
اعتمدت وزارة الداخلية في الجزائر خلال أسبوعين أخيرين لنحو عشرة أحزاب جديدة وقبل خمسة أشهر كانت قد أعطت التراخيص بعقد مؤتمرات ومن ثمة اعتماد سبعة عشر حزبا في وقت قياسي، ليبلغ عدد الأحزاب المعتمدة 57 حزبا، وهو رقم فاق ما تم اعتماده من أحزاب خلال عشرية كاملة بل منذ استقلال الجزائر عام 1962.
هذا الواقع الجديد أرادته الحكومة أن يكون صورة ايجابية عن نفسها مفادها أنها لا تعارض إنشاء أي حزب ومستعدة لقبول أي طلب لا يتعارض مع القانون وفق ما تقتضيه الإصلاحات السياسية التي باشرها النظام في البلاد .
غير أن أحزاب في المعارضة اعتبرت أن السلطة تمادت قي اعتمادها للأحزاب إلى درجة تمييع الساحة السياسية بتنظيمات ليس لها توجه إيديولوجي أو مشروع سياسي أو حتى برنامج ومقترحات واضحة لمعالجة مختلف المشاكل المطروحة على الصعيدين الداخلي والخارجي.
أرانب سباق دون برامج، ومنشقون هواة للسياسة
حاولنا معرفة الخطوط العريضة لبرامج الأحزاب السياسية الجديدة، و لاحظنا أنه ما عدا حزب العدالة والتنمية لصاحبه عبد الله جاب الله ذو التوجه الإسلامي، المعروف بكونه مؤسس حركة النهضة ومن بعدها الإصلاح الوطني، فان كل الأحزاب الأخرى ولدت دون برنامج وكانت دهشتنا عندما سألنا عديد الأحزاب الجديدة عن برامجها، بردها بأن "برنامج الحزب سيتبلور مع الممارسة الميدانية"، وهو ما صرح به رئيس حزب " جيل جديد "،جيلالي سفيان، ورئيس جبهة المستقبل، بلعيد عبد العزيز، وحتى حزب تجمع أمل الجزائر"تاج" الذي أسسه وزير الأشغال العمومية، عمر غول، لم يكشف عن برنامج معين وكرر نفس الخطوط العريضة التي تلوكها كل الأحزاب الجديدة ، مع الإعلان انه مع تطبيق برنامج رئيس الجهورية عبد العزيز بوتفليقة، مما يعني مبدئيا انه تأسس دون برنامج خاص به.
وترى مختلف التنظيمات السياسية الناشطة في الساحة السياسية الجزائرية أن الهدف من تأسيس 17 حزبا قبل التشريعيات و خمسة قبل المحليات، في ظرف أربعة أشهر، مع احتمال اعتماد أحزاب كثيرة أخرى هو خلق تعددية شكلية وتعزيز ما يسمى بـ"ديمقراطية الواجهة" وجعل تلك الأحزاب أرانب سباق في الانتخابات المقبلة لبلوغ السلطة مرادها بإمكانية التحكم في الساحة السياسية والتموقع كما تريد، بالإضافة إلى تمييع العمل السياسي والنضال الحقيقي للأحزاب ذات التوجه الجدي، وبخاصة منها أحزاب المعارضة ، ناهيك عن تشتيت أصوات مناضلي الأحزاب.
وبالنسبة لتشتيت أصوات مناضلي الأحزاب وتفكيك التنظيمات السياسية يلاحظ على الساحة السياسية أن عددا كبيرا من الأحزاب الجديدة ولد من رحم أحزاب موجودة انشق صحابها عن تلك الأحزاب على غرار حزبي تاج و جبهة التغيير المنشقين عن حركة حمس وجبهة الجزائر الجديدة و جبهة العدالة والتنمية المنشقتين عن حركة الإصلاح الوطني و حزب الكرامة المنشق عن الجبهة الوطنية الجزائرية، والجبهة الوطنية للعدالة الاجتماعية المحسوبة عن مناضل في جبهة التحرير الوطني، خالد بونجمة، رئيس جمعية أبناء الشهداء (المجاهدين الذين قتلوا أثناء الثورة التحريرية).
أحزاب مجهرية في الحكومة والمعارضة تشكو التلوث السياسي
يطلق في الجزائر على الأحزاب التي لا تتوفر على قواعد نضالية كبيرة والتي لا تظهر إلا بمناسبة الانتخابات بالأحزاب المجهرية، وتسمى كذلك بالأحزاب الانتهازية حيث تتهم بأنها تتاجر في القوائم الانتخابية وتفتح أبواب حزبها للترشح ، في إعلانات موجهة للمترشحين الأحرار الذين توفر لهم تلك الأحزاب الغطاء السياسي ويقومون هم بالإغداق على أصحاب تلك الأحزاب بالمال. مثل تلك الممارسات أصبحت عادة شائعة في الجزائر إلى حد أن أحزاب لجأت إلى نشر إعلانات في الصحف للإخبار عن فتح قوائم الترشح للموطنين الراغبين في ذلك دون أن يهمها توجههم أو رصيدهم النضالي ، وهو اعتراف بخلو مثل هذه الاحزاب من أي قواعد، وعدم قدرتها حتى على وضع قوائم للترشيحات، كما يدعو ذلك إلى التساؤل عن المقابل الذي يناله "صاحب" الحزب عن هذه الهدية ؟.
والغريب في الأمر أن رؤساء الأحزاب الصغيرة وجدت لها امكنة في الحكومة المشكلة بعد الانتخابات التشريعية الماضية التي جرت هذا العام بالرغم من أن بعضها لم ينل أي مقعد في البرلمان ومنها من أًنشئ بعد الانتخابات، فعين رئيس الحركة الشعبية الجزائرية، عمارة بن يونس، ورئيس حزب الحرية والعدالة، بلعيد محند السعيد، ورئيس تجمع أمل الجزائر "تاج"، عمر غول، وزراء في الحكومة، فيما غاب رؤساء أحزاب نالوا مقاعد أكثر ولهم رصيد نضالي أوسع عن قائمة الحكومة الجديدة التي يقودها رئيس الوزراء عبد المالك سلال.
الأحزاب التي ظهرت على الساحة السياسية مطلع التسعينيات، اعتبرت أن إنشاء أحزاب جديدة بهذه السرعة وبهذه التسهيلات يستهدفها هي بالدرجة الأولى، خاصة بتشجيع ما يسمى بالحركات "التصحيحية" أو "التقويمية" وهي ظاهرة مرضية اقرب إلى الانقلابات الداخلية التي لا تتحرك وزارة الداخلية الجزائرية من اجل فرض الانضباط على أصحابها .
وفي سؤال موجه لرئيسة حزب العمال لويزة حنون ، ذات التوجه اليساري حول اعتماد الأحزاب الجديدة، ردت بالقول أن هذا تلوث سياسي يجب وقفه واعتبرت أن الاعتمادات أصبحت توزع ولا تمنح، في إشارة إلى المدة القصيرة جدا التي يتم فيها دراسة الملف.
واستطردت حنون تقول "توزيع الاعتمادات بكثرة على الأحزاب من شأنه أن يقضي على مصداقية الأحزاب السياسية ويميع النضال السياسي.اغلب الأحزاب بدون برامج وهذا التوجه لا يخدم الجزائر".
من جهته، اعتبر الأمين العام لحركة الإصلاح الوطني ذات التوجه الإسلامي، حملاوي عكوشي ، أن السماح بتأسيس الأحزاب الجديدة يبعث على التساؤل عن المراد من هذا التوجه بعد عشريتين من الغلق ، وقال أن السلطة تقوم بتفتيت الأحزاب وتقسيمها وخلق تنظيمات حزبية على المقاس من اجل إعطائها هالة تجعلها أداة في يدها مستقبلا على حساب الأحزاب المناضلة من سنوات وفي أحلك الظروف التي مرت بها الجزائر.
أما رئيس حركة مجتمع السلم القريبة من التيار الاخواني، أبو جرة سلطاني، فانه يرى انه واحد من المتضررين من هذا التوجه العام للسلطة التي تريد خلق تيارات موازية للتي هي موجودة في الميدان.
وفعلا تشتت الحركة المحسوبة على التيار الإسلامي - الاخواني إلى ثلاثة فروع، الأول تحت التسمية الأم المعروفة اختصار بـ "حمس" بقيادة أبو جرة، والثاني تحت تسمية جبهة التغيير بقيادة الرجل الثاني في الحزب سابقا والذي تولى منصب وزير،عبد المجيد مناصرة ، والثالث حركة أمل الجزائر "تاج" لعمر غول الذي عاد يشغل منصب وزير الأشغال العمومية.
المواطن الجزائري فقد الثقة في الأحزاب ويشكل محور "ممانعة"
الحركية السريعة في اعتماد الأحزاب أثرت سلبا على المواطنين بالجزائر ، والمعروف أن الشارع الجزائري غير مهتم بالسياسة كثيرا ونادرا ما يثق في الأحزاب السياسية ووعودها ، كما انه فاقد للثقة فيها أصلا بالنظر إلى التجارب العديدة من بداية عهد التعددية في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي والتي كان فيها المواطنون آخر اهتمامات من يدعون تمثيلهم، بالإضافة إلى تحسين السياسيين لأوضاعهم الاجتماعية إلى حد الترف وبقاء غالبية الشعب دون حل لمشاكلهم وانشغالاتهم.
اقتربنا من امقران وهو في الخمسينيات من العمر، وسألناه عن البرنامج السياسي الذي سينتخب لصالحه في الانتخابات البلدية والولائية (المحلية) المقررة في 29 تشرين ثان/ نوفمبر المقبل، فقال "الساحة الساسية أصبحت مثل تلفاز مرتبط بساتل متعدد القنوات لا نعرف من نتابع، وأصبح المجال لا يسعنا حتى للتفريق بينها، وأحيانا لا يمكننا إحصاء عددها " وأضاف امقران " تنامي عدد الأحزاب هكذا دون برامج و توجه معين لا يكرس سوى فقدان الثقة في الأحزاب والعمل السياسي".
أما كريمة وهي إطار بشركة خاصة فتقول أنها انخرطت في حزب منذ التسعينيات من القرن الماضي عن قناعة سياسية وإيديولوجية لكنها تعترف اليوم أنها لا تكاد تميز بين الأحزاب التي أصبحت كالنوادي الناشطة في الأحياء لا يمكن إحصاء عددها ، معتبرة أن الهدف من ذلك التشويش على ذهن المواطنين والشباب خاصة لتطليق السياسة بعدما عزف عنها لسنوات،ـ وهو ما يعكس نسبة الممتنعين عن التصويت في كل موعد انتخابي ، والذي يفوق عدد المصوتين في بعض الاستحقاقات الانتخابية.
حاولنا الاقتراب من شباب جامعي لمعرفة رأيهم حول التعددية الحزبية في الجزائر فكان ردهم بأنه "تسونامي حزبي" وليس اعتماد أحزاب هذا الذي نعيشه ، واجمعوا على أن "العمل السياسي تميع ولم تصبح المنافسة بين البرامج و القناعات بقدر ما هي سباق نحو اقتسام الريع، متسائلين كيف بعقل أن يكون للولايات المتحدة وبريطانيا حزبان فقط يتنافسان فيما بينهما وفي الجزائر حوالي 60 حزبا؟".
هذا الواقع الجديد أرادته الحكومة أن يكون صورة ايجابية عن نفسها مفادها أنها لا تعارض إنشاء أي حزب ومستعدة لقبول أي طلب لا يتعارض مع القانون وفق ما تقتضيه الإصلاحات السياسية التي باشرها النظام في البلاد .
غير أن أحزاب في المعارضة اعتبرت أن السلطة تمادت قي اعتمادها للأحزاب إلى درجة تمييع الساحة السياسية بتنظيمات ليس لها توجه إيديولوجي أو مشروع سياسي أو حتى برنامج ومقترحات واضحة لمعالجة مختلف المشاكل المطروحة على الصعيدين الداخلي والخارجي.
أرانب سباق دون برامج، ومنشقون هواة للسياسة
حاولنا معرفة الخطوط العريضة لبرامج الأحزاب السياسية الجديدة، و لاحظنا أنه ما عدا حزب العدالة والتنمية لصاحبه عبد الله جاب الله ذو التوجه الإسلامي، المعروف بكونه مؤسس حركة النهضة ومن بعدها الإصلاح الوطني، فان كل الأحزاب الأخرى ولدت دون برنامج وكانت دهشتنا عندما سألنا عديد الأحزاب الجديدة عن برامجها، بردها بأن "برنامج الحزب سيتبلور مع الممارسة الميدانية"، وهو ما صرح به رئيس حزب " جيل جديد "،جيلالي سفيان، ورئيس جبهة المستقبل، بلعيد عبد العزيز، وحتى حزب تجمع أمل الجزائر"تاج" الذي أسسه وزير الأشغال العمومية، عمر غول، لم يكشف عن برنامج معين وكرر نفس الخطوط العريضة التي تلوكها كل الأحزاب الجديدة ، مع الإعلان انه مع تطبيق برنامج رئيس الجهورية عبد العزيز بوتفليقة، مما يعني مبدئيا انه تأسس دون برنامج خاص به.
وترى مختلف التنظيمات السياسية الناشطة في الساحة السياسية الجزائرية أن الهدف من تأسيس 17 حزبا قبل التشريعيات و خمسة قبل المحليات، في ظرف أربعة أشهر، مع احتمال اعتماد أحزاب كثيرة أخرى هو خلق تعددية شكلية وتعزيز ما يسمى بـ"ديمقراطية الواجهة" وجعل تلك الأحزاب أرانب سباق في الانتخابات المقبلة لبلوغ السلطة مرادها بإمكانية التحكم في الساحة السياسية والتموقع كما تريد، بالإضافة إلى تمييع العمل السياسي والنضال الحقيقي للأحزاب ذات التوجه الجدي، وبخاصة منها أحزاب المعارضة ، ناهيك عن تشتيت أصوات مناضلي الأحزاب.
وبالنسبة لتشتيت أصوات مناضلي الأحزاب وتفكيك التنظيمات السياسية يلاحظ على الساحة السياسية أن عددا كبيرا من الأحزاب الجديدة ولد من رحم أحزاب موجودة انشق صحابها عن تلك الأحزاب على غرار حزبي تاج و جبهة التغيير المنشقين عن حركة حمس وجبهة الجزائر الجديدة و جبهة العدالة والتنمية المنشقتين عن حركة الإصلاح الوطني و حزب الكرامة المنشق عن الجبهة الوطنية الجزائرية، والجبهة الوطنية للعدالة الاجتماعية المحسوبة عن مناضل في جبهة التحرير الوطني، خالد بونجمة، رئيس جمعية أبناء الشهداء (المجاهدين الذين قتلوا أثناء الثورة التحريرية).
أحزاب مجهرية في الحكومة والمعارضة تشكو التلوث السياسي
يطلق في الجزائر على الأحزاب التي لا تتوفر على قواعد نضالية كبيرة والتي لا تظهر إلا بمناسبة الانتخابات بالأحزاب المجهرية، وتسمى كذلك بالأحزاب الانتهازية حيث تتهم بأنها تتاجر في القوائم الانتخابية وتفتح أبواب حزبها للترشح ، في إعلانات موجهة للمترشحين الأحرار الذين توفر لهم تلك الأحزاب الغطاء السياسي ويقومون هم بالإغداق على أصحاب تلك الأحزاب بالمال. مثل تلك الممارسات أصبحت عادة شائعة في الجزائر إلى حد أن أحزاب لجأت إلى نشر إعلانات في الصحف للإخبار عن فتح قوائم الترشح للموطنين الراغبين في ذلك دون أن يهمها توجههم أو رصيدهم النضالي ، وهو اعتراف بخلو مثل هذه الاحزاب من أي قواعد، وعدم قدرتها حتى على وضع قوائم للترشيحات، كما يدعو ذلك إلى التساؤل عن المقابل الذي يناله "صاحب" الحزب عن هذه الهدية ؟.
والغريب في الأمر أن رؤساء الأحزاب الصغيرة وجدت لها امكنة في الحكومة المشكلة بعد الانتخابات التشريعية الماضية التي جرت هذا العام بالرغم من أن بعضها لم ينل أي مقعد في البرلمان ومنها من أًنشئ بعد الانتخابات، فعين رئيس الحركة الشعبية الجزائرية، عمارة بن يونس، ورئيس حزب الحرية والعدالة، بلعيد محند السعيد، ورئيس تجمع أمل الجزائر "تاج"، عمر غول، وزراء في الحكومة، فيما غاب رؤساء أحزاب نالوا مقاعد أكثر ولهم رصيد نضالي أوسع عن قائمة الحكومة الجديدة التي يقودها رئيس الوزراء عبد المالك سلال.
الأحزاب التي ظهرت على الساحة السياسية مطلع التسعينيات، اعتبرت أن إنشاء أحزاب جديدة بهذه السرعة وبهذه التسهيلات يستهدفها هي بالدرجة الأولى، خاصة بتشجيع ما يسمى بالحركات "التصحيحية" أو "التقويمية" وهي ظاهرة مرضية اقرب إلى الانقلابات الداخلية التي لا تتحرك وزارة الداخلية الجزائرية من اجل فرض الانضباط على أصحابها .
وفي سؤال موجه لرئيسة حزب العمال لويزة حنون ، ذات التوجه اليساري حول اعتماد الأحزاب الجديدة، ردت بالقول أن هذا تلوث سياسي يجب وقفه واعتبرت أن الاعتمادات أصبحت توزع ولا تمنح، في إشارة إلى المدة القصيرة جدا التي يتم فيها دراسة الملف.
واستطردت حنون تقول "توزيع الاعتمادات بكثرة على الأحزاب من شأنه أن يقضي على مصداقية الأحزاب السياسية ويميع النضال السياسي.اغلب الأحزاب بدون برامج وهذا التوجه لا يخدم الجزائر".
من جهته، اعتبر الأمين العام لحركة الإصلاح الوطني ذات التوجه الإسلامي، حملاوي عكوشي ، أن السماح بتأسيس الأحزاب الجديدة يبعث على التساؤل عن المراد من هذا التوجه بعد عشريتين من الغلق ، وقال أن السلطة تقوم بتفتيت الأحزاب وتقسيمها وخلق تنظيمات حزبية على المقاس من اجل إعطائها هالة تجعلها أداة في يدها مستقبلا على حساب الأحزاب المناضلة من سنوات وفي أحلك الظروف التي مرت بها الجزائر.
أما رئيس حركة مجتمع السلم القريبة من التيار الاخواني، أبو جرة سلطاني، فانه يرى انه واحد من المتضررين من هذا التوجه العام للسلطة التي تريد خلق تيارات موازية للتي هي موجودة في الميدان.
وفعلا تشتت الحركة المحسوبة على التيار الإسلامي - الاخواني إلى ثلاثة فروع، الأول تحت التسمية الأم المعروفة اختصار بـ "حمس" بقيادة أبو جرة، والثاني تحت تسمية جبهة التغيير بقيادة الرجل الثاني في الحزب سابقا والذي تولى منصب وزير،عبد المجيد مناصرة ، والثالث حركة أمل الجزائر "تاج" لعمر غول الذي عاد يشغل منصب وزير الأشغال العمومية.
المواطن الجزائري فقد الثقة في الأحزاب ويشكل محور "ممانعة"
الحركية السريعة في اعتماد الأحزاب أثرت سلبا على المواطنين بالجزائر ، والمعروف أن الشارع الجزائري غير مهتم بالسياسة كثيرا ونادرا ما يثق في الأحزاب السياسية ووعودها ، كما انه فاقد للثقة فيها أصلا بالنظر إلى التجارب العديدة من بداية عهد التعددية في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي والتي كان فيها المواطنون آخر اهتمامات من يدعون تمثيلهم، بالإضافة إلى تحسين السياسيين لأوضاعهم الاجتماعية إلى حد الترف وبقاء غالبية الشعب دون حل لمشاكلهم وانشغالاتهم.
اقتربنا من امقران وهو في الخمسينيات من العمر، وسألناه عن البرنامج السياسي الذي سينتخب لصالحه في الانتخابات البلدية والولائية (المحلية) المقررة في 29 تشرين ثان/ نوفمبر المقبل، فقال "الساحة الساسية أصبحت مثل تلفاز مرتبط بساتل متعدد القنوات لا نعرف من نتابع، وأصبح المجال لا يسعنا حتى للتفريق بينها، وأحيانا لا يمكننا إحصاء عددها " وأضاف امقران " تنامي عدد الأحزاب هكذا دون برامج و توجه معين لا يكرس سوى فقدان الثقة في الأحزاب والعمل السياسي".
أما كريمة وهي إطار بشركة خاصة فتقول أنها انخرطت في حزب منذ التسعينيات من القرن الماضي عن قناعة سياسية وإيديولوجية لكنها تعترف اليوم أنها لا تكاد تميز بين الأحزاب التي أصبحت كالنوادي الناشطة في الأحياء لا يمكن إحصاء عددها ، معتبرة أن الهدف من ذلك التشويش على ذهن المواطنين والشباب خاصة لتطليق السياسة بعدما عزف عنها لسنوات،ـ وهو ما يعكس نسبة الممتنعين عن التصويت في كل موعد انتخابي ، والذي يفوق عدد المصوتين في بعض الاستحقاقات الانتخابية.
حاولنا الاقتراب من شباب جامعي لمعرفة رأيهم حول التعددية الحزبية في الجزائر فكان ردهم بأنه "تسونامي حزبي" وليس اعتماد أحزاب هذا الذي نعيشه ، واجمعوا على أن "العمل السياسي تميع ولم تصبح المنافسة بين البرامج و القناعات بقدر ما هي سباق نحو اقتسام الريع، متسائلين كيف بعقل أن يكون للولايات المتحدة وبريطانيا حزبان فقط يتنافسان فيما بينهما وفي الجزائر حوالي 60 حزبا؟".