نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

خديعة الرحمة

03/07/2025 - هناء محمد درويش

التريمسة...حين يلتقي العائد بظلّه

24/06/2025 - عبير داغر إسبر

انهيار إمبراطورية إيران

17/06/2025 - براءة الحمدو

حزب حاكم جديد في سورية

08/06/2025 - بشير البكر

المفتي قبلان صاحب الرؤية

02/06/2025 - يوسف بزي

المثقف من قرامشي إلى «تويتر»

24/05/2025 - د. عبدالله الغذامي :


أنتحار سياسي....الرئيس اليمني يفتح جبهة مواجهة جديدة مع المعارضة مهددا بتعديلات دستورية




صنعاء – ياسر العرامي - أعاد الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، فتح جبهة المواجهة مع أكبر تكتل يمني معارض في البلاد، ممثلاً بتكتل "اللقاء المشترك" المكون من ستة أحزاب رئيسية معارضة، وذلك حين طالب مجلس النواب، الموافقة على مشروع التعديلات الدستورية المقدمة من طرف واحد هو حزب المؤتمر الشعبي العام "الحاكم" الذي يرأسه. بينما تتمسك المعارضة بموقفها الرافض لإجراء أي تعديلات دون توافق على إجرائها وفقاً لاتفاق وقعه الجانبين في فبراير الماضي، وتم على إثر تمديد فترة أعضاء البرلمان وتأجيل الانتخابات لمدة سنتين.


الرئيس اليمني علي عبدالله صالح
الرئيس اليمني علي عبدالله صالح
وأعتبر مراقبون أن هذه الخطوة، التي أقدم عليها الرئيس الأسبوع الفائت ،من شأنها أن تزيد من حدة التوتر السياسي في البلاد، وتلقي بمزيد من الأعباء على النظام اليمني، وحالة الدولة اليمنية التي تعاني أصلاً ومنذ سنوات من إنعدام الاستقرار السياسي، بسبب الحروب والمواجهات التي يخوضها النظام، على جبهات متعددة، إلى جانب التدهور الإقتصادي الحاد بسبب إستمرار إنخفاض عائدات الدولة من النفط الذي يمثل نسبة 70 في المائة من إيرادات الموازنة العامة للبلاد.
مشيرين إلى أن هذه الظروف المضطربـة جعلت من اليمن محل أنظار دولية قلقة ومتخوفة من أن يستغل تنظيم القاعدة هذا المناخ المضطرب لإعادة رص صفوفه والتخطيط بحرية لتنفيذ أهدافه الإرهابية في المنطقـة. غير أن الرئيس صالح فيما يبدو لم يخشى من إعادة فتح تلك الجبهة مع المعارضة، بعد أن أتسمت – وخلال الفترة الماضية – بالهدوء النسبي المبني، على تقدير الظروف الداخلية المتكالبة والمأساوية.

وتسود علاقة المعارضة اليمنية بالسلطات مد وجزر من حين لآخر، لكنها تشتد ضراوة مع قرب كل انتخابات، أو إجراء تعديلات دستوريـة جوهريـة على شكل نظام الحكم القائم. ومع نهاية العام المنصرم صعدت المعارضة خطابها ضد السلطـة تسخيناً للانتخابات البرلمانية التي كان مقرر إجراؤها في إبريل من العام الجاري.
وكثفت المعارضة من ضغوطها آنذاك في رفض الدخول في إنتخابات بالشكل القائم، وكانت تطالب بإصلاح العملية الإنتخابية وقانون الانتخابات، الأمر الذي أدى إلى تدخل الرئيس شخصياً، وأبرم إتفاق مع نهاية العام 2008. بخصوص القضايا التي يجب ضمها للحوار بين الجانبين، والتي أدخل بضمنها مناقشة التعديلات الدستورية التي تقدم بها رئيس الجمهورية. غير أن الحوار أنتهى كما أنتهت حوارات سابقة بالإختلاف بين الطرفين.

ومع مطلع العام 2009، تدخل الرئيس مجدداً، وتم توقيع ما سمي بإتفاق فبراير، 2009، الذي أفضى إلى عدم إجراء الإنتخابات النيابية في موعدها المحدد في 27 أبريل الماضي، وتأجيلها عامين كاملين مع تمديد فترة مجلس النواب الحالي نفس المدة. على أن يتم التحاور حول عدة قضايا على رأسها: تغير شكل النظام، وإصلاح العملية الإنتخابية وقانون الإنتخابات، وإعادة تشكيل اللجنة العليا لللإنتخابات، ومناقشة القضايا والأزمات التي تمر بها البلاد وتقديم حلول توافقية حولها.

ولتأجيل الإنتخابات كان يجب التوافق على إجراء تعديلات في الدستور، وهو ما تم وعدل مجلس النواب المادة الخاصة بإجراء الإنتخابات وقرر تأجيلها عامين، بحسب الإتفاق، على أن يتم مواصلة النظر في بقية التعديلات والإتفاق حولها.
غير أن تفاقم الخلافات بين الطرفان، ووصولهما إلى طريق مسدود، أفضى إلى أن يعلن المشترك في أوآخر يوليو الماضي، تجميد الحوار مع الحزب الحاكم، حتى يتم القبول بإشتراطاته لمواصلة الحوار. ليبتادلا الإتهامات بشأن من الذي تنصل عن الإتفاق الموقع في فبراير الماضي.

بعدها بأسابيع، أعلنت ما تسمى باللجنة التحضرية للحوار الوطني (المشكلة من قيادات معارضة، وشخصيات إجتماعية وقبلية، وأكاديمية أخرى، والتي تبنتها أحزاب المشترك في وقت سابق من العام 2008م مبدئيا بإسم لجنة التشاور الوطني، وبعد أن عقدت مؤتمرها للتشاور الوطني في مايو الماضي، شكلت لجنة تحضيرية للحوار الوطني) أعلنت وثيقة اسمتها "وثيقة الإنقاذ الوطني". وفي تشخيصها للأوضاع، أعتبرت الوثيقة أن جذر الأزمة في البلاد يتمثل بشخص رئيس الجمهورية، وشخصنته للدولة وتحويل الحكم إلى عائلي أسري، مما نتج عنه تفاقم الأزمات الواحدة تلو الأخرى. وقدمت حلولاً لمشاكل البلاد، تطرقت إلى تغيير شكل النظام، كما وطالبت بحكم فدرالي، مقدمة مجموعة من الخيارات حول شكل ذلك الحكم، وأطره، داعية إلى حوار وطني واسع تدخل فيه جميع الأطراف المتصارعة في البلاد.
وبطبيعة الحال، لاقت تلك الوثيقة معارضة شديدة من قبل الحزب الحاكم، مترافقة بإتهامات شديدة للمعارضة، وكان بين من هاجموها رئيس الجمهورية نفسه في بعض خطاباته، لتستمر حالة الخلاف تلك بالتصاعد، ولكن تحت نار هادئة بالمقارنة مع الأزمات والمواجهات التي تمر بها البلاد شمالا وجنوباً.

وبينما تستعد المعارضة هذه الأيام لعقد مؤتمر خارج البلاد، يضم كافة الأطراف بمن فيهم معارضة الخارج، قرر الرئيس أن يوجه رسالة لها من خلال تقديمه التعديلات الدستورية إلى مجلس النواب من طرفه فقط، ليتم مناقشتها وإقرارها.
وهو ما أعتبره مراقبون، محاولة جديدة للمناورة، هدفها توجيه رسالة سياسية مفادها: إمكانية السير لتنفيذ إتفاق التعديلات الدستورية من طرف واحد، وبالطريقة والكيفية التي يريدها هو مستقوياً بأغلبيتة النيابية. إلا أن المراقبون أعتبروا ذلك، بمثابة إنتحار سياسية، عبر فتح جبهة مع المعارضة السياسية المدنية السلمية، والتي ربما سيكون لها تبعاتها المرة على المدين القريب والبعيد.

وتتبعت "صحيفة الهدهد الدولية" طبيعة المشكلة القائمة بين السلطة والمعارضة السلمية في اليمن، إذ مرت بمراحل عديدة منذ إعلان التعددية السياسية في البلاد مع توحد شطري اليمن الشمالي والجنوبي في 22 مايو 1990. وبدأت جذورها عقب إنتخابات 2003 النيابية التي أفضت إلى تشارك الحكم بين الأحزاب الثلاثة التي حازت على أغلب مقاعد المجلس النيابي. وهي بحسب الترتيب وفقاً للحزب الحائز على أكثر مقاعد مجلس النواب، كالتالي: حزب المؤتمر الشعبي العام، حزب التجمع اليمني للإصلاح – ذي التوجه الإسلامي، والحزب الإشتراكي اليمني.

لكن الحزب الإشتراكي، أغاظه حسب ما يقال، أسلوب تعامل حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي أتهمه بمحاولة إقصائه عن الشراكة الحقيقية في إدارة البلاد. ونتيجة لتواصل الخلافات بين شريكي الوحدة، نشبت حرب صيف 1994، التي أنتهت بإقصاء الأول من السلطة. ليستقر الأمر على شراكة ثنائية في الحكم مع التجمع اليمني للإصلاح. لكن وفي العام 1997، أجريت الإنتخابات النيابية الثانية، ليتراجع نصيب الإصلاح من المقاعد عدداً لابأس، فأعلن عدم رغبته في مواصلة الشراكة مع الحزب الحاكم، متهماً إياه بالتلاعب والتزوير، والسعي لإقصائه، ليتفرد بالسلطة.

وظل حزب الرئيس (المؤتمر الشعبي العام) يقود البلاد منفرداً منذ ذلك الحين. وفي إنتخابات 2003 النيابية الثالثة، إلتم شمل أحزاب المعارضة الرئيسية تحت تكتل واحد عرف بـ"اللقاء المشترك". لكن ومع ذلك، إلا أن الحزب الحاكم، ظل يحصد العدد الأكبر من مقاعد مجلس النواب، متمهاً من قبل المعارضة بإستغلال السلطة والمال والنفوذ والجيش.

وفي العام 2005، بدأ "المشترك" بالإنتقال الحقيقي للعمل وفقاً للشراكة القائمة بين أحزابه، وذلك، بإعلانه ما عرف حينها بـ"المشروع السياسي الوطني". ومع أنه شمل العديد من القضايا والأفكار المقدمة لإخراج البلاد، من مشاكلها التي تركز معظمها في ذلك الوقت، على الجانب الإقتصادي، وبعض المطالب السياسية في إصلاح النظام، إلا أن الحزب الحاكم رفض المشروع، وأعتبره يخص المعارضة، وأن عليها تنفيذ برنامجها حين تصل إلى السلطة.

وفي إنتخابات 2006 الرئاسية، والمحلية، قدم المشترك مرشحه الرئاسي ممثلاً بالمهندس فيصل بن شملان الذي عرف بنزاهته. وأثناء الحملات الإنتخابية الجماهيرية، خاضت المعارضة مواجهات إعلامية وسياسية عنيفة مع شخص الرئيس مباشرة، وصلت حد تبادل إتهامات مقذعة، لم يحصل مثلها في السابق.

وكانت المعارضة، قبل كل إنتخابات منذ ما قبل 97، تدخل في حوارات مع الحزب الحاكم، لإصلاح السجل، والنظام الإنتخابي، لكنها كانت في كل مرة تصل إلى إتفاقات يتم تجاوزها مع كل إنتخابات. وفي العام 2007 أعادت الكرة للمرة الثالثة، لكن عوامل ومتغيرات جديدة على الساحة كانت قد دخلت على الخط، لتصبح جزء من نقاط الحوار، وعلى رأسها القضية الجنوبية وإصلاح مسار الوحدة، بسبب الإختلالات التي أنتجتها الحرب، إلى جانب مشكلة الحرب في صعدة التي اندلعت في العام 2004.

لكن الطرفان لم يتوصلا إلى إتفاق عملي حقيقي، عدى التوقيع على ضوابط للحوار متضمنة النقاط والبنود التي سيتم مناقشتها، وهو الإتفاق الذي أختلف حوله منذ ذلك الحين، وأتهمت المعارضة بالوقوف تارة مع الحركة الإنفصالية في الجنوب، وأخرى مع المتمردين الحوثيين في صعدة.

ياسر العرامي
الجمعة 30 أكتوبر 2009