نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

خديعة الرحمة

03/07/2025 - هناء محمد درويش

التريمسة...حين يلتقي العائد بظلّه

24/06/2025 - عبير داغر إسبر

انهيار إمبراطورية إيران

17/06/2025 - براءة الحمدو

حزب حاكم جديد في سورية

08/06/2025 - بشير البكر

المفتي قبلان صاحب الرؤية

02/06/2025 - يوسف بزي


الإسلاميون المغاربة أستبقوا ألتون جونز بأحاديث عن "حداثة الدبر " وأعتبروا حفله فجورا سياسيا




الرباط: - وشعيب الضبار - غنى المطرب البريطاني التون جون الليلة الماضية في الرباط،ضمن سهرات مهرجان "موازين،إيقاعات العالم" بعد أن سبقته عاصفة من الجدل حوله، أثارت كثيرا من الكلام، وأسالت المزيد من المداد، بين محتج ومحبذ.


ألتون جونز ...حفل مثير للجدل
ألتون جونز ...حفل مثير للجدل
لقد جاء التون إلى الخشبة،قادما من مدينة لشبونة، وجلس إلى البيانو، عازفا ومغنيا، لعدد من قطعه الموسيقية والغنائية،مرفوقا بمجموعته الموسيقية، بعد أن اتخذت السلطة المحلية عدة إجراءات أمنية مشددة، تحسبا لأي أنفلات أمني،أوردة فعل من طرف التيار الإسلامي المعارض لحضور المغني البريطاني إلى العاصمة المغربية، الذي يقوم حاليا بجولة فنية عبر العالم.
ونسب إلى ألتون جون تصريح صحافي أكد فيه لوكالة الأنباء الفرنسية، إنه لن يدخر أي جهد من أجل أن يبقى حفله راسخا في الذاكرة،وقال في بداية هذا السمر الفني الساهر الذي أقيم في حي "السويسي" الراقي ،إنه فخور بأن يغني في المغرب.
ولم تبث القناة التلفزيونية الثانية التسجيل الكامل للحفل، إلا بعد منتصف الليل،أي أن النقل لم يكن مباشرا، ولوحظ حضور جماهيري مكثف،قدره المنظمون بحوالي أربعين ألف شخص،بما يعني أن لألتون مساحة واسعة من الإعجاب في نفوس عشاق صوته، ومتتبعي مساره الفني،أولئك الذين كانوا يصفقون له كثيرا، ثم يقف لتحيتهم ملوحا بأيديه للرد عليهم.
يذكر انه سبق لقيادي كبير في حزب العدالة والتنمية، المعارض ذي المرجعية الإسلامية، هو مصطفى الرميد،أن قال لوكالة الأنباء الفرنسية، إن حزبه يرفض ظهور هذا الفنان على الخشبة، محذرا من أن يشجع ذلك على المثلية الجنسية في المغرب.
بيد أن عزيز الداكي، الناطق الرسمي بإسم مهرجان "موازين"،أوضح أن اختيار أي فنان للمشاركة،يتم على معيار وقاعدة جودة العرض الفني، وليس بناء على قاعدة حياته الشخصية، منوها في حديث ليومية" الأحداث المغربية" بالقيمة الفنية والإبداعية لوالتون جون،ك"فنان كبير،وله جمهور كبير، وهو من أساطير الموسيقى العالمية."
ورغم أن مهرجان "موازين" الذي تنظمه جمعية " مغرب الثقافات" قد استقطب العديد من نجوم العالم، عرب وغربيين، فإن جون والتون وحده كان محل نقاش في مختلف الأوساط الإسلامية والإعلامية، وذلك بسبب ماقيل عن مثليته، وما نسب إليه من تهجم على المسيح عليه السلام.
وفي نفس يوم الحفل الفني المقرر لإلتون جون تصدرت صورته الصفحات الأولى لبعض اليوميات، التي نشرت تصريحات ملتهبة لعالم دين مغربي كبير، هو الداعية الفقيه أحمد الريسوني،منتقدا ومستنكرا لهذه الاستضافة.
وقال الريسوني بنوع من التهكم والسخرية، كأنه يوجه كلامه لإلتون جون:"أهلا وسهلا، فأنت فعلا تنزل عند أهلك وأحبابك، وتطأ بلدا سهلا عليك وعلى أمثالك"، ووصف في تصريح صحافي ليومية "أخبار اليوم المغربية "،المدافعين عن حضور المغني البريطاني بالمدافعين عما أسماه" حداثة الدبر وثقافة الدبر".
وأضاف الريسوني، الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح، الذي يعيش اليوم في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية، بحكم عضويته في مجمع الفقه الإسلامي، أن المهم بالنسبة إليه ليس استضافة هذا المغني أو ميولاته المثلية، بل المهم برأيه هو ماعبر عنه ب"الفجور السياسي".
واعتبر الريسوني في نفس التصريح، أن أخر" صيحات الفجور السياسي هو تجند عدد من المتنفذين، من السياسيين والصحافيين والسياحيين، لكل إنجاز يمثل في نظرهم تحديا وهزيمة للإسلاميين والمحافظين والمتدينين أجمعين، مهما بلغت كلفته أو وقاحته، فلا صوت يعلو فوق صوت الفسق والفجور، والعري والخمور، وغدا وبعده، سنجد من يحدثنا عن الفن وأعداء الفن."
وفي رد فعل لها،أكدت خديجة الرويسي، رئيسة "بيت الحكمة" أن هذا الرفض للمهرجانات الفنية، مجرد "نقل للتخلف عن الشرق بطريقة القطع واللصق، بدل مسايرة موجة الاختراع والخلق التي تتسارع وتيرتها في العالم."
وكتبت جريدة "التجديد"، ذات التوجه الإسلامي، في صفحتها الأولى عنوانا عريضا على الشكل التالي:" استضافة والتون جون هي استضافة لمن لايحترم قيمنا ومشاعر أمتنا"، على حد تعبيرها،كما نشرت حوارا في نفس الصفحة مع الشيخ سليم العبدة،المشرف العام على مؤسسة الإسلام، قال فيه"ينبغي أن ندرك أننا لسنا أوصياء على عباد الله"، لترد عليها يومية "الأحداث المغربية" بتعليق في ركنها " من صميم الأحداث".
وتساءلت "الأحداث المغربية" :"كيف نقرأ هذا التناقض بين من يقول إن الوصاية على عباد الله ليست أمرا مسموحا به، وبين من أثاروا كل هذه الزوابع حول حفل فني عادي سيمضي وينقضي وسيحضره من يحبون هذا الفنان، وسيقاطعه من لايهوون فنه؟"
وتابعت نفس اليومية:" التناقض كامن أساسا في طبيعة من يقفون وراء هذه الجريدة، فأصحاب الطرح "الإسلامي المعتدل" يجدنا صعوبة كبرى في التوفيق بين قناعاتهم الحقيقية التي يمثلها الهجوم على المهرجانات وتشويه سمعة العائلات المغربية التي تذهب إلى هذه المهرجانات، وبين ماينبغي عليهم أن يعلنوه لكي يبقوا مقبولين في المشهد السياسي المغربي من أنهم معتدلون واناس لطفاء، لايريدون بنا ولاببلادنا أي سوء،وأنهم لايحرمون كل أنواع الفن، وإنما يعارضون الفن غير الصالح،أما البقية فيرحبون بها."
ولعل مما أثار الانتباه أكثر، وخلق حالة من الالتباس وسط الرأي العام المغربي، هو الخروج الإعلامي،غير المتوقع، لأحد علماء الدين المحسوبين مبدئيا على الدولة بموقف ضد سياستها الرامية إلى تنظيم المهرجانات في مختلف أنحاء البلاد.
فقد فاجأ رضوان بنشقرون، رئيس المجلس العلمي المحلي بحي عين الشق بمدينة الدار البيضاء،الجميع بتوزيعه لبيان على بعض المنابر الإعلامية والمواقع الاليكترونية يدعو فيه إلى التنديد بهذه التظاهرات الثقافية والفنية،مما طرح نوعا من الاستغراب لدى المتتبعين.
ولعل مبعث الاندهاش نابع من كون محمد يسف،الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى، التابع لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، أكد في الأونة الأخيرة في ندوة علمية،على مدى يومين، حول موضوع "الفتوى بين الضوابط الشرعية والتحديات المعاصرة" أهمية تحصين الفتوى ، ملحا على ضرورة اتخاذ الحيطة والحذر، من أجل تجنب إطلاق أي فتوى أونداء في الصحافة من طرف العلماء.
وفي نفس السياق،وخلال نفس الندوة،اعتبر احمد التوفيق، وزير الأوقاف، أن الفتوى تعد من أكبر الاختصاصات المسندة للمجلس العلمي الأعلى من حيث الوقاية والبناء،باعتبار أن اختصاصه يشكل ضمانة لما هو مطلوب من الفتاوى في الملاءمة بين الحياة العامة وبين شرع الله.
و قال رضوان بنشقرون في بيانه الذي أصدره بإسم المجلس العلمي المحلي،إنه يستنكر إقامة "أي مهرجان سمته الميوعة أو الفساد أو الإفساد"، داعيا إلى تجنب "استضافة الشواذ والمنحرفين والضالين على أرض المغرب،" على حد وصفه.


بوشعيب الضبار
الخميس 27 ماي 2010