نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

( في نقد السّياسة )

05/05/2024 - عبد الاله بلقزيز*

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي


رأيان أميركيان حول ملائمة أستراتيجية المناصحة السعودية "اللينة " في مواجهة الفكر المتطرف




واشنطن ـ محمد بسيوني محمد - اكتسبت أنشطة التنظيمات الإرهابية بمنطقة الخليج زخمًا متزايدًا خلال السنوات الأخيرة. ففي أعقاب حرب الخليج الثانية تزايد الوجود الأمريكي بصورة واضحة بمنطقة الخليج وهو ما اعتبرته التنظيمات الإرهابية ـ وعلى رأسها تنظيم القاعدة ـ فرصة لاستنزاف القوة الكبرى في العالم من خلال استهداف مصالحها بالمنطقة. فضلاً عن ذلك فإن الخليج بأهميته الاستراتيجية لدول العالم قاطبة يمكن أن يكون وسيلة للتأثير على مصالح الغرب. ومن هذا المنطلق فإن العمليات الإرهابية يمكن أن تعطى لهذه التنظيمات صدى أكبر كما يمكن أن تيسر لها استقطاب عناصر جديدة إذ تبدو في صورة المدافع عن مصالح المنطقة ضد القوى الغربية الاستعمارية


الشيخ سعيد الوادعي المنسق العلمي للجان المناصحة السعودية
الشيخ سعيد الوادعي المنسق العلمي للجان المناصحة السعودية
وكانت المملكة العربية السعودية الحالة الأبرز في هذا الشأن حيث تزايدت وتيرة الهجمات الإرهابية داخلها بداية التسعينيات من القرن المنصرم ووصلت لذروتها مع سلسلة الهجمات التي شهدتها المملكة منذ عام 2003، والأخطر في هذه الهجمات تزامنها مع انتقادات أسامة بن لادن للنظام السعودي واتهامه بالتواطؤ مع الإدارة الأمريكية في غزو العراق، واعتبار الإطاحة بآل سعود خطوة هامة وهدفًا أساسيًّا الأمر الذي فرض تحديات كبيرة على السلطات السعودية، التي حاولت جاهدة التعامل معها بأساليب عدة يمكن أن نطلق عليها استرتيجية "تجفيف المنابع"، وجمعت بين المواجهات الأمنية مع الخلايا المتطرفة والمواجهات الفكرية لمكافحة الفكر المتطرف من خلال برامج مثل برامج المناصحة الفكرية وإعادة التأهيل.

وفي هذا السياق تأتى أهمية المقالة التي نُشرت على الموقع الإلكتروني لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي للباحثة المتخصصة في الشئون الدولية بالمجلس ماريسا بورجيس وجاءت المقالة بعنوان التجربة السعودية لمواجهة التطرف "وتستعرض الدراسة تجربة السعودية في إعادة تأهيل المعتقلين ومدى الاهتمام الذي يبديه المسئولون الأمريكيون بهذه التجربة وما إذا كانت قابلة للتطبيق في غيرها من الدول؟.

نهج جديد للتعامل مع التطرف

تبنت السلطات السعودية منذ عام 2004 نهجًا جديدًا للتعامل مع التهديدات الإرهابية اعتمد على التوفيق بين الأساليب الأمنية المعتادة وبين أساليب اجتثاث جذور الفكر المتطرف من خلال مواجهة الفكر المتطرف ونشر الفكر المعتدل. وقد ارتكزت هذه الاستراتيجية بشكل رئيسٍ على إعادة تأهيل المعتقلين في السجون من خلال برامج لفهم الدين بصورة صحيحة والتأهيل النفسي. فضلاً عن تقديم الدعم المادي لهم بعد إطلاق سراحهم بما يسهم في إعادة اندماجهم في المجتمع مجددًا. وكانت الإرهاصات الأولى لهذه الاستراتيجية توحي بدرجة كبيرة من النجاح حيث تمكنت من إعادة دمج بعض المعتقلين في المجتمع.

فقد خضع لبرامج إعادة التأهيل منذ أن بدأ ما يقرب من أربعة آلاف معتقل أشرف عليها عدد من رجال الدين وعلماء متخصصين في علم النفس والاجتماع فضلاً عن عدد من رجال الأمن الذين تعاملوا مع قضايا مماثلة. وركزت البرامج في بادئ الأمر على التعامل مع المعتقلين غير المتورطين بصورة مباشرة في عمليات إرهابية ولكن امتدت فيما بعد لتشمل المعتقلين المرحلين من معتقل جوانتنامو والمقاتلين العائدين من العراق وذلك من خلال مركز مستقل لتقديم المشورة والإرشاد.

ومثل الجانب الديني أحد الجوانب الرئيسة في التجربة السعودية وهو ما أكد عليه كل من بروس ريديل وبلال صعب في دراسة بعنوان "جبهة القاعدة الثالثة: السعودية " ونٌشرت بدورية واشنطن الفصلية فقد مثلت الفتاوى الدينية جانبًا هامًّا من جوانب الاستراتيجية السعودية لمواجهة الإرهاب. فعلى سبيل المثال أصدر الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ المفتي العام بالمملكة فتوى في الأول من أكتوبر عام 2007 تحظر على الشباب السعودي الانضمام للحركات الجهادية في الخارج.

وفى هذا الصدد طرحت مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي خلال شهر سبتمبر دراسة مفصلة لمحاور التجربة السعودية لكريستوفر بوشيك الباحث ببرنامج كارنيجي للشرق الأوسط والمحلل المتخصص في الشئون اليمنية وجاءت تحت عنوان "الاستراتيجية السعودية الليّنة في مكافحة الإرهاب.الوقاية وإعادة التأهيل والنقاهة". فالسياسة السعودية لمكافحة التطرف والراديكالية تتلخص في خطة أُطلق عليها "استراتيجية الوقاية وإعادة التأهيل والنقاهة" وهى استراتيجية مرتكزة على جانبين أولهما: اقتناع المسئولين السعوديين بأن مواجهة التطرف والإرهاب لا يمكن أن يتم بالوسائل الأمنية التقليدية بمفردها ولكنه يتطلب وسائل أخرى أقرب ما تكون إلى المواجهة والحرب الفكرية. والجانب الثاني عدم الاقتصار على إعادة تأهيل المعتقلين ولكن لابد من تبني نهج وقائي يحاول اقتلاع التطرف من جذوره ونشر الفكر المعتدل مما فرض مشاركة كافة مؤسسات الدولة في هذه التجربة وفى مقدمتها وزارة الداخلية وزارة التربية ووزارة الإعلام ووزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد.

اهتمام أمريكي بالتجربة السعودية

استقطب النهج السعودي وبرامج إعادة التأهيل، حسب ماريسا بورجيس، اهتمام عديدٍ من الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة التي رأت أن هذه البرامج يمكن أن يمثل نموذجًا يحتذي به من الدول الأخرى مثل أفغانستان. فضلاً عن إمكانية الاعتماد عليها كاستراتيجية للتعامل مع المعتقلين العائدين من جوانتنامو وهى القضية التي تنامت خلال السنوات الأخيرة وأصبحت أكثر تعقيدًا وخاصة في ظل تعهد الرئيس الأمريكي أوباما بإغلاق المعتقل.

ومن هذا المنطلق حاول المسئولون الأمريكيون دفع الدول الأخرى للاستفادة من التجربة السعودية وفى الوقت ذاته حظت التجربة باهتمام خبراء مكافحة الإرهاب في كافة أنحاء العالم وطُرحت عديدًا من التساؤلات حول مدى ملائمتها وقابليتها للتطبيق في الدول الأخرى التي تعانى من الإرهاب المحلي وخاصة في الدول التي لا تستخدم الاقترابات الناعمة في التعامل مع هذه التهديدات

محمد بسيوني محمد - تقرير واشنطن
الاثنين 22 فبراير 2010