نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

خديعة الرحمة

03/07/2025 - هناء محمد درويش

التريمسة...حين يلتقي العائد بظلّه

24/06/2025 - عبير داغر إسبر

انهيار إمبراطورية إيران

17/06/2025 - براءة الحمدو

حزب حاكم جديد في سورية

08/06/2025 - بشير البكر

المفتي قبلان صاحب الرؤية

02/06/2025 - يوسف بزي

المثقف من قرامشي إلى «تويتر»

24/05/2025 - د. عبدالله الغذامي :


الجزائر تتحدى "الخوف" وتركب موجة الجيل الثالث في تكنولوجيا المعلومات




الجزائر - تسابق الجزائر الزمن من أجل تدارك التأخر الكبير الذي سجلته في مجال تكنولوجيات الإعلام والاتصال مع تسليم التراخيص الرسمية للمتعاملين في الهاتف المحمول لتسويق خدمات الجيل الثالث. وتعول الحكومة الجزائرية التي طالما أرجأت إطلاق خدمات الانترنت وتطوير محتوياتها لأسباب أمنية تارة واقتصادية تارة أخرى، على تسهيل إجراءات الاستثمار في هذا المجال كما هو معمول عند جارتيها تونس والمغرب اللتان أصبح فيهما استخدام الجيل الثالث أمرا عاديا ومتاحا لكافة شرائح المجتمع وذلك قبل اعوام.


الجزائر تتحدى "الخوف" وتركب موجة الجيل الثالث
الجزائر تتحدى "الخوف" وتركب موجة الجيل الثالث
تسبب اعلان وزيرة البريد وتكنولوجيات الاعلام والاتصال، زهرة دردوري، اواخر تشرين ثان/ نوفمبر الماضي بتأجيل الاطلاق الرسمي لخدمات الجيل الثالث في تحرك غير مسبوق من قبل وسائل الاعلام الجزائرية التي هاجمت الوزيرة ورئيس الوزراء عبد المالك سلال واتهمتهما بعدم الوفاء بوعودهما من جهة، والتقصير في حق الجزائريين من الاستفادة من هذه التكنولوجية من جهة اخرى. يومان بعد ذلك، ظهرت الوزيرة عبر التلفزيون الحكومي، لتعلن انها لم تؤجل اطلاق الجيل الثالث وان الامر يتعلق فقط بإجراءات قانونية، وهي تبريرات لم تقنع الجزائريين الذين شككوا في جدية السلطة في التعامل مع ملف كان يفترض انه حسم فيه منذ مدة.

ولم تقدم الحكومة الجزائرية وعلى رأسها الوزراء الذين تعاقبوا على قطاعات تكنولوجيات الاعلام والاتصال أجوبة مقنعة بشأن كبح تطور المنظومة التكنولوجية وتسهيل الخدمات الهاتفية اللاسلكية. فالحكومة كانت ترى في عدم تسوية المشاكل الضريبية التي تتخبط فيها شركة جازي فرع فيبلكوم الروسية للهاتف النقال مبررا لعدم اطلاق الجيل الثالث، حيث تسببت عمليات التصحيح الضريبي التي خضعت اليها جازي بالإضافة الى تجميد حساباتها البنكية في عدم قدرتها على الاستثمار، وبالتالي حرمان 17 مليون مشترك في شبكتها من هذه التقنية، وهو ما اعتبرته الحكومة بالأمر غير المقبول ولا يتيح لجميع الجزائريين في الاستفادة من تلك الخدمات.
ويتقاسم سوق الهاتف النقال في الجزائر ثلاث شركات، "موبيليس" فرع المجمع العمومي اتصالات الجزائر، و"اوريدو-الجزائر" فرع الشركة القطرية اوريدو وجازي المملوكة لفيمبلكوم الروسية "اوراسكوم" سابقا.

وصدرت تبريرات متناقضة عن مسؤولين جزائريين، خاصة وزير البريد ورئيس سلطة ضبط البريد والمواصلات، اللذان أطلقا تبريرات متناقضة، تنم عن غموض مريب يلف الخدمة التي تأجلت منذ عام 2011، ولم يستطع ثلاثة وزراء مروا في تحرير هذه الخدمة و"إهدائها" للجزائريين.

وعرف نهاية الشهر الماضي، ارتباك وتضارب في التصريحات، بين مسؤولي قطاع الاتصالات من جهة ومسؤولي شركات الهاتف النقال، بعد خروج وزيرة البريد وتكنولوجيات الاعلام والاتصال، زهرة دردوري، عن صمتها وإعلانها ان تاريخ الاول من كانون اول/ ديسمبر ، لن يعرف انطلاق خدمات الجيل الثالث مثلما كان مقررا، وان الامر يتطلب تصاريح ومراسم تنفيذية يوقعها رئيس الوزراء عبد المالك سلال. الاعلان احدث حالة من الاستياء لدى الشارع الذي كان ينتظر دخول العالم الجديد مطلع الشهر الجاري.

التعثر الذي عرفه ملف الجيل الثالث، وعدم وجود مبررات مقنعة جعلت الكثير من الجزائريين وحتى المتتبعين للشأن التكنولوجي يرون في التردد الحكومي " توجسا" من هذه التكنولوجية التي تتيح الاستفادة من الانترنت ذو التدفق العالي عبر الهواتف المحمولة وبأسعار تنافسية، وهو ما سيؤدي حتما الى تراجع الموارد المالية للمجمع الحكومي اتصالات الجزائر، الذي يحتكر لوحده سوق الانترنت في البلاد. فيما يرى آخرون ان الجزائر تخشى تبعات الخدمة بعد ما جرى في أحداث الربيع العربي.

يعتقد الخبير في المعلوماتية والمستشار السابق بوزارة البريد وتكنولوجيات الاعلام والاتصال، يونس قرار، أن التأخر الكبير للجزائر مقارنة بجيرانها مرده بالأساس، لعدم شفافية المسؤولين الذين يجدون في كل مرة أسبابا تافهة لتفادي خوض تجربة "الجي3"، وبأن الدواعي "مقصودة". فمن غير المعقول - كما يقول قرار- وحتى لدواعي أمنية ان تبقى البلاد متأخرة عن مواكبة التحولات التكنولوجية التي حصلت في العالم.

وأضاف " شخصيا أرى بأن الجزائر لا تتأخر عن إتباع الخدمة، ونستطيع خوض تجربة الجيل الرابع بعد مرور 24 شهرا فقط عن الخدمة الثالثة، فهناك نقاش طويل وعريض في المجال يفصل في الأمر".



وفيما يشبه السباق مع الزمن، سُّرعت الحكومة من وتيرة العملية، وسلمت المتعاملين الثلاثة: موبليس وأوريدو وجازي في الثالث من كانون اول / ديسمبر الحالي الاشعارات الرسمية لرخصهم الخاصة بالهاتف النقال من الجيل الثالث.

ووقع رئيس الوزراء على المرسوم التنفيذي المتعلق بالمنح النهائي لرخص الهاتف النقال من الجيل الثالث للمتعاملين الثلاثة واضعا حدا لجدل استمر لأكثر من ستة اعوام.
تظهر البيانات الرسمية، ان عدد المشتركين للهاتف النقال بالجزائر لعام 2012، عرف نموا واضحا مسجلا زيادة قدرها 5.4 بالمئة بالمقارنة مع عام 2011 . وبلغ تعداد مشتركي جازي العام الماضي اكثر من 8ر17 مليون مشترك بنسبة نمو بلغت 5ر7 بالمائة. فيما زاد عدد مشتركي موبيليس 1 بالمئة الى 6ر10 مليون مشترك، ومشتركي "اوريدو" 5ر6 بالمئة الى 9 ملايين.

وكانت الزيادة في حظيرة المشتركين للهاتف النقال اكثر ارتفاعا في 2011 (+7ر8 بالمئة) مقارنة مع 2010 (+2ر0 بالمئة) . اما كثافة الهاتف (عدد المشتركين لكل 100 نسمة) فقد بلغت نسبتها 28ر99 بالمئة في 2012. هذه الكثافة ارتفعت من 30ر90 بالمئة في 2010 الي 52ر96 بالمئة في 2011 بينما تراجعت النسبة بين 2009 و2010.

ودعا المدير العام لشركة أمن المعلومات والخبير في تأمين الشبكة المعلوماتية، عبد العزيز دردوري، إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الجانب الأمني من خدمة الجيل الثالث التي ستعزز شبكة الهواتف النقالة في الجزائر، وذلك باستخدام برنامج مكافحة الفيروسات ومكافحة التجسس وتحديثها بشكل دوري لتفادي "تسونامي" معلوماتي في الجزائر.ةولم ينتظر الجزائريون أن تصدر الحكومة قرارا بفتح الجيل الثالث حيث يقتنون هواتف ذكية وأخرى تتلاءم مع الجيل الثالث، حيث يؤكد الكثير من اصحاب المحال التجارية المختصة، أن مبيعات الهواتف الذكية واللوحات قد عرفت زيادة معتبرة في الآونة الاخيرة.

رى مراد /20 عاما/ طالب بمعهد الترجمة بالعاصمة الجزائرية لوكالة لأنباء الألمانية (د.ب.أ) بأن الجزائر تأخرت كثيرا في ولوج هذه التكنولوجيا، ويعتبر أن أي مبرر تقدمه الحكومة لا أساس له من الصحة.وقال " لو تردد كل بلد قبل اطلاق أي تكنولوجيا فلن يتقدم العالم".

موقف مراد يكاد يقاسمه اغلب الشباب الجزائري، وتؤكد ايمان الموظفة ببلدة الجزائر الوسطى بالعاصمة الجزائرية، أنه يتعين على الدولة الجزائرية أن ترافق الجزائريين وان تقدم لهم كل ما هو جديد ولا تجعلهم في ذيل ترتيب الدول المتأخرة في مجال تكنولوجيات الاعلام والاتصال.
وتستطرد ايمان تقول " كيف للجزائر البلد الاكبر مساحة في افريقيا والذي يتمتع باحتياطات من النقد الاجنبي تثير شهية الاوروبيين أن يتأخر في ادخال الجيل الثالث لتسبقنا الصومال حيث تغيب فيها مظاهر الدولة ؟".

أما حسام وهو طالب ثانوي، فقال أنه تردد قبل تغيير هاتفه الذي اشتراه منذ سنة بسبب التأخر الذي سجله إطلاق الجيل الثالث للهاتف النقال " ولكن اليوم هذه التكنولوجيا الجديدة أصبحت حقيقة. وقررت إذن اختيار هاتف ذكي جديد من النوع الرفيع". أما كمال زميله في الدراسة فأكد أنه يستعد لشراء هاتف من الجيل الثالث كونه يقطن في حي لم يتم ربطه بعد بالخط الرقمي الارضي ويرى أن هذه التكنولوجيا الجديدة للهاتف النقال ستكون بديلا للانترنت بالكوابل الثابتة مما سيمكن من الحصول على ربط ذي تدفق فائق السرعة في المنزل.وأضاف قائلا " من قبل لم يكن هاتفي النقال - دون انترنت- سوى وسيلة لإجراء المكالمات الهاتفية وسماع الموسيقى".

يعترف سعد دامة، المدير التنفيذي للمتعامل العمومي موبيليس، بأنه يتفهم موقف السلطات بشأن التأجيل الاخير خصوصا وأن هذا القرار متضمن في دفتر الأعباء المتعلق بمنح رخص الجيل الثالث. واعتبر دامة أن تصور سلطة ضبط البريد والاتصالات "براجماتي" و" محدود في الزمن" مؤكدا أن موبيليس لا يمكنها معارضة اجراء يرد في دفتر الأعباء الذي وقع عليه. وأوضح دامة، أنه تم التطرق إلى هذه المادة خلال المحادثات التي جرت بين سلطة ضبط البريد والاتصالات والمتعاملين الثلاثة بخصوص اجراءات دفتر الأعباء.

من جهته، أكد مدير عام شركة جازي، فينشنزو نيسي، أن الشركة التي تملك أكبر عدد من المشتركين تحترم " كل قرارات السلطات الجزائرية" مشيرا إلى أن هذا الشرط متضمن في دفتر أعباء الرخصة. وأوضح نيسي، أن اللجوء إلى ترقيم خاص بخدمات الجيل الثالث "معمول به دوليا" بحيث أن العديد من الدول تبنت هذا الترقيم حرصا منها على الفصل بين محاسبة الرخصتين. كما اكد ان جازي " الرائدة" ستعمل على الوفاء بوعودها اتجاه زبائنها من خلال تقديم افضل الحلول وأحسن الخدمات عبر تقنية الجيل الثالث.

وتوجه المدير العام لشركة "أوريدو-الجزائر"، جوزيف جاد، بشكره للسلطات العليا في الجزائر بعد توقيع المرسوم في وقت قياسي منوها بما اسماه "السير الشفاف والموضوعي لمراحل الجيل الثالث".ةوقال جاد " لقد "ناضلت اوريدو (نجمة سابقا) دوما من أجل تطوّر سوق الهاتف النقال. لقد وضعنا وبكل وضوح مصلحة الجزائريين في صميم استراتيجيتنا. يظل التزامنا تجاه الجزائريين لا مشروط وغير مرتبط بأي ظروف. نحن فخورون بالمشاركة في هذه المرحلة الهامة وسنوفر كل الإمكانيات اللازمة لنجاحها".

ولم تنتظر جمعية حماية المستهلك، اعلان الحكومة فتح المجال امام المتعاملين في الهاتف النقال لتدعوهم وعلى لسان رئيسها مصطفى زبدي، إلى الجلوس على طاولة واحدة، لتحديد أسعار الاشتراكات في خدمة الجيل الثالث.

وهددت الجمعية باتخاذ موقف إذا ما استمرت العروض الترويجية للخدمة بنفس الأسعار، رغم انها تعتبر الخدمة أساسية وضرورية وباتت من أساسيات الحياة للمجتمعات المتقدمة. ودعت جمعية حماية المستهلك الدولة إلى تسخير كافة الإمكانيات اللازمة لضمان الوصول السليم للخدمة إلى المستهلك، وبأسعار تليق بقدرته الشرائية.

د ب ا
السبت 21 ديسمبر 2013