نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي


إلغاء الطائفية أمر ملح في لبنان لكن أمراء الطوائف ما زالوا يقدمون الولاء العشائري على المواطنة




بيروت - فاديا عازار - تتباين آراء اللبنانيين حول نظامهم السياسي، ويعتبر بعضهم النظام الحالي القائم على أساس المحاصصة الطائفية شراً مطلقاً، بينما يعتبره البعض الآخر نعمة ومنّة تكفل وجوده وأن علمنة النظام هي الشر بعينه ،وإذا كان مفهوم الدولة مستورداً من الغرب ولم يصنع لا في لبنان ولا حتى في الشرق الأوسط ، فإن ممارسة آليات إدارة الدولة لم تستورد بعد، ولا يزال الإنتماء إلى الدولة بعيداً عن الممارسة الحقيقية، بسبب سيطرة الإنتماء العائلي والعشائري والديني والطائفي وطغيانه على المواطنة


سعد الحريري مع وليد جنبلاط وكلاهما ورث قيادة الطائفة عن أبيه
سعد الحريري مع وليد جنبلاط وكلاهما ورث قيادة الطائفة عن أبيه
ومنذ قيام الدولة اللبنانية ظهرت أحزاب عديدة بعضها ساهم في قيام النظام السياسي الحالي والتنظير له وحتى خيار تأبيده، والبعض الآخر يدعو إلى فصل الدين عن الدولة والذهاب إلى نظام علماني، لكن هؤلاء لم يفلحوا في تحقيق هذا التغيير .

وتنص المادة ٩٥ من الدستور اللبناني والمعدلة بالقانون الدستوري الصادر في 9/11/1943 وبالقانون الدستوري الصادر في 21/9/1990( في اتفاق الطائف)على أن يتخذ مجلس النواب المنتخب على أساس المناصفة بين المسلمين والمسيحيين الإجراءات الملائمة لتحقيق إلغاء الطائفية السياسية وفق خطة مرحلية وتشكيل هيئة وطنية برئاسة رئيس الجمهورية، تضم بالإضافة إلى رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء شخصيات سياسية وفكرية واجتماعية.

وتنحصر مهمة هذه الهيئة في دراسة واقتراح الطرق الكفيلة بإلغاء الطائفية وتقديمها إلى مجلسي النواب والوزراء ومتابعة تنفيذ الخطة المرحلية.

ودعا رئيس مجلس النواب نبيه بري مؤخراً إلى تشكيل هيئة وطنية لهذه الغاية ، حسبما نص عليه اتفاق الطائف، تتمثل فيها كل القوى السياسية الأساسية في البلاد، مهمتها اتخاذ الإجراءات الملائمة واقتراح الطرق الكفيلة بإلغاء الطائفية السياسية، ولم ينجح اللبنانيون حتى الآن في تشكيل تلك الهيئة .

وقال الدكتور مروان رويهب أستاذ مادة العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية - الأميركية لـ (د.ب.أ ) " لم يتم تشكيل هيئة لدراسة مشروع إلغاء الطائفية في لبنان منذ اتفاق الطائف، والسبب يعود إلى النفوذ الإجتماعي الكبير الذي تتمتع به الطوائف، التي لا يناسبها قطعاً تغيير النظام الطائفي في لبنان".

وينظر البعض إلى الطائفية على أنها علة العلل لأنها تكرس سلطة الزعامات الطائفية والمذهبية على حساب سلطة الدولة، ويعتبرون أن النظام الطائفي القائم على أساس المحاصصة الطائفية ، يرفض استنادا الى امراء الطوائف التعامل مع المواطنين إلا عبر طوائفهم ويدفع بهم إلى الاصطفاف وراء المرجعية الطائفية لتأمين وظيفة من هنا أو مصلحة من هناك.

وأضاف رويهب "يبدو أن المجتمع اللبناني لا يزال غير جاهز لإحداث مثل هذا التغيير لأن الطائفية حالياً هي أكثر انتشاراً في جسم المجتمع مما كانت عليه قبل الحرب الأهلية، والتيارات السياسية الحالية تحولت إلى أحزاب طائفية، كما أن الوضع العالمي ونمو الإرهاب والأصولية والاتجاه إلى إقامة مناطق من لون ديمغرافي واحد لا يخلق جواً ملائماً لإلغاء الطائفية السياسية".

وتقوم بعض المجموعات الشبابية اللبنانية، بمبادرة خاصة أو مدفوعة من أحزاب علمانية، بتنظيم حملات مناهضة للطائفية وداعية إلى علمنة النظام .

وقال رويهب مشيرا إلى هذه الحركات " أعتقد أنها لن تستطيع تحقيق طموحاتها في المدى المنظور، لأن الطريق طويل وشاق، وليست العودة إلى الدائرة الصغرى في الانتخابات، والدعوة إلى إقامة قانون انتخابات يستطيع أبناء الطائفة من خلاله انتخاب نواب ينتمون إلى نفس الطائفة ،إلا دليل على تعثر تحقيق طموحاتهم ".

ويعتبر البعض أنه، لا يمكن إسقاط مفاهيم معينة على المجتمع اللبناني، وأن النظام السياسي في أي بلد، يجب أن يعكس طبيعة المجتمع ويعبّر عن تاريخه وثقافته وحضارته ، وبالتالي لا يمكن إلغاء الطائفية السياسية في لبنان، في ظل وجود الطائفة كوحدة اجتماعية-سياسية.

وقال النائب السابق الدكتور أنطوان حتي لـ(د.ب.أ) " أتت المادة 95 من الدستور اللبناني نتيجة حربٍ أهلية اتسمت بطابع ديني وفئوي طائفي ،بعد أن دمر اللبنانيون وطنهم، وجاء طرح إلغاء الطائفية السياسية كمحاولة لإبعاد كل ما هو طائفي وديني عن مؤسسات الدولة، بالإضافة إلى إلغاء المحاصصة والتوزيع الطائفي للمناصب والمسؤوليات".

وقد طرحت مسألة إلغاء الطائفية السياسية منذ عام 1926 في الحكومة الأولى للاستقلال عام 1943 برئاسة رياض الصلح وقال بيانها الوزاري "إن الساعة التي يمكن فيها إلغاء الطائفية هي ساعة يقظة وطنية شاملة مباركة في تاريخ لبنان وسنسعى لكي تكون هذه الساعة قريبة بإذن الله...".

وأضاف حتي قائلا "يعاني لبنان من مجموعة مشاكل تعطل نموه ، أهمها مشكلة الإنتماء الذي يتنوع بين الإنتماء إلى الطائفة والعائلة والذات الفردية، وفي كل لحظة يكون اللبناني مستعداً لتغيير انتمائه حسب مصالحه ، وذلك يؤدي إلى تفسخ المجتمع وإضعاف قواه وتعطل رقيه وتقدمه وازدهاره".

ويتوجس البعض من أن إلغاء الطائفية السياسية، قد يؤدي إلى تصفية تدريجية للمجموعات الأضعف ودمجها رغماً عنها في إطار المجموعة الغالبة، بخاصة إذا كانت هذه المجموعة الغالبة متفوقة عسكرياً أو مالياً أو ديمغرافياً على غيرها.

وقال حتي " عندما كنت نائباً في مجلس النواب، قدمت مجموعة نيابية وأنا واأحد منها، ثلاثة مشاريع من أجل تهيئة الأجواء لإلغاء الطائفية السياسية ، هي الزواج المدني والأحوال الشخصية، واستبدال الخيارات الطائفية للمواطن وقت الانتخاب لتحل محلها الخيارات السياسية على قاعدة النسبية، وحل الأحزاب الطائفية والسماح فقط للأحزاب الوطنية بممارسة العمل السياسي ، ولكننا اصطدمنا بمصالح الطوائف والسياسيين ".

وقال الدكتور جاد ملكي مدرس مادة الإعلام والصحافة في الجامعة الأميركية لـ( د.ب.أ)" تنظر كل طائفة في لبنان إلى نفسها على أنها أقلية، وتخاف من سيطرة الطوائف الأخرى، وتسعى للمحافظة على حصة لها في الدولة كي لا تضيع حقوقها".

ويتعاطى معظم اللبنانيين مع طوائفهم على أنها تشكل مركز الحماية وتؤمن لهم الخدمات، ولكن كلما قوي دور الدولة ضعف دور الطوائف.

وأضاف ملكي" يتعلم اللبناني كيف ينتمي إلى الطائفة منذ نعومة أظافره ثم يأتي النظام ليكرس هذا الانتماء ، عن طريق توزيع المناصب والمسؤوليات على أساس طائفي ، رئاسة الجمهورية للموارنة ، ورئاسة الوزراء للسنة ، ورئاسة المجلس النيابي للشيعة ".

وفي الواقع ينادي الجميع في لبنان بإلغاء الطائفية السياسية لأنها علة العلل وآفة المجتمع، لكنهم لا ينطقون دائماً بالحقيقة لأن إلغاء الطائفية السياسية والاتجاه نحو العلمنة يخيف معظمهم .

وأضاف ملكي "المشكلة تكمن في نظرة اللبنانيين إلى بعضهم البعض، وعندما يتحدث اللبناني عن" النحن" يقصد أبناء طائفته وليس أبناء الوطن، والحل ربما يكمن في استحداث طائفة جديدة هي طائفة اللاطائفيين أو العلمانيين على أن تنمو هذه الطائفة مع الأيام وتضم كافة أبناء الوطن ".

ويرى البعض أن التطبيق الفعلي لإلغاء الطائفية السياسية لن يتحقق قبل عقود وفي ظلّ وجود الأحزاب والجمعيات والمدارس الدينية والكانتونات السكنية الطائفية والمحطات التلفزيونية والإذاعية والجرائد الطائفية.

وتابع ملكي "لا يمكننا أن نحلم بإلغاء الطائفية من النفوس ولا من النصوص، في ظل وجود المؤسسات التربوية التي تملكها الطوائف وكذلك الأحزاب والمؤسسات الإعلامية الطائفية، وينبغي استحداث قوانين تمنع قيام هذه الأحزاب، والاتجاه نحو علمنة النظام".

ويعتبر البعض أن العلمنة في مجتمع كالمجتمع اللبناني هي أكثر من ضرورية، وأكثر من حاجة، لأنها ببساطة تسهم في انتقال المجتمع من التفتت إلى التماسك. وهي تعني فصل الدين عن الدولة دون أن تستبعد الدين، بل على العكس، تعزز دوره باعتباره يثبت القيم والأخلاق والإيمان.

وإذا كانت مسيرة التغيير نحو مستقبل أفضل أمراً لا بد منه وترافق مسيرة المجتمعات الساعية للتطور، فالأمر في لبنان بات ملحاً كونه يعاني من وهن يشل قدراته ويعطلها، فلا يكاد ينتهي من حرب أو أزمة إلا لينزلق نحو أخرى . فهل من بشائر في القادمات من الأيام؟.

يبدو أن الأمور ستبقى تراوح مكانها

فاديا عازار
الاربعاء 5 ماي 2010