نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

التريمسة...حين يلتقي العائد بظلّه

24/06/2025 - عبير داغر إسبر

انهيار إمبراطورية إيران

17/06/2025 - براءة الحمدو

حزب حاكم جديد في سورية

08/06/2025 - بشير البكر

المفتي قبلان صاحب الرؤية

02/06/2025 - يوسف بزي

المثقف من قرامشي إلى «تويتر»

24/05/2025 - د. عبدالله الغذامي :

التانغو" فوق حطام المنطقة

22/05/2025 - عالية منصور


الديمقراطية اللبنانية سلطة تورث أباً عن جدّ في تقاسم للمغانم بين الطوائف دون أمل في التغيير




بيروت - فاديا عازار - لا تشبه الديمقراطية في لبنان ديمقراطيات الدول الغربية، بل تقوم بتوزيع السلطات على الطوائف الثماني عشرة المؤلفة للنسيج الاجتماعي اللبناني، ويطلق عليها اسم الديمقراطية التوافقية


لم تفلح محاولات الحركات الفكرية لنشر القناعة بضرورة تغيير طبيعة النظام الطائفي بلبنان
لم تفلح محاولات الحركات الفكرية لنشر القناعة بضرورة تغيير طبيعة النظام الطائفي بلبنان
وتقضي الديمقراطية التوافقية في نظام الحكم الديمقراطي البرلماني اللبناني، بتوزيع كافة المناصب والمراكز والوظائف بين الفئات الدينية والطائفية التي يتكون منها المجتمع اللبناني، بحيث يكون الاعتبار الأول للتوازن الطائفي

وبحسب هذه الديمقراطية، تكون رئاسة الجمهورية للموارنة، ورئاسة الوزراء للسنة ، أما رئاسة مجلس النواب فهي للشيعة.

والديمقراطيّة بمعنَاها الواسع هي نظام اجتماعي يسير عليه المجتمع ويشير إلى ثقافةٍ سياسيّة وأخلاقية معيّنة تتجلى فيها مفاهيم تتعلق بضرورة تداول السلطة سلميا وبصورة دورية، لكن السلطة في لبنان بعيداً عن التداول السلمي صارت تورث أبّاً عن جد .

ويعتبر البعض أن ديمقراطية التوافق بين فئات المجتمع اللبناني هي ضرورة، ولا تستقيم الحياة السياسية اللبنانية بدونها، فيما يعتبر آخرون أن هذا النوع من الديمقراطية الذي يمثل الوجه الآخر للطائفية السياسية هو علّة العلل وينبغي التخلص منها.

وقال النائب في البرلمان اللبناني وأستاذ مادة فقه اللغة في الجامعة اللبنانية الدكتور مروان فارس لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ ) "الديمقراطية في لبنان، هي ديمقراطية اتفاق الطوائف وهي بعيدة جداً عن الديمقراطية المعروفة في البلدان الغربية " .

ورغم أن نظام الحكم في لبنان يبدو جذاباً، إلا أن له كلفته، فأي تغيير في توازن القوى الطائفية والمذهبية التي يتشكل منها المجتمع، بغض النظر عما إذا كان سببه عدم الرضا الداخلي أو التدخل الخارجي، يمكنه أن يسبب حرباً واقتتالاً بين هذه القوى.

وأضاف فارس"عندما تختلف هذه الطوائف فيما بينها بسبب ارتباطها بمرجعياتها الخارجية ، تتسبب باندلاع حرب، صار لبنان يتذوق مرارتها كل عشر سنوات تقريباً".

ويعتقد البعض أن الديمقراطية الموجودة في لبنان ليست حقيقية بل هي ديمقراطية موهومة، لا تخرج عن إطار الشكليات العامة لما يعرف بالديمقراطية.

وأضاف فارس " هذه الطائفية والمذهبية أتت مع الاستعمار الفرنسي وتثبتت من قبل الاستعمار الغربي في لبنان، ولا أعتقد أنه بإمكاننا في لبنان أن نصل إلى نظام ديمقراطي فعلي إلا إذا تخلينا عن الطائفية".

ويرى البعض أن الديمقراطية في لبنان تبقى غير قابلة للتطبيق طالما هي خاضعة لمعايير التوازن الطائفي.

وطالب فارس "بإلغاء المحاصصة الطائفية التي تجعل لبنان أبعد ما يكون عن الديمقراطية ، حتى الأحزاب العلمانية تخضع لهذا النظام ، وللقاعدة الطائفية في انتخاب النواب".

وقال الدكتور أدونيس عكره، أستاذ مادة تاريخ الفلسفة الحديثة والمعاصرة في الجامعة اللبنانية، لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب.أ )" النظام الدستوري في لبنان، هو نظام ديمقراطي بكل ما للكلمة من مضمون، ففي لبنان الشعب هو مصدر السلطة، كما أن الدستور اللبناني ينصّ على الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، والمساواة بين أفراد الشعب ، وحرية الرأي والتعبير".

ويقوم النظام اللبناني على مبدأي الفصل بين السلطات وتوازنها، وتمارس السلطات مسؤولياتها بالتعاون في ما بينها.

ويتولى السلطة التشريعية مجلس نيابي مؤلف من 128 نائباً، يُنتخب أعضاؤه مباشرةً من الشعب لولاية مدتها أربع سنوات، وينتخب المجلس من بينهم رئيساً لولاية مماثلة.

وأضاف عكره "لكن الديمقراطية في لبنان من الناحية التطبيقية هي غير كافية وغير تامة ، بسبب وجود معيقات تكبلها، فالمادة التاسعة في الدستور تعطي الطوائف حق التشريع في الأحوال الشخصية وتنتزع هذا الحق من الشعب، ثم إن حرية المعتقد والرأي والتعبير موجودة في النص الدستوري وهي متوفرة في التطبيق إلى حد بعيد ولكنها مرتبطة بحاجات الناس المرتبطة بدورها بمن يؤمن هذه الحاجات".

ويتولى مجلس الوزراء في لبنان السلطة التنفيذية، وهو الذي يضع السياسة العامة للبلاد في جميع المجالات ويسهر على تطبيقها وفقاً للقوانين. يُعيَّن رئيس مجلس الوزراء استناداً إلى استشارات نيابية ملزمة، وتُشكَّل الحكومة بالاتفاق مع رئيس الجمهورية إثر الاستشارات النيابية التي يجريها رئيس الحكومة المعيَّن.

كما تتولى السلطة القضائية اللبنانية محاكم تختلف في درجاتها واختصاصاتها يقوم فيها قضاة مستقلّون بوظائفهم، ويصدرون قراراتهم وأحكامهم التي تنفذ باسم الشعب اللبناني.

وتابع عكره" لكي تكون الحرية تامة والديمقراطية تامة يجب توفير كل متطلبات العيش الكريم للمواطن من طبابة وتعليم وأجور كافية ومساكن لائقة ، ولكن الدولة في لبنان لا تقوم بواجبها كاملاً لكي توفر للمواطن درجة من الحرية تمكنه من تطبيق الديمقراطية كاملة".

ويعتبر البعض أن التوازن الدقيق في القوى بين الفئات الدينية المختلفة يوفر الأمن العام والاستقرار السياسي.

وأضاف عكره " لا يعني توزع المناصب على الطوائف في لبنان ضرباً للديمقراطية ، بل يندرج ضمن الديمقراطية التوافقية لأن المجتمع اللبناني مجتمع مركب واعتماد مبدأ الأكثرية في تطبيق الديمقراطية في لبنان يخالف روحية وقيم الديمقراطية لأن أكثرية اللبنانيين حالياً هم من المسلمين ، وعندما يكون المجتمع مركب ينبغي توزيع السلطات على مكوناته".

وتكون علاقة المواطن في الأنظمة الديمقراطية المعروفة في الغرب مباشرة مع الدولة ، أما في لبنان في ظل نظام الديمقراطية التوافقية، فالعلاقة بين المواطن والدولة تمر بوسيط هو الطائفة أو ممثليها السياسيين.

وقال الدكتور أكرم سكرية أستاذ مادة علم الإجتماع في الجامعة اللبنانية لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ ) "الديمقراطية في لبنان هي ديمقراطية توافقية، تعبر عنها الطائفية السياسية"

وأضاف سكرية "للوصول إلى نظام ديمقراطي شبيه بالأنظمة الديمقراطية المعروفة في البلدان الأوروبية ، حيث العلاقة بين المواطن والدولة لا تحتاج إلى وسيط ، ينبغي العمل على إلغاء الطائفية الاجتماعية عن طريق توحيد قانون الأحوال الشخصية ، وتوحيد البرامج التربوية في المدارس العامة والخاصة ، وتكوين فئات اجتماعية متوسطة عند كافة الطوائف".

ويطلق مصطلح الديمقراطية أحياناً على معنى ضيق لوصف نظام الحكم في دولة معينة، أو على معنى أوسع لوصف ثقافة مجتمع.

وقالت مدرسة اللغة العربية في الثانوية العامة ريما أبي خير لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ ) " إن الديمقراطية هي أرقى أنظمة الحكم، لكنها تتطلب مستوىً راق ٍ للشعب من حيث الثقافة والأخلاق وتفضيل المصلحة العامة على الخاصة، وهنا يبرز مأزق الديمقراطية اليوم".

وتابعت أبي خير "الديمقراطية بحاجة إلى شعوب مثالية تقيم الأخلاق على السيئات، والفضائل على الأمراض والموبقات".

يُذكر أن اتفاق الطائف، الذي وضع حداً للحرب الأهلية التي شهدها لبنان بين عامي 1975 و1990، كان قد نص على تشكيل هيئة لإلغاء الطائفية السياسية في البلاد. لكن تلك الهيئة لم تُشكَّل بعد على الرغم من مرور نحو 20 عاما على بدء العمل بذلك الاتفاق التاريخي.

ولم تفلح كل محاولات الحركات الفكرية الساعية لنشر القناعة بضرورة تغيير طبيعة النظام الطائفي في لبنان على الرغم من اعتراف الجميع بمساوئ هذا النظام

فاديا عازار
الاحد 3 أكتوبر 2010