نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

خديعة الرحمة

03/07/2025 - هناء محمد درويش

التريمسة...حين يلتقي العائد بظلّه

24/06/2025 - عبير داغر إسبر

انهيار إمبراطورية إيران

17/06/2025 - براءة الحمدو

حزب حاكم جديد في سورية

08/06/2025 - بشير البكر

المفتي قبلان صاحب الرؤية

02/06/2025 - يوسف بزي

المثقف من قرامشي إلى «تويتر»

24/05/2025 - د. عبدالله الغذامي :


الوزراء في مصر يقالون ولايستقيلون ... تداعيات حادث قطاري العياط تكشف عن ثقافة فساد متجذرة




القاهرة زينة احمد - كشف حادث قطاري العياط ليس عن ثقافة فساد متجذرة فحسب بل عن عقلية تتلاعب بالرأي العام دون خجل وهناك من يرى أن أستقالة وزير النقل محمد منصور خارجة عن سياق التفكير الرسمي ومتناقضة مع الموقف الاول الذي اتخذه الوزير برفض الاستقالة الى ان تمت اقالته ولكن بثوب "استقالة " فاستقالة المسئولين والوزراء بالحكومة المصرية كلمة غريبة علي اذهان المصريين فمنذ ما يربو علي 50 عاما والمصريون يفتقرون الي اكثر من ثقافة ابلغها ثقافة الاستقالة من المنصب الرفيع ومهما بلغ الفساد مداه وتعدت التجاوزات حدود العقل فان لم تحدث الكارثة يبقي الحال علي ما هو عليه وعلي المتضرر ان يلجا للقضاء كما يقول المثل العامي المصري.


أحمد نظيف الى جانب الرئيس مبارك
أحمد نظيف الى جانب الرئيس مبارك
ومصر لاحكاية لها اليومين الماضيين سوي كارثة تصادم قطاري مدينة العياط مدينة الاسم علي المسمي حيث اطلق اهلها عليها هذا الاسم لكثرة افراح اهلها فخافوا عليها من الحسد فأطلقوا عليها العياط اي كثير البكاء وكانها تستقرئ حالها اليوم بعد الحادث الذي اودي بحياة المئات وخلف من اصحاب العاهات والجراح الاكثر رغم ما تخفيه التقارير الرسمية من ارقام حقيقية لحجم الكارثة وكأن اهالي المتوفين في تلك الكارثة ليسوا من بني البشر ولن يلحظوا غياب ذويهم الذين راحوا ضحية الاهمال والاستهتار الذي بات يخيم علي كثير من مرافق الدولة ومقدرات اهلها .
والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا الظرف غير الاستثنائي لانه يتكرر كثيرا ..هل الاستقالة من المنصب شجاعة يمتلكها الكثيرين الاجابة نافية والتاريخ يذكر ان عدد المسئولين الذين تقدموا باستقالاتهم في تاريخ الوزارات المصرية لايتعدون اصابع اليد الواحدة فاما ان تحدث الكارثة ويترك الوزير الكرسي وفق منطق مجبر اخاك لابطل او يتخلي عنه عندما تنفذ ارادة الله بالموت او الجنون ، اما عن اخر الوزراء المصريين الذين تقدموا باستقالتهم ولم يقبلها الرئيس مبارك فاروق حسني وزير الثقافة عقب محرقة بني سويف التي راح ضحيتها عشرات من مبدعي ورجال المسرح وفنانيه وقال حسني وقتها :لم يقبل الرئيس مبارك استقالتي وسأبقي في وزارتي "وامري الي الله" وان دل ذلك على شئ فانما يدل على ثقافة فساد متجذرة يتلاعب فيها الحاكمون بالرأي العام ويهملون رغباته ليحافظوا على الموالين لهم دون تحفظ بدل ان يأتي من قد يمتلك الجرأة على مخالفتهم
.وامس الثلاثاء تناقلت وسائل الاعلام ووكالات الانباء المحلية والعالمية نبأ استقالة محمد منصور وزير النقل المصري الذي اكد ان احساسه بالمسئولية عن حادث العياط هو الذي دفعه الي الاستقاله وقال في نص كلمته: عملت مع فريق متميز من الزملاء في وزارة النقل علي تطوير قطاع المواني الذي شهد طفرة واضحة بدات تؤتي ثمارها وتنعكس علي اداء هذا القطاع بشكل واضح وعملنا علي احداث نقله جديدة في تطوير شبكة الطرق لفتح شرايين الاتصال بانحاء الجمهورية كما شهدت الفترة السابقة البدء في انشاء الخط الثالث لمترو الانفاق لخدمة سكان المنطقة كما سعيت خلال السنوات الماضية لوضع خطة طموحة لتطوير قطاع السكك الحديدية الذي يواجه تحديات كبيرة منذ فترة طويلة وقد تعرض هذا المرفق الي حادث اليم يوم السبت الماضي راح ضحيته عدد من المواطنين الاعزاء ونظرا لاستمرار وجود خلل واضح في ادارة هذا القطاع الحيوي وانطلاقا من احساسي الشخصي بالمسئولية السياسية الكاملة عن هذا الحادث الاليم فقد قررت ان اتقدم بطلب اعفائي من منصبي كوزير للنقل امام السيد رئيس الجمهورية وذلك خلال لقائي بالسيد رئيس مجلس الوزراء.

وعلي ناحية اخري بدا موقف وزير النقل المستقيل مستغربا بعد رفضه لمطالبات اعضاء البرلمان باستقالته وقال لن اترك منصبي ولن استقيل وساواجه الامر فيما فتح اعضاء لجنة النقل والمواصلات بمجلس الشعب النار علي الوزير و حّملوه المسئولية السياسية عن حادث قطار العياط وطالبوا بإقالته من منصبه، وقالوا كان من المفترض ألا يحضر الوزير منصور الاجتماع الذي عقدته لجنة النقل والمواصلات بمجلس الشعب أمس وأن يكون «إما مستقيلاً أو مقالاً » .
النائب سعد عبود عضو مجلس الشعب قال: تمت اقالة وزير النقل ولكنها مغلفة بالاستقالة لاننا لانمتلك ثقافة قبول منطق الاعتراف بالخطأ والاستقالة من المنصب السيادي حين يتطلب الامر كذلك وقد حدث نقاش حاد بيني وبين الوزيرواعضاء اخرين و مشادة حول حادثة العياط حين تم استدعائنا كلجنة نقل ومواصلات وبعض المعارضة وجزء من الحزب الوطني وكان الاجتماع عاصفا و طالبت الاغلبية باستقالة وزير النقل كمسئول سياسي عن الحدث والوزارة تحت سيطرته بالكامل و لكنه رفض .
وعن افتقار النظام المصري لثقافة الاستقالة يضيف عبود :مصر تتبع نظام شمولي احادي الفكر يتصور ان الوزير لايجب ان يخرج عن الارادة الجماعية وهذه ثقافة فساد واسعباد تجاوزها الزمن بمراحل وهي ظاهرة سلبية بالمجتمع المصري وقنبلة موقوته ستنفجر في وجوهنا اذا لم نلتفت الي ضرورة تطبيق نظام سياسي ومجتمعي معتدل
مشيرا ان مصر تنفرد باعلي احصائية حوادث قتل بالعالم نتيجة حوادث قطارات ووسائل المواصلات المختلفة واعداد قتلي الحوادث تفوق ما فقدناه في حروبنا السابقة كاملة واري ان الخلل يكمن في منظومة الامكانيات التي لاتوجه توجيها سليما طبقا لاولويات محسوبة وما يخصص لايوجه لامن وسلامة المواطنين ، يكفينا ان نعلم ان السكة الحديد تستوعب 600 مليون راكب في السنة وهو ثاني مرفق في العالم ينشئ في مصر ويسبق قناة السويس في اهميته وعندما وقع حادث القطار الشهير في عام 2006 الذي راح ضحيته الاف من المواطنين عقدت نفس الجلسات بالبرلمان المصري ولم يتم الاتفاق علي شئ وتكررت نفس الحوادث لان شيئا لم يتغير في النظام او القائمين عليه .

وعن تاريخ الاستقالات في مصر يقول الكاتب د محمد الجوادي عضو مجمع اللغة العربية ومؤرخ الوزارات :فيما قبل عام 1954 كانت هناك استقالات كثيرة منها ما تم بعد 6 اسابيع من ثورة يوليو كما استقال وزراء في شهر ديسمبر من نفس العام واستقالت مجموعة مارس 1954 ومنذ ذلك التاريخ قرر الرئيس جمال عبد الناصر الا يكون هناك استقالات حتي لايتم احراج الثورة وعليه لم يتقدم وزير بعدها باستقالته وتحول الامر الي اعلان عن قبول استقالة الوزراء .
وكانت هناك حالات في عهد الرئيس السادات في النصف الثاني من السبعينيات وهم اسماعيل فهمي عند اعلان الرئيس عن مبادرة السلام ومحمد ابراهيم كامل عند اعلان كامب ديفيد وعبد العزيز حسين عندما استقبل السادات مستثمرا اجنبيا في نطاق تخصصه دون ان يدعي الوزير المختص وفي هذا الاطار جاءت مجموعة استقالات قبل الثورة بسنوات عديدة لكنها لم تحرج النظام ففي عام 1928 سمعنا عن استقالات شهيرة لثلاث وزراء في وزارة النحاس التي قطعت الائتلاف الوزاري بما دفع الملك الي اصدار قرار باقالة الوزارة كلها وهناك محاولة استقالة شبيهة بتلك الاستقالات وسرعان ماتم اجهاضها في 14 مايو 1971 فيما عرفت بحركة التصحيح حيث قدم الوزراء استقالات لاحراج الرئيس السادات وفي نفس الوقت تم تشكيل وزارة جديدة وتم التحفظ عليهم وفي السنوات الاخيرة وافق الرئيس مبارك علي استقالة اكثر من وزير وبمعني دقيق " اقالة" وما حدث مع وزير النقل اليوم هو اجبار علي الاستقالة

وعما اذا كانت الاستقالة حلا لمشكلات الحوادث المتصاعدة في مصر يشير حمدي الطحان رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس الشعب: الاستقالة استجابة لنبض الشارع المصري والغضب العام لكن الحدث يفرض ردود الافعال والحوادث لايمكن ان نوقفها لكننا نسعي الي التقليل منها وغياب الحساب هو الذي يؤدي الي تراكم هذه الاخطاء القاتلة ونحن امام مسئوليتان اولهما الجنائية والتاديبية والادارية تطبقها الحكومة تجاه موظفيها لكن المسئولية تنتهي عند الحكومة وتحمل المسئولية السياسية للوزير او الحكومة ، ويضيف بعد الحادث الاخير تم الموافقة علي ضخ 5 مليار جنية للسكك حديد مصر ثم 3 مليار اخري للعناية بمشروعات السكة الحديد وتطويرها واقتصر الامر علي 4 مليار جنية لكن المشكلة في كيفية توظيف الموارد المالية علي 9000 كم و450 قاطرة ومحطات تحتاج الي تحديث يتوازي مع الاهمال الذي نال السكك الحديدية عند انشاء مترو الانفاق وكان من الاجدي ان ينفق علي سلامة المعدات والخطوط دون توجيه انفاق غير ضروري وطرفي وما حدث انه قد تم تشتيت الانفاق ولم يتحقق العائد المطلوب والمسئولية تكمن في اولوية الانفاق التي تمثل جريمة في حد ذاتها وكارثة العياط جاءت نتيجة عدم مطابقة القطارات للمواصفات والاجهزة الحديثة لم تعمل فيما تعطلت القديمة منها بسبب الاهمال والتواكل.
الكاتب سليمان جودة اشار ان اقالة وزير النقل لها علاقة بانعقاد مؤتمر الحزب الوطني ولعلنا نذكر حادث قطار قليوب 2006 وكانت ضحاياه اضعاف ضحايا قطاري العياط ولم يطالب وزير النقل وقتها بالاستقالة والوزير محمد منصور استقال منذ اليوم الاول من الحادث وقيل انه لايجب ان يتكلم في الموضوع حتي يتم البت في تداعيات الحادث والواضح ان الدولة تريد ان تجمل صورتها امام الشعب وتقنعه ان لاوزير فوق القانون والمساءلة وعلي وجه اخر فهو تعامل خاطئ مع الحدث لانه في النهاية يخاطب الراي العام ويحاول دغدغة مشاعره وليس حل مشاكله فنحن ندور في دائرة مفرغة تذكرنا بعام 2002 عندما استقال وزير النقل ابراهيم الدميري عقب حريق قطار الصعيد الشهير وبعدها حادث قليوب واليوم حادث العياط بما يؤكد ان الاستقالة ليست حلا فهناك مسئولية سياسية للحكومة والوزراء ثم اين المسئولين عن قطاع السكة الحديد ومدي مسئوليتهم من الكارثة؟
ويضيف جودة : الحكومة تحاول ان تمسك العصا من النصف او تحاول ترضية الطرفين في نفس الوقت ..فهي تحاول ان تهدئ من الراي العام وتخاطب عواطف الشعب من ناحية لاسيما قبل مؤتمر الحزب الوطني و تسترضي الوزير المعروف بصلته الوثيقة وعلاقاته بالدولة من ناحية اخري ما جعل القيادة السياسية تعلن استقالته لحفظ ماء وجهها .


زينة أحمد
الاربعاء 28 أكتوبر 2009