تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

أعيدوا لنا العلم

18/09/2025 - أحمد أبازيد

عودة روسية قوية إلى سوريا

17/09/2025 - بكر صدقي

لعبة إسرائيل في سوريا

10/09/2025 - غازي العريضي

من التهميش إلى الفاشية

10/09/2025 - انس حمدون

الوطنية السورية وبدائلها

04/09/2025 - ياسين الحاج صالح


أبناء عائلات النشطاء على خطى آبائهم السياسية في الزواج السياسي والمظاهرات




القاهرة - عصام فضل - في ثورة الخامس والعشرين من يناير كان للشباب شرف إطلاق الشرارة الأولى لثورة استمدت قوة انطلاقها - التي لم يتوقعها أحد - من تراكمات سياسية واجتماعية أجبرت جموع المصريين على الخضوع للحكم الديكتاتوري طوال سنوات.


  أبناء عائلات النشطاء على خطى آبائهم السياسية في الزواج السياسي والمظاهرات
من بين هؤلاء الشباب فتيان وفتيات حظوا بنشأة مختلفة في عائلات يطلق عليها في أوساط النخبة المصرية " عائلات مناضلة " وهي عائلات حملت هموم الوطن وشاركت في العمل العام والسياسي طوال السنوات التي سبقت الثورة ، مما جعل هؤلاء الأبناء ينشأون على قيم مختلفة كان لها تأثير كبير في بنائهم السياسي ، فتعلموا من آبائهم مقاومة الأوضاع السائدة والسباحة ضد التيار ، فرسم هؤلاء الشباب ملامح تجربتهم الخاصة التي سارت في مجملها على خطى الآباء، لكن تفاصيلها قد تكون أكثر عمقا ، فهم ينتمون إلى جيل مختلف متمرد بطبعه ، يبحث عن تحقيق ذاته بعيدا عن وصاية الأسرة ، وهو ما يفجر العديد من الأسئلة حول نشأتهم المختلفة ، وعلاقتهم بآبائهم، وكيف يتم التعامل مع الخلافات السياسية التي قد تنشأ داخل محيط الأسرة .
 
 جلباب أبي 
الناشطة سلمى سعيد " 27 سنة " ، هي ابنة الناشطة السياسية والنقابية المعروفة منسق حركة أطباء بلا حقوق وعضو مجلس نقابة الأطباء الدكتورة منى مينا ، وجدها لأمها هو القيادي الشيوعي البارز الدكتور فخري لبيب ، بدأت علاقتها بالعمل السياسي عام 2000 خلال أحداث الانتفاضة الفلسطينية وقتها. 
 
تقول سعيد لوكالة الأنباء الألمانية(د.ب.أ) : " تعلمت من أسرتي وخاصة أمي أن المشاركة في العمل العام شيئ طبيعي وواجب على كل إنسان ، فنشأت أعتبر نشاطي السياسي شيئا طبيعيا " ، وتضيف " رغم أنني تعلمت من أمي معظم ما أعرفه لكن أكثر ما تعلمته منها أهمية هو أن العمل العام والسياسي ليس مجرد مظاهرات بل هو تراكم لدور تنموي واجتماعي ونقابي يسير كله في خط متواز مع الاحتجاجات السياسية " .
 
وترى سعيد أن الأسرة التي تربي أبناؤها على قيم التمرد والرفض يكون لديها القدرة على تحمل ذلك . وتقول " أتفق مع أمي حول المبادئ العامة لكن يحدث كثيرا أن نختلف حول التفاصيل ، وهذا حدث كثيرا عقب الثورة ، فقد كنت مثلا أرى أنه يجب أن تستمر احتجاجات الثورة لأن المطالب لم تتحقق ، وهي ترى أن ننتظر بعض الوقت فإذا لم تتحقق المطالب فالميدان موجود " . وتضيف " من يربي أبناءه على التمرد فطبيعي أن يبدأوا أول تمردهم عليه " .
 
بالنسبة للناشط هيثم الحريري وهو نجل السياسي اليساري المعروف المرشح السابق في الانتخابات الرئاسية أبو العز الحريري   فإن التمرد أخذ شكلا مختلفا بانضمام الابن لحزب الدستور الذي أسسه المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي ، رغم أن أبيه أسس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي بعد أن ترك حزب التجمع " اليساري " الذي جمع في وقت ما بين الأب والابن مثلما جمعت بينهما الأفكار اليسارية .

يقول الحريري الابن – مهندس اتصالات - / 37 عاما/ لـ (د.ب.أ) : " منذ أن ولدت كان أبي نائبا في البرلمان  وقد تأثرت به كثيرا وتعلمت منه أن هموم الوطن والناس أهم من الهموم الشخصية والأسرية ، وكنت أرى احترام الناس له وتقديرهم فأحببت أفكاره وآرائه ، وانضممت لحزب التجمع اليساري الذي كان أبي أحد قياداته " . ويضيف " تجربتي مع والدي في التجمع والمشكلات الداخلية التي يعانيها الحزب منذ سنوات والتي أدت إلى ترك والدي للحزب أقنعتني بأنه ليس شرطا أن أكون عضوا في حزب يساري ، بل من الممكن أن أنضم إلى حزب ليبرالي قريب من اليسار خاصة فيما يتعلق بالرؤية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية شرط أن يكون هذا الحزب لديه الفرصة للتأثير والتواصل مع الناس فانضممت إلى حزب الدستور وقد احترم أبي قراري لأنه رباني على اتخاذ قراراتي بنفسي " .
 
مظاهرات منزلية
تعتبرها الأوساط السياسية المصرية " ابنة عائلة استثنائية " نشأت في أسرة جمعت أشكالا مختلفة للعمل العام ، إنها الناشطة السياسية منى سيف فأبيها هو الناشط الحقوقي المعروف أحمد سيف الاسلام عبدالفتاح الذي أختير مؤخرا عضوا بالمجلس القومي لحقوق الإنسان  ووالدتها الناشطة السياسية الدكتورة ليلى سويف وشقيقها الناشط المعروف علاء عبد الفتاح ، كما أن الاهتمام بالعمل العام وصل إلى أصغر أفراد العائلة وهي الشقيقة الصغرى سناء سيف التي لم يتجاوز عمرها 18 عاما .
 
تقول منى سيف /26 عاما/   – خريجة كلية العلوم جامعة القاهرة وتعمل بمعمل أبحاث السرطان بكلية العلوم وتعد رسالة ماجستير في نفس التخصص - : " جمعت في نشأتي بين تعلم القيم الحقوقية والسياسية وهو أمر أفادني كثيرا، حيث تمكنت من الدمج بين القيم الحقوقية التي لا تنكر على الخصم السياسي حقوقه وبين القيم السياسية الثورية التي قد تعتبر وجود الخصم يمثل تهديدا وعرقلة لتحقيق المطالب السياسية ". وتضيف " تعلمت من أبي وأمي على السواء لكنني ما يطلقون عليه ( ابنة أبي ) فقد تأثرت به كثيرا ومررت بمواقف كثيرة عرفت خلالها قيمة ما تعلمته منه ، فمثلا في الأيام الأولى للثورة عندما كان يمسك زملائي الثوار بأحد المشتبه في قيامهم بالتخريب ضد الثورة والثوار كانوا يحتجزونه في سجن مخصص لذلك بميدان التحرير ويقومون بالاعتداء عليه بدنيا ونفسيا ، وكنت أختلف مع هذا السلوك لأنني تربيت على رؤية حقوقية أن الشخص حتى لو كان ارتكب أي جرم فله حقوق ولا يجب الاعتداء عليه ، وهو ما كان يغضب زملائي وقد ثبت بعد ذلك صحة وجهة نظري إذ كانت تستخدم هذه السلوكيات في تشويه الثورة والثوار، ولو لم أكن ابنة أحمد سيف ما كنت تعلمت ذلك ".
 
وترى سيف أنها تذكر فترات كانت صغيرة ومارست التمرد على عائلتها لكنها اكتشفت مع الوقت أنها كانت تمارس ذلك بقدر من السذاجة ، وتقول " نعم كنا أنا وإخوتي نمارس التمرد بسذاجة لأنه ليس لدينا نفس مشكلات العائلات الأخرى ، وقد حظينا بحرية كبيرة جدا ، وعموما المناقشات بيننا في العائلة غالبا ما تكون محتدمة جدا ، وكثيرا ما نلجأ أنا وإخوتي إلى الاحتجاج داخل المنزل ونقوم بتعليق لافتات احتجاجية فيما يشبه المظاهرة المنزلية " . وتضيف " يحدث كثيرا أن نختلف أنا وإخوتي علاء وسناء مع أبي وأمي في وجهات النظر وهذا يسبب جدلا واسعا وكان أبرز هذه الخلافات إنني وإخوتي تبنينا دعوة لمقاطعة جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية بين مرسي وشفيق لأننا نرى أن الخيارين سيئان في حين صوت أبي وأمي لمرسي لأنهم رأوا أن ذلك أفضل من نجاح شفيق الذي يمثل الفلول " .
 
ويقول الناشط فادي اسكندر " خريج كلية الاقتصاد والعلوم السياسية عام 2006 " وهو نجل السياسي أمين اسكندر القيادي بحزب الكرامة/ ذي المبادئ الناصرية / وأحد مؤسسي التيار الشعبي الذي يتزعمه المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي : " تعلمت من أبي كل شئ ، لكنه لم يكن له أي دخل في إيماني بالفكر الناصري، فقد حدث ذلك تلقائيا عندما تعرفت على مجموعة من الشباب الناصريين بالجامعة ". ويضيف " كثيرا ما تحدث بيننا خلافات في وجهات النظر ، فمثلا تبنيت أنا ومجموعة من الشباب بحزب الكرامة مبادرة لتطوير الحزب لكنه بصفته أحد قادة الحزب عارض هذه المبادرة " .
 
زواج سياسي
يقول السياسي والمرشح السابق في الانتخابات الرئاسية الماضية أبو العز الحريري : " أبنائي نشأوا في مناخ أسري مرتبط بالواقع العام وقضايا الوطن ، فعندما اخترت زوجتي اخترتها على أسس سياسية فقد كانت رفيقة لي بحزب التجمع ، وذلك حتى يمكنها تحمل حياتي الصعبة وما أواجهه من اعتقالات وتشريد، لذلك كان من الطبيعي أن يخرج أبناؤنا مهتمون بالعمل العام " .
 
ومن جانبه يقول القيادي بحزب الكرامة الناصري أمين اسكندر : " لم أوجه أبنائي توجيها مباشرا لكني كنت أحثهم على القراءة كي يدركوا أن الوقت الذي يعطونه للحياة العامة ليس وقتا ضائعا ، لذلك خرج أبنائي فادي ودينا نشطاء مهتمون بقضايا وطنهم " . ويضيف " لم أمارس عليهم سلطة الأب لكن تحدث خلافات في الآراء تثير جدلا بيننا ، أذكر أكبر هذه الخلافات، عندما طالبوا مع زملائهم من شباب الثورة برحيل المجلس العسكري سريعا ، وكنت أعارض ذلك لأنه يصب في مصلحة الإخوان المسلمين ، كما أن العسكر في مصر أو المجلس العسكري مهما طال بقائهم خلال الفترة الانتقالية فلن يتحولوا إلى مستبدين أو يحولوا مصر إلى حكم عسكري مثل دول في أمريكا اللاتينية لأن تركيبة العسكر لدينا مختلفة " .

عصام فضل
الاربعاء 24 أكتوبر 2012