نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

واقع الديمقراطية في سورية الجديدة

09/05/2025 - مضر رياض الدبس

(سوريا بين حرب أهلية ومشاريع تقسيم؟)

05/05/2025 - عبدالوهاب بدرخان

دلالات التصعيد الإسرائيلي في سوريا

04/05/2025 - العميد المتقاعد مصطفى الشيخ

السياسة المزدوجة

25/04/2025 - لمى قنوت


ماكرون ضد من؟ أوربا أم المسلمون؟





يري الكثيرون أن مواقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الداعمة أو الساكتة عن الرسوم المسيئة للنبي محمد عليه الصلاة والسلام، أنها معاداة للإسلام والمسلمين حول العالم، وهذا صحيح، وحقيقة فإن هذه المعاداة لا تقتصر على الإسلام فقط، بل تصل لمرحلة معاداة أوربا وقيمها وحتى مبادئ الأمم المتحدة.
نعم إن مواقف وتصريحات وتوجهات ماكرون تناقض قيم الحرية التي أقرتها الأمم المتحدة والاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان.
فمن يهين رموز الآخر ويحقر معتقداته، لا يمارس حرية التعبير؛ كما يدعي … بل يعادي هذا الآخر


 
 
وبالتالي فإن ماكرون يضع نفسه اليوم أمام مبادئ أوربا التي ترفعها وتنادي بها.
من أبرز هذه المبادئ، الحرية وخاصة حرية التعبير، ولكن يجب ألا ننسى أن الحرية لها ضوابط تنادي بها أوربا، وهي ألا تعتدي على الآخر لا فعلا ولا قولا.
مارس حريتك بحيث لا تتجاوز حدودك مع الآخر.. وهذا عكس ما يفعله الرئيس الفرنسي اليوم.
إن دفاع ماكرون عن نشر رسوم مسيئة للنبي عليه الصلاة والسلام، يشكل انتهاكا بأكثر الطرق وقاحة لحقوق الإنسان وحرية الدين والمعتقد التي يحميها إعلان الأمم المتحدة العالمي لحقوق الإنسان.
حقيقة، إن ماكرون يتعارض مع نفسه، ومع قيم أوربا بالحديث عن إهانة القيم الدينية، إذ لا يمكن له فهم الحرية إلا من خلال تجاهل حرية الآخرين، والنبي عليه الصلاة والسلام بمثابة الروح للمسلمين، وبهذا فإن ماكرون يهين 1.6 مليار مسلم حول العالم، وهذه ليست حرية.

ماكرون يضع نفسه اليوم أمام مبادئ أوروبا التي ترفعها وتنادي بها؛ من أبرز هذه المبادئ، الحرية وخاصة حرية التعبير، ولكن يجب ألا ننسى أن الحرية لها ضوابط تنادي بها أوروب

ومع الأسف شاهدنا وسمعنا ماكرون في مقابلته مع قناة الجزيرة قبل أيام، وبدل أن يعتذر من المسلمين، كان مكابرا جدا و فشل بإقناع المسلمين حول العالم بوجهة نظره الخاطئة أصلا.
لم يكن ماكرون موفقا على الإطلاق بكلامه الجديد، بل موقفه الجامد المصر على الخطأ مما أعاد ضخ عزيمة جديدة عند المسلمين للاستمرار بحملة مقاطعة المنتجات الفرنسية.
لعبت الجزيرة بهذه المقابلة دور هاما برأيي أنها أوصلت إلينا صوت ماكرون، ولكن هو الذي خسر ولم يستغل هذه الإطلالة بشكل إيجابي..
لقد كان صوته متعجرفا، فخسر من جديد.
المطلوب من ماكرون أن يلتزم بمبادئ أوربا التي تقدمها للعالم؛  إن كان فعلا مؤمنا بهذه المبادئ التي تحثه على احترام المسلمين ورموزهم، أما إن لم يقبل الالتزام بمعايير أوربا في هذا السياق فعليه تحمل التبعات، وأهم هذه التبعات الاقتصادية منها.
 المسلمون اليوم قوة ووحدة ملفتة للنظر من خلال مقاطعة المنتجات الفرنسية، مقاطعة سيكون لها أثر اقتصادي سلبي على فرنسا.. فالحذر يا ماكرون إن كانت مصلحة بلدك تهمك.
ومن زاوية أخرى، فإن مواقف ماكرون الأخيرة ما هي إلا محاولة للتغطية على فشله بإدارة فرنسا داخليا وخارجيا، والتستر على جرائمها التاريخية تحت ذرائع لا أساس لها من الصحة.
 ولا ننسى أن هزيمته؛ في الانتخابات المحلية التي جرت في يونيو/حزيران الماضي، شكلت صدمة له، دفعته للتساؤل عما يمكن فعله في الانتخابات القادمة لإيجاد حل للأزمات التي تعيشها فرنسا خلال عهده.
ولذلك قام ماكرون بتقديم كل أنواع الدعم لتنظيمات  PKK/PYD/YPG الإرهابية في سوريا، وكذلك تعمد الإساءة للرسول عليه الصلاة والسلام، وأيضا لم يتقاعس عن دعم انقلاب حفتر في ليبيا وتحريض أرمينيا في إقليم "قره باغ" الأذري المحتل، واليونان ضد تركيا شرقي المتوسط.
 وفي كل هذه الملفات فشل، ومن أهم أسباب فشله، الدور التركي الإيجابي هنا وهناك.
دعا رئيسنا رجب طيب أردوغان، الأشخاص وليس الدول، لمقاطعة البضائع الفرنسية، ويجب علينا كمسلمين أن ندعم هذه الحملة.
إن خلق ماكرون لمخاوف تتعلق بالأمن القومي ضد تركيا بالتحديد لن تجلب إلا المزيد من المشاكل، والطريق الذي يسير فيه ستكون له نتائج سلبية وعواقب وخيمة ليس على فرنسا فقط، بل على الاتحاد الأوربي وحلف الناتو أيضا.
لقد دعا رئيسنا رجب طيب أردوغان، الأشخاص وليس الدول، لمقاطعة البضائع الفرنسية، ويجب علينا كمسلمين أن ندعم هذه الحملة.
 فمن غير اللائق استعمال بضائع مصنعة من قبل دولة تهين نبينا الكريم، فالرسول عليه الصلاة والسلام بمثابة القلب لنا، وعلى الدول الغربية وفي مقدمتها فرنسا أن ترى كم هي القيم والرموز الدينية لدى المسلمين مهمة، وعليهم أن يشعروا بخطأهم الكبير المرفوض.
تواصل فرنسا، استغلال 14 دولة أفريقية، في حين تعاني تلك الدول من الفقر والجوع والعوز تجني فرنسا سنويا أكثر من 500 مليار دولار من تلك الدول المستغَلّة.
وللتذكير، فإن فرنسا هي آخر من يمتلك الحق بالحديث عن الحرية وحقوق الإنسان، فجرائمها في ليبيا ودعمها للانقلابيين وارتكابها أعمال الإبادة الجماعية شمالي أفريقيا ما تزال عالقة في أذهاننا ولم ننس ذلك أبدا.
وبالحديث عن حقوق الإنسان والحريات، تواصل فرنسا، استغلال 14 دولة أفريقية، بما في ذلك ساحل العاج والسنغال وجمهورية أفريقيا الوسطى، وفي حين تعاني تلك الدول من الفقر والجوع والعوز تجني فرنسا سنويا أكثر من 500 مليار دولار من تلك الدول المستغَلّة.
على ماكرون أن يعود للقيم الأوربية باحترام الآخر وإعطاء الآخر حقوقه (خاصة في أفريقيا)..
وذلك قبل أن يعطينا دروسا بالأخلاق والإنسانية والحريات وحقوق الإنسان.
-------------
مدونات الجزيرة

أيوب صاغجان
الثلاثاء 3 نونبر 2020