عن هذه التجربة يقول الموسيقار الفنزويلي العبقري: "كانوا شديدي الحماس، فأدركت في هذه اللحظة أن النجاح سيكون حليفنا". منذ هذه اللحظة تحول ابريو إلى مؤسس لما بات يعرف بمنظومة أوركسترا وكورس الأطفال وشباب الموسيقيين في فنزويلا، وهي الفكرة التي لا يزال يروج لتعميمها في كل مكان.
حظيت هذه المبادرة باعتراف دولي من قبل مؤسسة أمير أستورياس الإسبانية، والتي تعتبر جوائزها بمثابة نوبل إسبانيا وأمريكا اللاتينية، كما أشادت بها مؤسسة بولار.
يضم برنامج تعليم الموسيقى الخاص بالمبادرة حاليا 150 أوركسترا للشباب و70 للأطفال، تعلم بها أكثر من 350 ألف شاب وطفل غالبيتهم من الفقراء بلا أي فرصة على الإطلاق لتعلم الموسيقى.
يبلغ ابريو من العمر الآن 74 عاما، وبرغم ذلك يعتبر نفسه في أوج عطائه، حيث قام مؤخرا بجولة مصاحبا لأوركسترا الأطفال السيمفوني، تنقلت بين كاراكاس وطوكيو وكوريا الجنوبية، حيث تم تكريمه، كما أتيحت له الفرصة لعقد العديد من الاتفاقيات مع بعض الدول الأسيوية للترويج لمبادرته هناك.
خلال مقابلة مع (د. ب. أ) بمناسبة جولته الأسيوية يقول الموسيقار الفنزويلي "الغرض من هذا النشاط هو غرس نزعة حب الموسيقى لدى أقصى عدد ممكن من الأطفال والشباب. هدفنا الوصول إلى ملايين الأطفال في فنزويلا وفي أي مكان في العالم". و حين فتح ابريو قلبه وعقله لـ (د. ب. أ) سألته عن الماضي والحاضر والمستقبل وعن تجربته الفريدة.
(د ب أ): هل لا زلت تذكر اليوم الذي بدأت فيه برنامجك لتعليم الموسيقى؟
أبريو: بالطبع. كنت في ذلك الوقت طالبا بالمدرسة العليا للموسيقى. كان لدينا أوركسترا سيمفوني في فنزويلا، ولكن 70% من أعضائها كانوا من الأجانب، مما دفعني للتفكير في تأسيس منظومة تتيح لنا على الأقل الحصول على أوركسترا فنزويلي صرف.
(د ب أ): ثم ماذا حدث؟
ابريو: دعونا لتنظيم تلك الدورة في 12 شباط/ فبراير 1975 لاكتشاف المواهب، كان يوم أربعاء ويوم السبت التالي جاءنا 40 فتى من العاصمة ومدن أخرى في الدورة التالية بلغ العدد 70. بدا واضحا التقدم السريع الذي أحرزناه، وفي 30 نيسان/ أبريل من نفس العام بدأت عروض الأوركسترا.
(د ب أ): كيف نجحت في أن تجعل التجربة تصمد على مدار أنظمة الحكم المختلفة التي شهدتها البلاد بأيديولوجياتها المختلفة؟
ابريو: الأوركسترا حملت في داخلها عوامل بقائها واستمرارها. أفضل ساعات اليوم بالنسبة لنا هي أوقات البروفات، بينما أسعد لحظات الشباب والأطفال فهي أثناء انتظار الحفل المقبل، وانتقالهم من نجاح إلى نجاح أكبر من حفل إلى حفل، وهذا يحافظ على حماس الشباب لمواصلة عملهم وتجويده، وهكذا انتقلت التجربة لأكثر من بلد.
(د ب أ): كيف يمضي نجاح المبادرة.
ابريو: حققنا نجاحا كبيرا على صعيد تحفيز نشر الفكرة ومضمون عملها. ليس مشروعا تعليميا تقليديا مملا ورتيبا، بل عمل ديناميكي شيق، ولكنه في نفس الوقت يتطلب جهدا جادا، ووجدنا أنه كلما ضغطنا في العمل على الشباب كلما كان عطاؤهم أكبر، لاستيعابهم أن الوصول للتميز شرط اساسي من أجل استمرار نجاح المنظومة.
(د ب أ): حدثنا عن ابريو خارج هذه المنظومة التربوية.
أبريو: أنا موسيقي فنزويلي شاب. بطبيعة الحال لم أعد شابا، ولكن في ذلك الوقت كنت شابا أنتهى للتو من دراسته الجامعية في مجال الاقتصاد، وبدأت العمل في هذا المجال، دون التخلي عن دراسة الموسيقى، وبدات أحي حفلات موسيقية بشكل منتظم للبيانو والأورغن والقيثار. قمت بنشاط موسيقي مكثف، ومن هنا بدأت أشعر بالحسرة لأن بلدي ليس به سوى أوركسترا واحد معظمه من الأجانب، بينما الأرجنتين والبرازيل والمكسيك وهي دول لاتينية قد حققت تقدما موسيقيا كبيرا.
(د ب أ): هل تعارض عملك في مجال الاقتصاد مع نشاطك الموسيقي؟
أبريو: لا لم يكن هناك أي تعارض. الاقتصاد مهنة تقنية، تتيح تطور محدود للشخصية في مجال العمل، بينما الفن مجال يتيح تطورا غير محدود. الموسيقى وغيرها من الفنون تكمل بصورة مذهلة ومثيرة للإعجاب ممارسة أي عمل آخر، تغذي الروح بصورة شديدة الخصوصية، وتحفزها، وحينما ترتبط الممارسة بالتعليم، يبلغ الأمر قمة الروعة.
(د ب أ): كيف تحب أن يتذكرك الناس؟
أبريو: كموسيقي كرس حياته كلها لتعليم الموسيقى في بلاده.
(د ب أ): ما هو تصورك عن استمرار المشروع في حالة عدم وجودك؟
أبريو: جيد جدا وبصورة رائعة، لأننا أصبحنا نؤهل عشرات الآلاف من الشباب والأطفال، كلهم لديهم هذا الولع بالموسيقى، ويشعرون بالمسؤولية والحرص تجاه العمل الدؤوب الجاد، بحكم إدراكهم لحجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم وتمتعهم بالقدرة على أدائها.
(د ب أ): ما هي الموسيقى بالنسبة لك؟
أبريو: إنها أرقى تعبير عن الروح، بعد الدين. إنها فن يحتوي على قدرة هائلة لتحفيز الروح والتعبير عن مكنونها، لغرس القيم الإيجابية والسليمة حول التوافق والتسامح والحب.
(د ب أ): الموهبة، الحدس أم العمل ... بأيها تؤمن أكثر؟
أبريو: في البداية إيماني بالله أولا وأخير، وبكل ما يعنيه الإيمان بالله، أي الإيمان بكل ما هو راقي، بالقيم والمثل العليا في الحياة وفي العطاء من أجل الآخرين كوسيلة مثالية للمضي قدما في الحياة .. الحياة بمفهومها كخدمة للغير بالنسبة لي هي قمة المثل، في كل يوم استشعر مدى عطاء الله ودعمه لي في وجود الأطفال الذين نعلمهم.
(د ب أ): ما هو الشيئ الذي يثير دهشتك؟
أبريو: أشياء قليلة في الحقيقة. ولكن أكثر ما يدهشني كل يوم أكثر فأكثر فهو مواهب الأطفال الأكثر فقرا، وعزيمة الأطفال متحدي الإعاقة.
(د ب أ): ولماذا في رأيك يتمتعون بهذه الموهبة؟
أبريو: أتصور أنه من صنع إرادة الله، الذي يريد أن يمنح الطفل المعاق هذا الكنز الروحي العظيم، مع وضعه في بلد يواجه ظروف صعبة وتحديات كبيرة، ثم يتيح له الانفتاح على كل الآفاق وكل السبل، وفقا لما وصفه الأديب العظيم رومولو جاييجوس. نحن أمام مفترق دائم في مواجهة هذه الآفاق. رسالتي لجميع الفنانين أن يتحول كل موسيقي في العالم إلى رسول لفنه وأن يكرس حياته لغرس رسالته في الأطفال وتحويل موسيقاه لوسيلة لخدمة البشرية.
حظيت هذه المبادرة باعتراف دولي من قبل مؤسسة أمير أستورياس الإسبانية، والتي تعتبر جوائزها بمثابة نوبل إسبانيا وأمريكا اللاتينية، كما أشادت بها مؤسسة بولار.
يضم برنامج تعليم الموسيقى الخاص بالمبادرة حاليا 150 أوركسترا للشباب و70 للأطفال، تعلم بها أكثر من 350 ألف شاب وطفل غالبيتهم من الفقراء بلا أي فرصة على الإطلاق لتعلم الموسيقى.
يبلغ ابريو من العمر الآن 74 عاما، وبرغم ذلك يعتبر نفسه في أوج عطائه، حيث قام مؤخرا بجولة مصاحبا لأوركسترا الأطفال السيمفوني، تنقلت بين كاراكاس وطوكيو وكوريا الجنوبية، حيث تم تكريمه، كما أتيحت له الفرصة لعقد العديد من الاتفاقيات مع بعض الدول الأسيوية للترويج لمبادرته هناك.
خلال مقابلة مع (د. ب. أ) بمناسبة جولته الأسيوية يقول الموسيقار الفنزويلي "الغرض من هذا النشاط هو غرس نزعة حب الموسيقى لدى أقصى عدد ممكن من الأطفال والشباب. هدفنا الوصول إلى ملايين الأطفال في فنزويلا وفي أي مكان في العالم". و حين فتح ابريو قلبه وعقله لـ (د. ب. أ) سألته عن الماضي والحاضر والمستقبل وعن تجربته الفريدة.
(د ب أ): هل لا زلت تذكر اليوم الذي بدأت فيه برنامجك لتعليم الموسيقى؟
أبريو: بالطبع. كنت في ذلك الوقت طالبا بالمدرسة العليا للموسيقى. كان لدينا أوركسترا سيمفوني في فنزويلا، ولكن 70% من أعضائها كانوا من الأجانب، مما دفعني للتفكير في تأسيس منظومة تتيح لنا على الأقل الحصول على أوركسترا فنزويلي صرف.
(د ب أ): ثم ماذا حدث؟
ابريو: دعونا لتنظيم تلك الدورة في 12 شباط/ فبراير 1975 لاكتشاف المواهب، كان يوم أربعاء ويوم السبت التالي جاءنا 40 فتى من العاصمة ومدن أخرى في الدورة التالية بلغ العدد 70. بدا واضحا التقدم السريع الذي أحرزناه، وفي 30 نيسان/ أبريل من نفس العام بدأت عروض الأوركسترا.
(د ب أ): كيف نجحت في أن تجعل التجربة تصمد على مدار أنظمة الحكم المختلفة التي شهدتها البلاد بأيديولوجياتها المختلفة؟
ابريو: الأوركسترا حملت في داخلها عوامل بقائها واستمرارها. أفضل ساعات اليوم بالنسبة لنا هي أوقات البروفات، بينما أسعد لحظات الشباب والأطفال فهي أثناء انتظار الحفل المقبل، وانتقالهم من نجاح إلى نجاح أكبر من حفل إلى حفل، وهذا يحافظ على حماس الشباب لمواصلة عملهم وتجويده، وهكذا انتقلت التجربة لأكثر من بلد.
(د ب أ): كيف يمضي نجاح المبادرة.
ابريو: حققنا نجاحا كبيرا على صعيد تحفيز نشر الفكرة ومضمون عملها. ليس مشروعا تعليميا تقليديا مملا ورتيبا، بل عمل ديناميكي شيق، ولكنه في نفس الوقت يتطلب جهدا جادا، ووجدنا أنه كلما ضغطنا في العمل على الشباب كلما كان عطاؤهم أكبر، لاستيعابهم أن الوصول للتميز شرط اساسي من أجل استمرار نجاح المنظومة.
(د ب أ): حدثنا عن ابريو خارج هذه المنظومة التربوية.
أبريو: أنا موسيقي فنزويلي شاب. بطبيعة الحال لم أعد شابا، ولكن في ذلك الوقت كنت شابا أنتهى للتو من دراسته الجامعية في مجال الاقتصاد، وبدأت العمل في هذا المجال، دون التخلي عن دراسة الموسيقى، وبدات أحي حفلات موسيقية بشكل منتظم للبيانو والأورغن والقيثار. قمت بنشاط موسيقي مكثف، ومن هنا بدأت أشعر بالحسرة لأن بلدي ليس به سوى أوركسترا واحد معظمه من الأجانب، بينما الأرجنتين والبرازيل والمكسيك وهي دول لاتينية قد حققت تقدما موسيقيا كبيرا.
(د ب أ): هل تعارض عملك في مجال الاقتصاد مع نشاطك الموسيقي؟
أبريو: لا لم يكن هناك أي تعارض. الاقتصاد مهنة تقنية، تتيح تطور محدود للشخصية في مجال العمل، بينما الفن مجال يتيح تطورا غير محدود. الموسيقى وغيرها من الفنون تكمل بصورة مذهلة ومثيرة للإعجاب ممارسة أي عمل آخر، تغذي الروح بصورة شديدة الخصوصية، وتحفزها، وحينما ترتبط الممارسة بالتعليم، يبلغ الأمر قمة الروعة.
(د ب أ): كيف تحب أن يتذكرك الناس؟
أبريو: كموسيقي كرس حياته كلها لتعليم الموسيقى في بلاده.
(د ب أ): ما هو تصورك عن استمرار المشروع في حالة عدم وجودك؟
أبريو: جيد جدا وبصورة رائعة، لأننا أصبحنا نؤهل عشرات الآلاف من الشباب والأطفال، كلهم لديهم هذا الولع بالموسيقى، ويشعرون بالمسؤولية والحرص تجاه العمل الدؤوب الجاد، بحكم إدراكهم لحجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم وتمتعهم بالقدرة على أدائها.
(د ب أ): ما هي الموسيقى بالنسبة لك؟
أبريو: إنها أرقى تعبير عن الروح، بعد الدين. إنها فن يحتوي على قدرة هائلة لتحفيز الروح والتعبير عن مكنونها، لغرس القيم الإيجابية والسليمة حول التوافق والتسامح والحب.
(د ب أ): الموهبة، الحدس أم العمل ... بأيها تؤمن أكثر؟
أبريو: في البداية إيماني بالله أولا وأخير، وبكل ما يعنيه الإيمان بالله، أي الإيمان بكل ما هو راقي، بالقيم والمثل العليا في الحياة وفي العطاء من أجل الآخرين كوسيلة مثالية للمضي قدما في الحياة .. الحياة بمفهومها كخدمة للغير بالنسبة لي هي قمة المثل، في كل يوم استشعر مدى عطاء الله ودعمه لي في وجود الأطفال الذين نعلمهم.
(د ب أ): ما هو الشيئ الذي يثير دهشتك؟
أبريو: أشياء قليلة في الحقيقة. ولكن أكثر ما يدهشني كل يوم أكثر فأكثر فهو مواهب الأطفال الأكثر فقرا، وعزيمة الأطفال متحدي الإعاقة.
(د ب أ): ولماذا في رأيك يتمتعون بهذه الموهبة؟
أبريو: أتصور أنه من صنع إرادة الله، الذي يريد أن يمنح الطفل المعاق هذا الكنز الروحي العظيم، مع وضعه في بلد يواجه ظروف صعبة وتحديات كبيرة، ثم يتيح له الانفتاح على كل الآفاق وكل السبل، وفقا لما وصفه الأديب العظيم رومولو جاييجوس. نحن أمام مفترق دائم في مواجهة هذه الآفاق. رسالتي لجميع الفنانين أن يتحول كل موسيقي في العالم إلى رسول لفنه وأن يكرس حياته لغرس رسالته في الأطفال وتحويل موسيقاه لوسيلة لخدمة البشرية.