نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

خديعة الرحمة

03/07/2025 - هناء محمد درويش

التريمسة...حين يلتقي العائد بظلّه

24/06/2025 - عبير داغر إسبر

انهيار إمبراطورية إيران

17/06/2025 - براءة الحمدو

حزب حاكم جديد في سورية

08/06/2025 - بشير البكر


فصل من رواية جديدة لمؤلف شيفرة دافنشي .... رمز دان براون الضائع بالفرنسية بين العيدين




باريس - بيروت - الهدهد - تأخر صدور رواية دان براون الجديدة بالفرنسية ثلاثة أشهر على الأقل عن صدور النص الأصلي بالانجليزية فقد اجتاحت حمى "الرمز الضائع " الولايات المتحدة في سبتمبر - ايلول الماضي ثم انتقلت الى بريطانيا بعدها بأسابيع أما باريس فهي على موعد مع النسخة الفرنسية نهاية الشهر الحالي لتصدر الرواية التي طال انتظارها متزامنة مع أعياد الميلاد واعياد راس السنة الجديدة وتحديدا بين العيدين وهذه المرة لا مجال للتخمينات فموضوع الرواية صار معروفا وتأكد الشغوفون بالرموز والاسرار أنها ليست الجزء الثاني من شيفرة دافنشي


غلاف رواية دان براون الجديدة: الرمز الضائع
غلاف رواية دان براون الجديدة: الرمز الضائع
وكان براون الذي بلغت شهرته ذروتها مع شيفرة دافنشي وتحويلها الى فيلم قد تأخر عدة سنوات في اصدار "الرمز الضائع " فهو يحكي عنها منذ عام 2005 وربما هنا السر في الدعاية لها والاقبال عليها حين صدورها بالانجليزية قبل عدة اشهر فقد باعت في يومها الاول حسب "راندوم هاوس" مليون نسخة لتسجل سابقة في روايات الكبار لا يضاهيها غير نجاح كتاب جي كي رولينغ "هاري بوتر " الخاصة بالصغار وفي ما يلي مقاطع من الرواية الجديدة نقلتها للعربية كوليت مرشليان


[ الفصل الأول:
كان المصعد الكهربائي الخاص بالجسر الجنوبي من برج إيفل محشوراً الى درجة خوفنا من انهياره. وفي زحمة السيّاح داخله، كان رجلاً بملامح قاسية يركّز نظره الى الأسفل ناحية صبي يقف بالقرب منه.
"يبدو لي أن لونك كثير الشحوب، يا صبيّ. وكان الأجدر بك أن تبقى في الأسفل".
- كلا، أنا جيد، أجاب الولد الذي حاول أن يتخطى قلقه بصعوبة، وأضاف: لكنني سأنزل في الطابق التالي. فأنا لم أعد أقوى على التنفّس!
إنحنى الرجل ناحيته.
"إعتقدت أنك توصلت الى السيطرة على خوفك المرضي من الأماكن العالية أو المغلقة، قال له ذلك وراح يمرر يده على خده بعطف. غضب الولد من نفسه لأنه خيّب آمال والده، غير أن الصفير في أذنيه أصبح قوياً الى درجة لا تُطاق وسيطر على كل أفكاره.
- لم أعد أقوى على التنفّس... يجب أن أخرج من هنا! غير أن مسؤول المصعد كان يخبر أموراً مطمئنة عن المكابس المتصلة ببعضها وعن تركيبة البرج الحديدية القوية. بعيداً في الأسفل، كانت شوارع باريس تبدو ممتدة وواسعة في كل الاتجاهات.
ها اننا تقريباً قد وصلنا! فكّر الصبي وهو يرفع نظره ورأسه ليرى السطيحة التي وصلوا إليها. عليّ بالمزيد من الشجاعة!
وفي الجزء الأخير من مسار المصعد، دخل المصعد بقوة داخل نفق عمودي.
"أبي، لا أظن أن...".

فجأة، بدأ يسمع مجموعة أصوات تشبه القرقعة فوق رأسيهما. واهتزت المقصورة بقوة وراحت تتأرجح بشكل غير مطمئن. بعض الأسلاك الممزّقة ضربت في الهواء مثل الأفاعي الغاضبة. مدّ الصبي يده صوب أبيه.
"أبي!".
تبادلا نظرة رعب لم تدم أكثر من ثانية.
وكان السقوط.
إستيقظ روبير لانغدن فجأة وقد هزّ كيانه هذا الكابوس، واتجه ليجلس فوق مقعده الجلدي.
كان الراكب الوحيد على متن "فالكون 2000 آ.اكس"، طائرة الشؤون الفضائية التي كانت تمر في منطقة تحتوي على اهتزازات، وراح النفاثان لرد الفعل برات وويتني يرددان في الخارج: كل شيء على ما يرام...
"سيد لانغدن؟" صرخ صوت أحدهم في الآلة التي تصله بالخارج. نحن نزيد سرعتنا في الهبوط.
وقف لانغدن وراح يرتّب أوراقه في حقيبته الجلدية. كان غارقاً في نص محاضرته عن الرموز الماسونيّة حين بدأ يفقد تركيزه. وإذا هو حلم بوالده المتوفي، فهذا بالتأكيد بسبب الدعوة غير المنتظرة التي تلقاها في الصباح من قبل بيتر سالمون، مرشده منذ وقت طويل.
إنه الشخصية الثانية في العالم التي لا أرغب في أن أخيب أملها... وكان الرجل المحب والمؤرخ ورجل العلوم البالغ 58 عاماً الذي أخذ لانغدن تحت جناحه زهاء ثلاثين عاماً واحتضنه بعد أن ملأ الفراغ الذي أحدثه رحيل الوالد. وكان لانغدن قد وجد أيضاً في بيتر سالمون التواضع ورحابة الصدر الذين لم يتخل عنهما على الرغم من ثروته الهائلة ومركز عائلته الاجتماعي المرموق.
ومن الشباك الصغير، رأى لانغدن أن الشمس كانت قد غابت. ولكنه استطاع أن يلحظ ظلّ أكبر مسلّة في العالم التي كانت تنتصب فوق الأفق مثل عقرب ساعة شمسية قديمة. وكان النصب الرخامي الذي يبلغ ارتفاعه 170 متراً قد تمّ الحرص على بنائه تماماً وفق هندسة دقيقة جعلته وسط أكبر الشوارع والمباني التاريخية.
وحتى من الفضاء، كانت واشنطن تبدو مالكة لسطوتها القريبة من الأسطورة.
كان لانغدن يعبد هذه المدينة، وفي اللحظة التي لامست فيها عجلات الطائرة الأرض، شعر بخوف رهيب مما ينتظره على الأرض. وتقدمت الطائرة لتصل الى المنطقة المخصصة لها للتوقف في "مطار واشنطن دالز".
بعد أن جمع أغراضه وشكر الطيارين، خرج لانغدن من مقصورته الفخمة ونزل درجات السلم. وشعر بأن هواء كانون الثاني البارد يريحه ويطمئنه.

تنفس، روبير! وفكر بذلك وهو يسعد بلقاء الهواء الطلق الحرّ والمساحات الكبيرة.
وكان غطاء الضباب يعطي ساحة المطار جواً وكأنها مستنقعاً ضخماً.
سمع صوتاً مغناجاً يخترق الضباب.
"صباح الخير! سيد لانغدن!".
وحين رفع رأسه، رأى إمرأة أربعينية تحمل شارة على صدرها ودفتراً، وكانت تقرب منه مسرعة وهي تلوي ذراعها بفرح. كانت خصلات شعرها الأشقر تبدو من تحت قبعتها الصوفية.
"أهلاً بك في واشنطن، حضرة البروفسور!".
- شكراً، أجابها لانغدن بابتسامة.
- أنا بام، من قسم خدمة المسافرين في الشركة، قالت ذلك بنبرة متعالية بعض الشيء. وإذا أردت أن تتبعني، فثمة سيارة بانتظارك.
توجه الإثنان صوب نهاية الممر الذي كانت تخترقه بعض الأضواء المشعّة.
هذه سيارات تاكسي للأغنياء والمشاهير! فكّر لانغدن.
"عذراً على وقاحتي، قالت المرأة بخجل، ولكن هل أنت حقاً روبرت لانغدن الذي يؤلف كتباً عن الرموز والديانات؟".
بعد لحظة من التردد، أومأ لها برأسه بالإيجاب.
"كنتُ أكيدة من ذلك! في نادي القراءة الذي أنتمي إليه قرأنا كتابك حول الأنثوية المقدسة والكنيسة. ولقد أثرت واحدة من تلك الفضائح! كان ذلك هائلاً! لقد أثرت فعلاً الغضب!
"لكنني لم أكن أقصد ذلك".
وشعرت المرأة أن لانغدن لم يكن راغباً فعلاً بالمناقشة في عمله.
"أنا آسفة. لقد أزعجتك. ربما أنك لم تعد ترغب في مواجهة الناس الذين يتعرفون إليك. لكن يبدو لي أن الغلطة غلطتك، قالت له، وهي تشير الى ثيابه بحركة وقحة. إن ثيابك تخونك".
ثيابي؟
خفض لانغدن نظره: كان يرتدي واحدة من تلك الكنزات التقليدية ذات الياقة العالية وباللون الرمادي وجاكيت "تويد هاريس" وبنطلوناً عادياً وحذاء من صنف "الموكاسان" الجلدي.
وكانت تلك بذلته التقليدية لمحاضراته والصور الرسمية وكل اهتماماته الاجتماعية.
"كنزاتك الصوفية لم تعد على الموضة إطلاقاً، شرحت المرأة. كان يمكن أن تبدو أكثر أناقة لو ارتديت ربطة عنق".
غير ممكن. فأنا لا أطيق العِقَد المتدلية!

في المرحلة التي كان فيها لانغدن يعمل في "أكاديمية فيليبس اكزيتر"، كان مجبراً على ارتداء ربطة العنق ستة أيام على سبعة. وكان مدير الجامعة يصر على ربط أصل ربطة العنق الرومنطيقية بالشال الحريري الذي كان يستخدمه الرومانيون لتدفئة أوتارهم الصوتية، غير أن لانغدن كان يعتقد أن كلمة "كرافات" بالأجنبية لها صلة بعصابة "كرواتية" قديمة كانت تعقد منديلاً حول عنق المقاتلين في معاركهم. وبعد قرون من الزمن، صارت هذه المناديل المتحولة رمزاً للمقاتلين العصريين الذين يقودون معاركهم في صالات المحاضرات وكلهم رغبة دائماً بجعل اعدائهم يخجلون منهم.
"شكراً للنصيحة اجاب لانغدن بابتسامة خفيفة. سأفكر فيها في المستقبل".
ومن حظه ان خرج رجل من سيارة لينكولن فخمة والقى عليه التحية وكان يرتدي بزة رسمية سوداء داكنة.
"سيد لانغدن؟ بيلتواي ليموزين. شارل في خدمتك قال وهو يفتح الباب، أسعدت مساءً سيدي وأهلاً وسهلاً بك في واشنطن".
ترك لانغدن بخشيشاً لبام مقابل استقبالها الحار له قبل ان يجلس في المقعد الخلفي من السيارة الفخمة. اشار له السائق الى مكان ازرار التبريد والتدفئة وعرض عليه المياه المعدنية وسلة تحتوي على الفطائر الساخنة. بعد لحظات قليلة، غادرت اللينكولن المطار عبر طريق خاص.
اذاً هذه هي تقاليد الاغنياء؟
بعد ان ازدادت سرعة السيارة، راح السائق ينظر في ورقة الطريق امامه، ثم اجرى اتصالاً.
"هنا بيلتواي ليموزين، قال بنبرة محترمة، انفذ ما طلبته مني واتصل لأؤكد على اهتمامي بالراكب. ثم انهى كلامه بالتالي: اجل سيدي، ضيفك السيد لانغدن قد وصل. وسأعمل على ايصاله الى "الكابيتول" عند الساعة السابعة مساء. واقفل الخط.
لم يتمالك لانغدن نفسه، فابتسم.
دائماً هو دقيق للغاية...
هاجس التفاصيل من الحسنات التي يتمتع بها بيتر سالمون لذا هو يدير له اعماله بارتياح كامل.
كما ان امتلاك بضعة مليارات من الدولارات في حساب مصرفي أمر يسهل كل شيء...
ارخى لانغدن جسده بلذة على المقعد الرخو واغمض عينيه وكان الضجيج الحاصل في المطار وراءه يخف شيئاً فشيئاً. كان "الكابيتول" يبعد قرابة النصف ساعة من المطار ما سمح له بالتقاط انفاسه لاعادة ترتيب افكاره. وكانت احداث النهار قد تسارعت الى درجة انه لم يتسن له بعد ان يفكر في السهرة الهائلة التي سيمضيها بعد قليل.
قبل نحو 15 كيلومتراً من "الكابيتول" كان هناك شخص وحيد ينتظر بفارغ الصبر وصول روبرت لانغدن.
[ الفصل الثاني:
كان الرجل الذي اطلق على نفسه لقب "مالاخ" يضغط برأس الابرة فوق صلعته المحلوقة وكانت وخزات الابر المتكررة في لحمه تترك رعشات لذيذة لديه. وكان هو الآلة التي تقيس قوة الابرة على ايقاع الوخزات التي تترك مادة معينة في الجلد.
انا تحفة فنية!
وفن الوشم لا يسيء ابداً للجمال، اما هدفه فهو التغيير (....) وفي زمننا اصبح فن الوشم بمثابة التأكيد للانسان على قدرته على التغيير كما اعلانه هذا التغيير في مواجهة العالم بان يقول: انا لدي السلطة الكاملة على جسدي(...) .
دقت ساعة الحائط الضخمة عند "مالاخ" وكانت تشير الى السادسة والنصف مساء. وضع كل الادوات من يده وغمر جسده العاري الذي يصل الى المتر وتسعين سنتيمتراً بعباءة حريرية من "الكيروس" ومشى في الممر بخطوات كبيرة. كانت رائحة البهارات اضافة الى رائحة الشمع العسلي تعبق في المنزل كله. وفي مروره، راح يتأمل التحف الايطالية الغالية الثمن- نقش لـ يبرانيزي ومقعد من طراز ساونارول، وقنديل فضي من طراز بوغاريني. ومن دون ان يتوقف، القى نظرة وتأملية على المدينة المشعة في الخارج من احد شبابيكه الضخمة. ومن البعيد كانت قبة "الكابيتول" واضحة في مساء تلك الليلة الشتوية.

انه يختبىء هنا.. انه مدفون في مكان ما هنا.. قليلون هم الذين كانوا يعرفون سلطته الهائلة.. كان يمكن اعتباره اكبر ثروة في تاريخ البلاد حتى اليوم. والاشخاص القليلون الذين كانوا يعرفون الحقيقة، يقنعونها وراء وشاح من الرموز والاساطير والاستعارات... وها هم الآن يفتحون لي ابوابهم (...)
شعر بقوة سلطته وهو ينظر الى جسمه المنحوت نحتاً. اغلق عباءته واقترب من النافذة ليتأمل بهدوء اكثر المدينة الغامضة التي تمتد امام ناظريه.
انه مدفون في مكان ما..
لكن كان عليه ان يركز اكثر على مهمته المستعجلة. جلس امام المرآة وراح يضع طبقة سميكة من الكريم الملون للبشرة بلون "الباج السكري" الموحد وراح يفركه على وجه، على صلعته، ثم على رقبته ليخفي كل الاوشام. ثم راح يضع كل الزينة والثياب التي حضرها للمناسبة. وما ان انتهى وقف امام المرآة ليتأمل نفسه. كان راضياً عن النتيجة، فوضع يده فوق صلعته وراح يمررها بنعومة ويبتسم. السر هنا، في مكان ما. والرجل الذي سيساعدني على اكتشاف السر قد وصل اخيراً..
خرج من المنزل وهو يتحضر في رأسه للحدث الذي سيزرع الرعب بعد قليل في "الكابيتول".
هو لم يتراجع امام اي صعوبة وقد تأكد من الظروف التي تجمعت هذه الليلة، والآن، اخيراً، وصل البيدق الأخير على طاولة الشطرنج.
--------------------------------------------------------------
كوليت مرشليان - المستقبل

كوليت مرشليان
السبت 26 ديسمبر 2009