدات ليبيا النفطية (أي نحو 44 مليار دولار) على تمويل ودعم ومساندة حركة الثورة العالمية وحركات التحرّر مضيفا أن القذافي لم يكن سعيداً بإنفاق هذا المبلغ على حركات التحرّر ، حيث يجده أقل من اللازم "23 "
و حسبما يشير نفس المصدر ، فقد ساعد القذافي في تمويل ورعاية عمليات وحركات فى اكثر من 40 دولة عربية وأفريقية وآسيوية وأوروبية ، ونحو (127) عملية."24 "
وهو ما أسفر عن قيام قرابة (50) دولة عربية وأفريقية وآسيوية وأوروبية وأمريكية بقطع أو تجميد علاقاتها الدبلوماسية مع نظام الأخ العقيد قائد الثورة."25"
وفي 16 أغسطس 2009 ، نقلت شبكة ال"بي بي سي" عن جريدة التيليجراف مقالا للكاتب ديفيد بلير قال فيه" أن القذافي عمل خلال السبعينات والثمانينات كممول لعدد من الجماعات الارهابية بما في ذلك الجيش الجمهوري الايرلندي، وأن العديد من القادة الملطخة أيديهم بالدماء تمتعوا بدعم القذافي بما في ذلك عيدي أمين في اوغندا وشارلس تايلور في ليبريا" "26"
الفائدة الأساسية للكتاب الأخضر، التربح والثراء السريع
شرع القذافي في تأليف "الكتاب الأخضر" في عام 1975 ، و صدر الجزء الأول منه في 3 يناير1976، ويتناول ما أطلق عليه "مشكلة الديمقراطية – سلطة الشعب"، وأصبحت مقولات هذا الكتيّب منذئذ المرجعية السياسية لنظام الحكم في ليبيا ، ويضم الكتاب ثلاثة فصول الأول تناول الركن السياسي عن مشاكل السياسة والسلطة في المجتمع ، والثاني الركن الاقتصادي فيه حلول المشاكل الاقتصادية التاريخية بين العامل ورب العمل ، و الثالث الركن الاجتماعي وفيه اطروحاته عن الأسرة والأم والطفل والمرأة والثقافة والفنون ."27 ".
وقد أنشئ المركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب الأخضر بموجب قرار اللجنة الشعبية العامة رقم 1485 بتاريخ 9 اكتوبر عام 1981 ، بناءً على قرار "جماهير المؤتمرات الشعبية الأساسية" أيماناً والتزاما منها بضرورة تسخير المعطيات الفكرية والمفاهيم الإستراتيجية والأساليب الديمقراطية الكامنة بفكر النظرية الجماهيرية (الكتاب الأخضر).
ووفقا لتعريف المركز له فالكتاب الأخضر ليس الا المحصلة النهائية لكفاح الشعوب ونضالها ضد أنظمة الاستغلال والعبودية وتقديماً لكل الحلول والأفكار الجذرية (التطبيقية) لجميع المشاكل والإشكاليات المجتمعية على صعيد الساحة المحلية والإقليمية والعالمية"28 "
ومنذ صدور الكتاب الأخضر ، وما أعقبه من نشأة المركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب الأخضر بتمويله الهائل، فقد أصبح هذا الكتاب مصدرا للرزق والثراء السريع للآلاف من الكتاب والصحفيين وغيرهم في الوطن العربي أو العالم ، سواء عبر إنشاء مراكز تتبع هذا المركز ، أو تناول الكتاب نفسه بالبحث والدراسة ، رغم علم الجميع أنه قد يزيد قليلا عن كتب الأطفال ، لكنه لا يرقي لكونه كتاب جاد.
وحول العائد المالي الضخم الذي يحصل عليه أي مشارك في أحد أنشطة المركز يقول جمال عيد"خمسمائة دولار حصلت عليها نتيجة محاضرة متواضعة عن حرية التعبير على الانترنت في مؤتمر هزيل حول الإعلام الإليكتروني عقد بمقر المركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب الأخضر، كنا أكثر من مائة مشارك ، إقامة وتذاكر سفر ، ومقابل مادي ضخم ، ماذا لو كنت كتبت مقالا يمدح أو يثني على هذا الكتاب الساذج""29 ".
ووفقا لما نشرته جريدة الرياض السعودية فقد حفل الكتاب بعدد من الملاحظات التي اقل ما يمكن أن توصف بها بالسذاجة حيث انه يوضح في مقطع منه حينما يتحدث عن الاختلافات بين المرأة والرجل فيقول «الرجل لا يحمل» إلى الآراء المتعصبة وذلك حين ادعى بأن السود في العالم يتكاثرون بلا حدود لأنهم «يمارسون الخمول في جو حار دائم» و تصل المقالة إلى نتيجة مؤداها أن "عدداً قليلاً من الناس خارج ليبيا وعدداً متناقصاً داخل ليبيا نفسها يحملون الكتاب محمل الجد. ومثل العديد من الأشياء هنا يحاول المركز تغيير النظرة للكتاب" ."30 "
وسوف يفاجأ المتصفح لقائمة المتربحين من الكتابة حول الكتاب الأخضر والمشاركين في أنشطة المركز المسمى بضخامتها ويفزع من كم الأسماء والمؤسسات التي أثرت بشكل كبير ، حيث ضمت القائمة اسماء أكاديميين من أغلب بلدان العالم ، ونشط العديد من الكتاب والصحفيين والمنافقين بإفتتاح فروع للمركز في بلدانهم ، أو المشاركة بأورق بحثية ، بحيث باتت الكتابة عن الكتاب الأخضر مهنة مربحة أكثر في بعض الأحيان عن العمل في بلدان النفط ، ويمكن مراجعة أنشطة المركز والمتعاونين معه عبر موقعه على شبكة الانترنت."31".
كما شهدت البلاد إدخال مطابع خاصة. ،ومع دخول الإستعمار الإيطالي لليبيا عام 1911 دخلت الصحافة في ليبيا حقبة سوداء، حيث تمت مصادرة المطابع، واستولت السلطات العسكرية عليها.. كما استبدلت جريدة "طرابلس الغرب" بـ "إيطاليا الجديدة" ، وبعد خروج الاستعمار الإيطالي عام 1943ودخول ليبيا تحت الإدارة البريطانية شهدت الصحافة في ليبيا بداية تأسيس جديد، وعلى أسس أقرب إلى الصحافة المعاصرة اليوم، وقد صدر في هذه الفترة ما يقرب من 20 صحيفة، وذلك بسبب نشاط الأحزاب والقوى السياسية، نشاطا لم تعهده ليبيا طوال تاريخها المعاصر، ومع حصول ليبيا على استقلالها في ديسمبر 1951 وعلى الرغم من ان حكومات الملك إدريس السنوسي ألغت الأحزاب السياسية، إلا أن الأرقام التالية تعكس مدى نشاط الصحافة في ذلك الوقت: فقد صدرت 14 صحيفة يومية وأسبوعية، و13 مجلة شهرية أو نصف شهرية و8 صحف ناطقة باللغة الانجليزية و3 صحف ناطقة باللغة الايطالية. وكانت نسبة الصحف المستقلة تبلغ 65 في المائة، بينما لا تتعدى نسبة الصحف الحكومية 35 في المائة ، وفي عام 1969 ومع قيام "ثورة سبتمبر " ودخول البلاد تحت حكم مجلس قيادة الثورة الذي ترأسه العقيد معمر القذافي، بدأ ضباط الثورة بمصادرة الصحف الخاصة وتقليص الصحف الصادرة عن الهيئات والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني، وإنشاء صحف ذات "لون ثوري موجه"، ودخلت الصحافة في ليبيا مرحلة "تثوير الجرائد وأدلجتها ولم يعد المجال مسموحا بإنشاء صحف خاصة أو مستقلة"،
وصدرت أول صحيفة يومية في 20 / 10 / 1969 تحت اسم "صحيفة الثورة". "12 " أعقبها تقديم عدد من الصحافيين الليبيين للمثول "أمام محكمة الشعب"، بسبب كتاباتهم "المخالفة لتوجهات الثورة الليبية"، كما اعتقل عشرات من الصحافيين الليبيين ضمن 700 مثقف وكاتب تم اعتقالهم في عام 1973 ، ومنع المواطنون الليبيون من ممارسة حقهم في إصدار الصحف الخاصة، كما منعوا من الكتابة والتعبير عن آرائهم التي قد لا تتفق مع رؤى النظام السياسي القائم، وأصبحت مثل هذه الكتابات سببا كافيا للاعتقال والسجن، والمثول أمام محاكم لا تمتلك أبسط معايير وأسس المحاكم العدالة. ومع عام 1973 وإعلان ما يعرف "بالثورة الثقافية"، تم إعلان "سلطة الشعب" في 1977 وإنشاء حزب "حركة اللجان الثورية" على الرغم من منع الأحزاب في ليبيا، بات مشهد الصحافة في ليبيا أكثر تضيقا وقمعا."13 "
أما اليوم فِإن المشهد الصحافي الليبي وصل إلى حالة من الفشل والتراجع، على مستوى القوانين وعلى مستوى الواقع، فاليوم ليبيا لا يوجد بها سوى 4 صحف رئيسية فقط، ثلاثة منها (الجماهيرية والشمس والفجر الجديد) تابعة للمؤسسة العامة للصحافة، وواحدة (الزحف الأخضر) تتبع حزب "حركة اللجان الثورية"، الجهة الوحيدة التي من حقها أن تصدر الصحف. ولا تتعدى مبيعات هذه الصحف في رأي البعض 4 آلاف نسخة، بل إن بعضها تقلص إلى 1500 نسخة، يتم توزيعها على المؤسسات الحكومية بشكل إلزامي ، ومهمة هذه الصحف تتمثل في الترويج لأفكار الكتاب الأخضر، والدعاية لثورة 1969، وتمجيد العقيد القذافي، الذي لا يمكن نقده أو نقد أفكاره بأي حال من الأحوال، كما لا يمكن نشر أي أفكار أو رؤى "تخالف توجهات الثورة ومبادئها" ،ورغم التطورات الهائلة التى عرفتها حرية الصحافة واستقلال قطاع الإعلام فى أغلب دول العالم لا زالت الصحافة فى ليبيا تعانى من هيمنة السلطة (النظام السياسى) الكاملة عليها وعدم وجود أي هامش لحرية الصحافة خاصة فيما يتعلق بالمواضيع والقضايا الهامة والمتعلقة مباشرة بحقوق المواطنة و بممارسة السلطة وتركيبتها والنظام السياسى وتجاوزاته القانونية والإدارية فى إدارته للشأن العام، كل هذه المواضيع التى تناقش فى أغلب دول العالم بكل حرية على صفحات الجرائد و فى منابر إذاعية وتلفزيونية حرة لا زالت تعتبر فى ليبيا حتى الآن "خطوط حمراء" لا يسمح بالكتابة فيها أو النشر حولها تحت غطاء "حماية الثورة" وتارة بوضع "خطوط حمراء" تحتكر بموجبها جميع أدوات النشر وتتحكم حتى فى تحديد المواضيع التى يمكن تناولها والمواضيع الممنوع الخوض فيها."14 "
2- الإنترنت
على الرغم من غياب أى إطار قانونى محدد لآليات رقابة وحجب المواقع المختلفة إلا أن السلطات الليبية تفرض رقابتها على المواقع المعارضة، وفى بعض الحالات تقوم بتدميرها تماما، ويقول أحد الناشطين من ليبيا أن جميع مواقع المعارضة محجوبة داخل ليبيا ولا يمكن تصفحها إلا عن طريق تخطى البروكسى، ومن هذه المواقع المحجوبة "أخبار ليبيا" http://www.akhbar-libya.com و"ليبيا وطننا" http://www.libya-watanona.com و"ليبيا المستقبل" http://www.libya-almostakbal.com وأنه عندما يحاول أحدهم تصفح هذه المواقع من داخل مقاهى الإنترنت ربما يتعرض للطرد أو ما هو أسوأ من ذلك (28)، بينما يقول مواطن آخر أن هناك حجب واضح لبعض المواقع خاصة مواقع المعارضة وأن الدولة هى المسئولة عن الحجب، وأن الأجهزة الأمنية قامت فى الآونة الأخيرة باستقدام مجموعة من الخبراء من روسيا فى هذا المجال من أجل زيادة قبضتها على تصفح الانترنت
ورغم الرقابة والتضييق الذى تفرضه السلطات الليبية على استخدام شبكة الإنترنت إلا أنها أثبتت نجاحا ملحوظا كوسيلة إعلام مؤثرة خاصة فى حالة مظاهرات بنغازى التى اندلعت فى 17/2/2006، وقامت السلطات الليبية بفرض حالة من التعتيم الإعلامى الشديد على هذه الأحداث ولكن الانترنت أفلتت من هذا الحصار كما قالت بيانات الجماعات الحقوقية الليبية، وذكر بيان أن السلطات الليبية قامت بإغلاق عدد من مقاهى الإنترنت كما قامت بمراقبة المقاهى الأخرى، وتم اعتقال العديد من رواد هذه المقاهى للتحقيق معهم بتهمة زيارة "مواقع مشبوهة". ورغم ذلك فإن الأخبار التى تسربت حول الأحداث نشرتها مواقع المعارضة الليبية من خلال رسائل إلكترونية من الداخل."15"
3- المحطات التليفزيونية والفضائيات
ولا توجد في ليبيا أية محطات إذاعية أو تلفزيونية ذات ملكية خاصة، بل تقع جميعها تحت سيطرة الحكومة عبر "الهيئة العامة لإذاعات الجماهيرية العظمى"، ، التي تضع بصرامة برامج للترويج لما تحققه من نجاحات.
وحتى وقت قريب كان عدد القنوات التليفزيونية فى ليبيا محدود للغاية سواء فضائية او أرضية منها :
الجماهيرية والفضائية الليبية . ليبيا الشبابية .المنوعة . التواصل . الهداية . وقناتي ليبيا الرياضية .وقناة البديل .
وكان لمدينة طرابلس نصيب الأسد منها.
ولعل قيام معمر القذافى بتأميم قناة الليبية المستقلة ، وتحويلها الى قناة حكومية ، وتسليمها لرئيس هيئة الإذاعة الليبية ، في شهر ابريل 2009 ، بسبب اعتراض البعض على برنامج الاعلامى المصري الشهير حمدى قنديل الذى بدأ عرضه على القناة في مارس 2009 ، يوضح بجلاء مدى سهولة إتخاذ القرارات للأخ العقيد ، الذي يزعم عدم سيطرته على أي شيء وأن الأمور كلها في يد اللجان الثورية في ليبيا.
4- شئون النشر والكتب
وعلى صعيد السماح بنشر وتداول الكتب والمجلات والصحف على ليبيا، لا تزال سلطات الرقيب الجمركي تمنع دخول أغلب الصحف العربية والدولية، ولا تسمح إلا بدخول صحيفة "العرب الدولية" بسبب إنحيازها الواضح للنظام الليبي وآرائها المؤيدة له، كما لا تزال "مجلة عراجين"، وهي مجلة ليبية ثقافية تصدر من القاهرة، ممنوعة من الدخول إلى البلاد.
ولم تكن دعوة أحد أنجال القذافي (سيف القذافي) لإلغاء وزارة الإعلام مناديا بـ"إلغاء وزارة الإعلام بشكلها المعتاد، معتبرا أنه عندما تكون هناك وزارة إعلام في أي دولة معناه ليست هناك حرية، لأنه ستكون هناك رقابة على المطبوعات والنص وعلى الصحافة والرقيب"."16 " سوى درب من الدعاية الجوفاء لمؤسسته التي افتتحها بإسم مؤسسة الغد التابعة لمؤسسة القذافي التي يرأسها، اذ لم تمض عدة أيام حتى جاءت تصريحات السيد أحمد إبراهيم ـ الذى يمثل الخط الذى يوصف بالثوري ـ أثناء توليه لرئاسة "المركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب الأخضر" فى 13 مايو 2008 .. التى قال فيها ، بعد تأكيده أن حرية التعبير خدعة غربية (..إن الصحافة الديمقراطية هي التى ينص عليها الكتاب الأخضر ، أي التى تصدرها لجنة شعبية ممثلة لكل فئات المجتمع ..).."17 "
ثانيا : التظاهر والتجمع السلمي :
تم حظر التظاهرات والإعتصامات والإضرابات السلمية كصوره من صور التعبير الجماعي من قبل القطاعات والفئات الشعبية والمهنية والطلابية، بعد أن كانت جميع القطاعات الشعبية والمهنية تتمتع بهذا الحق في ظل الحكم الملكي، حيث شهد عقدي الخمسينات والستينات عدداً من التظاهرات والمسيرات والاحتجاجات السلمية والإضرابات العمالية العفوية، إلا أن هذا الأمر توقف تماماُ بعد ثورة 1969بدعوى أن كل المطالب الشعبية تحققت أو سوف تتحقق على يد قادة ثورة الفاتح ، وأصبح التعبير عن الرأي والتوجهات والآراء السياسية بالصورة التي كانت تتم في السابق بمثابة "الخيانة العظمى" ، ومنعت كافة المظاهرات المعارضة لثورة الفاتح او لسياسة القذافي وسمح فقط بالمظاهرات المؤيدة للثورة من اجل استجداء التأييد والمساندة . " 18 "
وفي عام 1972 أصدر "العقيد" القذافى أمرا شفهياً ثم كتابيا عمم على سائر الدوائر والمؤسسات والشركات والإدارات الحكومية في ليبيا ينص على " إخراج العاملين والموظفين في المسيرات والتظاهرات التى تنظمها السلطة ، ومعاقبة المتخلفين عن ذلك والرافضين للمساهمة فيها "، وكذلك الحال بالنسبة للنقابات العمالية والمهنية المختلفة، ووصل الأمر في معظم الأحيان الى حد دفع مبالغ مالية للمتظاهرين سواء كانوا ليبيين أو عرب أو أجانب ، ووفقا لما نشره موقع ليبيا الحرة على منتدى الحوار به فإن المظاهرات التى خرجت لتعبر عن رأي القطاعات الشعبية المختلفة والطلابية الحرة رافضة لنظام القذافي وممارسته بداية من عام 1972 وحتى 1976 فقد تعرض المشاركون فيها إلى أبشع صور القمع واعتقل الألاف من عناصرها وأودعوا السجون والمعتقلات، وتعرض عدد كبير منهم الى التعذيب، وقتل بعضهم أو شنق في الميادين والساحات، وشرد الكثيرون منهم فى المنافى ، ولا ننسي هنا ان القذافى لم يتوانى عن اطلاق أوامره الشخصية فى ابريل 1984بإطلاق النار على المتظاهرين الليبيين الذين تظاهروا أمام مكتبه الشعبي بالعاصمة البرطانية حيث سقطت شرطية إنجليزية.
وفى فبراير 2007 حاول عدد من أصحاب الرأى والناشطين السياسين القيام باعتصام سلمى فى ميدان الشهداء بطرابلس فقامت سلطات الأمن واللجان الثورية بالإعتداء عليهم وعلى ذويهم ووجهت لهم تهم كاذبة . "19 "
ثالثا : تجريم حق تكوين الأحزاب
تصنف ليبيا على انها من أبرز دول العالم التى تمنع إقامة أحزاب سياسية ، فوفقا للوثيقة الصادرة عن مؤتمر الشعب العام " الهيئة التشريعية " فالاحزاب السياسية ممنوعة ويعتبر كل من يمارس الحياة الحزبية خائن وعميل ويقف امام نهضة وتطور البلاد ، ورغم ذلك ظهرت عددا من الحركات السياسية المعارضة، وكان تيار الجماعة الإسلامية " الاسم الليبي لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا" هو الاكثر ظهورا على الساحة ."20 " .
وفي لقاء مع قناة الجزيرة الفضائية عام 2005 ،قال سليمان عبد القادر ، المراقب العام للإخوان المسلمين في ليبيا "ما عندنا الآن هم الإخوان الموجودين داخل السجن.. خارج السجن لا ليس عندنا أي عدد من الإخوان، كل الإخوان اعتُقلوا وموجودين داخل السجن""21 "
أما عن القوى الأخرى مثل اليسار فليس هناك أوضح مما قاله العقيد القذافي في 15/4/1973م في مقدمة إعلانه عن قيام ما أسماها بالثورة الشعبية " أنا لا أقبل أن واحد يسمم أفكار الناس وهو ليس بقادر على قبول التحدى… هذه حصلت فى الجامعة وحصلت فى الشارع،… وعليه أنا اقول لكم أى واحد نجده يتكلم عن الشيوعية أو فكر ماركسى أو إلحادى سوف يوضع فى السجن. وسأصدر الأمر لوزير الداخلية بتطهير أى مجموعة من هؤلاء الناس المرضى… وإذا وجدنا أى شخص من الإخوان المسلمين أو حزب التحرير الإسلامى يمارس نشاطاً سرياً إعتبرناه يمارس نشاطاً هداماً مضاداً للثورة التى قامت من أجل الشعب سنضعه فى السجن… وهناك أناس اعرفهم سكتُ عنهم وسامحتهم، ولكن لا يمكن أن نسمح لهم بعد اليوم بتسميم أفكار الشعب… معنى هذا أن هناك أناس عليهم أن يجهزوا أنفسهم من الأن لأنى سأضعهم فى السجن."
ولا يجب ان ننسي هنا الواقعة الشهيرة للعقيد القذافى اثناء زيارته إيطاليا مؤخرا حين نصحها بإلغاء كافة الاحزاب السياسية قائلا " لو كان الامر بيدى لألغيت الأحزاب السياسية ومنح الشعب الايطالي السلطة المباشرة ووقتها انه لن يكون هناك يمين ولا يسار ولا وسط فالنظام الحزبي يجهض الديمقراطية" ."22 "
إهدار الأموال الليبية
وفقا لما أورده الدكتور محمد يوسف المقريف رئيس ديوان المحاسبة الأسبق وسفير ليبيا في الهند فى مقالته عن مأساة ليبيا ومسئولية القذافي في عام 2002 ، فقد أنفق النظام الليبي بعد الثورة ما لا يقلّ عن 40% من عائدات ليبيا النفطية على شراء السلاح وتكديسه وعلى الإنفاق العسكري!! و أن الرائد عبد السلام جلود أورد في خطاب ألقاه بمدينة سرت خلال ما عُرف بعيد الوفاء الذي أقيم في الذكرى العشرين للانقلاب اوائل ابريل عام 1989 أنّ النظام أنفق منذ قيام الانقلاب وحتى ذلك التاريخ ما نسبته 22% من عائدات ليبيا النفطية (أي نحو 44 مليار دولار) على تمويل ودعم ومساندة حركة الثورة العالمية وحركات التحرّر مضيفا أن القذافي لم يكن سعيداً بإنفاق هذا المبلغ على حركات التحرّر ، حيث يجده أقل من اللازم "23 "
و حسبما يشير نفس المصدر ، فقد ساعد القذافي في تمويل ورعاية عمليات وحركات فى اكثر من 40 دولة عربية وأفريقية وآسيوية وأوروبية ، ونحو (127) عملية."24 "
وهو ما أسفر عن قيام قرابة (50) دولة عربية وأفريقية وآسيوية وأوروبية وأمريكية بقطع أو تجميد علاقاتها الدبلوماسية مع نظام الأخ العقيد قائد الثورة."25"
وفي 16 أغسطس 2009 ، نقلت شبكة ال"بي بي سي" عن جريدة التيليجراف مقالا للكاتب ديفيد بلير قال فيه" أن القذافي عمل خلال السبعينات والثمانينات كممول لعدد من الجماعات الارهابية بما في ذلك الجيش الجمهوري الايرلندي، وأن العديد من القادة الملطخة أيديهم بالدماء تمتعوا بدعم القذافي بما في ذلك عيدي أمين في اوغندا وشارلس تايلور في ليبريا" "26"
الفائدة الأساسية للكتاب الأخضر، التربح والثراء السريع
شرع القذافي في تأليف "الكتاب الأخضر" في عام 1975 ، و صدر الجزء الأول منه في 3 يناير1976، ويتناول ما أطلق عليه "مشكلة الديمقراطية – سلطة الشعب"، وأصبحت مقولات هذا الكتيّب منذئذ المرجعية السياسية لنظام الحكم في ليبيا ، ويضم الكتاب ثلاثة فصول الأول تناول الركن السياسي عن مشاكل السياسة والسلطة في المجتمع ، والثاني الركن الاقتصادي فيه حلول المشاكل الاقتصادية التاريخية بين العامل ورب العمل ، و الثالث الركن الاجتماعي وفيه اطروحاته عن الأسرة والأم والطفل والمرأة والثقافة والفنون ."27 ".
وقد أنشئ المركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب الأخضر بموجب قرار اللجنة الشعبية العامة رقم 1485 بتاريخ 9 اكتوبر عام 1981 ، بناءً على قرار "جماهير المؤتمرات الشعبية الأساسية" أيماناً والتزاما منها بضرورة تسخير المعطيات الفكرية والمفاهيم الإستراتيجية والأساليب الديمقراطية الكامنة بفكر النظرية الجماهيرية (الكتاب الأخضر).
ووفقا لتعريف المركز له فالكتاب الأخضر ليس الا المحصلة النهائية لكفاح الشعوب ونضالها ضد أنظمة الاستغلال والعبودية وتقديماً لكل الحلول والأفكار الجذرية (التطبيقية) لجميع المشاكل والإشكاليات المجتمعية على صعيد الساحة المحلية والإقليمية والعالمية"28 "
ومنذ صدور الكتاب الأخضر ، وما أعقبه من نشأة المركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب الأخضر بتمويله الهائل، فقد أصبح هذا الكتاب مصدرا للرزق والثراء السريع للآلاف من الكتاب والصحفيين وغيرهم في الوطن العربي أو العالم ، سواء عبر إنشاء مراكز تتبع هذا المركز ، أو تناول الكتاب نفسه بالبحث والدراسة ، رغم علم الجميع أنه قد يزيد قليلا عن كتب الأطفال ، لكنه لا يرقي لكونه كتاب جاد.
وحول العائد المالي الضخم الذي يحصل عليه أي مشارك في أحد أنشطة المركز يقول جمال عيد"خمسمائة دولار حصلت عليها نتيجة محاضرة متواضعة عن حرية التعبير على الانترنت في مؤتمر هزيل حول الإعلام الإليكتروني عقد بمقر المركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب الأخضر، كنا أكثر من مائة مشارك ، إقامة وتذاكر سفر ، ومقابل مادي ضخم ، ماذا لو كنت كتبت مقالا يمدح أو يثني على هذا الكتاب الساذج""29 ".
ووفقا لما نشرته جريدة الرياض السعودية فقد حفل الكتاب بعدد من الملاحظات التي اقل ما يمكن أن توصف بها بالسذاجة حيث انه يوضح في مقطع منه حينما يتحدث عن الاختلافات بين المرأة والرجل فيقول «الرجل لا يحمل» إلى الآراء المتعصبة وذلك حين ادعى بأن السود في العالم يتكاثرون بلا حدود لأنهم «يمارسون الخمول في جو حار دائم» و تصل المقالة إلى نتيجة مؤداها أن "عدداً قليلاً من الناس خارج ليبيا وعدداً متناقصاً داخل ليبيا نفسها يحملون الكتاب محمل الجد. ومثل العديد من الأشياء هنا يحاول المركز تغيير النظرة للكتاب" ."30 "
وسوف يفاجأ المتصفح لقائمة المتربحين من الكتابة حول الكتاب الأخضر والمشاركين في أنشطة المركز المسمى بضخامتها ويفزع من كم الأسماء والمؤسسات التي أثرت بشكل كبير ، حيث ضمت القائمة اسماء أكاديميين من أغلب بلدان العالم ، ونشط العديد من الكتاب والصحفيين والمنافقين بإفتتاح فروع للمركز في بلدانهم ، أو المشاركة بأورق بحثية ، بحيث باتت الكتابة عن الكتاب الأخضر مهنة مربحة أكثر في بعض الأحيان عن العمل في بلدان النفط ، ويمكن مراجعة أنشطة المركز والمتعاونين معه عبر موقعه على شبكة الانترنت."31".