نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


هل للحب معنى واحد في كل لغات العالم؟







لوس أنجليس - أمينة خان - هل حقا للحب معنى واحد حول العالم؟ دراسة حديثة تظهر أن الأمر يعتمد على اللغة التي تتحدثها.

فقد توصل علماء درسوا الأنماط الدلالية في نحو 2500 لغة حول العالم إلى أن الكلمات التي تدل على المشاعر، مثل القلق والحزن والسعادة، يمكن أن يكون لها معان مختلفة تماما اعتمادا على اللغة التي نشأت منها.

وتسلط النتائج، التي تم نشرها في دورية "ساينس" العلمية، الضوء على تنوع المشاعر الإنسانية التي يتم التعبير عنها حول العالم، رغم وجود أنماط لغوية مشتركة للصور العاطفية بين اللغات.


تقول كريستين ليندكويست، عالمة علم النفس والأعصاب بجامعة نورث كارولينا في بلدة تشابل هيل :"نتصرف على افتراض منا أن تجارب الآخرين هي نفس تجاربنا لمجرد أننا نطلق عليها نفس التسمية، إلا أن هذا قد لا يكون صحيحا ... وأعتقد أن هناك بعض الآثار المترتبة على كيفية فهمنا للسلوكيات العاطفية والاجتماعية للأشخاص في جميع أنحاء العالم".
وتحتوي العديد من اللغات على كلمات تبدو معانيها متفردة وراسخة، لدرجة أنه لا توجد طريقة لترجمتها؛ وإنما يمكن استعارتها فقط كما هي. فكلمة Schadenfreude الألمانية (السعادة المستمدة من حدوث أمر سيء لشخص آخر) أو Sehnsucht (التطلع العميق لحياة بديلة) مثال على ذلك.
تقول أصيفا ماجد، عالمة العلوم الإدراكية بجامعة يورك في إنجلترا، إن هذه الأنواع من الكلمات التي تدل على مشاعر غالبا ما تكون متجذرة في الثقافة التي نشأت منها. وساقت دليلا على ذلك كلمة awumbuk ، والتي تعني الشعور بالفتور لدى قبائل البينينج في باباوا غينيا الجديدة عندما يغادر ضيوفهم بعد زيارة ليلية.
كما أن العديد من اللغات تحتوي على كلمات ربما يعتقد متحدثو اللغة الإنجليزية أنها مشاعر "أساسية" مثل الحب والكراهية والغضب والخوف والحزن والسعادة.
وتشير النظريات القديمة، التي تأثرت بتشارلز داروين وتتعلق بالبنى البيولوجية المشتركة بين البشر، إلى وجود بعض المشاعر العالمية التي تعد مصدرا أساسيا لبقية المشاعر الأخرى، تماما مثل مزج الألوان الأساسية مع بعضها لتركيب طيف واسع من الألوان الثانوية.
إلا أنه بعدما أثبتت الأبحاث اللاحقة أن الثقافات المختلفة لا تصنف الألوان دائما بالطريقة نفسها، أصبح هناك فهم متزايد لكون أنه حتى المشاعر التي كان يفترض أنها "أساسية" قد تحمل معاني وفروقا دقيقة في الثقافات المختلفة ولا يمكن ترجمتها مباشرة.
وأثار هذا سؤالا محيرا: هل للمشاعر التي يفترض أنها "أساسية" معنى عالمي بالفعل، أم أنها تختلف بشكل أساسي باختلاف الثقافة ولغتها؟
تقول ليندكويست إن "هذا أيضا يمثل مجالا ضخما للنقاش في اللغويات والعلوم الإدراكية والفلسفة... وهذا النقاش يدور حول المدى الذي تؤثر به اللغة على خبرتك وتكوينها؟"
وفي الواقع، فإن الإجابة على هذا السؤال صعبة للغاية لأن الدراسات حول المشاعر عادة ما تقارن بين مجموعتين فقط؛ وحتى عندما يتعلق الأمر بالمزيد، فإنها عادة ما تكون مجموعات منتمية إلى دول صناعية. كما يصعب تجنب صور معينة من التحيز لدى القائمين على التجارب والمشاركين في الدراسات.
ولذلك تبنت ليندكويست وزملاؤها مقاربة مختلفة. فقد قاموا بتجميع قاعدة بيانات مستمدة من قواميس الترجمة وقوائم الكلمات من 2474 لغة منطوقة لـ20 عائلة لغوية رئيسية. وتضمنت العينة التي جمعوها ما يقرب من ثلث لغات العالم، بعضها يتحدثها الملايين والبعض الآخر لا يتحدثها سوى بضعة آلاف.
ومثلت الكلمات التي جمعوها، والتي تجاوز عددها المئة ألف كلمة، 2439 مفهوما مختلفا، من بينها أكثر من عشرين تمثل مشاعر. وقد استفادوا من ظاهرة تعتمد على أن اللغات تميل إلى استخدام كلمة واحدة لتغطية أكثر من مفهوم واحد. (فعلى سبيل المثال ، توجد في الروسية كلمة تشمل اليد والذراع، وفي العديد من اللغات يمكن أن تعني نفس الكلمة اللحاء أو جلد البشر أو جلود الحيوانات). وهذه المعاني المتداخلة تعطي العلماء إحساسا بالأفكار الأساسية الكامنة وراء الكلمات.
ولكل لغة، استخدم الباحثون طرقا إحصائية لتكوين شبكة من المعاني المشتركة أو المتداخلة للكلمات التي تعبر عن مفاهيم المشاعر. وقد ساعدهم ذلك في معرفة المشاعر التي يعتبرها متحدثو لغة بعينها مشابهة للأخرى، وكيف تختلف الأحكام حول التشابه العاطفي تبعا للغة التي يتحدثونها.
وخلُص العلماءإلى أن جميع اللغات التي شملتها الدراسة بدت وكأنها تميز المشاعر بناء على عاملين رئيسيين: التكافؤ (ما إذا كانت العاطفة إيجابية أو سلبية) والتنشيط (مستوى الإثارة الفسيولوجية المرتبطة بالعاطفة).
وبعيدا عن هذين العاملين الرئيسيين، وجد الباحثون أن عائلات اللغات وضعت رموزا للمشاعر بطرق مختلفة تماما.
وتم ضرب مثال على ذلك بكلمة "اندوه" الفارسية، والتي تستخدم للتعبير عن المشاعر التي تشمل "الحزن" و" الأسى".
وفي المقابل، فإن لهجة في اللغة الدرغينية تستخدم كلمة "دارد" للتعبير عن "الحزن" و"القلق". ويبدو أن الناطقين باللغة الفارسية ربما يعتبرون الحزن أكثر ارتباطًا بالأسى ، بينما قد يراها متحدثو الدرغينية أكثر شبها بالقلق.
كما كشف شعور "الغضب"، الذي قد يعتقد البعض أنه شعور أساسي، عن الكثير من التعقيدات.
ففي اللغات الهندية الأوروبية (وهي مجموعة واسعة جدا تضم لغات متباينة مثل الإنجليزية والهندية-الأردية)، كان شعور الغضب مرتبطا ارتباطا وثيقا بالمفهوم العاطفي "للقلق". ولكن في اللغات الأسترو آسيوية (التي تشمل الفيتنامية ولغة الخمير)، كان "الغضب" مرتبطا بـ "الحزن" و"الأسى".
وقال واضعو الدراسة :"نفسر هذه النتائج على أن كلمات المشاعر تختلف في المعنى بين اللغات ... حتى لو كانت في كثير من الأحيان مترادفة في قواميس الترجمة".
ووجد الباحثون أيضا أن اللغات التي عاش متحدثوها تاريخيا في مناطق جغرافية متقاربة يميلون إلى مشاركة شبكات مماثلة للمعنى. إلا أن العلماء لم يعرفوا ما إذا كان هذا ناتجا عن تشاركهم لنفس الميراث اللغوي أم لأنهم يستعيرون الكلمات ومدلولاتها بسهولة من جيرانهم.
ووصفت ماجد تنوع اللغات واتساع المفاهيم العاطفية التي تتضمنها الدراسة بأنها "غير مسبوقة".
وقالت :"أعتقد أن الأمر مثير بالفعل ... إنها طريقة جديدة للمحاولة والنظر في كيفية التعبير عن المشاعر."

أمينة خان
الاحد 26 يناير 2020