نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عن روسيا وإيران شرق المتوسّط

08/05/2024 - موفق نيربية

( في نقد السّياسة )

05/05/2024 - عبد الاله بلقزيز*

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام


الانتقام الإيراني من العراق






عدم نهوض العراق مجددا، وتحوله إلى دولة فاشلة مع الإمساك بزمام الأمور فيها، يعد هدفا استراتيجيا لإيران



 

 
شكل العراق هاجسا كبيرا للعقلية الإيرانية قبل الثورة وبعدها وتوطد ذلك بشكل أكبر بعد حرب الثماني سنوات (1980-1988)، وأصبح النظام الإيراني يعمل على التخلص من هذا المهدد السياسي والأمني العربي إلا أن إيران لم تنجح في القضاء عليه أو تجاوزه دون الحاجة لمساعدة خارجية. لقد وجدت إيران ضالتها في التوجه الأميركي بعد أحداث 11 سبتمبر المتمثل في اتخاذ قرار تغيير النظامين الحاكمين في أفغانستان والعراق. وبعد إسقاط نظام صدام حسين ومع الانسحاب الأميركي من العراق تم تسليم هذه الدولة العربية العروبية على طبق من فضة للعدو اللدود والتاريخي لها، ومن هنا بدأت مرحلة الانتقام الإيراني من العراق والعراقيين، وفق خطة استراتيجية رسمها ساسة طهران وشارك في تنفيذها بعض الشخصيات العراقية لتكون في الواجهة لتمرير المشروع الإيراني.
لم تنحصر محاولات الهيمنة الإيرانية على العراق في الجانب السياسي، بل تجاوزت ذلك إلى الجوانب العسكرية والاقتصادية والتجارية والتعليمية. فعلى الجانب الاقتصادي والتجاري حولت إيران العراق إلى سوق ضخم للمنتجات الإيرانية بغض النظر عن جودتها، بل إن بعض المنتجات يتم تصديرها للعراق ولا تباع في الأسواق الداخلية بسبب رداءة المنتج وعدم مطابقته لأدنى معايير الجودة. وفي المقابل تقوم إيران وأنصارها في الداخل العراقي بحملات واسعة تدعو لمقاطعة المنتجات العربية والخليجية في الأسواق العراقية. علاوة على ذلك تعمل إيران على نهب خيرات العراق والسيطرة اقتصاديا وتجاريا عليه.
وعلى المستوى العسكري استغل النظام الإيراني حل الجيش النظامي العراقي السابق ليسهم في إعادة تشكيل قوات جديدة على أسس طائفية وبالتالي التركيز على جزء من أحد مكونات المجتمع العراقي، والأخطر من ذلك تشكيل ميليشيات الحشد الشعبي كنسخة عراقية من قوة الباسيج الإيرانية، والهدف من ذلك بناء قاعدة تابعة لإيران إيديولوجيا بحيث تم شحنها بجرعات حقد طائفي مركزة، لتكون منطلقا رئيسا ومحوريا لنشاطها والمهام الموكلة إليها من قبل الإدارة المركزية في طهران. كما قام النظام الإيراني بتوسيع حدوده مع العراق بعمق 40 كيلومترا إلى الداخل العراقي تحت مظلة مواجهة داعش والجماعات الإرهابية. فكيف يقبل العراقيون بانتهاك سيادة العراق واقتطاع جزء من أرضه؟
على صعيد آخر، استغلت إيران الفراغ الأمني الذي شهده العراق بعد سقوط نظام صدام حسين، ليتم استهداف النخب الفكرية والعلمية والتعليمية هناك من خلال عمليات التصفية الجسدية المباشرة أو غير المباشرة، ونجحت قلة قليلة منهم في الهروب من البلاد، وبالتالي خسرهم الوطن في الوقت الذي يكون في أمس الحاجة لهم. لذلك من غير المستغرب أن يتم تجهيل الشعب العراقي بينما كان قد احتفل يوما ما بالقضاء على الأمية.
أما على الجانب القومي والتاريخي، فنجد عناصر الحرس الثوري يتجولون في المدن العراقية في رسالة إلى الشعب العراقي قبل غيره بأنه إذا لم ننجح في الدخول للأراضي العراقية في حرب الـ8 سنوات فها نحن وصلنا بعد 15 عاما، كما نجد قاسم سليماني يتجول هناك أيضا ويحرص على الترويج في مواقع التواصل الاجتماعي لصوره الشخصية التي تم التقاطها عن قصد خلال تواجده في مناطق عراقية من بينها تكريت، حيث يظهر وهو يحتسي الشاي راسما على محياه ابتسامه تقول لخصومه في الداخل العراقي إن إيران لم تعد تحلم فقط بشط العرب بل وصلت إلى العمق العراقي وإلى مدينة تكريت على وجه الخصوص، حيث مسقط رأس صدام حسين ومكان دفنه أيضا، ويأتي تصريح علي يونسي مستشار الرئيس الإيراني حسن روحاني مؤكدا لذلك عندما قال "إيران اليوم أصبحت إمبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حاليا، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما في الماضي"، متناغما مع الواقع الجديد للعراق بكل أسف.
يهدف المخطط الإيراني تجاه العراق إلى تحويل هذه الدولة إلى منطلق لمشروعها تجاه دول المنطقة، ولتكون على الحدود الشمالية للمملكة العربية السعودية، وهذا لا يتحقق من خلال الاحتلال العسكري التقليدي للعراق، بل من خلال الهيمنة على مفاصل الدولة على كافة المستويات، ولتكون العراق دولة غارقة في مشاكلها الداخلية ويستمر الاقتتال الداخلي بين مكونات المجتمع الواحد الذي كان يوما أنموذجا للتعايش العرقي والديني والمذهبي. بعبارة أكثر وضوحا، إن عدم نهوض العراق مجددا، وتحوله إلى دولة فاشلة مع الإمساك بزمام الأمور فيها يعد هدفا استراتيجيا لإيران، ولذلك نجد أن النظام الإيراني وأعوانه في الداخل العراقي يستهدفون كل من يحاول إبراز الخطر الإيراني على هذه الدولة وتعرية التوجه الطائفي الذي زرعته طهران هناك عبر ميليشيات الموت والدمار. ويبقى السؤال الأبرز: هل سيتمكن العراقيون من دحر الهيمنة الإيرانية على بلادهم وإعادة العراق للمكان الذي يليق به وبتاريخه؟ الجواب لدى الشعب العراقي المحب لتراب وطنه واستقلاله وحريته. 
----------------
الوطن اونلاين


محمد السلمي
الخميس 9 يونيو 2016