نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عن نافالني… بعد أربعين يوماً!

27/03/2024 - موفق نيربية

أوروبا والسير نحو «هاوية»...

18/03/2024 - سمير العيطة

( خيار صعب لأميركا والعالم )

18/03/2024 - عبدالوهاب بدرخان*

لماذا لم يسقط نظام الأسد؟

17/03/2024 - يمان نعمة


خطر الاندثار





"يوغوسلافيا هو اسم لدولةٍ تواجدت غرب البلقان في جنوب شرق أوروبا في القرن العشرين (1918 - 2006)".
عن "ويكيبيديا"

الاقتباس أعلاه، وهو تعريفٌ لدولةٍ كانت موجودة ثمَّ اندثرت وصارت من الماضي، ينفع بالتذكير ببديهية مهمَّة للغاية -غالباً ما تغيب عن أذهان الناس- ألا وهي إمكانية اندثار الدول.


في النموذج اليوغسلافي نجد دولةً عاشت أقلّ بقليلٍ من قرنٍ من الزمان، وكانت نهايتُها حروباً عرقية وجرائمَ إبادةٍ على أساس ديني، ثمَّ تقسيماً إلى دولٍ، فاندثاراً للدولة الأمّ إلى الأبد.
 
عناصر كثيرة من اندثار الدولة في النموذج اليوغسلافي متوافرة في الحالة السورية، ولا شيء في وسعه أن يمنع تكرار النتيجة ذاتها سوى حصول تسوية سياسية كبرى؛ تبتدئ بترحيل الأسد وحاشيته، مع الشروع بإعادة هيكلة المؤسسات الأمنية والعسكرية، وتنتهي بالاتفاق على نموذج حكم جديد لسوريا الجديدة، بعدما أثبت نموذج الدولة المركزية فشله وكارثيته باعتباره وصفةً سحريةً لنهوض الاستبداد واستفراد طيف بالحكم مع البطش ببقية الأطياف. 
 
إنَّ عدم اندثار سوريا، ككيان سياسي، يتطلَّب مرحلة عمل طويلة لتضميد الجراح قوامها إعادة إعمار مجتمعية، موازية لإعادة الإعمار الإسمنتية، تضطلع بدور الـمُبَلْسِم التاريخي.
 
فإعادة الإعمار المجتمعية، في سوريا التي لـمَّا تولد بعد، يجب أن يكون لها هدف نهائي وكبير يتجسَّد في إنتاج هُويَّة وطنيَّة سوريَّة جديدة تحترم السياقات التاريخية للبلاد، وتُبرز وجدانها العربي والإسلامي، وتلحظ تنويعاتها العرقية والثقافية (خصوصاً المسألة الكُردية) وتعدُّدية طوائفها. بمعنى إنتاج هُويَّة وطنيَّة جديدة أكثر مرونة من الهويات القومية الجامدة، والتي استعمل الاستبدادُ إحداها رافعةً له وستاراً لمشروعه الفئوي.
 
ولنجاح هذه العملية الضخمة ثمَّة اشتراطات عديدة، بينها أن يتواضع السوريون على شكل الحكم في الدولة الجديدة. وإذا سُمِح لي الإدلاء برأيي في هذا الصدد فسأقول إن اللامركزية الإدارية الموسَّعة هي الأكثر ملاءمةً للواقع السوري، وسأشرح هذا الرأي في مقالة منفصلة أُعدّد فيها أسباب اقتناعي باللامركزية الإدارية الموسَّعة كحلّ وسط أمثل بين الفيدرالية التقسيمية والنظام المركزي الاستبدادي.
 
وفي خضمّ هذه الفوضى الشاملة التي أحكمت سدَّ الطرق التي يمكن أن تؤدّيَ إلى نهوض الكيان المفكَّك وتعافيه، تبدو فرص الاندثار متكافئةً مع فرص الولادة الجديدة.
 
وبقدر ما يبدو الأمر بأنه قد خرج من أيدي السوريين وصار قضيةً خارجيةً، بقدر ما هو مرهونٌ بنجاح نخبة سورية وطنية في الانبثاق، وقيادة الحلّ الواقعي الذي لا يغبن -على الرغم من واقعيته- تضحيات السوريين في الثورة، ويعيد التوازن للكفَّة السورية التي رجحتْ عليها كفَّةُ الخارج.
 
وظهور هذه النخبة الإنقاذية من عدمه هو الذي سيحسم المآل بين اندثار سوريا وولادتها الجديدة.
-----------
زمان الوصل

ماهر شرف الدين
السبت 5 سبتمبر 2020