
لا يحتاج الجزائريون لتقارير وإحصاءات حول ظاهرة الإجرام المنتشر وسط الشباب حتى يدركوا حجم الخطر المحدق بهم ، ويكفي لمن يعيش في الأحياء الشعبية الجزائرية أن يلاحظ ارتفاع نسبة استهلاك المخدرات وبيعها بشكل كبير جدا، وبروز عصابات إجرامية داخل الأحياء والمجمعات السكنية الشعبية، التي تشهد من وقت لآخر شجارات عنيفة بالسلاح الأبيض، وتصل إلى حد استعمال السيوف، تفضي في أحيان كثيرة إلى القتل.
تشير أرقام جهاز الدرك الوطني خلال الربع الأول من العام الجاري، إلى تسجيل 1807 قضية ضرب وجرح عمديتورط فيها 2530 شخص، من بينهم 2390 ذكر و140 أنثى، أودع 2034 شخص منهم الحبس وتم الإفراج المؤقت عن 496 آخرين.
وحسب ذات المصدر، فان قضايا الضرب والجرح العمدي تأتي في المقدمة وتنتشرفي المدن الكبرى وفي الوسط الحضري بالدرجة الأولى ، باستعمال جميع الوسائل، منأدوات صناعية وخناجر وسيوف وقضبان حديدية.
واللافت في تقرير جهاز الدرك هو تورط الجنس اللطيف كذلك في تلك العمليات التي استفحلت في وسط المراهقين.
"المافيا الصغيرة" تتاجر في المخدرات ولا تتوانى في القتل
تقرّبنا من عالم "المافيا الصغيرة" بإحدى أحياء الجزائر العاصمة الشعبية الأهلة بالسكان، المحسوبة على منطقة "جسر قسنطينة" ، وهي منطقة تعد "مجمعا" كبيرا لعشرات الآلاف من السكان، تم جمعهم في سلسلة من الأحياء الشبيهة بالمراقد، بعدما استقدموا من الأحياء الشعبية الأكثر عنفا في العاصمة الجزائرية، وهي "باب الوادي" و"بلكور" و "الحراش" و "ديار الشمس"، و أحياء أخرى عانى فيها المواطنون كل أشكال الانحراف والإجرام على مدار عقود من الزمن.
كانت جلستنا مع أربعة شباب "حمزة" و عليلو وبوعلام وعلال، لا تتجاوز أعمارهم عشرون سنة وجدناهم في البداية ورائحة سجائر الحشيش تفوح من أفواههم على بعد أمتار، كانوا يجلسون تحت سلسلة من الأشجار في مركب رياضي يفتقد للهياكل الضرورية. اغتنمنا معرفتنا لأحدهم من أجل التقرب منهم بذريعة "باب النصح"، وكانت دهشتنا عند تفاخر هؤلاء الشباب بتناولهم للمخدرات من قبيل أنها أصبحت مثلها مثل السجائر في وقتنا الحالي.
وما عدا علال، الذي يعيش ظروفا اجتماعية قاهرة بعد طلاق والديه، ودخول والده السجن، فإن البقية يعيشون حياة ميسورة ويديرون مشاريع خاصة بهم ، لكنهم وجدوا أنفسهم في عالم المخدرات ومنها إلى عالم الانحراف والإجرام. يقول حمزة "أنا اشتغل في التجارة لصالحي وقد وفر لي والدي ظروف المعيشة اللائقة وبخاصة السيارة، لكن من الرجولة تناول المخدرات باعتبارها تعبير عن القوة والرجولة في آن واحد".
و المؤسف عند هؤلاء تنقلهم من المخدرات إلى ما هو اخطر أي حمل السلاح الأبيض واستعماله لأتفه الأسباب، حيث روى لنا علال كيف أصبح ابن عمه أحمد مجرما بين عشية وضحاها، حيث فعلت المخدرات فعلتها فيه ، وراح يتربص ليلا بضحاياه في إحدى مداخل الحي المظلمة من أجل سرقة هاتف نقال أو أموال ، لكنه لم يكن يتصور أن تتحول تلك الليلة المشؤومة إلى جريمة نكراء، حيث قام تحت تأثير المخدرات بتوجيه سلسلة من الطعنات لضحيته مرتكبا جريمة لم يكن من الصعب على الأمن الكشف عن طلاسمها وتم توقيف المعتدي ومعه سلاح الجريمة، وتم إيداعه الحبس بتهمة القتل العمدي.
سألنا المجموعة ماإن كان لكل واحد منهم سكين فقال عليلو أن الشارع لم يعد آمنا وهو عبارة عن عصابات تتحرك وبالتالي فإن حمل السكين أصبح أكثر من ضرورة من أجل مواجهة أي طارئ ،ولما سألناهم عن عدد المرات التي استعملوا فيها أسلحتهم البيضاء من أجل الاعتداءأجمعوا على أنهم استعملوها عدة مرات، وفي خمسة منها على الأقل أصابوا ضحاياهم بجروح بحجة الدفاع عن النفس.
وراح حمزة يروي وقوع زميله في أيدي مصالح الأمن قبل يوم من اللقاء مع مجموعته ، حيث اختار ضحيته تاجر جملة، فتح باب متجره في حدود الساعة الخامسة صباحا وبعد دخوله المحل تفاجأ بوجود شقيق التاجر بداخله وأمام هذا الوضع أخرج خنجره ووجه له أربع طعنات انتهت بسقوط الضحية سابحا في دمائه، ولم ينجو من الموت إلا بعد ثلاثة أيام من الغيبوبة في قاعة الإنعاش ، فوجهت للمعتدي تهمة محاولة القتل العمدي، وهي القضية التي أكد وقوعها مصدر أمني. الأماكن المظلمةوالأحياء الفقيرة أفضل فضاء للجريمة لقاؤنا الثاني مع عصابات الإجرام كان بـ"الصدفة" ، بعد أن كدنا أن نكون أحد الضحايا بحي شعبي يربط بين أحياء حسين داي وباش جراح ووادي أوشايح، تعرف بالمستوى المعيشي المتواضع لسكانها وكذلك بالإجرام، وكان الحي قبل سنة من هذه الحادثة قد شهد عدة عمليات إجرامية نفذتها مجموعات المراهقين ضد أشخاص غرباء، وبلغت حد التصفية الجسدية بين أفراد العصابات فيما بينهم.
كان الاعتداء"الوشيك" ضدنا في حدود الساعة التاسعة ليلا ، وكان الجو حينها مظلما ، وتفاجئناعند مدخل الحي المظلم بمراهق في حدود الثامنة عشر من العمر يخرج سكينا من الحجم الكبير، وقام ثلاثة من أعوانه بقطع الطريق من الجهة المقابلة لتنفيذ العملية، فتعرفنا على بعضنا باعتبار أننا ننحدر من نفس الحي ، وبالإضافة إلى الدهشة والخوف كانت التساؤلات كبيرة عن كيفية تحول أطفال صغار من والدين محترمين إلى وحوش بشرية. سألنا المعتدين عن أسباب قيامهم بهذا السلوك الغريب ، فكانت حجتهم الفقر المدفع وعدم قدرتهم على التكفل بمصاريفهم ومصاريف البيت.
يقول محمد ان أمه لم تعد تستطيع التكفل بإخوته وهي التي أفنت عمرها مطلقة "تشحت" أمام أبواب المساجد أين تربى هو وإخوته، فتركت الوضعية هذه أثرا نفسيا عميقا فيه، وجعلت منه وحشا لا يرغب إلا في الانتقام من المجتمع الذي ينظر إليه بنظرة دونية، كما صرح هو بنفسه.أما الطاهر فقد ألف هذه السلوكات كما يقول من أصدقائه الذين أدخلوه مرة في شجار بالسلاح الأبيض أدخله السجن ، وبما أنه ممن أهملوا دراستهم في سن مبكرة ، فانه لم يجد ملاذا إلا عصابته التي تتلخص يومياتها المتشابهة في النوم إلى غاية منتصف النهار تقريبا ثم الاستيقاظ والتوجه إلى الأسواق من أجل السرقة ليتم جمع ما يكفي لشراء المخدرات ب200 دينار جزائري (ما يعادل 2 يورو) لبضع جرامات من الحشيش المخدر، بالإضافة إلى المهدئات والمهلوسات، بينما يتم التوجه ليلا إلى الغابة المجاورة للحي وانتظار من يمر من المكان لمباغتته ، مع الأخذ بعين الاعتبار عدم التقرب إلى سكان الحي، حتى لا ينفضح أمرهم، وهو نفس نظام حياة أغلب "مافيا المراهقين " تقريبا.
وبعد إكمال الحديث،تظاهرت المجموعة بالانصراف لكن بعد لحظات استطعنا مراقبتهم من مكان مرتفع حيث كانوايعترضون طريق المارة، وأكد لنا سكان الحي وقوع عدة عمليات سرقة بالقوة والاعتداءبالخناجر وحتى السيوف من قبل ذات المجموعة على الأشخاص.
الجريمة أصبحت أقوى من الآفات المؤدية إليهاكان لنا لقاء مع ضابط شرطة يعمل في وحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، وقال إن الوضع تطور بشكل كبير جدا وإن استهلاك المخدرات أصبح ظاهرة مستفحلة وعلى نطاق واسع إلى درجة أن مصالح الأمن أصبح يهمها توقيف موزع المخدرات أكثر من توقيف المستهلكين، و تعتبر تحديد الجماعات التي تقوم بترهيب المواطنين والاعتداء عليهم أهم من مكافحة المخدرات في حد ذاتها.
روى لنا محدثنا مشاركته في عملية أمنية ، للإطاحة بجماعة من الشباب احترفت الإجرام في إحدى الحدائق الكبيرة في العاصمة الجزائر، أين خلقت الرعب وسط العائلات وزوار الحديقة ، مما استدعى إيفاد وحدة متخصصة، مشيرا إلى أن العصابة "وظفت" ناقلين وأصحاب محلات من أجل تنفيذ جرائمها. وكانت العصابة تقوم حسب مصدرنا الأمني بمباغتة الأزواج والعائلات في المناطق البعيدة عن مرأى الأمن وخاصة في حالات الخلوة ، ليتم توجيه طعنات بالسكين للرجال وتهديدهم بالقتل فيما يتم اغتصاب الفتيات أمام أعين مرافقيهن وتجريد الأزواج فيما بعد من كل ما يملكونه، وتنفذ العصابة جرائمها هذه، يضيف محدثنا، تحت تأثير الخمر والكحول والمخدرات التي يتاجرون فيها.
وبعدما بلغت عدد الشكاوى المقدمة أكثر من 120 شكوى، تمت الإطاحة بالرأس المدبر وأعوانه وشركائه، وما أثار استغراب ضابط الأمن هذا في برودة الدم التي ينفذ بها هؤلاء جرائمهم، وقال "انه أمر يدفع حقا لدق ناقوس الخطر".
وأخطر ما في الأمر أن تواجد قوات الأمن أصبح لا يردع هذه الفئات في كل الأحوال، حيث تواجه مافيا المراهقين أحيانا قوات الأمن بالسيوف ويوقعون ضحايا بينهم، وكنا شهود على عملية اعتداءبسيف على شابّ، فر بعدها المجرم بعدما لاحقته سيارة الأمن حاملا سيفه و محدثا هلعاوسط المارة ، وسرعان ما توارى عن الأنظار بعدما قام أصدقاؤه بعرقلة تقدم سيارات رجال الأمن.
وتعبر صور الصحف الجزائرية تلويح المجرمين بالسيوف والخناجر في وجه قوات الأمن عند كل احتجاجات اجتماعية أو معارك ضارية بالسيوف بين شبان الأحياء، عن مدى انتشار الجريمة التي لم تعد سلوكا يخفيه المعتدون بل أمرا واقعا بحاجة إلى حلول ناجعة لما تشكله من تهديد حقيقي لاستقرار المجتمع.
تشير أرقام جهاز الدرك الوطني خلال الربع الأول من العام الجاري، إلى تسجيل 1807 قضية ضرب وجرح عمديتورط فيها 2530 شخص، من بينهم 2390 ذكر و140 أنثى، أودع 2034 شخص منهم الحبس وتم الإفراج المؤقت عن 496 آخرين.
وحسب ذات المصدر، فان قضايا الضرب والجرح العمدي تأتي في المقدمة وتنتشرفي المدن الكبرى وفي الوسط الحضري بالدرجة الأولى ، باستعمال جميع الوسائل، منأدوات صناعية وخناجر وسيوف وقضبان حديدية.
واللافت في تقرير جهاز الدرك هو تورط الجنس اللطيف كذلك في تلك العمليات التي استفحلت في وسط المراهقين.
"المافيا الصغيرة" تتاجر في المخدرات ولا تتوانى في القتل
تقرّبنا من عالم "المافيا الصغيرة" بإحدى أحياء الجزائر العاصمة الشعبية الأهلة بالسكان، المحسوبة على منطقة "جسر قسنطينة" ، وهي منطقة تعد "مجمعا" كبيرا لعشرات الآلاف من السكان، تم جمعهم في سلسلة من الأحياء الشبيهة بالمراقد، بعدما استقدموا من الأحياء الشعبية الأكثر عنفا في العاصمة الجزائرية، وهي "باب الوادي" و"بلكور" و "الحراش" و "ديار الشمس"، و أحياء أخرى عانى فيها المواطنون كل أشكال الانحراف والإجرام على مدار عقود من الزمن.
كانت جلستنا مع أربعة شباب "حمزة" و عليلو وبوعلام وعلال، لا تتجاوز أعمارهم عشرون سنة وجدناهم في البداية ورائحة سجائر الحشيش تفوح من أفواههم على بعد أمتار، كانوا يجلسون تحت سلسلة من الأشجار في مركب رياضي يفتقد للهياكل الضرورية. اغتنمنا معرفتنا لأحدهم من أجل التقرب منهم بذريعة "باب النصح"، وكانت دهشتنا عند تفاخر هؤلاء الشباب بتناولهم للمخدرات من قبيل أنها أصبحت مثلها مثل السجائر في وقتنا الحالي.
وما عدا علال، الذي يعيش ظروفا اجتماعية قاهرة بعد طلاق والديه، ودخول والده السجن، فإن البقية يعيشون حياة ميسورة ويديرون مشاريع خاصة بهم ، لكنهم وجدوا أنفسهم في عالم المخدرات ومنها إلى عالم الانحراف والإجرام. يقول حمزة "أنا اشتغل في التجارة لصالحي وقد وفر لي والدي ظروف المعيشة اللائقة وبخاصة السيارة، لكن من الرجولة تناول المخدرات باعتبارها تعبير عن القوة والرجولة في آن واحد".
و المؤسف عند هؤلاء تنقلهم من المخدرات إلى ما هو اخطر أي حمل السلاح الأبيض واستعماله لأتفه الأسباب، حيث روى لنا علال كيف أصبح ابن عمه أحمد مجرما بين عشية وضحاها، حيث فعلت المخدرات فعلتها فيه ، وراح يتربص ليلا بضحاياه في إحدى مداخل الحي المظلمة من أجل سرقة هاتف نقال أو أموال ، لكنه لم يكن يتصور أن تتحول تلك الليلة المشؤومة إلى جريمة نكراء، حيث قام تحت تأثير المخدرات بتوجيه سلسلة من الطعنات لضحيته مرتكبا جريمة لم يكن من الصعب على الأمن الكشف عن طلاسمها وتم توقيف المعتدي ومعه سلاح الجريمة، وتم إيداعه الحبس بتهمة القتل العمدي.
سألنا المجموعة ماإن كان لكل واحد منهم سكين فقال عليلو أن الشارع لم يعد آمنا وهو عبارة عن عصابات تتحرك وبالتالي فإن حمل السكين أصبح أكثر من ضرورة من أجل مواجهة أي طارئ ،ولما سألناهم عن عدد المرات التي استعملوا فيها أسلحتهم البيضاء من أجل الاعتداءأجمعوا على أنهم استعملوها عدة مرات، وفي خمسة منها على الأقل أصابوا ضحاياهم بجروح بحجة الدفاع عن النفس.
وراح حمزة يروي وقوع زميله في أيدي مصالح الأمن قبل يوم من اللقاء مع مجموعته ، حيث اختار ضحيته تاجر جملة، فتح باب متجره في حدود الساعة الخامسة صباحا وبعد دخوله المحل تفاجأ بوجود شقيق التاجر بداخله وأمام هذا الوضع أخرج خنجره ووجه له أربع طعنات انتهت بسقوط الضحية سابحا في دمائه، ولم ينجو من الموت إلا بعد ثلاثة أيام من الغيبوبة في قاعة الإنعاش ، فوجهت للمعتدي تهمة محاولة القتل العمدي، وهي القضية التي أكد وقوعها مصدر أمني. الأماكن المظلمةوالأحياء الفقيرة أفضل فضاء للجريمة لقاؤنا الثاني مع عصابات الإجرام كان بـ"الصدفة" ، بعد أن كدنا أن نكون أحد الضحايا بحي شعبي يربط بين أحياء حسين داي وباش جراح ووادي أوشايح، تعرف بالمستوى المعيشي المتواضع لسكانها وكذلك بالإجرام، وكان الحي قبل سنة من هذه الحادثة قد شهد عدة عمليات إجرامية نفذتها مجموعات المراهقين ضد أشخاص غرباء، وبلغت حد التصفية الجسدية بين أفراد العصابات فيما بينهم.
كان الاعتداء"الوشيك" ضدنا في حدود الساعة التاسعة ليلا ، وكان الجو حينها مظلما ، وتفاجئناعند مدخل الحي المظلم بمراهق في حدود الثامنة عشر من العمر يخرج سكينا من الحجم الكبير، وقام ثلاثة من أعوانه بقطع الطريق من الجهة المقابلة لتنفيذ العملية، فتعرفنا على بعضنا باعتبار أننا ننحدر من نفس الحي ، وبالإضافة إلى الدهشة والخوف كانت التساؤلات كبيرة عن كيفية تحول أطفال صغار من والدين محترمين إلى وحوش بشرية. سألنا المعتدين عن أسباب قيامهم بهذا السلوك الغريب ، فكانت حجتهم الفقر المدفع وعدم قدرتهم على التكفل بمصاريفهم ومصاريف البيت.
يقول محمد ان أمه لم تعد تستطيع التكفل بإخوته وهي التي أفنت عمرها مطلقة "تشحت" أمام أبواب المساجد أين تربى هو وإخوته، فتركت الوضعية هذه أثرا نفسيا عميقا فيه، وجعلت منه وحشا لا يرغب إلا في الانتقام من المجتمع الذي ينظر إليه بنظرة دونية، كما صرح هو بنفسه.أما الطاهر فقد ألف هذه السلوكات كما يقول من أصدقائه الذين أدخلوه مرة في شجار بالسلاح الأبيض أدخله السجن ، وبما أنه ممن أهملوا دراستهم في سن مبكرة ، فانه لم يجد ملاذا إلا عصابته التي تتلخص يومياتها المتشابهة في النوم إلى غاية منتصف النهار تقريبا ثم الاستيقاظ والتوجه إلى الأسواق من أجل السرقة ليتم جمع ما يكفي لشراء المخدرات ب200 دينار جزائري (ما يعادل 2 يورو) لبضع جرامات من الحشيش المخدر، بالإضافة إلى المهدئات والمهلوسات، بينما يتم التوجه ليلا إلى الغابة المجاورة للحي وانتظار من يمر من المكان لمباغتته ، مع الأخذ بعين الاعتبار عدم التقرب إلى سكان الحي، حتى لا ينفضح أمرهم، وهو نفس نظام حياة أغلب "مافيا المراهقين " تقريبا.
وبعد إكمال الحديث،تظاهرت المجموعة بالانصراف لكن بعد لحظات استطعنا مراقبتهم من مكان مرتفع حيث كانوايعترضون طريق المارة، وأكد لنا سكان الحي وقوع عدة عمليات سرقة بالقوة والاعتداءبالخناجر وحتى السيوف من قبل ذات المجموعة على الأشخاص.
الجريمة أصبحت أقوى من الآفات المؤدية إليهاكان لنا لقاء مع ضابط شرطة يعمل في وحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، وقال إن الوضع تطور بشكل كبير جدا وإن استهلاك المخدرات أصبح ظاهرة مستفحلة وعلى نطاق واسع إلى درجة أن مصالح الأمن أصبح يهمها توقيف موزع المخدرات أكثر من توقيف المستهلكين، و تعتبر تحديد الجماعات التي تقوم بترهيب المواطنين والاعتداء عليهم أهم من مكافحة المخدرات في حد ذاتها.
روى لنا محدثنا مشاركته في عملية أمنية ، للإطاحة بجماعة من الشباب احترفت الإجرام في إحدى الحدائق الكبيرة في العاصمة الجزائر، أين خلقت الرعب وسط العائلات وزوار الحديقة ، مما استدعى إيفاد وحدة متخصصة، مشيرا إلى أن العصابة "وظفت" ناقلين وأصحاب محلات من أجل تنفيذ جرائمها. وكانت العصابة تقوم حسب مصدرنا الأمني بمباغتة الأزواج والعائلات في المناطق البعيدة عن مرأى الأمن وخاصة في حالات الخلوة ، ليتم توجيه طعنات بالسكين للرجال وتهديدهم بالقتل فيما يتم اغتصاب الفتيات أمام أعين مرافقيهن وتجريد الأزواج فيما بعد من كل ما يملكونه، وتنفذ العصابة جرائمها هذه، يضيف محدثنا، تحت تأثير الخمر والكحول والمخدرات التي يتاجرون فيها.
وبعدما بلغت عدد الشكاوى المقدمة أكثر من 120 شكوى، تمت الإطاحة بالرأس المدبر وأعوانه وشركائه، وما أثار استغراب ضابط الأمن هذا في برودة الدم التي ينفذ بها هؤلاء جرائمهم، وقال "انه أمر يدفع حقا لدق ناقوس الخطر".
وأخطر ما في الأمر أن تواجد قوات الأمن أصبح لا يردع هذه الفئات في كل الأحوال، حيث تواجه مافيا المراهقين أحيانا قوات الأمن بالسيوف ويوقعون ضحايا بينهم، وكنا شهود على عملية اعتداءبسيف على شابّ، فر بعدها المجرم بعدما لاحقته سيارة الأمن حاملا سيفه و محدثا هلعاوسط المارة ، وسرعان ما توارى عن الأنظار بعدما قام أصدقاؤه بعرقلة تقدم سيارات رجال الأمن.
وتعبر صور الصحف الجزائرية تلويح المجرمين بالسيوف والخناجر في وجه قوات الأمن عند كل احتجاجات اجتماعية أو معارك ضارية بالسيوف بين شبان الأحياء، عن مدى انتشار الجريمة التي لم تعد سلوكا يخفيه المعتدون بل أمرا واقعا بحاجة إلى حلول ناجعة لما تشكله من تهديد حقيقي لاستقرار المجتمع.