نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

( في نقد السّياسة )

05/05/2024 - عبد الاله بلقزيز*

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي


حدث في جمهورية الأسد الثاني ......بدايات زائفة وعشر سنوات من الخداع والقمع والأغتيالات




دمشق- "سكايز" - هذا الاسبوع وتحديدا في السابع عشر من تموز/يوليو الجاري، مرت سنوات عشر على استلام الرئيس السوري بشار الأسد الولاية، خلفاً لوالده حافظ الذي رحل في العاشر من حزيران/يونيو 2000. الأسد الثاني استلم الحكم بعد أن تم تعديل الدستور السوري بتكبير عمره إلى أربعين عاماً، لأن الدستور لا يسمح لمن هو أصغر من ذلك سنا بتولى الحكم. حصل ذلك بمباركة نائب الرئيس السابق عبد الحليم خدام، الذي استلم قيادة البلاد لأيام بعد رحيل الأب، وانشق عن الحكم بعد ذلك ليعيش في إحدى قصور باريس الآن. وتمت ترقية الأسد الابن من عقيد ركن إلى رتبة الفريق، وقائداً عاماً للجيش والقوات المسلحة، وانتخب في المؤتمر القطري التاسع الذي انعقد في الفترة مابين 17 ـ 20/6/2000 قائداً لمسيرة "الحزب والشعب" وذلك يوم 18/6/2000، كما انتخب أميناً عاماً للجنة المركزية للحزب، وأميناً قطرياً لحزب البعث العربي الاشتراكي، ومن ثم تم اختياره من قبل "حزب البعث" الحاكم، ليستفتى عليه من قبل الشعب، والذي نال نسبة 97.29 % من الأصوات؟! وبذلك استولى على زمام الأمور، وبدأت جمهورية الأسد الثاني.


الرئيس
الرئيس
قد تكون البدايات في حكم بشار الأسد بدت جيدة ومتفائلة، إلا أن الوقائع تنفي ذلك، وتقريرنا سيسرد أهم المحاور التي يجب علينا البحث فيها خلال عقد من الحكم، ونستدل من خلال الأمثلة المدرجة هنا على أهم التحولات التي مرت بها البلاد، خلال هذه السنوات العشر، فظلت الحريات متراجعة بالرغم من تحررها قليلاً في بداية العهد، واستمرت الانتهاكات في صفوف السياسيين والمثقفين والصحافيين، كما أن الإصلاح المنشود قد وئد قبل أن يولد، فبات دعاة الإصلاح قابعين في السجون والمعتقلات.

استمرت السلطات السورية عبر أجهزتها الأمنية المتعددة، باعتقال ناشطي المجتمع المدني وحقوق الإنسان، بالإضافة إلى العشرات من الصحافيين والكتاب، كما واستمر القضاء السوري عبر محكمة أمن الدولة العليا الاستثنائية ومحاكم الجنايات المدنية والعسكرية، بإنزال أحكام قاسية بحق المقدمين للمحاكمة أمامها، ولم تكتف السلطات باعتقال دعاة الفكر والرأي في البلاد، بل لجأت إلى مضايقة السجناء في معتقلاتهم. كما أنه تم منع الناشطين والمثقفين من السفر خارج البلاد، إضافة إلى فرض المزيد من القيود على الصحافة المطبوعة والإلكترونية من قبيل منع توزيع أعداد كبيرة من جرائد ومجلات محلية وعربية، إضافة إلى حجب المزيد من المواقع الإلكترونية، هذا وقد استمر قمع السلطات السورية كافة أشكال الثقافة الكردية في البلاد.

سراب خادع... وحقائق مخفية
الزائر إلى سورية قد يرى مقاهٍ راقية، ومجمعات تجارية كبيرة، ومطاعم فاخرة، ويسمع عن سوق دمشق للأوراق المالية، ويرى بعض المتغيرات في ديكورات شوارع بعض المدن، كما أنه قد يرى إعلانات لبنوك ومصارف مستحدثة، ودعايات شركتي الموبايل. لكن سيصدم بكل تأكيد إن سأل عن عدد الجرائد والمطبوعات، أو التلفزيونات والإذاعات، وعن المسارح ودور السينما، وعدد الإصدارات السنوية من الكتب. كما أنه سيرجع مطأطئاً رأسه عندما يسمع أن شيخاً في العقد الثامن من عمره، زج في السجن ثلاث سنوات، وهو المحامي وعميد الحقوقيين السوريين هيثم المالح، وسيستغرب كيف يعاد سجين إلى سجنه بعد انقضاء مدة حكمه، بذريعة دعوى رفعت ضده لكلامه عن انتخابات إيران ولبنان، كما حصل مع الناشط والكاتب علي العبد الله، وسيمتعض إن درى بأن النظام السوري يعتقل فتيات يافعات، ويزج بهن في المعتقلات، من دون حتى الاعتراف بوجودهن لديه، ولا يحولهن إلى محاكم، كما فعل مع آيات عصام أحمد وطل الملوحي.

لجأت السلطات إلى أساليب أكثر تأثيراً في السياسيين والمثقفين بشكل عام، من خلال المنع من السفر حيث سجل "المركز السوري للإعلام وحرية التعبير" زهاء خمس مائة اسم من النشطاء السوريين في مختلف مجالات المجتمع المدني، تم منعهم من السفر، إضافة إلى اعتقال العشرات من المدونين والصحافيين، إلا أن كل ذلك لا يعني شيئاً أمام استضافة دمشق عاصمة الثقافة العربية في 2008. وفي العام نفسه اعتقلت السلطات السورية العشرات من المثقفين والكتاب والمفكرين، فأمسى السجن عاصمة الثقافة، وبات منع السفر أحد الإجراءات لمواجهة نشطاء الحراك المدني والسياسي، ولمعرفة تحركات بعض النشطاء خارج سورية، من خلال وضع بلاغات مراجعة بحقهم من دون معرفتهم لدى دوائر الهجرة والجوازات.

"ربيع دمشق"... الربيع الموءود!
سيرة طويلة في هذه الزاوية، فعشر سنوات الأسد الابن، امتلأت بانتهاك حقوق الإنسان وأبسط مبادئها، فانتهجت ضدهم حرب ممنهجة، وبات نشطاء حقوق الإنسان عرضة للاستجوابات والاعتقالات والمحاكمات أمام محاكم قاسية وجائرة ولا قانونية، تنزل بهم أحكاماً ما أنزل الله بها من سلطان، أحكام من محاكم غير شرعية يصدرها قضاة تابعين لأجهزة أمنية، فالأحكام كيدية بحقهم، وينالون أشد العقوبات، ناهيك عن الاهانات في المعتقلات.

قبيل وفاة حافظ الأسد بدأ الشارع السياسي السوري بالتحرك، جملة من العوامل أدت إلى ذلك، وقد تكون أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001 والحرب الأمريكية المفتوحة على الإرهاب، وطرد سورية لزعيم "حزب العمال الكردستاني" عبد أوجلان منهياً بذلك مسلسل العداء لتركيا، إضافة إلى أهم الأسباب وهو الانفتاح العالمي على بعضه البعض، بعد أن أمسى الكون قرية صغيرة، تتناقل وسائل الإعلام الأخبار بسرعة البرق من خلال الانترنيت والفضائيات، التي شكلت بدون منازع ثورة كونية.

مجموعات نقاشية وطاولات مستديرة، وندوات ومنتديات، بدأت تعقد في مدن سورية، ولعل أبرز تلك المنتديات "منتدى جمال الأتاسي" في دمشق، و"منتدى جلادت بدرخان" في القامشلي، الأمر الذي جعل من الشريحة المثقفة والواعية للأوضاع والساعية للتغيير، تتكلم بصراحة وتنتقد جمهورية الأسد الأول، بكل مفاصلها، وخاصة بعد أن أطلق الأسد الابن في خطاب قسمه الأول، دعوة للمشاركة في مسيرة التطوير والتحديث، وتضمن خطابه طرح أفكار جديدة في المجالات كافة سواء بهدف حل المشاكل والمصاعب وبهدف تطوير الواقع. وتجديد أفكار قديمة لا تناسب الواقع مع إمكانية الاستغناء عن أفكار قديمة لم يعد ممكناً الاستفادة منها بل أصبحت معيقة، وتطوير أفكار قديمة تم تجديدها لكي تتناسب مع الأهداف الحاضرة والمستقبلية، وكل عمل بحاجة إلى قياسات لتحديد نسبة الانجاز والتقدم فيه، لكن الواقع لم يعكس ذلك مطلقاً.

إن الذين تحدثوا بصراحة عن نظام الأسد الأب، وانتقاد سياساته تجاه الداخل والخارج، دفعوا ضريبة قاسية من أعمارهم، فاعتقلت تلك المجموعات وأغلقت المنتديات، في بداية 2001 وبذلك بدأ "ربيع دمشق" يتحول إلى خريف مقفر، وشتاء قارص. ومن أهم رجالات ذلك الربيع النائبين السابقين رياض سيف ومأمون الحمصي، والبروفيسور عارف دليلة، ووليد البني، ورياض الترك، وأكرم البني، وكمال اللبواني، وحبيب صالح، وحسن سعدون، وحبيب عيسى، وفواز تللو، وأخرون.

في أيار/مايو 2006 وقعت مجموعة من الناشطين السوريين واللبنانيين على وثيقة سميت بإعلان "بيروت -دمشق، دمشق - بيروت" والتي دعت إلى تصحيح العلاقات اللبنانية السورية، وترسيم الحدود بين البلدين وتبادل العلاقات الدبلوماسية بينهما، فاعتقل على إثرها العشرات من الناشطين السوريين وحكم على العديد منهم. كان من أبرز هؤلاء المعتقلين ميشال كيلو، وأنور البني، وحبيب عيسى، وخليل حسين، وسليمان الشمري.

"إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي"
بالرغم من كل الاعتقالات التي طالت صفوف ناشطي المجتمع المدني، إلا أن ذلك لم يمنعهم من الحراك السياسي وتجديد نشاط المعارضة، وما "إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي" الذي أسس داخل البلاد، بتاريخ 16/10/2005 والذي يتكون من أحزاب عربية وكردية إضافة إلى شخصيات سياسية وثقافية مستقلة. إلا خير دليل على عدم انهزامية المعارضة التي شكلت ضد الأسد الابن.

إلا أن ردة فعل النظام كانت قاسية ضد الإعلان، فحكمت محكمة الجنايات الأولى في دمشق على اثني عشر قيادياً من تجمع "إعلان دمشق" المعارض بتاريخ 29/10/2008 بجنايتي "إضعاف الشعور القومي، ونقل أنباء كاذبة من شأنها وهن نفسية الأمة"، بعد أن شن الأمن السوري اعتقالات في صفوف قيادة "الإعلان" وهم رياض سيف رئيس مكتب الأمانة، ود. فداء أكرم حوراني رئيسة المجلس الوطني، وأميني سر المجلس أحمد طعمة وأكرم البني، وأعضاء الأمانة العامة علي العبد الله، وجبر الشوفي، وياسر العيتي، وأعضاء المجلس الوطني طلال أبو دان، ود. وليد البني، ومحمد حجي درويش، ومروان العش، وفايز سارة.

مؤخراً أطلق سراح معظمهم في حين ينتظر رياض سيف، وطلال أبو دان أن ينهيا حكمها بالخروج، ويبقى علي العبد الله داخل السجن، خاضعاً للمحاكمة في تهمة جديدة، بذريعة تعليقه على الانتخابات الإيرانية واللبنانية من داخل سجنه في عدرا.

الحكم في ظل قانون الطوارئ والأحكام العرفية
استمر الأسد الثاني حكم البلاد، في ظل قانون الطوارئ والأحكام العرفية، التي أعلنت منذ استلام "البعث" للسلطة في البلاد في آذار/مارس 1963 وتمت محاكمة النشطاء أمام محكمة أمن الدولة غير الشرعية، وبدأت تنكشف رويداً وريداً زيف التغيير والإصلاح. الأرجح أن الأسد خشي على حكمه، وأن فتح دفاتر الماضي قد يؤدي إلى كشف المستور من حكم والده، الذي حكم البلاد بالنار والحديد.

اعتقالات كثيرة وأحكام قاسية
ناشطون كثر اعتقلوا في هذا العقد من الزمان، فالمحامي والناشط الحقوقي البارز أنور البني حكمت عليه محكمة سورية بالسجن خمس سنوات في 24 نيسان/أبريل 2007بتهمة "نشر أنباء كاذبة"، وفي نفس السياق حكم على المحامي مهند الحسني في حزيران/يونيو 2010 بالسجن ثلاث سنوات، وفي تموز/يوليو 2010 على المحامي الطاعن في السن هيثم المالح بالسجن ثلاث سنوات.

من الأحكام القاسية التي نالها سياسيون، الدكتور كمال اللبواني، وهو طبيب ومؤسس "التجمع الليبرالي الديمقراطي"، في أيار/مايو 2007 بالسجن لمدة 12 عاماً بتهمة "دس الدسائس لدى دولة أجنبية لدفعھا إلى مباشرة العدوان، على سورية بعد أن زار الولايات المتحدة وأوروبا في خريف عام 2005، حيث التقى مسؤولين، حكوميين وصحافيين ومنظمات حقوقية. وخلال زيارته، ظھر على "المستقلة" وعلى تلفزيون "الحرة"، حيث دعا الحكومة السورية إلى احترام الحريات الأساسية وحقوق الإنسان. الحكم بالسجن 12عاماً ھو الأقسى ضد ناشط سياسي منذ تولي الأسد السلطة. وحُكم على اللبواني بثلاث سنوات إضافية في 28/4/ 2008، بتهمة "إهانة السلطات " فيما كان محتجزاً.

نشطاء أخرون اتهموا بانتمائهم إلى جماعات سلفية، و"حزب العمال الكردستاني"، وتمت محاكمتهم أمام محكمة أمن الدولة العليا، تراوحت بين الخمس سنوات واثنا عشرة سنة.
وثقت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أسماء /92/ ناشطاً سياسياً وحقوقياً منذ وصول الأسد الابن للسلطة، وذلك في تقرير بعنوان "العقد الضائع" أصدرته بتاريخ 16/7/2010.

قمع ثقافي... واغتيال الإعلام
سمح في عهد الأسد الثاني الترخيص لعدد من الجرائد الخاصة، وبعض المجلات، إضافة إلى عدة قنوات تلفزيونية وإذاعية، إلا أنه سرعان من أغلقت الكثير من هذه الجرائد، والقنوات التلفزيونية التي خرجت على الحدود المسموح بها، وسجل عدد كبير من منع نشر الجرائد والمجلات الخاصة، كما تم إغلاق مكتب قناة "المشرق" الفضائية، وقام القائمون على قناة "شام" بنقل استوديوهاتهم إلى القاهرة، بسبب ظهور منافسة قوية من قناة "دنيا" الخاصة بأزلام من النظام، وسجل تقرير صادر عن المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، حجب المئات من المواقع الإلكترونية الخاصة بالمعارضة السورية العربية والكردية.

الإعلام الإلكتروني ضحية مؤسسها
يعتبر الرئيس بشار الأسد مؤسس المعلوماتية في سورية، فقد كان يترأس "الجمعية العليمة السورية للمعلوماتية" قبل أن يصبح رئيساً، وذلك في عهد والده الراحل حافظ الأسد، ولكن هذا المؤسس لم يعجبه انفتاح سورية على الكون، وخروج أسرارها إلى صفحات الإنترنت وإنشاء مواقع معارضة لنظامه، كمن أتى بالدب إلى كرمه!

يخضع الإعلام الالكتروني في سورية إلى رقابة مشددة تفرضها الأجهزة الأمنية المختصة، وتستعين هذه الأجهزة بتقنيات عالمية توفرها شركات متخصصة بالرصد والحجب والمراقبة. كما وتلجأ السلطات السورية إلى حجب المئات من المواقع الإلكترونية حيث تحجب الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية والمؤسسة العامة للاتصالات، أكثر /244/ موقعاً إلكترونياً حتى تاريخ 6/12/2009 بحسب "المركز السوري للإعلام وحرية التعبير"، حيث تتربع المواقع الكردية على صدارة الحجب، إضافة إلى مواقع المعارضة السورية والمواقع العربية والأجنبية التي تقوم بنشر مواضيع تنتقد النظام السوري. كما تحجب أيضاً مواقع تواصل اجتماعية عالمية مثل الـ"فايس بوك"، و"يوتيوب"، إضافة إلى مئات الآلاف من المدونات الشخصية.

كما وتحجب السلطات السورية مواقع معظم المنظمات الحقوقية السورية وبعض المنظمات العربية ومنها اثنتي عشر منظمة وهي "المنظمة السورية لحقوق الإنسان- سواسية"، المنظمة الكردية للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة في سورية، اللجنة السورية لحقوق الإنسان، رابط معلومات حقوق الإنسان في سورية، منظمة حقوق الإنسان في سورية، رابطة حقوق الإنسان والمجتمع المدني، المرصد السوري لحقوق الإنسان، مركز دمشق للدراسات النظرية والحقوق المدنية، اللجنة العربية لحقوق الإنسان، نشطاء الرأي، الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، مركز عيون سمير قصير-"سكايز".

الحرب على الإعلام
أغلقت السلطات السورية مكتب المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، الذي يعد المركز السوري الوحيد والمتخصص في مراقبة قضايا الإعلام وحرية التعبير في سورية، حيث قام بنشر تقارير عدة عن حالة الإعلام وحرية التعبير وتقارير أخرى خاصة بإشكالية منع السفر وعن خدمة الإنترنت، إضافة إلى إصداره تقارير نوعية عن أداء الإعلام السوري في الاستفتاء الرئاسي والانتخابات النيابة. ورصد الانتهاكات التي تطال الصحافيين والإعلاميين. وكان له الدور البارز في فضح القرارات الشفهية الصادرة عن وزير الإعلام محسن بلال بمنع توزيع أعداد كبيرة من الصحف والمجلات الخاصة في سورية. إضافة إلى بيانات أخرى متفرقة.

استمرت وزارة الإعلام السورية في ممارسة المزيد من القمع على حرية الإعلام السجينة أصلاً بقوانين مهترئة، وكانت أكثر ضحايا هذه الوزارة الصحافة الخاصة في البلاد، حيث أغلقت مكتب دمشق لقناة "المشرق" الفضائية
يمكن تعداد ثلاثة فضائيات سورية خاصة تأسست في هذا العقد، هي "الشام" و"الدنيا" و"المشرق" إضافة محطتان حصلتا على موافقة وزارة الإعلام للبث من المنطقة الحرة، وتتابعان إجراءات الترخيص، وهما تلفزيون "نينار" لنائب رئيس "شركة شام القابضة" رامي مخلوف قريب الرئيس، وتلفزيون "المدينة" لميزر نظام الدين صاحب شركة "الكنار" التي تملك "إذاعة المدينة"، الفضائيتان الأخيرتان حصلتا على الموافقة، من أصل 15 طلب ترخيص في مديرية الإذاعة والفضائيات الخاصة في وزارة الإعلام لم تحصل على الموافقة، بحجة عدم استيفائها المعايير والشروط التي وضعتها وزارة الإعلام.

لا تذكر قط أية حسنة في هذا العقد بخصوص الإعلام، والثقافة السورية، فلا تزل هي كما كانت، بل تراجعت كثيراً قياساً لعقود سابقة، فباتت الثقافة الهامش في حياة الشعب السوري الذي يبحث بكل السبل عن طرق لتأمين لقمة عيشه، وسط غلاء الأسعار وتسارع ارتفاعها، ولا يوجد أي مؤشر على زيادة عدد الكتب والمطبوعات، بالرغم من استمرار احتضان مكتبة الأسد سنوياً لمعرض كتاب دولي باتت فيه الكتب الدينية تأخذ رواجاً.

صنفت منظمة Article19 سورية ضمن الأنظمة العشرة الأكثر عداءاً للإنترنت، والأكثر رقابة لها حيث خلصت دراسة للمنظمة إلى أن /25/ دولة على الأقل، ومن بينها سورية، عبر مختلف أنحاء العالم، تقوم بفرض رقابة على محتويات الإنترنت لأسباب سياسية، واقتصادية، واجتماعية.

وأصدرت "لجنة حماية الصحافيين" تقريراً عن أسوأ عشرة بلدان في التعامل مع المدونين، كانت سورية من بينهم وذلك بسبب الاحتجاز وفرض الأنظمة الرقابية والترهيب، واعتبرت سورية من الأشد استخداماً للقمع ضد مستخدمي الإنترنت في الشرق الأوسط.

القرارات التي اتخذها وزير الإعلام السوري دفعت "منظمة مراسلين بلا حدود" بالتعاون مع أربع عشرة منظمة دولية إعلامية وحقوقية، إلى دراسة منح "وسام العار" الخاص بصيادي الصحافيين والإعلاميين هذه المرة إلى وزير الإعلام السوري محسن بلال، بعد سلسلة لا تنتهي من الإجراءات التعسفية بحق الصحافيين والكتب والمجلات والجرائد، التي اعتاد الشارع السوري على منع أعدادها من قبل وزير الإعلام.

الثقافة الكردية... استمرار القمع والقتل على الهوية
تعاني الثقافة الكردية في سورية من مآسٍ كثيرة، فهي ممنوعة بكافة أشكالها، فاللغة الكردية ممنوعة من التدريس في مدارس ومعاهد وجامعات الدولة، كما أن النظام السوري كان يمنع التحدث بها في جميع دوائر الدولة وفي الجيش والمدارس والجامعات. ولا يرخص بأي شكل من الأشكال لأية دورية أو مطبوعة أو إذاعة كردية في سورية، إلا أن السلطات تتغاضى النظر عن حفلات الأعراس وبعض الحفلات الموسيقية. وتدخلت أحياناً كثيرة في منعها، واعتقال المشرفين والقائمين على إعدادها.

يتجاوز عدد الأكراد في سورية ثلاثة ملايين شخص، بحسب إحصائيات غير رسمية، وتستمر معاناته مع النظام، كما كل الأنظمة التي سبقت الأسد، فما تزال قضية المجردين من الجنسية الذي يناهز عددهم اليوم ثلاث مائة ألف كردي، تشكل عبئاً ثقيلاً للأكراد، وسياسات التعريب التي تنتهجها السلطة في المناطق الكردية، ومحاربة كافة أشكال وألوان الثقافة الكردية من خلال منع المطبوعات والصحافة والتعليم باللغة الكردية، كما أنه سجلت حوادث قتل كثيرة كما في آذار 2004 حيث قتل على الأقل 36 كردياً وجرح المئات، برصاص الأمن السوري قبيل مباراة لكرة القدم، واعتقل على إثر أحداثها الدامية في مدينة القامشلي شمال شرق البلاد ومناطق كردية أخرى الآلاف، وفي 20 آذار 2008 حيث فتحت قوات الأمن السورية النار على محتفلين أكراد بعيد "النوروز" في مدينة القامشلي وأردت ثلاثة شبان قتلى. وتكرر الحادث في 21 آذار 2010 في مدينة الرقة وأسفر عن مقتل شاب في مقتبل العمر، وجرح العديد، بسبب إطلاق النار على مسرح لتقديم عروض للرقص والدبكات الكردية.

ما يزال العديد من قياديي الأحزاب الكردية يقضون أحكاماً مختلفة في السجون السورية، وهناك من يقدم الآن للمحاكمة، في تهم مختلفة، تشكل فيها تهمة "الانتماء إلى جمعية سرية تهدف إلى اقتطاع جزء من أراضي الدولة وإلحاقها بدول الجوار" التهمة الرئيسة في هذه القضايا.

منظمات دولية دعت إلى التحقيق في هذه الحوادث إلا أن السلطات السورية، لم تلتفت إلى تلك النداءات، ولم يهتم المجتمع الدولي بها، واقتصرت على دعوات صحفية، على العكس بدأت دول مثل فرنسا وبريطانيا وأمريكا وألمانيا بالانفتاح أكثر على سورية، بعد قطيعة طويلة خاصة عقب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، إضافة إلى اغتيالات أخرى كاغتيال الصحافيين سمير قصير، وجبران تويني، وآخرين. ناهيك عن اتهام سورية بالتدخل في شؤون العراق الداخلية، ودعم جماعات مسلحة مثل "حزب الله" و"حركة حماس"، والتدخل في شؤون لبنان.

عشر سنوات مرت ولا جديد سوى القمع في سورية، الاضطهاد مازال مستمراً والانتهاكات تزداد في صفوف نشطاء المجتمع المدني وحقوق الإنسان، وتستمر أجهزة النظام الأمنية في اعتقال الصحافيين والكتاب وأصحاب الرأي والفكر، وتزج بهم في سجون البلاد الكثيرة. وانكسرت كل أمال التغيير الذي استشفها الشعب السوري منذ بداية استلام الأسد الثاني للحكم في البلاد، إلا أنه سرعان ما انهارت هذه الآمال، ورجع الشعب السوري إلى واقعهم المرير في كم الأفواه، وقمع حرية التعبير والرأي الأخر، واغتيال الديمقراطية والحريات الأساسية.

عقد من الزمان، مليء بالكلمات والتناقضات، ووعود زائفة، ذهبت أدراج الرياح. عشرة سنوات امتلأت فيها السجون والمعتقلات بالمفكرين والمبدعين وأصحاب الرأي والضمير، فأين وعود الإصلاح والتغيير والتطوير والتحديث؟


دمشق - سكايز
الاربعاء 21 يوليوز 2010