نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

خديعة الرحمة

03/07/2025 - هناء محمد درويش

التريمسة...حين يلتقي العائد بظلّه

24/06/2025 - عبير داغر إسبر

انهيار إمبراطورية إيران

17/06/2025 - براءة الحمدو

حزب حاكم جديد في سورية

08/06/2025 - بشير البكر

المفتي قبلان صاحب الرؤية

02/06/2025 - يوسف بزي


ارتفاع الأسعار في لبنان طال "الفتوش " وجعل البطاطا طبقا رئيسيا على مائدة رمضان




بيروت - فاديا عازار - لا تغرّنك مظاهر الزينة واللافتات المرحبة بقدوم شهر رمضان في العاصمة اللبنانية بيروت ولا الإفطارات السياسية العامرة أو التي تقيمها هيئات دينية واجتماعية، فإذا أردت ملاحقة الرضى الذي يجب أن يرتسم على وجوه الصائمين لن تجده قطعاً في الأسواق.


سوق الخضار في منطقة صبرا في العاصمة بيروت
سوق الخضار في منطقة صبرا في العاصمة بيروت
في سوق صبرا وشاتيلا الشعبي للخضار والفاكهة وكل ما يلزم العائلة الصائمة في غرب بيروت تختفي البسمة عن وجوه النسوة اللاتي جئن يتسوقن لإفطار عوائلهن في يوم صيفي قائظ والسبب الغلاء الشديد القسوة. وكما يترقب الناس قدوم الشهر الفضيل، باتوا يترقبون بقلق بورصة أسعار السلع التي ارتفع بعضها مع هلال بداية الشهر بنسبة 100% ، وبخاصة التي تتصدر مائدة رمضان تقليديا حيث بات صحن "الفتوش" يساوي "ثروة صغيرة " لعائلة فقيرة.

وقالت نسرين عوض، ربة المنزل التي كانت تحاول انتقاء بعض الأصناف لتحضير إفطار عائلتها لوكالة الانباء الالمانية نشهد منذ اليوم الأول من رمضان ارتفاعاً في أسعار كافة المواد الغذائية ، فضمة البقدونس مثلا ارتفع سعرها من 150ليرة لبنانية إلى 500ليرة". وأضافت"هذا الغلاء ليس مبررا. وهو يجعل الأوضاع أصعب مما كانت عليه"، متمنية انخفاض الأسعار بعد أيام .

وارتفع سعر الطماطم من 5ر0 دولار الى حدود 3ر1 دولار والكرفس والنعناع زاد سعرهم ما يقارب 200% ، أما البطاطا والخيار وبقية الخضروات فقد ارتفعت أسعارها بين 65% و 100% . وتابعت عوض بتسامح المؤمن" ولكن الله يدبر أمور العباد ومهما ارتفعت الأسعار ،لا يأتي المساء إلا ويكون كل شيْ حاضرا على الطاولة ".وعلل مدير مديرية حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد اللبنانية هذا الغلاء بعملية العرض والطلب حيث يرتفع الطلب في أوائل رمضان ويبقى العرض في مستواه العادي.

وارتفعت كلفة صحن الفتوش بنسبة8ر24 % في هذا الشهر ‘ويرجع البعض السبب إلى تخلف وزارة الاقتصاد عن ممارسة دورها في مراقبة الأسعار والتحقق من المبالغة في تحديدها‘ لدرجة أنّ المكتب الفني لسياسة الأسعار مُنع من الحصول على أسعار الاستيراد من الجمارك، ولم يعد بإمكانه مقارنة أسعار المبيع بأسعار الاستيراد إلا سرّاً، وكان وراء كل ذلك كبار المحتكرين.

وقالت ربة المنزل كاملة آغا " شهدت أنواع الخضار ارتفاعاً كبيراً في الأسعار ، حرم بعض العائلات من أكل الفتوش الذي صار تحضيره يثقل كاهل الفقير . أما الطاولة الرمضانية فهي جداً خجولة في ظل ارتفاع أسعار كافة المواد الغذائية وخاصة اللحوم وهي أصلا مرتفعة الثمن، والدجاج الذي ارتفع سعر الكيلوجرام منه 1000ليرة لبنانية".

ويأتي ارتفاع الأسعار في شهر رمضان هذا العام مع مجموعة من الاستحقاقات المعيشية الضاغطة على الأسرة اللبنانية ، من بينها استحقاق تسجيل التلاميذ للعام الدراسي . وتابعت آغا "تقتصر أطباقنا الرمضانية على الشوربة والفتوش والبطاطا المقلية وطبخة واحدة تحتوي على كمية قليلة من اللحم على الغالب محاشي او يخنات أما اللحم والدجاج المشوي يمكن أن يمر مرة واحدة في الأسبوع أو في الأسبوعين . والحلويات لا نشتريها إلا بعد إلحاح الأولاد ، مرة في الأسبوع أو مرتين على الأكثر . ولكن ما يثير قلقي هو ترافق شهر رمضان مع استحقاق الدخول إلى المدارس الذي لطالما عجزنا عن دفع مستحقاته".

وأبدى أمين عام جبهة التحرر العمالي عصمت عبد الصمد تخوفه من استغلال شهر رمضان ورفع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية الأساسية لتحقيق مزيد من الأرباح. وشكا عبد الصمد من فلتان الأسواق، التي تعمل من دون حسيب أو رقيب وهذا ما يجعل التجار يتحكمون بلقمة عيش الناس وحياتهم اليومية، داعيا أجهزة الدولة لاسيما مديرية حماية المستهلك إلى القيام بواجباتها وملاحقة المخالفين الذين يحققون أرباحا غير مشروعة على حساب الطبقات الفقيرة. وسجلت أسعار الفواكه أعلى مستوى لها بالقياس مع الفترة المماثلة من العام 2008، وعزا بعض المراقبين ذلك إلى ارتفاع عدد الوافدين إلى لبنان في الموسم السياحي الراهن ما أدى إلى زيادة الطلب .

واكد رئيس نقابة أصحاب الصناعات الغذائية جورج نصراوي أن نمو المبيعات لم يكن بنفس القدر الذي كان متوقعا نظرا لارتفاع عدد المستهلكين في لبنان في هذه الفترة بسبب وجود عدد كبير من السياح في البلاد بشكل لم يكن معهودا من قبل. وقال رب الأسرة نبيل مروش " تختلف الأسعار في لبنان بين منطقة وأخرى وقد تتضاعف في بعض المناطق . ولكن بشكل عام نجد أن اللحم ارتفع 30بالمئة ونحن لا نأكل إلا لحم البقر البرازيلي الذي ارتفع سعره في رمضان من 7000 ليرة للكيلو إلى 10000 ، والبقر البلدي الذي يبلغ سعره 14000 ليرة ،لا نعرف طعمه .وأما الغنم المخصص للأغنياء فقط فقد تجاوز سعره 25 ألف ليرة وارتفعت أسعار الألبان والأجبان 20 بالمئة . وهذا بحد ذاته يعتبر كارثة ". وتابع مرّوش متحسراً "تغيرت نوعية الأطباق الرمضانية وبدل اللحمة صرنا نأكل البطاطا والحمص والباذنجان". وأضاف مروش"تحول شهر رمضان من شهر الخير والرحمة إلى شهر "الغش واللصوصية والنصابين والتجار الدجالين " في إشارة منه إلى استغلال التجار لهذا الشهر الفضيل .

واستحدثت وزارة الاقتصاد خطاً ساخناً لاستقبال شكاوى المواطنين ليتم تحويلها لمصلحة حماية المستهلك ..لكن بلداً مفتوحاً كلبنان لا يمكن ضبط الأسعار فيه. وطالب الاتحاد العمالي العام الحكومة المقبلة بمعالجة الملف المعيشي وارتفاع الأسعار، كما سأل عن الغياب الكلي لوزارة الاقتصاد والهيئات الرقابية لحماية المستهلك، وسلم رئيسه غسان غصن رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري مذكّرة حول مجمل القضايا الاقتصادية والاجتماعية.

وتحتل المائدة الرمضانية مركزا مهماً في يوميات الصائمين، لكن غناها قد انحسر بسبب ارتفاع الأسعار ، أما الحلويات الشهيرة فبدأت تندر على الموائد . وقال رب الأسرة محمد الذي فضل عدم ذكر اسمه كاملاً"الأغلبية الساحقة لا تستطيع أن تعطي الطاولة الرمضانية حقها ، فرب الأسرة مع جميع أولاده 6) أو( 7 عليهم أن يعملوا طيلة النهار لكي يستطيعوا تحضير متطلبات الطاولة الرمضانية ". وتابع "لكن الله يغدق خيراته على العباد في رمضان وهو يرزق الفقير والغني وحتى الخبيث إذا كان احد أفراد عائلته يمارس فريضة الصوم ".

وأظهرت جداول جمعية حماية المستهلك في الفصل الأول من العام الحالي، ارتفاعات كبيرة في أسعار الخضراوات والفواكه وانخفاضاً قليلاً في الحليب ومشتقاته وفي المواد المنزلية. وكان رئيس الجمعية زهير برّو قال في حديث سابق أن أسباب الارتفاع في الأسعار يعود الى الصراعات السياسية، وعدم تحرك السلطات في مكافحة الاحتكارات المسيطرة على 60 في المئة من الأسواق اللبنانية، فضلاً عن عمليات بيع المواد المعلبة في السوق السوداء.

وبحسب أرقام إدارة الإحصاء المركزي في رئاسة مجلس الوزراء، فقد سجل الرقم القياسي لأسعار الاستهلاك في لبنان لشهر حزيران/يونيو 2009 انخفاضاً بنسبة 7ر0 بالمئة، على صعيد سنوي، أي بالمقارنة مع حزيران/ يونيو 2008. فيما سجل مستوى تضخم الأسعار بين أيار/مايو وحزيران/ يونيو ارتفاعاً بنسبة 6ر0 بالمئة.في المقابل، أظهرت إحصاءات صدرت عن مصرف لبنان أن معدل التضخم السنوي في لبنان، ارتفع إلى 3ر3 بالمئة في حزيران/يونيو مقارنة مع 9ر1 بالمئة في أيار/مايو، وساعد انخفاض أسعار السلع الأولية والطاقة في الحد من معدل التضخم الذي سجل أعلى مستوياته عند 14 بالمئة في تموز/يوليو من العام الماضي.

أما المعدل العام فيشير إلى ارتفاع في المؤشر بلغ 35ر3 بالمئة. ولكن كل هذه الأرقام لم تكن تعني الناس في الأسواق الشعبية الذين يبحثون عن لقمة أقل سعراً لا تستنفد جميع مداخيلهم السنوية في حال أرادوا أداء فريضة الصوم ، ورغم ذلك يبقى شهر رمضان بالنسبة لهم شهر الخيرات والرحمة والفرح حيث يقترب الإنسان من مرضاة خالقه. إنه الإيمان..محرك الناس نحو الفرح..رغم سخونتين..الأسعار والصيف و.. رمضان كريم .

فاديا عازار
الاثنين 7 سبتمبر 2009