تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

أعيدوا لنا العلم

18/09/2025 - أحمد أبازيد

عودة روسية قوية إلى سوريا

17/09/2025 - بكر صدقي

لعبة إسرائيل في سوريا

10/09/2025 - غازي العريضي

من التهميش إلى الفاشية

10/09/2025 - انس حمدون

الوطنية السورية وبدائلها

04/09/2025 - ياسين الحاج صالح


بعد 30 عاما ضحايا مجزرة صبرا وشاتيلا ما زالوا في انتظار العدالة




بيروت - سيرين الاسير - ما زالت شهيرة أبو عرديني (53 عاما)، على غرار كثيرين غيرها، تنتظر تحقيق العدالة بعد 30 عاما على فقدانها زوجها وشقيقتها وقريبتها الحامل في مجزرة مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين في بيروت.


بعد 30 عاما ضحايا مجزرة صبرا وشاتيلا ما زالوا في انتظار العدالة
وقالت ابو عرديني ذات العينين السوداوين اللتين تحيط بهما تجاعيد تروي حجم المها "لم يكن ثمة ضوء قمر في تلك الليلة، فأناروا السماء بالقنابل المضيئة" ...تضيف "اقتحم افراد الميليشيات منزلي حاملين رشاشات آلية، وقتلوا بعضا من اقاربي مستخدمين السكاكين. ذبحوا قريبتي امل، ثم شقوا رحمها وسحبوا الجنين منه. لم اعتقد مطلقا انني سأنجو".
 
كان لبنان في تلك الفترة غارقا في الحرب الاهلية. وبين 16 ايلول/سبتمبر 1982 و18 منه، اقدم عناصر ميليشيات مسيحية متحالفة مع اسرائيل على قتل ما بين 800 والفي فلسطيني في مجزرة مخيمي صبرا وشاتيلا الواقعين على اطراف العاصمة بيروت كما راح ضحية المجزرة 100 لبناني على الاقل وعدد من السوريين.
 
وفرض الجيش الاسرائيلي الذي كان اجتاح لبنان في حزيران/يونيو من العام نفسه، طوقا حول المخيمين طوال المدة التي ارتكب فيها المسلحون مجزرتهم بحق مدنيين غير مسلحين.
 
وتقول ابو عرديني "مر 30 عاما، لكنني اذكر كل تفصيل رأيته. كان ابني الاصغر يبلغ من العمر اسبوعين فقط. كان الاولاد يصرخون، بينما تنافس العناصر الميليشيويون على من يقتل عددا اكبر من الناس".
 
ويزور ناشطون اجانب لبنان سنويا لاحياء ذكرى المجزرة الى جانب الناجين منها، متفقدين مقبرة شاتيلا حيث دفن عدد كبير من الضحايا ورغم الادانة العالمية للمجزرة، لم يتم توقيف اي من المسؤولين عنها او محاكمته او ادانته.

ووجهت لجنة تحقيق رسمية اسرائيلية اتهاما شخصيا لكن غير مباشر الى وزير الدفاع في حينه ارييل شارون. وحملت اللجنة ايلي حبيقة، وهو مسؤول الامن السابق في "القوات اللبنانية"، مسؤولية القتل.
 
وعرف حبيقة بعلاقاته مع المسؤولين الاسرائيليين، قبل ان يتقرب من السوريين في المراحل الاخيرة من الحرب الاهلية، واصبح بعد توقفها عام 1992 وزيرا في الحكومة ونائبا. واغتيل حبيقة في 24 كانون الثاني/يناير 2002 بتفجير سيارة مفخخة بعيد مغادرته منزله في الحازمية (شرق بيروت) ولم ترد القوات التي كانت في حينه ميليشيا يمينية مسيحية متحالفة مع اسرائيل، على هذه الاتهامات مطلقا، واكتفت بالتزام الصمت.
 
وتقول ابو عرديني "لم تدن اي محكمة لبنانية او دولية ايا من الرجال المسؤولين عن المجزرة. تمتعوا جميعا بالحصانة ونجوا بأنفسهم" تضيف "فقدنا جميعا ايماننا بالقانون. نحن الفلسطينيين الحلقة الاضعف في العالم العربي. ليست لدينا دولة، لذا لا يكترث احدنا بقتل شعبنا".
 
وشكت ابو عرديني التي تكسب رزقها من القيام باعمال تطريز فلسطينية تقليدية، من ظروف حياة اكثر من 208 الف لاجئ فلسطيني في لبنان، تعيش غالبيتهم في مخيمات قذرة، ويحرمون الكثير من الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، بحسب وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (الاونروا) وتضيف ابو عرديني "أقاربنا ماتوا بسرعة، بينما نموت نحن ببطء. سنحصل على العدالة يوما ما".
 
من جهتها تقول سميحة عباس، وهي لبنانية متزوجة من لاجىء فلسطيني مقيم في شاتيلا، ان يوم المجزرة "كان مختلفا عن كل الايام الاخرى" وفقدت عباس في المجزرة اربعة من اقاربها وثلاثة من اولادها "كانت زينب تبلغ من العمر 16 عاما، علي 10 اعوام، وفهد 20 عاما".

وتغرق عباس في دموعها، مستعيدة الاحداث وهي تضم صور اولادها الثلاثة الى صدرها "اطالب بأن اعرف لماذا قتلوا اولادي". وتضيف صارخة "فقدت عقلي من فرط الحزن! انا لبنانية، لكن الحكومات اللبنانية المتتالية عاملتني بحقارة".
 
ولا يبدي اللبنانيون الناجون من المجزرة، والمقيمون في جوار الفلسطينيين الذين لجأوا الى لبنان مع قيام اسرائيل عام 1948، املا اكبر في نيل العدالة وتقيم عباس في صبرا حيث تتشابك الاسلاك الكهربائية العشوائية بين منزل وآخر، وتجري الفئران حول بيوت سيئة البناء يخترق المطر اسطحها في الشتاء.
 
وتضيف "اضطررت عمليا الى التسول لتربية اولادي. نحن الضحايا، لكن الحكومات اللبنانية المتتالية عاملتنا كمجرمين، وهمشتنا لتضمن ان صوتنا لن يسمع" وحاولت مجموعة من الناجين تقديم دعوى قضائية على شارون في بلجيكا، لكن المحكمة رفضت النظر في القضية في ايلول/سبتمبر 2003.
 
ويقول محمد سرور (50 عاما) الذي فقد خمسة من افراد عائلته في المجزرة، ان "اي محكمة او دولة، عربية او اجنبية، ليست مهمتة بتحقيق العدالة لنا نحن الفلسطينيين".
 
وانضم سرور الى زهاء 200 ناشط لبناني وفلسطيني واجنبي في بيروت الثلاثاء لاحياء ذكرى الضحايا. وسار المشاركون في شاتيلا يرافقهم اولاد يلوحون بالعلم الفلسطيني، وهم يغنون اغنيات وطنية.
 
وقال سرور "قتلوا والدي واقاربي الثلاثة، ومنهم شقيقتي التي كانت تبلغ من العمر 18 شهرا"، مشيرا الى ان والدته "ادعت الموت لتنجو، واضطرت للتمدد على الارض وراس ابنتها المتوفاة ملقى عليها".
 
وبالنسبة اليه، لن يكفي اي كم من احياء الذكرى لتخطي الدراما التي تعيش معه حتى اليوم. ويدعو سرور الدولة اللبنانية الى "فتح ملف صبرا وشاتيلا، والتحقيق في ما جرى وكشف المسؤولين واحقاق العدالة للضحايا"لكنه "واثق من ان هذا الامر لن يحصل. لكننا كفلسطينيين نعرف كيف نحصل على العدالة بطريقتنا. يوما ما، سنقوم بذلك".

سيرين الاسير
الثلاثاء 18 سبتمبر 2012