نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

مقاربة الأسد لا تزال تحكم البلد.

08/08/2025 - مضر رياض الدبس

سورية في العقل الأميركي الجديد

05/08/2025 - باسل الحاج جاسم

سمومُ موازينِ القوى

28/07/2025 - غسان شربل

من نطنز إلى صعدة: مواد القنبلة في قبضة الوكيل

24/07/2025 - السفير د. محمد قُباطي

في كذبة الوطنية السورية

21/07/2025 - غازي دحمان


مقاربة الأسد لا تزال تحكم البلد.




لا نزال، نحن السوريين، جميعًا، تحت تأثير الأسد. ولا يزال الأسد يتحكم بكل نقاشاتنا، ومن خلاله تمرُّ جميع مقارباتنا الراهنة، وفهمنا لذواتنا، وللسياسة. وليس في هذه المقاربة أي مبالغة، ولمن يرى أن فيها مبالغة، أرجو أن يتحمَّلني قليلًا، ويُفكِّر في النقاط الآتية:


 1) عمل الأسد، منذ البداية، على تصوير الثورة بأنها ثورة الإسلام السني الريفي المتطرف، وروَّج لمصطلح "الإمارة الإسلامية" منذ اللحظة الأولى، وكلنا نعرف أنه كان يكذب، وأنها كانت ثورة شعبٍ أراد الحرية والكرامة، غير أنه مضى بإصرارٍ في الكذب حتى النهاية، وصوَّر للجميع أنه حامٍ للأقليات، وكلنا يعرف أنها كانت أكبر كذبة. واستمرَّ حتى وقعت السياسة السورية في فخ ثنائية الأقليات والأكثرية، وهي ثنائية لم يكن لها وجود في الثورة قبل ذلك. هذه الثنائية هي صناعة الأسد بصورة ممنهجة منذ عقود، وقد تسللت إلى بديهياتنا بخبثٍ عززه غياب النقد والتفكير. 2) ذهب الأسد ونحن نفهم ذواتنا على أنها "سنة وأقليات"، "مظلومون وظالمون"، وتم تصوير التحرير بأنه انتصارٌ للسنة كما كان يراهم الأسد، لا للسنة بوصفها حاضنة تاريخية للمشروع الوطني السوري، عظيمة عريقة كما يراها السوريون، والتي يعني انتصارها انتصار الوطن كله. 3) ظلت الأقليات تفهم نفسها "مكونات"، تحتاج إلى حماية، وساهم خطاب حكومة الشرع، وسلوكه العسكري غير المنضبط والكوارث الناجمة عنه، وغياب السياسة الوطنية عن المشهد العام، في تعزيز هذا الفهم ذي المنشأ الأسدي. وللمفارقة، فإن الشرع يُكمل، من حيث لا يدري، ما أراده الأسد بالضبط: سورية تتكون من سنة، وطوائف أخرى، وليس من شعبٍ سوري تحتضنه ثقافة الأكثرية السنية، وتشكل عموده الفقري، وصمام أمنه، ووحدته. 4) اليوم، الأكثرية في سورية هي التي استسلمت لمقاربة الأسد هذه من خلال العودة إلى الطوائف، والإثنيات والأديان؛ فالسني عاد إلى سنيته، والطوائف عادت إلى مرجعياتها الطائفية، والاثنيات - مثل الأكراد - عادت إلى مقارباتها الأيديولوجية التي تظن، وهمًا، أنها قومية. أما الأقلية الناجية فهي التي نجت من فهم الأسد في أثناء تحديدها لـ "معنى أن أكون سوريًا"، وظلَّت قادرة على التفكير الوطني، وهي تضم أفرادًا من جميع الأديان والطوائف والإثنيات، ويتم اغتيالها سياسيًا ليل نهار. 5) استنادًا إلى النقاط السابقة فحسب، يمكن أن نقول إن في سورية الآن "حكم أكثرية"، لكنها، يا للأسف، ليست الأكثرية السنية، وكنت أتمنى أن تكون كذلك، بل هي الأكثرية التي لم يكتب لها النجاة من مقاربات الأسد في فهم سورية، وهي أكثرية تضمّ من جميع الأديان والطوائف أيضًا. أخيرًا، سأقول، بضميرٍ مرتاح، أن كلًا من ظاهرة الشرع، وعبدي، والهجري، والبطرك، وغزال، جميعهم ينتمون إلى الأكثرية التي لم يُكتب لها النجاة من فكر الأسد، وهذه الأكثرية هي التي تحكم البلد. أرجو لهم النجاة، وللأقلية الناجية الصبر والسلوان.

مضر رياض الدبس
الجمعة 8 أغسطس 2025