نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

(سوريا بين حرب أهلية ومشاريع تقسيم؟)

05/05/2025 - عبدالوهاب بدرخان

دلالات التصعيد الإسرائيلي في سوريا

04/05/2025 - العميد المتقاعد مصطفى الشيخ

السياسة المزدوجة

25/04/2025 - لمى قنوت

نظرة في الإعلان الدستوري

26/03/2025 - لمى قنوت


الحل الواقعي للجنوب السوري تشكيل قوة مشتركة من الحكومة الانتقالية والدروز




إسرائيل تسعى للضغط على الحكومة السورية لوقف العنف بحق الدروز إلا أن محاولة الضغط تفترض أن الحكومة تسيطر فعليا على المقاتلين السنة الذين يهاجمون المجتمعات الدرزية قرب دمشق. كثير من هؤلاء المقاتلين هم مجموعات محلية غير منظمة تهاجم الدروز بشكل مستقل. كما أن بعض القوات الحكومية نفسها شاركت في الهجمات على الدروز. لكن في المقابل نشرت الحكومة وحدات من جهاز الأمن العام لحماية المناطق الدرزية وتتعاون بعض هذه القوات مع المقاتلين المحللين الدروز لصد هجمات المقاتلين السنة.


 
  هذا التباين يشير إلى أن الحكومة لا تمارس سيطرة كاملة على قواتها وأنها تواجه صعوبات في ضبط بعض مكونات التحالف الحاكم. إضافة إلى الطبيعة المحلية للمهاجمين مما يجعل من المستحيل فعليا استخدام الضربات الجوية للضغط بفعالية على الحكومة السورية لوقف الهجمات.

  من المرجح أن دمشق نفسها تسعى بالفعل لوقف أعمال العنف إذ إن الهجمات على الدروز تتسبب في تعقيد قدرتها على الحصول على الدعم الخارجي اللازم للحفاظ على السلطة.

  الضربات الجوية من غير المرجح أن تُجبر الحكومة السورية على وقف المتطرفين.

  قدرة الحكومة المحدودة على ضبط الجماعات المتطرفة تعني أنه حتى لو طالبتهم رسميا بوقف الهجمات، فإن تأثير ذلك قد يكون ضئيلا أو معدوما.
كما أن الضربات الجوية ستفاقم من صعوبات الحكومة في السيطرة على الوضع واحتواء العنف.

  يبقى من غير الواضح كيف يمكن لإسرائيل أن تضمن أمن الطائفة الدرزية في محيط دمشق إذا فشلت الضربات الجوية في تحقيق أهدافها. فالضربات الجوية، إن فشلت، لن تمنع المتطرفين السنة من قتل أو إيذاء الدروز.

  وحدها القوات البرية يمكنها توفير الحماية الفعلية للمجتمعات الدرزية.
ولكن من غير الواضح ما إذا كانت إسرائيل قادرة أو مستعدة لتوفير هذه الحماية في مناطق مثل صحنايا وجرمانا. مثل هذا التدخل البري سيكون عملية عسكرية معقدة للغاية، ومع غياب الدعم الشعبي الدرزي للتدخل الإسرائيلي والمخاطر الكبيرة لزعزعة استقرار المنطقة، فمن المرجح أن يفشل التدخل ويزيد من التهديدات على إسرائيل من خلال تمكين المتطرفين. وقد خرج بعض الدروز بالفعل في احتجاجات ضد التدخل الإسرائيلي في سوريا.

  الطريق الواقعي الوحيد لتأمين الدروز من المتطرفين السنة هو تشكيل قوة مشتركة من الدروز والحكومة الانتقالية مع تحييد العناصر الموالية للنظام داخل الطائفة.

  العنف الحالي ليس ببساطة بين الحكومة والدروز بل تشارك فيه فصائل درزية موالية للحكومة وميليشيات درزية مرتبطة بشبكات النظام السابق ومقاتلون سنة محليون وقوات حكومية لها صلات سابقة بهيئة تحرير الشام وغيرها.

  المجتمع الدرزي السوري يعد مجتمعا متنوعا سياسيا وقد دخل بعض الزعماء الدروز في مفاوضات مع الحكومة لإنهاء العنف وقد لوحظ تعاون بين وحدات الأمن العام ومقاتلين دروز على الأرض.

  قرار من دمشق بالاعتماد على وحدات مشتركة قد يؤدي إلى تهدئة الوضع وتعزيز سيطرة الحكومة على معاقل تقليدية للنظام مثل جرمانا. وقد بدأت الحكومة بالفعل باتخاذ خطوات لتشكيل مثل هذه الوحدات.

  يبدو أن قرار الحكومة بالتواصل الفوري مع القادة المحليين والتعاون مع بعض الميليشيات الدرزية يشير إلى أن الرئيس الانتقالي أحمد الشرع وحلفاءه قد تعلّموا من تجاربهم مع الميليشيات العلوية في غرب سوريا، حيث ساهم الفشل في إشراك القادة المحليين في استمرار التوتر.

  بذلت دمشق جهودا جادة للحد من العنف الطائفي بين المتطرفين السنة والمقاتلين الدروز، والمدنيين، وقوات الأمن. فقد طوقت وحدات الأمن العام منطقة صحنايا ومنعت دخول مجموعات سنية خارجية إضافية شاركت في الاشتباكات ضد الدروز. كما أمرت الحكومة فورا قائد “الفرقة 40” العقيد بنيان الحري (أبو فارس درعا) القائد السابق في أحرار الشام بنشر قواته في بلدة “الصورة كبيرة” لتأمين المنطقة بعد اندلاع اشتباكات بين مقاتلين بدو ومجموعات درزية على طريق دمشق - السويداء. وبدأت القوات الحكومية بالانتشار على الحدود بين محافظتي السويداء ودرعا في 1 أبريل، بعد عدة هجمات شنّتها جماعات بدوية على بلدات درزية في غرب السويداء.
ومن المتوقع أن تنتشر قوات الأمن قريبًا في عموم محافظة السويداء.

  كل هذه الخطوات الملموسة تشير إلى أن الحكومة الانتقالية بدأت تتعلم كيفية احتواء العنف الطائفي بشكل أكثر فاعلية وإعادة بناء الثقة المحلية، منذ أن اجتاح العنف الطائفي الساحل السوري في مارس 2025.

  تعرف مؤسسة دراسة الحرب  ومركز تحليل السياسات   العنف بين الطائفتين المسلمة والدرزية على أنه “عنف طائفي  وليس “عنف مذهبي  ، لأن مصطلح “العنف المذهبي” يُشير إلى العنف بين طوائف دينية مختلفة داخل نفس الدين (مثل السنة والشيعة في الإسلام)، بينما يُشير “العنف الطائفي” إلى العنف بين أديان مختلفة. ويعتبر معظم الدروز أنفسهم طائفة دينية مستقلة عن الإسلام.

  واصل كبار الزعماء الدروز التواصل مع الحكومة الانتقالية السورية، رغم أن الشيخ الدرزي حكمت الهجري وجه إدانة علنية للحكومة. فقد اجتمع ليث البلعوس، زعيم “رجال الكرامة”، واثنان من مشايخ الدروز البارزين مع محافظي السويداء ودرعا والقنيطرة في 30 أبريل، واتفقوا على وقف إطلاق النار في جرمانا وأشرفية صحنايا. لكن الشيخ حكمت الهجري أصدر بعد اللقاء بيانا ناريا شبّه فيه الهجمات الأخيرة على المجتمع الدرزي بالمجازر التي استهدفت العلويين على الساحل في أوائل مارس.

  رغم الانقسامات الواضحة بين الزعماء الدروز حول التعامل مع الحكومة إلا أن ذلك لم يمنع ليث البلعوس وزعماء دروز آخرين من التفاوض على ما يبدو بشأن نشر قوات الأمن العام في عموم محافظة السويداء.
 

معهد دراسة الحرب- رأفت الرفاعي
الخميس 8 ماي 2025