
الاعلامية اللبنانية مي الشدياق
في البداية وجّه وزير الإعلام طارق متري تحية الى جمعية "إعلاميون ضد العنف" وأيّد فكرتهم "لا سيما لجهة نبذ العنفين الفعلي والمعنوي" في الممارسة السياسة وفي ممارسة الإعلاميين لمهنتهم. فأشار الى أن "هناك من يرى في الإعلام مجرد مرآة للحياة السياسية، فإذا ما اتسمت الحياة السياسية وحياتنا في المجتمع بالعنف ظهر هذا العنف في صورة الإعلام بالكلمات كما في المشاهد".
وتحدّث عن "العنف المعنوي"، معتبراً أن "فيه تعويض قد يكون موقتاً عن عنف فعلي يتعذر اللجوء اليه بسبب دوافع وحسابات او اتفاقات على نحو ما جاء في اتفاق الدوحة مثلاً لجهة عدم توسل العنف لتحقيق مكاسب سياسية". وأضاف أن هذا النوع من العنف أيضاً، أكان عنف اللغة، الكلمات أو الصور "كان تمهيداً لعنف فعلي وقع على أرضه". كما رأى فيه كذلك "تذكير بالعنف الماضي وباحتمال تكراره إذا ما تشابهت ظروفه وسياقاته او شبهت ظروفه او سياقاته بظروف او سياقات أخرى".
ودعا متري الى "سياسة لا تقوم على مواصلة الاحقاد الموروثة او بالأحرى على اقتراح أحقاد موروثة. ذلك ان الأحقاد الموروثة لا تصنع النزاعات بل الصراعات على السلطة هي التي توقظ وتضخم وتصطنع أحقاداً تقول انها تضرب عميقاً في الماضي".
ثم تحدث وزير العدل إبراهيم نجار. فلفت الى أن موضوع اللقاء "لا يتحمل المقاربة إلا من رجال الصحافة ومعاناتهم إزاء العنف، فالعنف اتخذ ويتخذ أشكالاً متعددة أودت بحياة عظماء وكبار الصحافيين الأحرار". واشار الى أن "العنف في الصحافة لا يكتفي بقطع أصابع الصحافي الجريء قبل قتله بل يتعداه الى الترغيب والتهديد، الى التعنيف الجسدي والفكري والنفسي"
وانطلاقاً من أنه "صحيح أن العنف والصحافة نقيضان"، قال نجار أن "الصحافة تفترض لغة الكلام والتعبير عن الرأي ونقل الحقيقة والتواصل مع الآخر، وهذا لا محلّ له بلا الحريات الأساسية التي يقوم عليها الفكر، وتعبر عنها الكلمة، وتترادف مع سقوط رموز الديكتاتورية في العالم"، مؤكداً أنه "لا يمكن أن تكون صحافة دون تنوّع... لأنه من دون التنوّع ومن دون الحريّات الأساسية، لا يمكن لمجتمع أن يستقيم".
من جهة أخرى، لفت النائب مروان حماده في كلمته الى أنه في ذكرى السابع من ايار "في فمي ماء وفي قلبي حرقة وفي ذهني هاجس بل هواجس، معتبراً أن الماء الذي في فمه هو "حفاظاً على ما يوصف حالياً بالسلم الاهلي".
حمادة استذكر يوم داهمت قوات الردع العربية مباني "النهار" و"الاوريون لو جور" و"السفير" ونسفت مبنى "المحرر"، فقال: "لن انسى ذلك اليوم الذي دُفعنا فيه بالبنادق من الطوابق العليا الى الشارع، شارع الحمراء، وكانت بداية اللصقات البيضاء الكبرى على صفحات الجرائد كلّما حاولنا نشر خبر له علاقة بالوضع الداخلي او الاقليمي ينزعج منه احد الاوصياء آنذاك".
وأكّد النائب اللبناني أن هناك تلازماً بين استقلال لبنان وحرية صحافته، "تلازم مطلق استهدف في كل المواثيق والاتفاقات التي حاولوا فرضها على لبنان، وتحديداً في الوثيقة الدستورية وبعدها الاتفاق الثلاثي وبينهما كل ما كان في الثمانينات"، لافتاً الى أنه "وكأن ثمن السلم الاهلي في لبنان سكوت اللبناني".
من جهته، اعتبر النائب السابق سمير فرنجية أن ذكرى أحداث 7 ايار "اخذت مكانها في السجل الرمزي المشؤوم للعنف الداخلي والتي ينبغي طي صفحتها الى غير رجعة". ولطيّ هذه الصفحة، أكّد أن "هذا الامر لا يتم الا بفعل مراجعة نقدية لم تحصل حتى الآن بصورة جلية"، مشيراً الى أن "التبريرات التي ما زال البعض يقدمها للتهرب من الاعتراف بالخطأ القاتل متحدثاً تارة عن فضيلة السلاح في جلب الناس الى الحوار ومهدداً تارة اخرى بـ 7 ايار سياسي، او نقابي او مطلبي... هذه التبريرات والتهويلات لا تساعد على تنقية الذاكرة وطي الصفحة المشؤومة".
وقال فرنجية "ان مستقبلنا الوطني يحتاج خصوصاً في هذه اللحظات الخطيرة، الى قرار واضح يقضي بعدم الاعتراف للسلاح الموجه الى الداخل بأيّة "فضيلة"، مع الاصرار على نبذ العنف بكافة اشكاله وتسليم الدولة، والدولة وحدها، مسؤولية حماية لبنان واللبنانيين".
أما عن طبيعة العنف الذي ينبغي نبذه، فقد أشار فرنجية الى أنه "اولاً، عنف السلاح الذي استخدمه لبنانيون ضد لبنانيين آخرين والذي يجري التهويل به لتعطيل الديموقراطية وحرية الرأي والتعبير في لبنان. وهو ثانياً عنف الإيديولوجيا التي تستخدم الدين لغايات سياسية سلطاوية، وهو ثالثاً عنف الخطاب السياسي الخارج عن كل الضوابط السياسية والاخلاقية، ورابعاً، عنف السلطة عندما تتخطى الحدود التي يرسمها القانون، وخامساً، عنف الجماعة الطائفية التي تختزل الانسان بمكون واحد من مكوناته".
كما القى البروفسور حسان رفعت كلمة قال فيها "ان حرية الصحافة تجاوزت اطار الحريات العامة التقليدية وارتقت الى مستوى الحريات الاساسية، اي انها تحتل في سلم حقوق الانسان المكانة الرفيعة التي تلزم باحترامها ليس فقط الادارات والافراد والجماعات، ولكن ايضاً السلطة التشريعية". من هنا أشار الى أنّ "أي تصرف ضد حرية الصحافة، أيّاً كان مصدره هو عنف مادي او تشريعي او اداري، على حامي الحريات والدستور ان يتصدى له، كالنيابات العامة وقضاة التحقيق وقضاة الاساس والمجلس الدستوري فضلاً عن المسؤولين السياسيين، فلا احد من المسؤولين يمكنه ان يتبرأ من اي خرق للحرية يقوم به او يحميه او يغض النظر عنه لأن هذا الاعتداء هو بالفعل خرق للدستور".
ثم تحدثت الاعلامية مي شدياق، فاعتبرت ان "الحريات اليوم في خطر، خصوصاً اذا جوبهت بالعنف والقتل والإرهاب، تماماً كما حصل في أحداث السابع من ايار المشؤومة قبل عامين من الآن، حين نزل "السادة المقنعون" الى الشوارع، وافتعلوا ما افتعلوا، وأقلقوا حياة الناس، وسرقوا طمأنينتهم واستباحوا ممتلكاتهم".
وعبّرت شدياق عن خوفها من "ان تستمر سياسة "رفع الأصبع" وثقافة الصوت المرتفع في التعاطي اللبناني، والتي يلجأ اليها الفريق الآخر عن قصد، ليجعل منها عرفاً متبعاً في المنهجية السياسية"، مضيفة أنه "صحيح ان أحداث السابع من أيار أصبحت وراءنا بالمعنى السياسي، ولكن الخوف كل الخوف من ان يستمر هذا النهج الاستقوائي في التعاطي، وهو ما تعتمده بعض القوى المعروفة، التي تستمر في فرض الأمر الواقع، وتكريس الأعراف، واستعادة لغة التهديد والوعيد وانتهاك القانون والمؤسسات سعياً لتهديم ركائز الدولة ودعائمها وقرارها... وطبعاً إرادة شعبها".
وألقى الصحافي نصير الأسعد كلمة قال فيها أنه "من ايار 2008، نعيش في لبنان كذبة كبرى تحت مسمى التهدئة تارة والوفاق تارة اخرى". وشرح سبب اعتباره أن ما يعيشه اللبنانيون هو كذبة كبرى بـ"أن الفريق المسلح يخضع البلد لمجموعة من الثنائيات: إما تقبلون بسلاحي وبأبديته او انتم خونة، إما توافقون على إمساكي بقرار السلم والحرب او فتشوا لكم عن بلد آخر، إما تسلمون بأن لبنان بلد لما يسمى الممانعة او عليكم ان تتحملوا حربين معاً، حرباً اسرائيلية من جهة وحرباً من الداخل من جهة ثانية، إما توافقون على شروطي او لا استقرار ولا سلماً اهلياً، اما تعيشون كما اقرر لكم او ادفنوا انفسكم احياء، تستطيعون ان تنتصروا انتخابياً لكنكم لن تصرفوا انتصاراتكم الخ...
وأضاف الأسعد أن "ما يحصل منذ 2008 باسم التهدئة او الوفاق، ليس فقط حواراً غير فعلي، بل الحياة الدستورية معلقة، والمؤسسات الدستورية مشلولة، والصراع السلمي الديموقراطي ممنوع، والاعلام بين ترهيب وتدجين. والبلد وناسه يواجهون احتمالات العواصف الخارجية وكأنها اقدار لا يستطيعون حيالها شيئاً ولا حتى البحث في تجنّبها".
بعدها، القى جان بيار قطريب كلمة مؤسسة حقوق الانسان والحق الانساني، فاشار الى أن احداث 7 ايار 2008 هي "تجلٍّ لمشكلتين الاولى سياسية، نتجاوزها والثانية تتعلق بالصحافة والحريات الاعلامية وهي موضوع كلمة المؤسسة".
واعتبر قطريب أن "الافعال التي ارتكبت بحق الصحافيين والمؤسسات الاعلامية يومذاك شكلت انتهاكاً فاضحاً لمجموعة من مواد الاعلان العالمي لحقوق الانسان وخصوصاً للمادة 19 التي تؤكد على الحق بحرية التفكير والتعبير عن الرأي". وأضاف أن الأخطر في أحداث 7 أيار "هو عدم المحاسبة واعتماد سياسة الافلات من العقاب تحت اكثر من شعار، ومنها منطق المساومات والحلول التوافقية".
وذكّر قطريب بنص بروتوكولات جنيف الصادرة عام 1977 على "ان حماية المدنيين ومن ضمنهم الصحافيين وعدم استهدافهم، واجب لا يقتصر على الجيوش النظامية، بل على كل مجموعة مسلحة تتمتع بقيادة وتراتبية لتنفيذ الاوامر وتبسط سيطرتها على رقعة جغرافية معينة".
بعدها، القى الصحافي بيار عطاالله كلمة قال فيها ان "لبنان لا يكون الا بنسمات الحرية وهو والفاشية والظلامية نقيضان فأما لبنان الحرية او لا يكون ولا صحافة ولا فكر ولا ثقافة". وطالب بحماية الصحافيين من القمع والقهر وكذلك بحماية لقمة عيشهم من غدرات الزمن، معتبراً أن حق التعبير هو "مثل عربة يجرها حصانان الاول حق الاختلاف والثاني الحق بالعيش بكرامة".
وختم اللقاء الاعلامي عمر حرقوص، فاعتبر ان "القاتل في عمليات تصفية الصحافيين لا يختلف بين "موسادي" و"عروبجي"، فقاتل الكاتب الفلسطيني غسان كنفاني في السبعينات استعمل العبوة الناسفة، كما قاتل سمير قصير في 2005 استعمل العبوة الناسفة".
وعاد حرقوص الى التاريخ ذاكراً رسالة وجّهها الصحافي الشهيد رياض طه، في اوائل الثمانيات، في احدى افتتاحياته، للقاتل، عندما قال له: "ليتك تقرأ، لتدري ان المصارعين من رجال الافكار والمبادئ لا يوهن عزائمهم ارهاب او اضطهاد ولا يخيفهم سلاح". ولكن بعدها بأيام قتله المجرم برصاص متفجر ظناً منه ان تفجير الرأس يعني نهاية الافكار واندثارها.
وتحدّث عن "العنف المعنوي"، معتبراً أن "فيه تعويض قد يكون موقتاً عن عنف فعلي يتعذر اللجوء اليه بسبب دوافع وحسابات او اتفاقات على نحو ما جاء في اتفاق الدوحة مثلاً لجهة عدم توسل العنف لتحقيق مكاسب سياسية". وأضاف أن هذا النوع من العنف أيضاً، أكان عنف اللغة، الكلمات أو الصور "كان تمهيداً لعنف فعلي وقع على أرضه". كما رأى فيه كذلك "تذكير بالعنف الماضي وباحتمال تكراره إذا ما تشابهت ظروفه وسياقاته او شبهت ظروفه او سياقاته بظروف او سياقات أخرى".
ودعا متري الى "سياسة لا تقوم على مواصلة الاحقاد الموروثة او بالأحرى على اقتراح أحقاد موروثة. ذلك ان الأحقاد الموروثة لا تصنع النزاعات بل الصراعات على السلطة هي التي توقظ وتضخم وتصطنع أحقاداً تقول انها تضرب عميقاً في الماضي".
ثم تحدث وزير العدل إبراهيم نجار. فلفت الى أن موضوع اللقاء "لا يتحمل المقاربة إلا من رجال الصحافة ومعاناتهم إزاء العنف، فالعنف اتخذ ويتخذ أشكالاً متعددة أودت بحياة عظماء وكبار الصحافيين الأحرار". واشار الى أن "العنف في الصحافة لا يكتفي بقطع أصابع الصحافي الجريء قبل قتله بل يتعداه الى الترغيب والتهديد، الى التعنيف الجسدي والفكري والنفسي"
وانطلاقاً من أنه "صحيح أن العنف والصحافة نقيضان"، قال نجار أن "الصحافة تفترض لغة الكلام والتعبير عن الرأي ونقل الحقيقة والتواصل مع الآخر، وهذا لا محلّ له بلا الحريات الأساسية التي يقوم عليها الفكر، وتعبر عنها الكلمة، وتترادف مع سقوط رموز الديكتاتورية في العالم"، مؤكداً أنه "لا يمكن أن تكون صحافة دون تنوّع... لأنه من دون التنوّع ومن دون الحريّات الأساسية، لا يمكن لمجتمع أن يستقيم".
من جهة أخرى، لفت النائب مروان حماده في كلمته الى أنه في ذكرى السابع من ايار "في فمي ماء وفي قلبي حرقة وفي ذهني هاجس بل هواجس، معتبراً أن الماء الذي في فمه هو "حفاظاً على ما يوصف حالياً بالسلم الاهلي".
حمادة استذكر يوم داهمت قوات الردع العربية مباني "النهار" و"الاوريون لو جور" و"السفير" ونسفت مبنى "المحرر"، فقال: "لن انسى ذلك اليوم الذي دُفعنا فيه بالبنادق من الطوابق العليا الى الشارع، شارع الحمراء، وكانت بداية اللصقات البيضاء الكبرى على صفحات الجرائد كلّما حاولنا نشر خبر له علاقة بالوضع الداخلي او الاقليمي ينزعج منه احد الاوصياء آنذاك".
وأكّد النائب اللبناني أن هناك تلازماً بين استقلال لبنان وحرية صحافته، "تلازم مطلق استهدف في كل المواثيق والاتفاقات التي حاولوا فرضها على لبنان، وتحديداً في الوثيقة الدستورية وبعدها الاتفاق الثلاثي وبينهما كل ما كان في الثمانينات"، لافتاً الى أنه "وكأن ثمن السلم الاهلي في لبنان سكوت اللبناني".
من جهته، اعتبر النائب السابق سمير فرنجية أن ذكرى أحداث 7 ايار "اخذت مكانها في السجل الرمزي المشؤوم للعنف الداخلي والتي ينبغي طي صفحتها الى غير رجعة". ولطيّ هذه الصفحة، أكّد أن "هذا الامر لا يتم الا بفعل مراجعة نقدية لم تحصل حتى الآن بصورة جلية"، مشيراً الى أن "التبريرات التي ما زال البعض يقدمها للتهرب من الاعتراف بالخطأ القاتل متحدثاً تارة عن فضيلة السلاح في جلب الناس الى الحوار ومهدداً تارة اخرى بـ 7 ايار سياسي، او نقابي او مطلبي... هذه التبريرات والتهويلات لا تساعد على تنقية الذاكرة وطي الصفحة المشؤومة".
وقال فرنجية "ان مستقبلنا الوطني يحتاج خصوصاً في هذه اللحظات الخطيرة، الى قرار واضح يقضي بعدم الاعتراف للسلاح الموجه الى الداخل بأيّة "فضيلة"، مع الاصرار على نبذ العنف بكافة اشكاله وتسليم الدولة، والدولة وحدها، مسؤولية حماية لبنان واللبنانيين".
أما عن طبيعة العنف الذي ينبغي نبذه، فقد أشار فرنجية الى أنه "اولاً، عنف السلاح الذي استخدمه لبنانيون ضد لبنانيين آخرين والذي يجري التهويل به لتعطيل الديموقراطية وحرية الرأي والتعبير في لبنان. وهو ثانياً عنف الإيديولوجيا التي تستخدم الدين لغايات سياسية سلطاوية، وهو ثالثاً عنف الخطاب السياسي الخارج عن كل الضوابط السياسية والاخلاقية، ورابعاً، عنف السلطة عندما تتخطى الحدود التي يرسمها القانون، وخامساً، عنف الجماعة الطائفية التي تختزل الانسان بمكون واحد من مكوناته".
كما القى البروفسور حسان رفعت كلمة قال فيها "ان حرية الصحافة تجاوزت اطار الحريات العامة التقليدية وارتقت الى مستوى الحريات الاساسية، اي انها تحتل في سلم حقوق الانسان المكانة الرفيعة التي تلزم باحترامها ليس فقط الادارات والافراد والجماعات، ولكن ايضاً السلطة التشريعية". من هنا أشار الى أنّ "أي تصرف ضد حرية الصحافة، أيّاً كان مصدره هو عنف مادي او تشريعي او اداري، على حامي الحريات والدستور ان يتصدى له، كالنيابات العامة وقضاة التحقيق وقضاة الاساس والمجلس الدستوري فضلاً عن المسؤولين السياسيين، فلا احد من المسؤولين يمكنه ان يتبرأ من اي خرق للحرية يقوم به او يحميه او يغض النظر عنه لأن هذا الاعتداء هو بالفعل خرق للدستور".
ثم تحدثت الاعلامية مي شدياق، فاعتبرت ان "الحريات اليوم في خطر، خصوصاً اذا جوبهت بالعنف والقتل والإرهاب، تماماً كما حصل في أحداث السابع من ايار المشؤومة قبل عامين من الآن، حين نزل "السادة المقنعون" الى الشوارع، وافتعلوا ما افتعلوا، وأقلقوا حياة الناس، وسرقوا طمأنينتهم واستباحوا ممتلكاتهم".
وعبّرت شدياق عن خوفها من "ان تستمر سياسة "رفع الأصبع" وثقافة الصوت المرتفع في التعاطي اللبناني، والتي يلجأ اليها الفريق الآخر عن قصد، ليجعل منها عرفاً متبعاً في المنهجية السياسية"، مضيفة أنه "صحيح ان أحداث السابع من أيار أصبحت وراءنا بالمعنى السياسي، ولكن الخوف كل الخوف من ان يستمر هذا النهج الاستقوائي في التعاطي، وهو ما تعتمده بعض القوى المعروفة، التي تستمر في فرض الأمر الواقع، وتكريس الأعراف، واستعادة لغة التهديد والوعيد وانتهاك القانون والمؤسسات سعياً لتهديم ركائز الدولة ودعائمها وقرارها... وطبعاً إرادة شعبها".
وألقى الصحافي نصير الأسعد كلمة قال فيها أنه "من ايار 2008، نعيش في لبنان كذبة كبرى تحت مسمى التهدئة تارة والوفاق تارة اخرى". وشرح سبب اعتباره أن ما يعيشه اللبنانيون هو كذبة كبرى بـ"أن الفريق المسلح يخضع البلد لمجموعة من الثنائيات: إما تقبلون بسلاحي وبأبديته او انتم خونة، إما توافقون على إمساكي بقرار السلم والحرب او فتشوا لكم عن بلد آخر، إما تسلمون بأن لبنان بلد لما يسمى الممانعة او عليكم ان تتحملوا حربين معاً، حرباً اسرائيلية من جهة وحرباً من الداخل من جهة ثانية، إما توافقون على شروطي او لا استقرار ولا سلماً اهلياً، اما تعيشون كما اقرر لكم او ادفنوا انفسكم احياء، تستطيعون ان تنتصروا انتخابياً لكنكم لن تصرفوا انتصاراتكم الخ...
وأضاف الأسعد أن "ما يحصل منذ 2008 باسم التهدئة او الوفاق، ليس فقط حواراً غير فعلي، بل الحياة الدستورية معلقة، والمؤسسات الدستورية مشلولة، والصراع السلمي الديموقراطي ممنوع، والاعلام بين ترهيب وتدجين. والبلد وناسه يواجهون احتمالات العواصف الخارجية وكأنها اقدار لا يستطيعون حيالها شيئاً ولا حتى البحث في تجنّبها".
بعدها، القى جان بيار قطريب كلمة مؤسسة حقوق الانسان والحق الانساني، فاشار الى أن احداث 7 ايار 2008 هي "تجلٍّ لمشكلتين الاولى سياسية، نتجاوزها والثانية تتعلق بالصحافة والحريات الاعلامية وهي موضوع كلمة المؤسسة".
واعتبر قطريب أن "الافعال التي ارتكبت بحق الصحافيين والمؤسسات الاعلامية يومذاك شكلت انتهاكاً فاضحاً لمجموعة من مواد الاعلان العالمي لحقوق الانسان وخصوصاً للمادة 19 التي تؤكد على الحق بحرية التفكير والتعبير عن الرأي". وأضاف أن الأخطر في أحداث 7 أيار "هو عدم المحاسبة واعتماد سياسة الافلات من العقاب تحت اكثر من شعار، ومنها منطق المساومات والحلول التوافقية".
وذكّر قطريب بنص بروتوكولات جنيف الصادرة عام 1977 على "ان حماية المدنيين ومن ضمنهم الصحافيين وعدم استهدافهم، واجب لا يقتصر على الجيوش النظامية، بل على كل مجموعة مسلحة تتمتع بقيادة وتراتبية لتنفيذ الاوامر وتبسط سيطرتها على رقعة جغرافية معينة".
بعدها، القى الصحافي بيار عطاالله كلمة قال فيها ان "لبنان لا يكون الا بنسمات الحرية وهو والفاشية والظلامية نقيضان فأما لبنان الحرية او لا يكون ولا صحافة ولا فكر ولا ثقافة". وطالب بحماية الصحافيين من القمع والقهر وكذلك بحماية لقمة عيشهم من غدرات الزمن، معتبراً أن حق التعبير هو "مثل عربة يجرها حصانان الاول حق الاختلاف والثاني الحق بالعيش بكرامة".
وختم اللقاء الاعلامي عمر حرقوص، فاعتبر ان "القاتل في عمليات تصفية الصحافيين لا يختلف بين "موسادي" و"عروبجي"، فقاتل الكاتب الفلسطيني غسان كنفاني في السبعينات استعمل العبوة الناسفة، كما قاتل سمير قصير في 2005 استعمل العبوة الناسفة".
وعاد حرقوص الى التاريخ ذاكراً رسالة وجّهها الصحافي الشهيد رياض طه، في اوائل الثمانيات، في احدى افتتاحياته، للقاتل، عندما قال له: "ليتك تقرأ، لتدري ان المصارعين من رجال الافكار والمبادئ لا يوهن عزائمهم ارهاب او اضطهاد ولا يخيفهم سلاح". ولكن بعدها بأيام قتله المجرم برصاص متفجر ظناً منه ان تفجير الرأس يعني نهاية الافكار واندثارها.