ومن أبرز مظاهر هذا التطور نمو الطبقة المتوسطة على الأقل في المدن الأفريقية الكبرى التي أصبحت تشهد إقامة مراكز تجارية كبرى وظهور سيارات من أحدث الموديلات في شوارعها وكذلك انتشار الهواتف المحمولة والذكية في أيدي المواطنين، ومن الخارج تصل جميع أنواع الاستثمارات فضلا عن تراجع نسبة الأمية وارتفاع نسبة الأمل في الحياة، كل هذه الأمور دفعت رئيس بنك التنمية الأفريقي ليونسي ندكومانا لاعتبار أن ما يحدث في القارة السمراء يعد بمثابة "معجزة".
ولكن في الواقع فإن أغلب مدن القارة السمراء ما زال ينقصها الكثير لتدخل على طريق النجاح،فبجانب عدم الاستقرار السياسي والإرهاب فإن الفساد والبيروقراطية والإدارة السيئة للحكومة ما زالت عناصر تسيطر على مناطق عديدة بأفريقيا، فيكفي القول أن 15 من أصل أعلى 30 دولة فيما يتعلق بمعدلات الفساد على مستوى العالم موجودة بأفريقيا وفقا لأخر تقارير الشفافية الدولية، ومن ناحية أخرى فإن الكثير من الأفارقة لا يزالوا يعانون من الفقر بخلاف نقص البنية التحتية والتعليم الجيد ومشكلات الطاقة، وأيضا ارتفاع معدل المواليد وهو الأمر الذي يعرقل النمو.
تقول الخبيرة الاقتصادية بمعهد (كاي) في بريتوريا، تابييا موتي "أفريقيا لم تغير من هيكلها الاقتصادي الأساسي، فهي ما زالت تنتج المواد الخام الرخيصة لباقي العالم، وبالكاد توجد تجارة بينية مع دول القارة وبعضها".
وبوجه عام يمكن القول إن أفريقيا تصنع منتجات قليلة التنافسية، بل وإن أكثر المنتجات التقليدية الموجودة في بيت أي مواطن أفريقي غالبا ما تأتي من آسيا، فعلى سبيل المثال يوجد في القارة السمراء مئات الملايين من الهواتف المحمولة، إلا أي منها لم يصنع في أفريقيا، وعلى الرغم من وجود ميزة كبيرة في أفريقيا تتمثل في رخص الأيدي العاملة، إلا أنها قليلا ما يتم استغلالها.
ومن ضمن المشكلات التي رصدها الخبراء أيضا على الصعيد الإقليمي بأفريقيا عدم وجود شبكة طرق أو وأنظمة تخزين قوية، بجانب غياب التعاون الحقيقي بين الحكومات بشكل يسهل حركة التجارة البينية، على عكس باقي العالم، فالوضع في أوروبا وآسيا على سبيل المثال مختلف حيث أن نصف الصادرات على الأقل يبقى داخل القارة، في حين أن هذه النسبة في أفريقيا تنخفض إلى 15%.
وعلى الرغم من كل ما قيل أو يقال فإن أفريقيا لا زالت خالية من مناطق التجارة الحرة، حيث يقول رجل الأعمال مو إبراهيم الذي يعتبر من العلامات البارزة في هذا القطاع بأفريقيا إن "انقسام السوق الأفريقي يرعب المستثمرين ويوقف النمو"، وهو الأمر نفسه الذي تحدث عنه نائب رئيس جنوب أفريقيا كجاليما موتلانثي الذي سبق وقال أن "5% فقط من كل الاستثمارات العالمية تصل لأفريقيا"، مع العلم بأن أغلبية هذه الاستثمارات التي تصل من الهند والبرازيل والصين تكون دائما ما تسعى خلف التنقيب عن الثروات الطبيعية في المقام الأول.
ومن ضمن مظاهر غياب التنمية في أفريقيا على سبيل المثال المشهد شبه اليومي على الحدود بين جنوب أفريقيا وموزمبيق حيث تنتظر شاحنات نقل لعدة أيام بسبب بطء الاجراءات وطابعها البيروقراطي، وغالبا ما تكون هذه الشاحنات تحمل مواد غذائية إلى موزمبيق، التي تتمتع بأراضي خصبة، ولكنها على الرغم من هذا ليس لديها وسائل حديثة للانتاج الزراعي والتخزين والحفظ.
الأمثلة على مشاكل البيروقراطية في القارة السمراء كثيرة ومنها ما يحدث مع شركة (شوبرايت) الجنوب أفريقية التي تضطر إلى دفع 20 ألف دولار بصورة أسبوعية على الحدود مع زامبيا لتصدير ألبان ولحوم وفواكه، هذا بجانب الاستمارات التي لا تنتهي التي تضطر للتعامل معها، كل هذا مع العلم أيضا بأن زامبيا دولة خصبة، إلا أنها لا تنمي هذا المجال وتعتمد فقط على صادراتها من النحاس.
وبالنظر إلى نيجيريا وأنجولا، والتي يسبح كل منهما في أرباح بالملايين بصفتهما مصدري النفط الرئيسيين في أفريقيا، إلا أن التنمية الاقتصادية محدودة للغاية، وهذا ما يعلق عليه خبير الشؤون الأفريقية ريكاردو جيرجيم بقوله "في الكثير من الدول الغنية بالمواد الخام والثروات الطبيعية، يغيب العزم السياسي على التوزيع العادل لثروات البلاد وإرساء أساليب مستدامة لمكافحة الفقر".
وحتى في جنوب أفريقيا، الدولة الصاعدة الوحيدة في القارة السمراء، فإن المشكلات الاقتصادية الكبرى حاضرة من تنامي تدخل الدولة إلى صراعات ونزاعات عمالية دامية واحتجاجات اجتماعية تضر بثقة المستثمرين في البلد، الذي يعتبر من ضمن زمرة "الأغنياء" نسبيا، وعلى عكس باقي الأمثلة السابقة فإن جنوب أفريقيا تتمتع ببنية تحتية جيدة وتصدر منتجات صناعية، إلا أن مشكلتها تتمثل في تراجع عملتها الراند.
ويرى أغلب الخبراء أنه يتوجب على أفريقيا دعم قطاع الزراعة فيها بصورة أكبر، خاصة وأنه على الرغم من محاولات اضفاء طابع التمدين على أفريقيا إلا أن الزراعة لا تزال القطاع الأكثر توفيرا لفرص العمل بالنسبة للأفارقة، ولكن كالعادة توجد مشكلات ليست بالهينة مثل غياب أساليب وتكنولوجيا الزراعة الحديثة وطرق التأهيل اللازمة لصقل مهارات المزارعين، خاصة وأن أغلب المنتجات التي تخرج من القارة السمراء لا تكون مجهزة بصورة جيدة.
وعلى أي حال فإن كلمة السر ستكون هي جلب التكنولوجيا الحديثة للقارة وتطبيقها في المجالات التي تتميز فيها مثل الثروات الطبيعية، هذا بخلاف تخفيف القيود البيروقراطية وزيادة التجارة البينية والتوزيع العادل للثروات، اذا ما كانت دول القارة السمراء ترغب حقا في التحول لـ"أسود" ذات نمو مستدام وتنمية حقيقية.
ولكن في الواقع فإن أغلب مدن القارة السمراء ما زال ينقصها الكثير لتدخل على طريق النجاح،فبجانب عدم الاستقرار السياسي والإرهاب فإن الفساد والبيروقراطية والإدارة السيئة للحكومة ما زالت عناصر تسيطر على مناطق عديدة بأفريقيا، فيكفي القول أن 15 من أصل أعلى 30 دولة فيما يتعلق بمعدلات الفساد على مستوى العالم موجودة بأفريقيا وفقا لأخر تقارير الشفافية الدولية، ومن ناحية أخرى فإن الكثير من الأفارقة لا يزالوا يعانون من الفقر بخلاف نقص البنية التحتية والتعليم الجيد ومشكلات الطاقة، وأيضا ارتفاع معدل المواليد وهو الأمر الذي يعرقل النمو.
تقول الخبيرة الاقتصادية بمعهد (كاي) في بريتوريا، تابييا موتي "أفريقيا لم تغير من هيكلها الاقتصادي الأساسي، فهي ما زالت تنتج المواد الخام الرخيصة لباقي العالم، وبالكاد توجد تجارة بينية مع دول القارة وبعضها".
وبوجه عام يمكن القول إن أفريقيا تصنع منتجات قليلة التنافسية، بل وإن أكثر المنتجات التقليدية الموجودة في بيت أي مواطن أفريقي غالبا ما تأتي من آسيا، فعلى سبيل المثال يوجد في القارة السمراء مئات الملايين من الهواتف المحمولة، إلا أي منها لم يصنع في أفريقيا، وعلى الرغم من وجود ميزة كبيرة في أفريقيا تتمثل في رخص الأيدي العاملة، إلا أنها قليلا ما يتم استغلالها.
ومن ضمن المشكلات التي رصدها الخبراء أيضا على الصعيد الإقليمي بأفريقيا عدم وجود شبكة طرق أو وأنظمة تخزين قوية، بجانب غياب التعاون الحقيقي بين الحكومات بشكل يسهل حركة التجارة البينية، على عكس باقي العالم، فالوضع في أوروبا وآسيا على سبيل المثال مختلف حيث أن نصف الصادرات على الأقل يبقى داخل القارة، في حين أن هذه النسبة في أفريقيا تنخفض إلى 15%.
وعلى الرغم من كل ما قيل أو يقال فإن أفريقيا لا زالت خالية من مناطق التجارة الحرة، حيث يقول رجل الأعمال مو إبراهيم الذي يعتبر من العلامات البارزة في هذا القطاع بأفريقيا إن "انقسام السوق الأفريقي يرعب المستثمرين ويوقف النمو"، وهو الأمر نفسه الذي تحدث عنه نائب رئيس جنوب أفريقيا كجاليما موتلانثي الذي سبق وقال أن "5% فقط من كل الاستثمارات العالمية تصل لأفريقيا"، مع العلم بأن أغلبية هذه الاستثمارات التي تصل من الهند والبرازيل والصين تكون دائما ما تسعى خلف التنقيب عن الثروات الطبيعية في المقام الأول.
ومن ضمن مظاهر غياب التنمية في أفريقيا على سبيل المثال المشهد شبه اليومي على الحدود بين جنوب أفريقيا وموزمبيق حيث تنتظر شاحنات نقل لعدة أيام بسبب بطء الاجراءات وطابعها البيروقراطي، وغالبا ما تكون هذه الشاحنات تحمل مواد غذائية إلى موزمبيق، التي تتمتع بأراضي خصبة، ولكنها على الرغم من هذا ليس لديها وسائل حديثة للانتاج الزراعي والتخزين والحفظ.
الأمثلة على مشاكل البيروقراطية في القارة السمراء كثيرة ومنها ما يحدث مع شركة (شوبرايت) الجنوب أفريقية التي تضطر إلى دفع 20 ألف دولار بصورة أسبوعية على الحدود مع زامبيا لتصدير ألبان ولحوم وفواكه، هذا بجانب الاستمارات التي لا تنتهي التي تضطر للتعامل معها، كل هذا مع العلم أيضا بأن زامبيا دولة خصبة، إلا أنها لا تنمي هذا المجال وتعتمد فقط على صادراتها من النحاس.
وبالنظر إلى نيجيريا وأنجولا، والتي يسبح كل منهما في أرباح بالملايين بصفتهما مصدري النفط الرئيسيين في أفريقيا، إلا أن التنمية الاقتصادية محدودة للغاية، وهذا ما يعلق عليه خبير الشؤون الأفريقية ريكاردو جيرجيم بقوله "في الكثير من الدول الغنية بالمواد الخام والثروات الطبيعية، يغيب العزم السياسي على التوزيع العادل لثروات البلاد وإرساء أساليب مستدامة لمكافحة الفقر".
وحتى في جنوب أفريقيا، الدولة الصاعدة الوحيدة في القارة السمراء، فإن المشكلات الاقتصادية الكبرى حاضرة من تنامي تدخل الدولة إلى صراعات ونزاعات عمالية دامية واحتجاجات اجتماعية تضر بثقة المستثمرين في البلد، الذي يعتبر من ضمن زمرة "الأغنياء" نسبيا، وعلى عكس باقي الأمثلة السابقة فإن جنوب أفريقيا تتمتع ببنية تحتية جيدة وتصدر منتجات صناعية، إلا أن مشكلتها تتمثل في تراجع عملتها الراند.
ويرى أغلب الخبراء أنه يتوجب على أفريقيا دعم قطاع الزراعة فيها بصورة أكبر، خاصة وأنه على الرغم من محاولات اضفاء طابع التمدين على أفريقيا إلا أن الزراعة لا تزال القطاع الأكثر توفيرا لفرص العمل بالنسبة للأفارقة، ولكن كالعادة توجد مشكلات ليست بالهينة مثل غياب أساليب وتكنولوجيا الزراعة الحديثة وطرق التأهيل اللازمة لصقل مهارات المزارعين، خاصة وأن أغلب المنتجات التي تخرج من القارة السمراء لا تكون مجهزة بصورة جيدة.
وعلى أي حال فإن كلمة السر ستكون هي جلب التكنولوجيا الحديثة للقارة وتطبيقها في المجالات التي تتميز فيها مثل الثروات الطبيعية، هذا بخلاف تخفيف القيود البيروقراطية وزيادة التجارة البينية والتوزيع العادل للثروات، اذا ما كانت دول القارة السمراء ترغب حقا في التحول لـ"أسود" ذات نمو مستدام وتنمية حقيقية.