نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

خديعة الرحمة

03/07/2025 - هناء محمد درويش

التريمسة...حين يلتقي العائد بظلّه

24/06/2025 - عبير داغر إسبر

انهيار إمبراطورية إيران

17/06/2025 - براءة الحمدو

حزب حاكم جديد في سورية

08/06/2025 - بشير البكر

المفتي قبلان صاحب الرؤية

02/06/2025 - يوسف بزي

المثقف من قرامشي إلى «تويتر»

24/05/2025 - د. عبدالله الغذامي :


عادة عمرها خمسة الاف سنة ...شم النسيم في مصر بلا "فسيخ" وتحذيرات صحية من أضراره




القاهرة - فادي عاكوم - توشك مصر مع تغير اساليب الاحتفال بعيد شم النسيم مطلع كل ربيع على فقدان تقاليد عادة توارثها شعبها منذ الاسرة الفرعونية الثالثة ففي وقت تحاول فيه شعوب العالم الحفاظ على تراثها بشتى الوسائل والطرق، وسبر اغوار تاريخها لاعادة ما غاص بعيدا منه الى الواجهة يبدو ان عادة فرعونية حافظ عليها المصريون لاكثر من خمسة الاف سنة في طريقها للاندثار لتصبح من الممنوعات والمحرمات لاسباب صحية واقتصادية .


عادة عمرها خمسة الاف سنة ...شم النسيم في مصر بلا "فسيخ" وتحذيرات صحية من أضراره
عيد شم النسيم هو العيد الذي بدا الاحتفاء به مع الاسرة الثالثة الفرعونية تكريما لقدوم الربيع وتقديسا للنيل، ورمزا لبدء للحياة ، باعتبار اليوم المحدد للعيد يوم الانقلاب الربيعي حيث يتساوى الليل والنهار، وكانت تتم طقوس العيد الدينية عند الواجهة الشمالية للهرم، فتبدو الشمس عند الغروب وكانها قابعة على قبة الهرم، ويرافقها خداع بصري وكان الشمس شطرت الهرم الى قسمين، وفي صباح يوم العيد كان المصري القديم يهدي زوجته زهرة اللوتس واستمر التقليد عبر مئات السنين فيخرج المصريون الى الحدائق والمنتزهات ليشموا النسيم في هذا اليوم بالذات الذي يلي عيد الفصح عند الطوائف المسيحية المصرية.

وارتبط الفسيخ بشم النسيم منذ ايام الفراعنة واصبح الوجبة الاساسية،، والفسيخ هو سمك مملح يتم تناوله في هذا اليوم بالذات، وتعود قصته ايضا وحسب - المؤرخ اليوناني هيرودوتهذه المرة - الى الفراعنة وتحديدا الى الاسرة الخامسة التي كانت تؤمن بان السمك المملح يعني الخير والرزق والملح لانه يقيهم من الامراض، وكانوا يمتنعون عن اكله خلال فصل الشتاء وهو ما يقوم به المصريون حاليا، فعلى رغم وجود الفسيخ وباقي انواع السمك المملح في الاسواق على مدار العام، الا ان الاقبال عليه بشدة لا يتم الا في الاعياد وخصوصا في عيد شم النسيم، ونظرا لتقارب العيد مع عيد الفصح دخل البيض الملون الى قائمة غداء العيد ليصبح من المكونات الاساسية بالاضافة الى الخضروات والليمون"الحامض" والبصل الاخضر والترمس المملح.

وهذا العام زادت وزارة الصحة المصرية من مخاطر تناول الفسيخ، محذرة انه خطر جدا على الصجة وقد يؤدي تناوله للشلل وحتى الوفاة بسبب الميكروبات التي تتكون فيه، والسبب كما يقول الدكتور خالد عبد الفتاح "للهدهد الدولي" يعود الى طريقة التحضير نفسها وعدم المراقبة الصحية والاستهتار بحياة المواطنين الذين حرموا حتى من اجمل الطقوس والعادات الجميلة.

ويضيف الدكتور خالد ان قلة كمية الملح في الفسيخ اثناء تحضيره هي السبب الاساسي، كما ان الكثيرين ممن يصنعون الفسيخ يستعملون السمك الميت الذي يطفو على سطح المياه فيضيفون اليه القليل من الملح وينزلوه الاسواق، ويضيف انه في الحالات العادية فان الفسيخ يحتوي بعض البكتيريا لكناه غير قاتلة وضارة لدرجة الشلل او التسبب بالوفاة، لكنه يحذر ان طرق التحضير غير الامنة خصوصا تعرض الاسماك للذباب والبكتريا الخطيرة مثل "الكلوستريديم بوتيولينم "هي السبب الاساسي للمشكلة، ويشرح عملية التفسيخ بان تترك الاسماك في العراء حتى تتحلل وتنتفخ، ويجب تمليحها لفترة لا تقل عن الثلاثة اسابيع لتصبح صالحة للاستهلاك الادمي، ويضيف ان سمك البوري هو السمك المفضل للتفسيخ، ويتميز الفسيخ برائحته القذرة وتتركز صناعته في دسوق وسيدى سالم بكفر الشيخ، وقطور بالغربية، والدقهلية.

وكشف الدكتور خالد بان بعض التجار في منطقة يجففون البرك الصناعية الموجودة على جانبى الطريق الدولى،ويتم استخراج ألاملاح منها وتعبئتها، وبيعها لمصانع الفسيخ، رغم عدم صلاحيتها للاستهلاك الآدمى، علما ان هذه الاملاح تسبب الأمراض السرطانية والفشل الكلوى والتليف الكبدى، وتدمر خلايا المخ.

وتقدر المبالغ التي ينفقها المصريون على الفسيخ سنويا بمليار ونصف جنيه مصري، ورغم الوفيات والتحذيرات فقد ارتفعت اسعاره بشكل جنوني ويباع كيلو الفسيخ حاليا ما بين 70 و100 جنيه كما ارتفع سعر كيلو الملوحة ( نوع اخر من الاسماك) إلى 50 والرنجة 30 والسردين وصل إلى 30 جنيه، ولا تغيب طوابير المشترين من امام محلات الفسيخ وكان الوضع امن جدا ولا خطر من تناوله، وعلى خلفية حدوث عدة وفيات بسببه قامت عدة محافظات باقفال محلات الفسيخ والشوادر الشعبية المعدة لبيعه.

ففى المنيا أعلنت حالة الطوارئ بالوحدات المحلية والمستشفيات والمرور والتموين لاستقبال أعياد شم النسيم (أعياد الربيع)، وتقرر تنظيم حملات مكثفة على الأسواق خاصة أسواق الأسماك لضبط أى سلع مغشوشة أو أسماك مجهولة المصدر، وفى سوهاج يتم التشدد على متابعة الأسواق والمحال وخصوصا محال الفسيخ والرنجة وضبط جميع الأسماك المملحة غير الصالحة للاستهلاك الآدمى، وفى الأقصر أمر اللواء منصور الشناوى مدير أمن الأقصر بتشديد الرقابة على الأماكن السياحية والأثرية وتجنب الازدحام من الأهالى وعدم تناول الفسيخ بجانبها، وفى محافظة البحيرة، كثفت مديرية التموين حملاتها على منافذ البيع والتأكد من عمليات التخزين، وأسفرت الحملات عن إعدام 5 أطنان أسماك مملحة، غير صالحة للاستهلاك الآدمي، وضبطت مديرية التموين بالشرقية أكثر من ألفي طن من الأسماك المملحة غير صالحة للاستهلاك الآدمي، وأصدر اللواء عادل لبيب محافظ الإسكندرية توجيهاته بمنع إقامة الشوادر أمام محلات بيع الفسيخ .
وهذه عادة من عادات المصريين تختفي او في طريقها للاختفاء، علما انها كانت توحدهم بجميع طوائفهم وطبقاتهم ومملهم وانتمائاتهم السياسية والحزبية، والسبب الشجع عند التجار وضعف الاجهزة الرقابية وتفنن التجار بالتحايل على القانون...



فادي عاكوم
الاحد 4 أبريل 2010