منذ التشكيل الوزاري الأخير كان واضحاً أن حقيبة الإعلام وضعت في غير موضعها، وأن من جلس على كرسيها لا يمتلك لا الكفاءة ولا الحضور ولا حتى الحد الأدنى من الصفات التي تليق بوزارة إعلام في بلد مثخن بالأزمات مثل سوريا. الوزير الحالي حمزة مصطفى – أو كما يسميه السوريون تهكماً “الكراجاتي” – ليس سوى نموذج آخر للفشل الإداري، موظف محدود المعرفة، خبرته لا تتجاوز العمل في تلفزيون ممول بميزانيات ضخمة، حوله ومن فيه إلى ما يشبه “المزرعة الخاصة”، على غرار قناة تلفزيون سوريا التي خرج منها.
الإعلام السوري، الذي يُفترض أن يكون ذراع الدولة في المواجهة السياسية والفكرية والإعلامية، وقع اليوم في يد شخص يفتقر لأبسط مقومات الخطاب والقدرة على إدارة المشهد. الرجل لا يُحسن الكلام، ولا يمتلك أدوات الإقناع، ولا يعرف كيف يدير معركة إعلامية في زمن صارت فيه الكلمة والصورة أقوى من الرصاص. وهكذا وجدنا أنفسنا أمام وزارة عاجزة، بوزيرها وكوادرها، عن مواكبة الواقع أو الرد على التحديات.
ولعل المثال الأوضح على ذلك هو عجز الوزارة عن التصدي للهجوم الإعلامي الذي يشنه أمثال وئام وهاب وماهر شرف الدين، ومن ورائهم طابور طويل من “اليسار العفن” والمرتزقة الإعلاميين. هؤلاء يملؤون الفضاء بخطاب مضاد حاد، بينما وزارة الإعلام ووزيرها يتفرجون من مقاعد المتفرجين، وكأن المعركة لا تعنيهم. لا ردود مدروسة، لا حملات مضادة، لا حضور حقيقي على الأرض. ضعف وتراخٍ يعكسان إفلاساً مهنياً وأخلاقياً.
أما الكارثة الكبرى فكانت في افتتاح معرض دمشق الدولي بدورته الـ62. حدث ضخم كهذا، يُفترض أن يكون واجهة الدولة، ومنصة لإبراز صمودها ورسائلها السياسية والاقتصادية والثقافية، تم تسليمه لمجموعة من “الانفلونسرات” أصحاب المحتوى التافه ليغطوه كما لو كان عرض أزياء أو إعلاناً لمستحضر تجميلي. في لحظة كان يجب أن يرفع فيها الإعلام السوري رأسه عالياً، تحول المشهد إلى مادة سخرية بين السوريين أنفسهم. أي انحدار هذا؟ وأي عجز عن إدراك قيمة المناسبات الكبرى؟
إن ما جرى لم يكن مجرد خطأ بروتوكولي، بل فضيحة تكشف العقلية السطحية التي تدار بها وزارة الإعلام. تحويل منصة وطنية إلى مسرح لاستعراض “نجوم التفاهة” لا يُعد خطأً عابراً، بل دليلاً على غياب الرؤية والإستراتيجية، ودليلاً أكبر على أن الوزير وفريقه لا يستحقون مواقعهم.
لقد خسر الإعلام السوري معركته قبل أن تبدأ، لأنه سلّم قياده لمن لا يجيد سوى الاستعراض الفارغ. ما نحتاجه ليس وزيراً يبحث عن “ترند” على حساب الكرامة الوطنية، بل قيادة إعلامية تعرف قيمة الكلمة والرسالة، قيادة قادرة على صياغة خطاب وطني جامع، تواجه الخصوم، وتدير الرأي العام بحنكة ووعي.
أما الوزير الحالي، فقد أثبت بالدليل القاطع أنه لا يليق بوزارة إعلام دولة. ومع كل يوم يستمر فيه في منصبه، يزداد الانحدار الإعلامي، وتُفقد فرصة أخرى كانت لتعيد للإعلام السوري شيئاً من
بريقه الغابر
---------
العربي القديم
الإعلام السوري، الذي يُفترض أن يكون ذراع الدولة في المواجهة السياسية والفكرية والإعلامية، وقع اليوم في يد شخص يفتقر لأبسط مقومات الخطاب والقدرة على إدارة المشهد. الرجل لا يُحسن الكلام، ولا يمتلك أدوات الإقناع، ولا يعرف كيف يدير معركة إعلامية في زمن صارت فيه الكلمة والصورة أقوى من الرصاص. وهكذا وجدنا أنفسنا أمام وزارة عاجزة، بوزيرها وكوادرها، عن مواكبة الواقع أو الرد على التحديات.
ولعل المثال الأوضح على ذلك هو عجز الوزارة عن التصدي للهجوم الإعلامي الذي يشنه أمثال وئام وهاب وماهر شرف الدين، ومن ورائهم طابور طويل من “اليسار العفن” والمرتزقة الإعلاميين. هؤلاء يملؤون الفضاء بخطاب مضاد حاد، بينما وزارة الإعلام ووزيرها يتفرجون من مقاعد المتفرجين، وكأن المعركة لا تعنيهم. لا ردود مدروسة، لا حملات مضادة، لا حضور حقيقي على الأرض. ضعف وتراخٍ يعكسان إفلاساً مهنياً وأخلاقياً.
أما الكارثة الكبرى فكانت في افتتاح معرض دمشق الدولي بدورته الـ62. حدث ضخم كهذا، يُفترض أن يكون واجهة الدولة، ومنصة لإبراز صمودها ورسائلها السياسية والاقتصادية والثقافية، تم تسليمه لمجموعة من “الانفلونسرات” أصحاب المحتوى التافه ليغطوه كما لو كان عرض أزياء أو إعلاناً لمستحضر تجميلي. في لحظة كان يجب أن يرفع فيها الإعلام السوري رأسه عالياً، تحول المشهد إلى مادة سخرية بين السوريين أنفسهم. أي انحدار هذا؟ وأي عجز عن إدراك قيمة المناسبات الكبرى؟
إن ما جرى لم يكن مجرد خطأ بروتوكولي، بل فضيحة تكشف العقلية السطحية التي تدار بها وزارة الإعلام. تحويل منصة وطنية إلى مسرح لاستعراض “نجوم التفاهة” لا يُعد خطأً عابراً، بل دليلاً على غياب الرؤية والإستراتيجية، ودليلاً أكبر على أن الوزير وفريقه لا يستحقون مواقعهم.
لقد خسر الإعلام السوري معركته قبل أن تبدأ، لأنه سلّم قياده لمن لا يجيد سوى الاستعراض الفارغ. ما نحتاجه ليس وزيراً يبحث عن “ترند” على حساب الكرامة الوطنية، بل قيادة إعلامية تعرف قيمة الكلمة والرسالة، قيادة قادرة على صياغة خطاب وطني جامع، تواجه الخصوم، وتدير الرأي العام بحنكة ووعي.
أما الوزير الحالي، فقد أثبت بالدليل القاطع أنه لا يليق بوزارة إعلام دولة. ومع كل يوم يستمر فيه في منصبه، يزداد الانحدار الإعلامي، وتُفقد فرصة أخرى كانت لتعيد للإعلام السوري شيئاً من
بريقه الغابر
---------
العربي القديم