تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

مفتاح الشَّرع الذَّهبي

06/11/2025 - د. مهنا بلال الرشيد

هل يعرف السوريون بعضهم بعضا؟

29/10/2025 - فارس الذهبي

كلمة للفائزين بعضوية مجلس الشعب السوري

26/10/2025 - ياسر محمد القادري

سورية بين ثلاث مدارس للحكم والسياسة

13/10/2025 - ياسين الحاج صالح

اوروبا تستعد للحرب

13/10/2025 - د. إبراهيم حمامي

من الفزعة إلى الدولة

13/10/2025 - حسان الأسود

انتخاب أم اصطفاء في سورية؟

13/10/2025 - احمد طعمة


سوق واعد ..بريطانيا تعلن استعدادها للانخراط الاقتصادي مع سوريا




أعلنت وزارة الأعمال والتجارة البريطانية في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر 2025 عن إصدار دليل شامل بعنوان «العمل في سوريا: دليل التجارة والتصدير»، موجّه إلى الشركات البريطانية الراغبة في دخول السوق السورية أو توسيع أعمالها فيها، مؤكدة أن سوريا تمثل سوقاً محتملة ذات عوائد مرتفعة رغم التحديات والمخاطر القائمة.
ويُعد هذا الدليل أول وثيقة رسمية من نوعها تصدر عن الحكومة البريطانية منذ أكثر من خمسة عشر عاماً تتناول سوريا بوصفها وجهة استثمارية ممكنة، وتعرض بشكل تفصيلي الفرص الاقتصادية والقيود القانونية والأمنية والمالية التي تواجه المستثمرين البريطانيين هناك، في خطوة وُصفت في الأوساط الاقتصادية البريطانية بأنها إشارة إلى انفتاح اقتصادي جديد تجاه دمشق


 نظرة عامة على الصادرات البريطانية إلى سوريا

أكدت وزارة الأعمال والتجارة البريطانية أن سوريا تُعد سوقاً ذات إمكانات مرتفعة للشركات البريطانية التي تسعى إلى توسيع نشاطها الخارجي، مشيرة إلى أن الحكومة السورية الجديدة تعمل على تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي من خلال عملية انتقالية تهدف إلى التعافي الاقتصادي. وبحسب الدليل، ما تزال سوريا مصنفة كدولة ذات دخل متوسط أدنى وفق تصنيفات البنك الدولي، غير أن هناك فرصاً تجارية كبيرة، ومن المتوقع أن يتزايد حجم هذه الفرص خلال السنوات المقبلة مع تحسن الظروف الميدانية والإدارية.
وذكرت الوزارة أن المزايا الأساسية أمام الشركات البريطانية تشمل وجود حكومة جديدة تسعى لتسهيل الاستثمار الخارجي وتسريع إصلاح القطاع العام، إضافة إلى «تقدير السوق السورية الكبير للبضائع والخدمات البريطانية»، و«العودة المتسارعة للنازحين السوريين بعد أكثر من عقد من الحرب»، ما يعزز القدرات الإنتاجية والطلب الداخلي.
ودعت الوزارة الشركات المهتمة إلى التواصل مع «الوكالة البريطانية لتمويل الصادرات»  للحصول على معلومات حول تمويل التجارة والتأمين ضد المخاطر التجارية في سوريا، مشيرة إلى إمكانية الاطلاع على الوضع الحالي لتغطية   في السوق السورية.

التحديات والمخاطر في بيئة الأعمال السورية

أقرّ التقرير بأن السوق السورية ما تزال «بيئة صعبة» للعمل التجاري نتيجة آثار الحرب الطويلة التي أدت إلى تراجع حاد في الاستثمارات العامة والخاصة. وحدد أبرز المشكلات التي تواجه المستثمرين الأجانب، وهي المخاوف الأمنية، وغياب الشفافية، واستمرار حالة عدم اليقين السياسي، واحتلال سوريا مراتب متدنية في مؤشرات الفساد العالمية، وضعف البنية التحتية والقطاع المصرفي.
وشددت الوزارة على ضرورة التزام الشركات البريطانية بالقوانين البريطانية، وخاصة «قانون مكافحة الرشوة»   داعية رجال الأعمال إلى الاطلاع على الإرشادات الحكومية لتجنب الوقوع في مخالفات فساد أو تعاملات مالية غير مشروعة.
وفي ما يتعلق بالوضع الأمني، أشار التقرير إلى أن سوريا ما تزال تشهد حالة من «الهشاشة الأمنية» بعد أكثر من عقد من الصراع، وأن بعض المناطق — مثل شمال شرق البلاد ومحافظة السويداء — لا تخضع حالياً لسيطرة الحكومة السورية، ما يفرض على المستثمرين مراعاة توصيات وزارة الخارجية البريطانية المتعلقة بالسفر إلى سوريا قبل اتخاذ قراراتهم.

مؤشرات النمو الاقتصادي والانتعاش المحتمل

أوضحت الوثيقة أن الوضع الاقتصادي الكلي في سوريا يعكس آثار أكثر من عشر سنوات من الحرب المدمّرة، إلا أنه يُظهر مؤشرات محدودة على التعافي. واستشهد التقرير بتقييم البنك الدولي الصادر في حزيران/يونيو 2025، والذي أفاد بأن الاقتصاد السوري انكمش إلى أقل من نصف حجمه بين عامي 2010 و2024، حيث تراجع الدخل القومي للفرد من 2500 دولار إلى 830 دولاراً، مع بقاء نحو 90% من السكان تحت خط الفقر، وعيش ربعهم في فقر مدقع بأقل من 2.15 دولار يومياً، فيما يعيش 67% من السوريين على أقل من 3.65 دولار يومياً.
ورغم ذلك، توقعت الوزارة أن يحقق الاقتصاد السوري نموّاً بنسبة 1% خلال عام 2025، معتبرة ذلك تحولاً إيجابياً بعد سنوات من الانكماش. لكنها نبهت إلى أن النمو يظل مقيداً بضعف النظام المالي وبقاء بيئة الأمن هشة، كما أن خزانة الدولة شبه فارغة، مما يعني أن مخاطر التمويل في المشاريع الكبرى ستقع غالباً على عاتق المستثمرين من القطاع الخاص. وأشارت إلى أن الحكومة السورية سعت لمعالجة هذه التحديات بإصدار قانون استثمار جديد في تموز/يوليو 2025 يهدف إلى تحفيز الاستثمارات الدولية.

الشراكات الإقليمية وممرات الدخول إلى السوق السورية

ذكرت الوزارة أن دول الخليج وتركيا ولبنان ودول المشرق الأخرى يمكن أن تشكل بوابات محتملة لدخول الشركات البريطانية إلى السوق السورية، وخاصة للشركات التي لا تستطيع حالياً إرسال ممثلين إلى سوريا لأسباب أمنية. لكنها نقلت عن رجال أعمال سوريين تأكيدهم على أن النجاح الحقيقي في السوق السورية يتطلب وجوداً مباشراً داخل البلاد لضمان الثقة وبناء الشراكات المحلية.

العلاقات التجارية بين بريطانيا وسوريا

أفادت وزارة الأعمال والتجارة البريطانية بأن إجمالي حجم التجارة في السلع والخدمات بين البلدين بلغ 6 ملايين جنيه إسترليني في الأرباع الأربعة المنتهية في الربع الأول من عام 2025، بزيادة قدرها 500% (أي 5 ملايين جنيه) مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024. وأوضحت الأرقام أن الصادرات البريطانية إلى سوريا بلغت 5 ملايين جنيه إسترليني بزيادة 400%، بينما بلغت الواردات السورية إلى بريطانيا مليون جنيه إسترليني بعد أن كانت شبه معدومة في العام السابق.

أبرز الفرص الاقتصادية والقطاعات الجاذبة

أشار الدليل إلى أن الفرص المتاحة أمام الشركات البريطانية تتركز في المدى القصير حول عقود كبرى مع الحكومة السورية أو مؤسساتها لمعالجة الاحتياجات العاجلة في قطاعات الطاقة والبنية التحتية والخدمات الأساسية. وأوضح أن هذا النوع من الاستثمارات قد يواجه عراقيل مالية أقل، لاسيما بعد التعديلات الأخيرة في نظام العقوبات البريطاني.
قطاع الطاقة
رغم اعتماد الاقتصاد السوري على النفط، أشار التقرير إلى أن الحكومة البريطانية أوقفت منذ نيسان/أبريل 2021 دعمها لمشروعات الوقود الأحفوري خارج البلاد، في إطار سياساتها الانتقالية نحو الطاقة الخضراء، لكنها دعت الشركات المتخصصة للتواصل مع وحدة الشرق الأوسط وآسيا الباسيفيكية للاستفسار عن فرص في مجالات الطاقة والتحول المستدام.
البنية التحتية
أكدت الوثيقة أن البنية التحتية السورية تعاني دماراً واسعاً بعد أكثر من عقد من الحرب، ما يجعلها من أكثر القطاعات حاجة للاستثمار. وتشمل الفرص مشاريع المياه، والإسكان، والاتصالات، وشبكات الكهرباء.
الدفاع والأمن
ذكرت الوزارة أن هناك طلباً متزايداً في سوريا على معدات وخبرات الأمن والدفاع السيبراني والبدني، مع اتساع نطاق الشركات التي تبحث عن فرص دخول السوق السورية.
القطاع الصحي
أبرز التقرير النقص الحاد في المستلزمات الطبية والمرافق الصحية بسبب الحرب، مشيراً إلى أن هناك فرصاً أمام الشركات البريطانية في بناء المستشفيات وتوريد المعدات والأدوية، وتقديم التدريب الطبي.
الخدمات المالية
وصف التقرير القطاع المالي السوري بأنه «ضعيف ويحتاج إلى إصلاح شامل»، محدداً مجالات عدة للشركات البريطانية، من بينها تقديم المشورة للحكومة بشأن إصلاح الأنظمة المصرفية، وتطوير الخدمات المالية، وتقديم الخدمات المصرفية الاستثمارية وتمويل المشاريع، إضافة إلى برامج بناء القدرات وإصلاح الموازنة العامة.

شروط تأسيس الأعمال والاستثمار في سوريا

أوصت وزارة الأعمال الشركات البريطانية الراغبة في دخول السوق السورية بأن تكون من المؤسسات المتوسطة أو الكبيرة ذات الخبرة المسبقة في أسواق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مشيرة إلى أن السوق السورية تتطلب قدرة عالية على تحمّل المخاطر.
وبيّن التقرير أن أمام المستثمرين ثلاثة خيارات رئيسية للعمل في سوريا: المشاركة في كيان محلي كشركة مشتركة، أو تأسيس فرع رسمي، أو تعيين وكيل أو موزع محلي موثوق. كما نصحت الوزارة الشركات الراغبة بتقليل المخاطر عبر ترتيب مستوى مناسب من الحماية الأمنية والتأمين التجاري من خلال مجموعة شركات الأمن في البيئات المعقدة 
وأشار التقرير إلى أن قانون الاستثمار السوري الجديد لعام 2025 تضمن إصلاحات واسعة أبرزها نقل «هيئة الاستثمار السورية» من تبعية وزارة الاقتصاد إلى رئاسة الجمهورية، وتوسيع ضمانات الملكية، وتبسيط إجراءات التراخيص، ومنح حوافز ضريبية وجمركية إضافية في قطاعات الزراعة والسياحة والنقل. كما أوضح أن القانون أدخل تحسينات قانونية تتماشى مع المعايير الدولية للتحكيم التجاري، مما يوفر حماية أكبر للمستثمرين الأجانب.

الإطار القانوني والعقوبات

ذكّرت وزارة الأعمال الشركات البريطانية بضرورة الامتثال الكامل للعقوبات البريطانية على الأنشطة التجارية، مشيرة إلى أن على الشركات مراجعة إرشادات العقوبات واستشارة محامين محليين قبل البدء بأي نشاط في سوريا.
ولفتت الوثيقة إلى أن المملكة المتحدة رفعت في 24 نيسان/أبريل 2025 العقوبات عن عدد من القطاعات الحيوية، مثل التجارة والتمويل والنقل والطاقة، لكنها أبقت العقوبات الموجهة ضد شخصيات مرتبطة بالنظام السابق. وأكدت أن الحكومة السورية الحالية ومؤسساتها الرسمية ليست مدرجة على قوائم العقوبات البريطانية.
كما أشار التقرير إلى أن سوريا عضو في المنظمة الدولية للتقييس وأن «الهيئة السورية للمواصفات والمقاييس» (SASMO) تتولى مسؤولية ضبط الجودة والتقييس، فيما يظل تنفيذ حقوق الملكية الفكرية تحدياً قائماً رغم عضوية سوريا في اتفاقيات باريس ومنظمة الملكية الفكرية والاتفاقية العربية لحماية حقوق المؤلفين.
السلوك التجاري والثقافة المهنية
أكد الدليل أن اللغة الرسمية للأعمال في سوريا هي العربية، وأن أسبوع العمل يمتد من الأحد إلى الخميس. كما أوصى بعدم فرض قيود على الملبس، لكنه شدد على أن اللباس المحافظ مستحب للنساء تماشياً مع العادات الاجتماعية.

متطلبات الدخول والسفر

أوضحت الوزارة أن وزارة الخارجية والكومنولث البريطانية   لا تزال تنصح بعدم السفر إلى سوريا بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة، محذّرة من خطر الهجمات الإرهابية. كما أشارت إلى أن الدعم القنصلي غير متاح داخل سوريا، داعية المواطنين البريطانيين إلى التواصل مع مكتب الوزارة في لندن عند الحاجة.
كما نصحت الوزارة الراغبين في السفر رغم التحذيرات بالحصول على تأمين شامل يغطي حالات الطوارئ، وترتيبات أمنية قوية، وخطط طوارئ واضحة، مؤكدة ضرورة الحصول على تأشيرة دخول عبر منصة التأشيرات الإلكترونية السورية   التي تستغرق عادة بين خمسة إلى سبعة أيام عمل لمعالجة الطلب.
بهذا تكون الوثيقة البريطانية الجديدة قد رسمت خريطة تفصيلية هي الأولى منذ أكثر من عقد ونصف للعلاقة التجارية الممكنة بين لندن ودمشق، مقدّمةً إطاراً اقتصادياً شاملاً يعكس تحوّلاً تدريجياً في المقاربة الغربية تجاه سوريا بعد مرحلة طويلة من العزلة والعقوبات.

شبكة شام
الخميس 6 نوفمبر 2025