نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


تحركات إيرانية على خطى “إعادة البناء الثقافي” في سورية




بعد انتهاء المهاترات حول مُزدوِجة (الميدان والدبلوماسية) الإيرانية، بذهاب حكومة روحاني، وصعود حكومة إبراهيم رئيسي المتشددة؛ تتحول اليوم الدبلوماسية الإيرانية إلى خادم وداعم مطيع لتوجهات الميدان، الذي سيلعب في فنائه الخارجي مبعوثوه الدبلوماسيون الداعمون لتبني سياسية خارجية إيرانية متشددة تقوم على تقديم مزيد من الدعم لأركان “حلف المقاومة”، وتعزيز نهج “التوجه إلى الشرق”.

في خضمّ ذلك، لن يكون من الصعب على المراقبين فهم توجهات الحكومة الإيرانية الجديدة، ولن يَألوا جهدًا في تفسير تصريحات كبار مسؤوليها وتحركاتهم، خاصة فيما يتعلق بالوضع السوري، الذي يبدو اليوم الساحة الأبرز التي يقصدها أرفع المسؤولين الإيرانيين الداعين “لزيادة حجم الروابط الاقتصادية والاجتماعية والثقافية”، في محاولة لقطف ثمار التدخل العسكري الإيراني مرتفع التكلفة أخيرًا، على صعيد التغلغل الاقتصادي والثقافي الذي يهدد بنية ونسيج المجتمع السوري.


هذه التوجهات لم نرصدها فقط في تصريحات أدلى بها الرئيس الإيراني الجديد في مكالمة هاتفية، هنأهُ فيها بشار الأسد بفوزه المزيف بالانتخابات الرئاسية الأخيرة، مؤكدًا “دعمه اللامحدود للأخير، ونية حكومته الجديدة المشاركة بشكل فعال وواسع ومؤثر في إعادة إعمار سورية”، أو في إطار مفاهيم عامة تحدث بها وزير الخارجية الإيراني الجديد في أول زيارة خارجية له إلى دمشق، بعد مؤتمر بغداد حول “إعادة استعراض العلاقات الثنائية في مجالات التجارة والاقتصاد والثقافة”، بل تابعناها من خلال تحركات لم ترصدها وسائل الإعلام، تهدف إلى إعادة إحياء مضامين اتفاقيات ثقافية قديمة لم تصل إلى مراحلها الإجرائية في قوالب اتفاقيات جديدة قد تكون أكثر عملية على المستوى التشغيلي. جامعة آزادي “الإسلامية”.. غطاء علمي لإعادة البناء الثقافي في سورية مضى أكثر من ثلاث أعوام منذ أن أعلن علي أكبر ولايتي، رئيس الهيئة التأسيسية ومجلس الأمناء لجامعة آزادي، في 16 كانون الثاني/ يناير 2018، عن إصدار بشار الأسد قرارًا يقضي بإنشاء فروع لجامعة آزادي في جميع المدن السورية. في ذلك الوقت، على الرغم من أننا لم نشهد صدور مرسوم رئاسي أو تحركات فعلية على الأرض في هذا الخصوص، لم ينسَ ولايتي المتفاخر دومًا باللغة الفارسية وثقافة التشيع، التذكير بأفضال إيران على الأسد، عندما أكد أنه “لولا دعم الجمهورية الإسلامية وحيدريون وفاطميون وزينبيون وحزب الله، لكان أبو بكر البغدادي يجلس في دمشق الآن”. بعد ذلك بفترة، وتحديدًا في 25 أيلول/ سبتمبر 2018، اعتبر رئيس جامعة آزادي، محمد مهدي طهرانجي، في خضم حديثه حول إنشاء وحدات لجامعة آزادي في سورية ولبنان، أن “عمل الجامعة على الساحة الدولية أحد واجبات الجامعة”، مبيّنًا “وجوب نقل نجاحات الجمهورية الإسلامية في مجالات التطور العلمي”، من خلال “إيفاد الطلاب الأجانب إلى هذه الجامعة، أو افتتاح فروع خارجية لها، إلى كل دول المنطقة”، وذلك بناءً على توجيهات المرشد الأعلى الإيراني. وفي الحقيقة، لا نعلم ما هو التطور العلمي أو التقني الذي يمكن أن تنقله إيران إلى دول المنطقة، في ظل وجود صناعة إيرانية مفلسة تستورد من الصين أغلب قطع غيار ما تسميه “سياراتها الوطنية”، من الفرامل إلى أنابيب التوجيه الهيدروليكية أو ماصات الصدمات، وتنفق أيضًا مئات آلاف الدولارات على المستوى الأدنى لاستيراد المسامير والدبابيس والمناشير اليدوية وحتى فرشاة الرسم. لذلك، في ظل تفاخر المسؤولين الإيرانيين بنقل تكنولوجيا محلية مزيفة ووهمية غير موجودة أساسًا، إلى دول المنطقة، يكون الهدف الأساسي دائمًا التغلغل على المستوى المدني، من بوابة ما سماه طهرانجي في تصريحه السابق “إعادة البناء الثقافي” المتمثل أساسًا بالسعي لافتتاح فروع خارجية للجامعة المذكورة، بهدف نشر التشيع واللغة الفارسية في أحد أهم مناطق النفوذ الإيراني الرئيسية، كسورية والعراق ولبنان واليمن. وفي المنحى نفسه، بعد أقل من عام، في 1 أيار/ مايو 2019، أعلن رئيس جامعة آزادي في محافظة طهران، محمود رضا آقا ميري، عن توقيع مذكرات تفاهم مع رئيس جامعة الشام السورية، ياسر حورية، بهدف “التعاون العلمي”، و”تبادل الأساتذة والطلاب، وإرسال الطلاب لمواصلة دراستهم في جامعة آزادي”. وعلى الرغم من ذلك، خلافًا لما تسير عليه شؤون الفروع الخارجية لجامعة آزادي الإيرانية في لبنان أو في أفغانستان، حيث تتضمن أكثر من 700 طالب في كابل، واجهت الجامعة بعض المشكلات والمقررات القانونية لتوسيع نطاق انتشارها في سورية والعراق. وهذا ما بيَّنه نائب رئيس الجامعة للشؤون الدولية وشؤون الطلاب غير الإيرانيين بجامعة آزادي، علاء الدين بروجردي، في حديث له مع وكالة أنباء مهر الإيرانية، في 5 نيسان/ أبريل 2021، عندما أشار إلى وجود بعض المشكلات القانونية التي تمنع إنشاء جامعات أجنبية في سورية، أو وجود بعض المقررات التي تستوجب أن يكون المجلس التأسيسي لفرع الجامعة المزمع افتتاحه في العراق من المواطنين العراقيين، مؤكدًا “استمرار التفاوض مع الجانبين، للحصول على التصاريح اللازمة لافتتاح الفروع الخارجية”. وفيما يبدو أنه أول تحرك عملي على الأرض، أعلن رئيس جامعة آزادي في محافظة كرمان، بعد آخر زيارة له على رأس وفد كبير من مسؤولي الجامعة إلى دمشق، في نهاية آب/ أغسطس الماضي، عن “تخصيص 500 متر مربع من المباني والمساحة لإنشاء مركز ابتكار مشترك لواحة العلوم والتكنولوجيا، بين جامعة آزادي وجامعة دمشق وجامعة الشام الخاصة”. إلى ذلك، لا يبدو أن أيًّا من هذه التحركات الإيرانية كانت فعالة لتنفيذ مذكرات التفاهم الموقعة سابقًا في أعوام 2018 و2019 مع الجانب السوري، حتى إن مضامين المذكرات الجديدة وفقراتها، خاصة الاقتصادية والثقافية، تبدو تكرارًا للمضامين السابقة، التي تم نسيانها أو عدم تطبيقها أو تطبيقها بشكل منقوص، بحسب تصريح لمهدي عباسي، رئيس المكتب الاقتصادي الإيراني في حلب، في اليوم الأول من الشهر الجاري. التأمين الإيراني كداعم للتوجهات الإيرانية القديمة المتجددة في سورية على الجانب الآخر من هذه التحركات، ظهرت مؤشرات جديدة وغير مسبوقة، تمثلت في افتتاح أول شعبة خارجية للتأمين الإيراني (بيمه ملت) في سورية، بناءً على تعليمات صادرة من أرفع المسؤولين الإيرانيين وممثلي المرشد الأعلى. فوفقًا لتقرير موقع عصر اقتصاد الإيراني، أعلن إسماعيل دلفراز، المدير العام لشركة “بيمه ملت” للتأمين، خلال جلسة جمعته مع ممثل المرشد الإيراني الأعلى، عباس علي اختري، والأمين العام لجمعية الصداقة الإيرانية السورية، عن نيّة الشركة إنشاء بنية تحتية قوية للتعاون التأميني، وفقًا لدراساتها وتخطيطها، بهدف “مساعدة الاقتصاد السوري”، و”مراعاة الجوانب الإنسانية لحل مشاكل الشعب السوري”. وعلى الرغم من أن الإعلان الرسمي لافتتاح الفرع الجديد لشركة التأمين الإيراني في سورية، أعرب عن استعداده للمساعدة أيضًا في مجالات الزيارة الدينية والعقود الطبية الموقعة مع ما سمّاها الدول الإسلامية، فإن هناك مجالات أوسع لعمل شركات التأمين في تقديم الدعم المادي الإيراني المشروط والمقترن بتوجهات الحكومة الإيرانية الجديدة الرامية لزيادة التغلغل أكثر ضمن النسيج السوري، وتهيئة الأرضية المناسبة لإعادة البناء الثقافي للمجتمع السوري، خاصة إذا ما ربطنا كل هذه التحركات الإيرانية المتسارعة والمتزامنة ببعضها البعض. ---------- مركز حرمون

ضياء قدور
الاحد 26 سبتمبر 2021