نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي


التكيف مع دمار الحروب ....يوم في حياة منطقة سورية محررة




الحدود السورية التركي - تنشغل فدوى بتأمين الخبز والحليب والخضروات لأولادهاالأربعة ليل نهار فهي باتت بلا رجل معيل منذ اشهر لأن رمضان زوجها ذهب للقتال ضد" مليشيات حزب الله و قوات نظام الأسد" و لايعود سوى مرة أو مرتين في الشهر لزيارة أسرته في إحدى قرى أدلب شمال البلاد و القريبة الى الحدود مع تركيا.


التكيف مع دمار الحروب ....يوم في حياة منطقة سورية محررة
تقول فدوى لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) و هي تقترب من منتصف عقدها الثالث "عندما تزوجت رمضان كنت في سن العشرين تقريبا حصلت على شهادة البكلوريا الفرع الادبي و زوجي تخرج من معهد هندسي وهو في منتصف عقده الثاني لأنه كان تأخر عاما في المدرسة و خدم في الجيش 3 سنوات قبل ان ينهي دراسته ، وأسسنا بيتنا بمساعدة الاهل وكان لدينا مساحة صغيرة من الأرض الزراعية إضافة إلى وظيفة زوجي ، لدينا 3 صبيان و فتاة هي الأكبر بين أخواتها. قبل وقوع الحرب كانت حياتنا مثل كثير من السوريين ...كنا مكتفيين نسبيا ، بدأ أولادنا يكبرون بدأنا نفكر بمستقبلهم، الدخل لم يعد يكفينا الأسرة تكبر و أحلامنا تكاد تهرب او تتلاشى ، ... بعد اندلاع الثورة في سورية و في مراحل متقدمة ، بدأنا نخاف من قصف الطائرات لأنها لم تترك مكانا في منطقتنا إلا وأصابتها ، قتل ابني احمد في احدى الغارات عندما كان يلعب قرب بيت جده ، كان عمره نحو 7 سنوات ، زوجي رمضان لم يتحمل الصدمة حمل السلاح وانخرط في القتال ضد النظام ومن يومها انا مثل كثيرات من بنات جيلي في القرية انتظر زيارة زوجي و اصلي أن يعود سالما و ليس جثة ... و نسلم امرنا لله."

لا يبالي السكان في المناطق" المحررة" بما يحدث مؤخرا في المشهد العام ، لقد اعتادوا الحرب و تكيفوا مع نمط الحياة اليومية في معظم الأحيان رغم كل الصعوبات و رائحة الموت و الدمار في كل مكان.

يقول محمد السلوم لوكالة الأنباء الألمانية وهو شاب تخرج من كلية الآداب في حلب وكان يعمل مدرسا في القرية منذ سنوات قبل ان يتحول لمدير مطبوعة دورية باتت شهيرة في المنطقة منذ اشهر عدة ، إن الحياة اليومية في المناطق الحررة تتصف بوضع خاص ، لقد أوجد الأهالي نظاما اجتماعيا تكافليا ، الصورة ليست وردية طبعا ، لكنها افضل الممكن و قسم كبير من العائلات يعتمد على المساعدات أو ما توفر من المحاصيل الزراعية على مبدأ الاكتفاء الذاتي غذائيا.

و يضيف أن الناس يضطرون إلى الذهاب إلى مركز المحافظة لقبض الرواتب، إذ قرر النظام استلامها من هناك، وبعضهم يكون مطلوباً لدى بعض الفروع الأمنية فلا يخاطر بالذهاب وتكون النتيجة فصله بعد فترة من العمل، ناهيك عن بعض قرارات الفصل التي تطال الموظفين لأسباب عدة أهمها التعامل و التعاون مع الثوار أو أن يكون أحد الأقارب مرتبط بحزب محظور مثلا ، أو ربما بتقرير يرفعه أشخاص مجهولون او مخبرون للنظام ، علماً أن الذهاب إلى إدلب يكلف 800 ليرة سورية من أصل الراتب الذي قد لا يتجاوز في كثير من الأحيان 15000 ليرة سورية، (الدولار حوالي 225 ليرة سورية)وربما لا تتاح الفرصةلقبض الراتب من المرة الأولى فضلاً عن تأخر الرواتب لما يقارب 20 يوماً من كل شهر ، و جارتنا فدوى مثالا فهي لم تذهب لتسلم مرتب زوجها منذ التحق بالقتال".

و فيما اذا كانت المواد الغذائية متوفرة للجميع يقول محمد " بشكل عام تتوفر ، ولكن يعاني السكان من الغلاء الفاحش و ليس بمقدور الجميع الشراء فيستعيضون عن ذلك بمنتجات ارضهم الزراعية و المنتجات الحيوانية التي يملكونها ، لأن اي شيء بات يتحرك و يتم تسعيره وفق حركة الدولار ارتفاعاً بسبب ارتفاع لحظي ومباشر بالأسعار مع العلم أنها لا تنخفض بانخفاضه، وبدأت السلع التركية تفوق السلع السورية في أسواقنا لسهولة الحصول عليها فالذهاب إلى حلب ودمشق مصدر السلع خطير أو شبه مستحيل..

يتذكر محمد كيف كانت الأمور قبل اندلاع الثورة " بالنسبة للماء قبل الثورة كنا نعاني من التقنين أي أننا نرى الماء مرة في الأسبوع، أما بعد الثورة فلم نعد نراها أبداً بسبب تعطل الشبكات وعدم إصلاحها ، النظام يتعمد ترك كل شىء يتعطل ... ، بعض القرى التي تمر الخطوط فيها تقوم بسرقة المياه وسقاية المزروعات، ولذلك نحصل على الماء من الآبار المحفورة قديماً مقابل المال حيث يبلغ سعر الصهريج 1500 ليرة سورية واكثر، هذه الأزمة سببت حمّى حفر آبار إرتوازية غير خاضعة لأي رقابة أما الكهرباء فهي قد تغيب أياماً كاملة بحدود 4-5 أيام متواصلة، و في حال توفرها فإن متوسط ساعات التغذية اليومية حوالي 6 ساعات..

ويضيف محمد" بالنسبة للاتصالات الخليوية كانت تقطع لأشهر متواصلة ثم تأتي لفترة قصيرة، أما بعد التحرير في 10/8/2012 لقريتنا/كفر نبل/ فالتغطية مقطوعة نهائياً بسبب تعطل الهوائيات ونهب ما تبقى من أبراج التغطية، ما عدا بعض الأماكن المرتفعة التي تصلها تغطية من المناطق البعيدة كحماه وصلنفة طبعاً بجودة غير مقبولة في أغلب الأوقات، وتسبب تكدس العائلات التي تحاول التواصل مع أبنائها في أماكن وجود هذه التغطية في منطقة جبلية لإحدى الشبكات وقرب مقبرة البلدة للشبكة الثانية أما الانترنت والاتصالات الأرضية فقد دمر القصف مبنى البريد أثناء التحرير، لكي لا يستفيد الاهالي من اي شيء وتم قصفه لاحقاً بالطيران الحربي لنظام الأسد وانتهت الاتصالات نهائياً، نعتمد على الإنترنت الفضائي الذي انتشر في مناطقنا وهي أجهزة تركية غالية جدا ، ومؤخراً أصبحت مشاريع استثمارية للبعض حيث أنشأوا شبكات أصبحت تغطي مناطق لابأس بها من البلدة".

وفيما إذا كان الاكتفاء الغذائي ذاتي يرى محمد ابن بلدة كفر نبل التي نزح قسما كبيرا من أهلها و البعض قتل أو فقد أو اعتقل أن منتجات الألبان والأجبان"تأتينا من مناطق مجاورة محررة أيضاً، أما الخضار والفاكهة فأغلبها تنتج في بلدتنا ولكن قلة الماء يجعل الأمر صعباً ومع ذلك نحاول تأمين الاكتفاء منها، أما بالنسبة للحبوب فتملك مدينتنا أراضٍ زراعية لا بأس بها، ولكن للأسف النظام الحاقد يقوم بحرق الزرع غالبا في الآونة الأخيرة بفعل قصفه المقصود لتجويع السكان ، خاصة مع استخدام النظام في الفترة الأخيرة قذائف ذات قدرة عالية على الحرق ربما كانت نابلم أو فوسفور و الحرق بات يظهر بوضوح على الأراضي والضحايا."

و لا تختلف " كفرنبل" ذات الأصل الآرامي السرياني اذ تعني التسمية قرية النبل ( حسب احد المراجعالتاريخية ) عن العديد من القرى وفق كلام أهالي القرى المجاورة التي نزح العديد منهم الى تركيا.

و عن طبيعة العلاقات الاجتماعية بين الأهالي في القرية يقول محمد السلوم وهو ممن يعنون بتوثيق مجريات الحياة هناك "كفرنبل تنتمي للطائفة السنية فلا توجد فيها خلافات طائفية لكن تعاني البلدة من نزوح الأهالي واستقبال اللاجئين من المناطق المجاورة وهم أيضاً من الطائفة نفسها، كان عدد سكان البلدة قبل الثورة نحو 32500، بقي منهم بعد النزوح حوالي 19 ألفاً ولكن عدد النازحين الموجودين فيها الآن يجعل تعدادها يفوق 35 ألفاً. والعلاقات اعتيادية عموماً تعايش هادئ، لا يخلو من بعض المنغصات والمشكلات الجنائية التي فرضها الواقع الجديد للبلدة...

وهل تحصل زيجات على سبيل المثال ؟ يجيب محمد بالقول "في بداية الثورة توقفت الزيجات نهائياً على أمل أن تستأنف عند نهاية الثورة التي كنا نعتقد أنها لأشهر كما كان شائعا ، لكن بسبب طول المدة حصلت بعض الزيجات التي يتم فيها اختصار الكثير من مراسمها فأصبحت تقتصر الحفلات على زيارة عائلية للأقارب فقط، أما بالنسبة لتجهيز العرائس من ذهب ولباس أيضاً تم تقليلها بسبب غلاء الأسعار، وحتى أن فترة الخطبة أصبحت أقصر إذ قد لا تتجاوز بضعة أسابيع ، الأهالي يحاولون التكيف مع كل المستجدات... "

وهل في البلدة أي تواجد لنظام الأسد ؟ يقول السلوم المشغول دوما بمجلته التي يديرها مع فريق من جيل الشباب بعضهم متطوع أو بأجور رمزية أحيانا " لا أبداً، ولا حتى بأي شكل من أشكاله الإدارية، ومعظم الموظفين يقبضون رواتبهم وهم في بيوتهم منذ تحرير البلدة..

ويقول محمد " هناك حالات عوز وفقر شديدة بدأت تظهر في البلدة وقد تستغرب إذا قلت لك إن من أسباب النزوح إلى تركيا -بالإضافة إلى القصف – الفقر لأن الناس يرون في المخيمات التركية انها قادرة على الأقل على تأمين لقمة العيش لهم.

وحول النظر إلى المستقبل يقول محمد السلوم إن هناك خلافات دون شك، البعض يريد دولة مدنية والبعض دولة إسلامية، ولكن الجميع دون شك متفق على إسقاط النظام أولاً، ناهيك عن أن طبيعة المنطقة والسكان لا تتفاعل مع التشدد والتعصب الديني، وقد ظهر ذلك بوضوح عندما حاولت" جبهة النصرة " تشكيل قاعدة لها في البلدة فلم توفق، وقوبلت برد شعبي واستنكار واسع...

ويضيف أن المجتمع مسلم إجمالاً، ومعتدل، ولم يجد التطرف مجالاً فيه ، أما الطائفية فهي منتشرة وبشكل واضح وخاصة فيما يتعلق بأبناء الطائفة العلوية بل تكاد تكون مقتصرة عليها ، و لا يمكن إغفال ان تصرفات نظام الأسد الطائفي دفع الناس للرد بالمثل...

ويقول محمد إن المدارس متوقفة تماماً، إذ أن قسما منها مدمر وقسم آخر تمّ نهبه بالكامل، وقسم آخر تمّ تحويله إلى مقرات عسكرية، كما لا يمكن إغفال خوف الأهالي على أبنائهم من القصف المتكرر، لذلك كانوا يحاذرون إرسالهم بانتظام.

أما الأطفال فيمكن القول ان ثمة كارثة تلوح في الأفق حيث هناك أطفال يجب ان يكونوا في الصف الرابع مازالوا إلى اليوم لا يعرفون أي شيء عن الأبجدية أو الأرقام

د ب ا
الخميس 15 غشت 2013