ما معنى "المرحلة الجديدة"
عندما حط باراك في بيروت كانت الحرب الإسرائيلية على إيران دائرة، لكنه قال بوضوح للمسؤولين: "تعاطوا بأن هذه الحرب ستنتهي عاجلاً أم آجلاً ولا تتأثروا بها أو تُستدرجوا إليها ولا يجب على لبنان أن يدفع الثمن". ومما قاله أيضاً، إن المنطقة تتجه إلى مرحلة جديدة، وعلى لبنان قراءة طلائعها والتماشي معها، وعليه الاختيار وتحديد موقفه.
ولفهم المشهد أكثر لا بد من قراءة تصريحات ومواقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يصر على دفع نتنياهو لوقف الحروب، وخصوصاً الحرب على غزة وفتح المسار أمام المزيد من الاتفاقات الإبراهيمية.
ما قصده باراك بالمرحلة الجديدة، لا صفة "علمية" لتسميته حتى الآن. كثر يختصرون ما يجري بأنه نهاية عصر "المقاومة" في المنطقة. وآخرون يصفونه بأنه "الدخول في عصر التطبيع". لكن الأكيد أن ما تريده واشنطن هو الانتقال إلى مرحلة جديدة، تسقط معها كل المفاهيم السابقة. فالحرب هي على كل المنطلقات التي تتعايش المنطقة معها منذ نكبة فلسطين في العام 1948، وتعززت بعد حرب العام 1967، وتعمّقت وتجذرت أكثر في لبنان بعد اجتياح العام 1982.
إنها مرحلة تسميها واشنطن مرحلة السلام وإنهاء الصراعات. ومما اعتبره باراك أن سوريا تسير بخطى سريعة نحو هذا التطور. وهو ما لا ينفصل عن التسريبات الكثيرة حول المفاوضات السورية الإسرائيلية، وإمكانية الوصول إلى اتفاق بغض النظر عن تفاصيل هذا الاتفاق، وإذا ما كان سيُسمى باتفاق سلام أم سيكون له اسم آخر، طالما استمرت عقدة "الجولان".
إنها مرحلة تسميها واشنطن مرحلة السلام وإنهاء الصراعات. ومما اعتبره باراك أن سوريا تسير بخطى سريعة نحو هذا التطور. وهو ما لا ينفصل عن التسريبات الكثيرة حول المفاوضات السورية الإسرائيلية، وإمكانية الوصول إلى اتفاق بغض النظر عن تفاصيل هذا الاتفاق، وإذا ما كان سيُسمى باتفاق سلام أم سيكون له اسم آخر، طالما استمرت عقدة "الجولان".
الجواب اللبناني
تأخر لبنان في التعاطي مع الورقة بجدية. تفعّلت الاتصالات والاجتماعات في الأيام القليلة الماضية، وتحديداً بعد الوصول إلى وقف للحرب الإسرائيلية على إيران. قبل انتهاء الحرب، ظن كثر أنها ستكون طويلة ولا أحد سيكون متفرغاً للبنان، ولا بد من انتظار تداعياتها والميل حيث تميل الرياح. توقفت الحرب وعاد لبنان إلى الانهماك بتقديم الجواب، لا سيما أن الضغوط تزايدت من جهة الأميركيين والإسرائيليين، الذين اعتبروا أنه يجب الإسراع في سحب سلاح حزب الله. في المقابل، فإن حزب الله اعتبر أن إيران لم تُهزم في الحرب، طالما أن تل أبيب لم تنجح في إسقاط النظام، ولم تتمكن من اغتيال الخامنئي، وبرزت وحدة داخلية إيرانية، واستطاعت طهران مواصلة إطلاق الصواريخ وإلحاق خسائر كبيرة في إسرائيل. التقط الحزب أنفاسه بالنتيجة، واعتبر أنه بإمكانه الصبر والصمود أكثر.
التنسيق مع الحزب
تفعّلت الضغوط عسكرياً من خلال ضربة النبطية والتي هدد الإسرائيليون بتكرارها جنوباً وبقاعاً وضاحية في حال لم يقدم لبنان الجواب والآلية التنفيذية لسحب السلاح. أما حزب الله فكان يعتبر أنه بإمكانه تحمل الضربات في الجنوب بانتظار اتضاح رؤية المنطقة خصوصاً في حال استئناف المفاوضات الإيرانية الأميركية والتي قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنها ستعود قريباً. في كل الأحوال مرّ الوقت سريعاً، وتسارعت الحركة اللبنانية في سبيل إنضاج الجواب.
توالت الاجتماعات التي طالت من قبل اللجنة الرئاسية، والتي جرى تشكيلها للوصول إلى صيغة ردّ موحد يتم تسليمه. وهو ما يفترض أن يتم تنسيقه مع حزب الله أيضاً، خصوصاً أن الحزب كان قد اطلع على ورقة المبعوث الأميركي توم باراك. لكن حتى يوم الاثنين، لم يكن قد اطلع على الجواب اللبناني. وهو ينتظر إطلاعه عليه، باعتباره المعني الأول بذلك.
انقسم الجو حول حزب الله بين إبراز بعض الليونة والتفاوض، وبين تشدد رافض لأي نقاش في مسألة المهل الزمنية وفرض الشروط.
انقسم الجو حول حزب الله بين إبراز بعض الليونة والتفاوض، وبين تشدد رافض لأي نقاش في مسألة المهل الزمنية وفرض الشروط.
مضمون الورقة
تتضمن الورقة ثلاثة عناوين أساسية، أو محاور:
العنوان الأول: يتعلق بسحب سلاح حزب الله خلال ستة أشهر، أو في حلول نهاية شهر تشرين الثاني المقبل. بالإضافة إلى سحب سلاح كل الفصائل المسلحة اللبنانية أو غير اللبنانية، على أن يقدم لبنان آلية تنفيذية تفصيلية حول خطة سحب السلاح. وهنا لا يمكن فصل جولة قائد الجيش رودولف هيكل على الرؤساء الثلاثة الأسبوع الماضي، وبحثه معهم في ما أنجزه الجيش حتى الآن، وفي ما يمكن إنجازه لاحقاً. ومن ضمن ما تقترحه ورقة باراك، هو اعتماد مبدأ الخطوة مقابل خطوة، أي أن يبدأ سحب السلاح من شمال نهر الليطاني لتبدأ أميركا بالضغط على إسرائيل للانسحاب من النقاط التي تحتلها.
يُذكر أنه عندما طالب لبنان الأميركيين بضرورة الضغط على إسرائيل كي تبدأ بالانسحاب لتسهيل عملية سحب السلاح من شمال نهر الليطاني، أجاب باراك بأنه يجب أن تكون الآلية معكوسة، وأن يبدأ سحب السلاح للضغط على تل أبيب كي تنسحب. أما في الجواب اللبناني، فتشير المصادر المتابعة إلى أن لبنان سيتمسك بمبدأ الخطوات المتزامنة للانسحاب الإسرائيلي في مقابل تسلّم مواقع في شمال الليطاني. على أن تستمر الخطوات المتبادلة بما يتعلق بإطلاق سراح الأسرى، ووقف الخروقات والاعتداءات، وصولاً إلى توفير الدعم المالي لإعادة الإعمار، عندما يكون قد تم الانتهاء من سحب السلاح كلياً، والدخول في مسار ترسيم الحدود البحرية والبرية، وإنهاء أي صراع بين لبنان وإسرائيل.
العنوان الثاني: يتعلق بالإصلاحات المالية والاقتصادية والجمركية، والتي تتصل بضرورة محاربة اقتصاد الكاش، الذي تعتبر واشنطن أن حزب الله يستفيد منه، وبالعمل على إقفال كل المؤسسات المالية التابعة للحزب، خصوصاً "القرض الحسن"، بالإضافة إلى تشديد إجراءات المراقبة المالية ومنع تهريب وإدخال الأموال، وتحسين الجباية الجمركية ومنع التهرب الجمركي، وفرض مراقبة شديدة على كل المعابر والمرافق العامة.
العنوان الثالث: وهو الذي أخذ حيزاً كبيراً من الورقة ومن النقاش أيضاً، يتعلق بإصلاح وتحسين العلاقة مع سوريا وتطويرها، لا سيما على المستوى السياسي بين البلدين، وثانياً أن يسير لبنان على خطى دمشق، بالإضافة إلى التنسيق في ضبط الحدود ومنع التهريب، وصولاً إلى ترسيم الحدود البرية والبحرية أيضاً مع سوريا ومع قبرص.
والأهم في نقطة ترسيم الحدود هو حسم مسألة مزارع شبعا، والتي يعتبر الأميركيون والإسرائيليون أنها سورية، وأنه لا بد للبنان من الإقرار بذلك، والتخلي عنها، كي لا تبقى ورقة يتم استخدامها في سبيل المقاومة. كما أن هذا العنوان يتضمن تشديداً على ضرورة تعزيز العلاقات التجارية مع سوريا.
يُذكر أنه عندما طالب لبنان الأميركيين بضرورة الضغط على إسرائيل كي تبدأ بالانسحاب لتسهيل عملية سحب السلاح من شمال نهر الليطاني، أجاب باراك بأنه يجب أن تكون الآلية معكوسة، وأن يبدأ سحب السلاح للضغط على تل أبيب كي تنسحب. أما في الجواب اللبناني، فتشير المصادر المتابعة إلى أن لبنان سيتمسك بمبدأ الخطوات المتزامنة للانسحاب الإسرائيلي في مقابل تسلّم مواقع في شمال الليطاني. على أن تستمر الخطوات المتبادلة بما يتعلق بإطلاق سراح الأسرى، ووقف الخروقات والاعتداءات، وصولاً إلى توفير الدعم المالي لإعادة الإعمار، عندما يكون قد تم الانتهاء من سحب السلاح كلياً، والدخول في مسار ترسيم الحدود البحرية والبرية، وإنهاء أي صراع بين لبنان وإسرائيل.
العنوان الثاني: يتعلق بالإصلاحات المالية والاقتصادية والجمركية، والتي تتصل بضرورة محاربة اقتصاد الكاش، الذي تعتبر واشنطن أن حزب الله يستفيد منه، وبالعمل على إقفال كل المؤسسات المالية التابعة للحزب، خصوصاً "القرض الحسن"، بالإضافة إلى تشديد إجراءات المراقبة المالية ومنع تهريب وإدخال الأموال، وتحسين الجباية الجمركية ومنع التهرب الجمركي، وفرض مراقبة شديدة على كل المعابر والمرافق العامة.
العنوان الثالث: وهو الذي أخذ حيزاً كبيراً من الورقة ومن النقاش أيضاً، يتعلق بإصلاح وتحسين العلاقة مع سوريا وتطويرها، لا سيما على المستوى السياسي بين البلدين، وثانياً أن يسير لبنان على خطى دمشق، بالإضافة إلى التنسيق في ضبط الحدود ومنع التهريب، وصولاً إلى ترسيم الحدود البرية والبحرية أيضاً مع سوريا ومع قبرص.
والأهم في نقطة ترسيم الحدود هو حسم مسألة مزارع شبعا، والتي يعتبر الأميركيون والإسرائيليون أنها سورية، وأنه لا بد للبنان من الإقرار بذلك، والتخلي عنها، كي لا تبقى ورقة يتم استخدامها في سبيل المقاومة. كما أن هذا العنوان يتضمن تشديداً على ضرورة تعزيز العلاقات التجارية مع سوريا.
يُفترض بلبنان أن يقدم جواباً متكاملاً على هذه الورقة، على أن يكون جواباً موحداً، بالتنسيق بين الرؤساء الثلاثة، كما مع حزب الله باعتباره الطرف المعني بهذا الأمر. وبعدها يفترض أن يتم إدراج القرار على طاولة مجلس الوزراء وإقراره بشكل رسمي وعلني، مع ما يتضمنه من آلية تنفيذية وجدول زمني لسحب السلاح.
وهنا من غير المعروف ما سيكون عليه موقف حزب الله (راجع "المدن").
وهنا من غير المعروف ما سيكون عليه موقف حزب الله (راجع "المدن").