لم يتضمن الشعار الجديد العلم السوري، مع أنه كان متضمناً في الشعار القديم، وهو متضمن في شعارات كثير من الدول، أشير إليه فقط بنجوم بلا ألوان فوق رأس الصقر، ولم يتضمن المنشور الرسمي عن معاني الشعار أو الخطابات التي رافقت إشهاره إشارة إلى الثورة.
منذ ذلك الوقت أضحت سوريا وكأنها بلا علم، لسوريا الرسمية هوية وحيدة هي الصقر الجديد، لم يقتصر حضور الشعار الجديد على حساب العلم الوطني في القرارات الرسمية، بل في البيانات والدعوات والمنشورات الإعلامية وحتى في واجهات المباني، من الوزارات إلى المحافظات حتى البلديات، وقلّدت ذلك المنظمات المدنية أيضاً وباتت تصمم دعواتها بوجود الشعار وتغييب العلم الوطني والثوري.
ربما يمكن تفسير ذلك بالتنازع على شرعية الدولة الجديدة هل تستند إلى الثورة أم التحرير. من المفهوم لأي سلطة تحرير أن تضع رموزها التي تؤكد شرعية وعظمة اللحظة التي أنجزتها، ولكن مرجعيتنا الأولى التي ينبغي تأكيدها دائماً والتي تستند الدولة إلى شرعيتها الوطنية هي الحامل الشعبي والوطني الذي يمثّله علم الثورة السورية، رمز حمله ملايين الناس والأكفان طيلة 14 عاماً، بل طيلة عقود، وكان رمز الثورة والشهداء والمعركة ضد النظام، بل ضد الاستعمار الفرنسي قبله، وكان رمز المشروع الوطني الوحيد الذي يمكنه نزع شرعية النظام، هذه هي المرجعية الشعبية والوطنية، رمز حمله ويتبنّاه الملايين طيلة سنوات وعقود ويختزن سردية نضال وآلام وشهداء متراكمة مرّت بالشعب كله، وهو مخزون رمزي هائل لا يمكن أن يملكه تصميم جديد وضعته لجنة من عدة أشخاص وإن تم إقراره رسمياً، بل لا يملكه أي علم وطني آخر في العالم.
هنا في أول طابع بعد سقوط نظام الأسد تم اعتماد تغييب علم الثورة وسوريا أيضاً، كان ينبغي في كل مناسبة تأكيد حضور العلم وتكريمه ونشره في كل الأمكنة، ربما لا يكون ذلك عن قصد بقدر الاحتفاء بالشعار الجديد، ولكن أي احتفاء لا ينبغي أن يكون على حساب العلم الوطني، الذي هو الرمز الوطني الأول وصورة الدولة الرسمية في كل العالم، حتى في الدول العادية المستقرة، وليس في دولة تأسست بانتصار أعظم ثورة في التاريخ، ثورتنا السورية وعلمها الذي رفعناه ورفعه الشهداء واستشهدوا وهم يرفعونه ودفنّاهم ملفوفين فيه.
فليوضع وليُحترم شعار الدولة الجديد، ولكن ارفعوا قبله وبعده علم الثورة .. سوريا ليست دون علم