** الخبير في قضايا الحدود عصام خليفة للأناضول:
- الاتفاقية أضرت بلبنان ولم تفده، وكان لا بد من فتح حوار مع سوريا وتركيا قبل توقيعها
- الاتفاقية ليست دستورية لأنها لم تعرض على مجلس النواب، ويمكن لبعض النواب الطعن بالاتفاقية في المجلس الدستوري
** الخبير القانوني أحمد حسن للأناضول:
- اتفاقية ترسيم الحدود لا تصبح نافذة قانونيا إلا بعد عرضها على مجلس النواب والتصديق عليها
- التوقيع الحالي يعد خطوة أولية أو توقيعا بالأحرف الأولى بينما يبقى التصديق التشريعي شرطا أساسيا
.
رسميا، قال عون خلال حفل التوقيع إن الاتفاقية تمثل "إنجازا لترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة بين بلدينا، ويحصن الصداقات بين الدول".
وأضاف أن الاتفاقية ستسمح للبنان وقبرص ببدء استكشاف ثرواتهما البحرية بالتعاون المشترك، معتبرا أن الخطوة "لا تستهدف أحدا ولا تستثني أحدا، بل تشكل لبنة أولى لجسر تعاون دولي في المنطقة".
من جهته، اعتبر رئيس قبرص الرومية أن الاتفاقية "تعزز التعاون وتنهي أمورا عالقة منذ سنوات".
وأضاف أن الاتفاقية "تعكس التزام البلدين بتعزيز الثقة والاحترام والتعاون الإقليمي، بما يخدم مصالح المواطنين والمنطقة".
** فتح حوار
وتعليقا على ذلك، قال الخبير اللبناني في قضايا الحدود عصام خليفة، للأناضول، إن الاتفاقية أضرت بلبنان ولم تفده.
وأشار إلى أن بيروت خسرت 2643 كليومترا مربعا، بحسب تقديرات مركز الأبحاث التابع لوزارة الخارجية، فيما تشير تقديرات رئيس مصلحة الهيدروغرافيا في الجيش اللبناني عفيف غيث إلى أن بلاده خسرت بسبب الاتفاق ما يصل إلى 5000 كلم².
ورأى خليفة أنه قبل توقيع الاتفاق مع قبرص الرومية، كان لا بد من فتح حوار مع سوريا وتركيا باعتبارهما دولتين معنيتين بالتحديد البحري.
وأوضح أن الخلاف يتركز حول اعتماد خط الوسط وفق قانون البحار، مشيرا إلى أن آخر نقطة بحرية للبنان في المنطقة الاقتصادية الخالصة هي النقطة 7، بينما تعتبر سوريا النقطة 5 هي الحد البحري الفاصل.
وأعلنت أنقرة ولفكوشا رفضهما الاتفاق بين لبنان وقبرص الرومية. وفيما قالت تركيا إن الاتفاق "يتجاهل حقوق جمهورية شمال قبرص التركية، وينتهك أيضاً مصالح الشعب اللبناني"، ذكرت خارجية شمال قبرص أن الاتفاق "يشكل محاولة أحادية لاغتصاب الحقوق والمصالح المتساوية للشعب القبرصي التركي في الجزيرة وفي شرق البحر المتوسط".
وتعاني قبرص منذ 1974 انقساما بين شطرين تركي في الشمال ورومي في الجنوب، وفي 2004 رفض القبارصة الروم خطة قدمتها الأمم المتحدة لتوحيد شطري الجزيرة.
** الطعن وارد
وبحسب خليفة، فإن المادة 52 من الدستور اللبناني تفرض عرض الاتفاقيات الدولية على مجلس النواب للتصديق عليها، وخاصة الفقرة 5 التي تنص على احترام الأصول الدستورية.
واعتبر ان الاتفاقية "ليست دستورية لأنها لم تعرض على مجلس النواب، ويمكن لبعض النواب أن يطعنوا بها في المجلس الدستوري".
من جهته، اعتبر البرلماني اللبناني جورج عقيص، في تدوينة عبر منصة شركة "إكس" الأمريكية، أن توقيع الحكومة للاتفاقية دون عرضها على مجلس النواب للتصديق عليها، "مخالفة دستورية جسيمة، قابلة للطعن أمام القضاء المختص".
وفيما يخص الترسيم شمالا، أوضح خليفة أن لبنان وقبرص اعتمدا النقطة 7 حدودا بحرية مشتركة، بينما تعتمد سوريا خطا حتى النقطة 5 فقط، ما يعني أن المسافة بين النقطتين 5 و7 تبقى منطقة خلاف لم يُحسم وضعها بعد.
وأكد أن تلك المنطقة البحرية "حساسة وغنية بالغاز والنفط"، مع "ضرورة الذهاب إلى تفاوض مباشر، ثم تحكيم دولي إذا تعذر الاتفاق الثنائي بين لبنان وسوريا".
وأشار إلى أن المساحة بين النقطتين لا تزال خارج أي إطار تفاوضي فعلي، ما يجعل الحوار مع دمشق "ضرورة ملحة قبل أي تثبيت نهائي للخرائط".
وحتى ساعة نشر التقرير لم يصدر تعقيب من الجانب السوري على الاتفاقية بين قبرص الرومية ولبنان.
** الدستور لا يسمح
من جانبه، اتفق الخبير القانوني والمحامي أحمد حسن مع ما ذهب إليه خليفة، وقال إن الاتفاقية لا تصبح نافذة قانونيا إلا بعد عرضها على مجلس النواب والتصديق عليها.
وأوضح حسن للأناضول، أن "الدستور اللبناني لا يسمح لأي جهة، بمن فيها رئيس الجمهورية، بتوقيع أي اتفاقية دولية بشكل نهائي وملزم دون العودة إلى البرلمان".
وأشار إلى أن المادة 52 من الدستور تنص على أن رئيس الجمهورية يتولى المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وإبرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة، وأن أي معاهدة لا تصبح نافذة إلا بعد موافقة مجلس الوزراء.
وأشار الخبير إلى أن "المادة نفسها تنص على ضرورة اطلاع البرلمان على المفاوضات المتعلقة بالاتفاقيات، حين تتيح مصلحة الدولة ذلك".
كما اعتبر توقيع الاتفاقية "خطوة أولية أو توقيعا بالأحرف الأولى، بينما يبقى التصديق التشريعي شرطا أساسيا".
ومن غير المعروف بعد ما إذا كانت الاتفاقية ستُعرض على مجلس النواب للتصديق عليها كي تصبح قانونا نافذا أم لا.
وأوضح حسن أن "المادة 52 حددت شكلين من الاتفاقيات المتعلقة بسيادة الدولة أو سلامتها، مثل ترسيم الحدود، والتي تتطلب موافقة مجلس النواب بشكل إلزامي لأنها تمس مصالح الدولة العليا".
وبشأن الشكل الثاني، قال إنها "الاتفاقيات التقنية أو المؤقتة أو التفاهمات غير الملزمة، التي يمكن تمريرها دون تصويت نيابي ولا تتوقف على موافقة المجلس من عدمه".
الخبير قال إن الاتفاقية مرجعها "قرار مجلس الوزراء الصادر في 23 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، الذي أقر اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، واعتمد الترسيم على أساس اتفاق عام 2007، رغم الانتقادات التي رافقت الموضوع".
وأشار إلى أن "الحكومة اللبنانية أرسلت في 2023 طلبا إلى قبرص الرومية، لإعادة الاتفاق مجددا على الحدود البحرية، وأن رئيس الجمهورية شكل مؤخرًا لجنة لدراسة الموضوع".
وختم الخبير حديثه بالقول إن "هذه الخطوات لا تلغي الحاجة إلى الالتزام بالإجراءات الدستورية اللازمة لتصبح الاتفاقية نافذة".
وعام 2007، وقع لبنان وقبرص اتفاقا بشأن حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، لكن بيروت لم تمرّره البرلمان على خلفية التباين بين لبنان وإسرائيل بشأن مساحة المنطقة البحرية المتنازع عليها.
وبعد إبرام لبنان وإسرائيل، في أكتوبر 2022، اتفاقا لترسيم الحدود البحرية، اتفق لبنان وقبرص الرومية على الإسراع بترسيم الحدود البحرية بينهما، غير أن الخطوة لاقت اعتراضا من خبراء قانون وحدود وبرلمانيين اعتبروها خطوة "غير مدروسة".
واعتبر الخبراء أن الحكومة تصرفت "بعجلة"، والاتفاقية تسببت في "خسارة لبنان مساحات بحرية، ومنح الجانب الآخر حصة أكبر".


الصفحات
سياسة








