نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

عن روسيا وإيران شرق المتوسّط

08/05/2024 - موفق نيربية

( في نقد السّياسة )

05/05/2024 - عبد الاله بلقزيز*

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام


المخدرات في لبنان .....استهداف الفئات العمرية الصغيرة في مجتمع يحتقر المدمنين الكبار




بيروت - فاديا عازار - لا تزال ظاهرة تجارة وتعاطي وترويج المخدرات تهدد المجتمع اللبناني وتستهدف الفئات الشابة فيه،وقد بدأ انتشارها يطال الفئات العمرية الصغيرة ( المراهقين)، فيما التصدي لها على المستويين الأهلي والرسمي يبقى دون المستوى المطلوب .


 المخدرات في لبنان .....استهداف الفئات العمرية الصغيرة  في مجتمع يحتقر المدمنين الكبار
وجاء في التقرير السنوي لمكافحة المخدرات الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية في العام 2009 ، أن لبنان ليس من الدول الرئيسية التي تنتج المخدرات أو تتاجر بها، لكنه لوحظ أن إنتاج القنب لا يزال مستمراً، وأن استهلاك المخدرات قد ازداد وخصوصا في صفوف الشباب

ويعتبر الباحثون أن أسباباً عديدة تكمن وراء انتشار هذه الظاهرة من بينها التفكك الأسري، والعنف المنزلي وإهمال الأولاد والفقر المدقع ، ووجود بيئة حاضنة ومشجعة ، بالإضافة إلى ارتياد الأماكن المشبوهة حيث يتم وضع المواد المخدرة في الأطعمة والمشروبات ، وتبدو مشكلة المخدرات مرتبطة بغيرها من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية.

كما يرجع البعض سبب الانتشار الكبير لهذه الظاهرة في لبنان إلى نمو القيم الاجتماعية السلبية على حساب القيم الإيجابية، والتغيير الذي أحدثته ثورة الاتصالات الحديثة في سلم القيم الاجتماعي.

و يرى المهتمون أن تطويق هذه المشكلة في لبنان، يكون عبر تحمل الدّولة والمجتمع الأهلي مسؤولياتهما في هذا المجال من خلال تهيئة الظروف السياسيّة والاجتماعيّة والصحيّة والأمنيّة اللازمة.

وقال رئيس مكتب مكافحة المخدرات في لبنان العقيد عادل مشموشي لوكالة الأنباء الألمانية " إن ظاهرة المخدرات هي ظاهرة عالمية وهي في لبنان تتفاقم كباقي الدول نتيجة تعدد أساليب تعاطيها وتنوع المخدرات خاصة بوجود المخدرات الحديثة أو ما يسمى ب"الحبوب" التي يسهل إخفائها".

وأضاف مشموشي"تفاقمت زراعة المخدرات خلال سنوات الأحداث التي ألمت بلبنان ودأبت الدولة اللبنانية على مكافحتها ، ويمكننا القول اليوم أن زراعة الهيروين التي كانت تطال مساحات واسعة ،أصبحت شبه معدومة، وانخفضت المساحات المزروعة بالحشيشة بشكل ملحوظ".

وتظهر إحصاءات مكتب مكافحة المخدرات أن المساحات المزروعة بالنباتات المخدرة بلغت 65000 دونم من الحشيشة عام 2008 ، تلف منها 13100 دونم، عام 2009 ، و10450 دنوم ،عام 2010 (يذكر أن الدونم يساوي 1000 متر مربع).

وأضاف مشموشي"هناك مواد تصل الى لبنان من أميركا الجنوبية كالكوكايين، أما الهيروين فيصل من أفغانستان، وتسعى القوى الأمنية لضبط هذه التجارة من والى لبنان حيث تم ضبط العديد من العمليات حتى الآن ".

وتشير إحصاءات مكتب مكافحة المخدرات في لبنان الى أن نسبة مستهلكي الحشيشة في لبنان بلغت52.6 % من إجمالي المتعاطين فيما تتقارب نسب مستهلكي الهيروين والكوكايين 18.4 % و18.89 % ونسبة متعاطي الحبوب المخدرة 6.41 % أما الذين يتعاطون دواء "سيمو"،فوصلت نسبتهم الى0.62 %.

يذكر أن العينة التي اعتمد عليها مكتب مكافحة المخدرات في لبنان لإجراء الإحصاءات، هي عدد الموقوفين لدى القوى الأمنية في جرم تعاطي المخدرات، الذي بلغ ،عام 2010 ألفين وثلاثة وثمانون موقوفاً .

وقال مشموشي "إن قانون مكافحة المخدرات الصادر عام 1998 أوجب إنشاء ما يسمى بالعيادات الطبية في مختلف المناطق اللبنانية لمتابعة المدمنين على الصعيدين النفسي والصحي ، بالإضافة إلى مركز صحي يعنى بالعلاج الطبي،ولكن هذه العيادات لم تنشأ حتى الآن، بسبب الأوضاع السياسية والأمنية التي مر بها لبنان في السنوات العشر الماضية ".

ولا يزال تعاطي المخدرات في لبنان يعتبر جرماً يعاقب عليه ، رغم أن القانون ، ينص على إعفاء المدمن من الملاحقة فيما لو تقدم من تلقاء نفسه وطلب العلاج، ولكن هذا القانون لا يزال حبراً على ورق.

وتابع مشموشي "لا يوجد مركز تابع للدولة يعنى بمعالجة المدمنين في لبنان ولكن هناك العديد من المؤسسات الأهلية التي تهتم بهذا الأمر، لكنها تفتقر في معظمها إلى المعايير الموضوعية ،التي تخولها معالجة المدمنين ".

وقال الأب مجدي العلاوي كاهن الطريق ومؤسس جمعية سعادة السماء لتأهيل المدمنين على المخدرات لوكالة ألأنباء الألمانية "ساهمت الحرب الأهلية التي مرت على لبنان ، بالإضافة الى الوضع الاقتصادي المتردي حالياً وغياب الخطط التنموية التي تستهدف الشباب في لبنان في انتشار المخدرات بشكل كبير في الآونة الأخيرة".

ويشهد لبنان انخفاضاً في معدل أعمار المدمنين اذ أصبحت هذه الآفة منتشرة ، بين تلامذة المدارس وطلبة الجامعات ،بشكل كبير ويقدر معدل أعمار المدمنين في لبنان ب18 سنة.

وأشار الأب العلاوي "أن المخدرات تنتشر بشكل كبير خاصة بين فئة الأحداث الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و15 سنة ،وتعمل جمعية سعادة السماء على استحداث أول قرية لتأهيل المدنين من الأحداث في الشرق الأوسط ".

ولا يوجد إحصاء رسمي حديث صادر عن الدولة اللبنانية يشير الى عدد المدمنين في لبنان ،لكن إحصاءات مكتب مكافحة المخدرات في لبنان ،المعتمدة على عينة الموقوفين، تشير الى أن الفئة العمرية بين 18 و25 سنة تسجل النسبة الأكبر لمتعاطي المخدرات في لبنان (44.97%) بينما تسجل الفئة العمرية بين 26 سنة و35 سنة نسبة (35.5 %)وفئة 36 سنة وما فوق(15.97 %) بينما تسجل الفئة العمرية 18 سنة وما دون ( 3.54%).

وأضاف العلاوي"إن غياب مؤسسات الدولة والبلديات عن القيام بدورها في تأمين متطلبات العيش الكريم للبنانيين ساهم في تفشي هذه الظاهرة بشكل كبير" معتبراً"أن غياب العدالة الاجتماعية في لبنان حيث النشاطات الترفيهية حكر على فئة الأغنياء ، ساهم إلى حد كبير في انتشار آفة المخدرات بين الشبان".

وأشار العلاوي الى "أن طرق التأهيل التي تعتمدها جمعية سعادة السماء تعتمد على الصلاة والقيام بالعديد من النشاطات الرياضية واليدوية وغيرها...بالإضافة إلى المتابعة من قبل الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين".

وقالت دالا فخر الدين الأخصائية النفسية في جمعية "سكون" التي تعنى بمعالجة المدمين بطريقة "العلاج المفتوح" لوكالة الأنباء الألمانية "إن ظاهرة المخدرات تنتشر اليوم لدى فئات عمرية صغيرة أما الأسباب فهي اجتماعية وثقافية أهمها ،الانفتاح على العالم الخارجي عبر وسائل الإعلام والاتصال الحديثة كالتلفزيون والانترنت".

وتابعت فخر الدين "عوامل الخطر هي التي تؤدي إلى الإدمان وهي متنوعة قد تكون عقلية أو نفسية ،أو بيولوجية،أما العلاج فيكون عن طريق تدريب الإنسان على كيفية التعامل معها، إن لم يكن هناك إمكانية لإزالتها".

ويعاني المدمنون في لبنان من تحقير المجتمع لهم وتعييرهم وتوجيه أصابع الاتهام إليهم لذلك يقومون بإخفاء هويتهم ويتكتمون على مشكلتهم.

وأضافت "ينظر المدمن إلى نفسه وينظر إليه القانون والمجتمع والأهل على أنه مجرم أو مذنب في أقل تقدير وينبغي أن يعاقب، وهنا تكمن المشكلة لأن ذلك لا يساعد على التخلص من هذه الظاهرة بل على العكس يؤخر علاجها".

ويعتبر البعض أن المطالبة بحقوق المدمنين وإزالة الوصمة عنهم، هو نوع من التساهل ، قد يؤدي إلى زيادة الإدمان بدل تقليصه.

وقال الأب جان مارون كاهن رعية مار جريس في الحدث، شرق بيروت، ورئيس جمعية سيدة الأمل لمكافحة تعاطي المخدرات لوكالة الأنباء الألمانية "أثبتت إستراتيجية العلاج المحلية على صعيد المنطقة فعاليتها كأسلوب معتمد في العلاج ، لأن المدمن الذي يكون بأمسّ الحاجة إلي العطف والحنان يشعر بأنه محاط بمجموعة توفر له هذه العواطف التي يفتقدها".

وتابع مارون" لقد اعتمدنا هذا الأسلوب في العلاج بمشاركة مجموعة من الأخصائيين في مختلف المجالات من أبناء المنطقة الذين يعملون على نشر الدعاية المضادة لتعاطي المخدرات من خلال تبيان أخطاها، وأعتقد أن إستراتيجية وطنية لمكافحة المخدرات ، قائمة على هذا الأساس ، تكون مجدية".

وأضاف "نحن نسعى بعد النجاح الذي لمسناه ، لتعميم هذه الإستراتيجية في العلاج والوقاية على كل المناطق اللبنانية".

وقال مارون"ينبغي على الدولة أن تقوم بتأمين نوعية حياة أفضل للشباب اللبناني ومعالجة مكامن الخلل في الحياة السياسية والاجتماعية وخفض العرض والطلب على المخدرات من خلال القبض على تجار المخدرات ومروّجيها من أجل المساهمة في تطويق هذه المشكلة".

ويعتبر البعض أن التحول الذي أصاب الدور التقليدي للأسرة اللبنانية ، ودخول المرأة ميدان العمل ساهم إلى حد ما في استبدال البنية القيَمية للمجتمع وفي تسرب القيم المادية الاستهلاكية لتحل محل القيم التقليدية وبالتالي سهل انتشار المخدرات بين الشبان .

وإذا كانت آفة المخدرات مشكلة عالمية لا تزال عصية على العلاج، إلا أن إمكانية الحد منها في لبنان تبقى ممكنة إذا تم تفعيل دور المؤسسات الحكومية والأهلية لتقوم بدورها في هذا المجال.

فاديا عازار
الاحد 29 غشت 2010