
الجنرال ولد عبد العزيز ..الرئيس المحاصر بشعاره
ففي خطاب تنصيبه قال عزيز إنه يشعر في تلك اللحظة بهموم آلاف الفقراء والمحرومين الذين يحلمون بتغيير أوضاعهم، واعدا بألا يخيب أملهم، وبأن يكافئهم بالمشاريع من مستشفيات ومدارس وطرق وتوظيف وأمن واستقرار . وما كاد وزراء الحكومة الجديدة يظهرون للعلن حتى ردد كل منهم تصريحاً واحداً وكأنه مقطع مسجل وهو أن الوزارة “ستعمل وفق التزامات رئيس الفقراء” .
ولم يهنأ عزيز كثيرا منذ دخوله القصر الرئاسي حتى الآن، فكل حين تنطلق مجاميع من الفقراء والعاطلين عن العمل والعمال والمهمشين وسكان أحياء الصفيح صوب بوابة القصر الرئاسي رافعين لافتات كبيرة تطالب “رئيس الفقراء” بتحسين أوضاعهم وتلبية مطالبهم الملحة .تعامل الحرس الرئاسي، قوات النخبة في الجيش الموريتاني، بأدب جم واحترام كبير مع كل المتظاهرين طوال الأيام والأسابيع الماضية، ونقل ضباط الحرس الرسائل المكتوبة والشفوية للرئيس الذي يسمع من نافذة مكتبه في الطابق الثالث مضمون تلك الرسائل وهو يردد علنا من طرف الحناجر الجائعة .
كان الأكثر إحراجا ظهور ممثلي سكان “الحي الساكن” أمام القصر الرئاسي مطالبين برفع الظلم عنهم جراء توزيع أراضيهم بطرق غير شرعية . فهذا الحي بالذات هو أول حي شعبي يدشن عزيز من خلاله سياسة الاهتمام بواقع المحرومين والمهمشين، بل وفيه ألقى أشهر خطاباته ضد “الدولة الفاسدة” التي لا تولي اهتماما لغير “طبقة سياسية فاسدة” تنسى مواطنيها ثلاثين سنة وهم يسكنون في أعشاش لا تليق بالدجاج، بحسب تعبيره .
خطاب وقتها اعتبر “ثورياً” إلى أبعد الحدود، وتحريضياً ضد الدولة وضد طبقة الفساد الإداري والمالي والسياسي . قال عزيز يومها للفقراء اللابسين أسمالهم “حتى المرشحين كانوا يأنفون عن زيارتكم ويبعثون من يطلب أصواتكم لصالحهم” .
بعد يوم واحد من مظاهرة سكان “الحي الساكن”، التقط زعيم المعارضة الموريتانية أحمد ولد داداه “الخيط” الذي طالما نسج منه “كفن” عدم استقرار الأنظمة الموريتانية . فأصدر حزبه بيانا سخر فيه من تصرف “رئيس الفقراء” مع الفقراء، وقال إن أراضي الحي الساكن” وزعت “لفائدة رجال أعمال أثرياء وموظفين فاسدين ومحترفي استغلال النفوذ” . وجاء في بيان الحزب “وهكذا، وبتغطية من الدولة وبتوجيهات من “رئيس الفقراء” وجدت آلاف من الأسر الضعيفة، التي تتكون من أرامل ويتامى ومرضى عقليين وعاطلين عن العمل، نفسها من دون مأوى، أو مهجرة إلى مناطق نائية وغير مأهولة” .
قبل ذلك كان أحد أكبر زعماء المعارضة قد همس بأن نزول المعارضة للشارع سيكون في فترة وجيزة بعد أن يتأكد الفقراء من أن عزيزاً لا يملك وصفة سحرية لتغيير واقعهم، “حين تتراجع شعبيته إلى ما تحت الصفر” .
حتى يوم أمس تظاهر أيضا أمام القصر الرئاسي “متسولو نواكشوط” مطالبين بحقوقهم، ليتركوا المكان أيضا لمجموعة من نساء حي “الانتظار” جاءت تطالب بقطع أرضية لتقيم عليها عائلاتها .
صاحب ذلك حرقة “جيوب” الفقراء من الأسعار التي بدأت ترتفع هنا أو هناك متحدية “الجنرال” الذي قرر بملء إرادته هزيمة “إرهاب الأسعار”، وطاف بالبلاد في جولات انتخابية واعدا بذلك .
وبالفعل فإن “رئيس الفقراء”، بحسب الذين يعملون داخل أسوار القصر عاكف على مشاريع تنموية استعجالية ومتوسطة وطويلة الأمد لتحسين أوضاع الفقراء، ومنذ ذلك توفير السكن لقاطني أحياء الصفيح، ومشاريع مائية وكهربائية وصحية .
لكن عزيزاً الذي كان أول رئيس للبلاد يتجرأ على تبني شعار “رئيس الفقراء” أمام امتحان حقيقي و”سيف ذي حدين” . فبينما تذهب أحسن الاحتمالات إلى وجود 46% من سكان البلاد، الثلاثة ملايين نسمة، تحت خط الفقر، تذهب دراسات أخرى إلى أن 95% يعيشون تحت أشكال متعددة من الفقر . بل إن عزيزاً نفسه قال إن الثروة تتركز في يد 5% من الموريتانيين فقط .
ويقدر أحد قادة المعارضة أن المائة يوم الأولى من حكم عزيز كافية للحكم بنجاح أو فشل الرجل .
وفي غضون ذلك، يقول أحد المراقبين إن شعار “رئيس الفقراء” بات بالفعل شعاراً محرجاً، فآلاف الحناجر تصرخ طالبة السكن، وكسرة الخبز وحبة الدواء .
ويوم أمس دعا الكاتب الموريتاني حبيب الله ولد أحمد الرئيس عزيز إلى إقامة نصب تذكاري ل “الفقير المجهول” في “ساحة التغيير” وسط العاصمة نواكشوط التي كان عزيز يعقد فيها مهرجاناته الانتخابية الملتهبة . وفي مقال ساخر قال الكاتب إن ولد عبد العزيز وعد بتغيير تلك الساحة “إلى شيء ما” وأنها اليوم تحمل اسما متداولا هو “ساحة الفقراء” في انتظار تنفيذ التزام ولد عبد العزيز بتحويلها إلى “شيء ما” . وقال “أتوقع شخصيا أن تتحول تلك الساحة إلى حديقة غناء يتوسطها “نصب تذكاري للفقير المجهول” يزوره ضيوف البلاد ويضعون عليه أكاليل الزهور إن وجدت .
وأضاف “من المعروف طبعا في كل دول العالم أن تخصص ساحات فاخرة للنصب التذكارية للجنود المجهولين الذين سقطوا دفاعا عن بلدانهم في ساحات الشرف، غير أنه في بلادنا - وحسب علمي- لا يوجد جندي مجهول، فالذين قتلوا “كبولاني” (قائد فرنسي استعماري) معروفون، والذين دافعوا عن الوحدة الترابية للبلاد أيام الرمز المؤسس المختار ولد داداه معروفون، والذين حاربوا على ضفة النهر أيام أحلام التوسع السنغالي (،89 ،90 91) معروفون . والذين سقطوا شمالاً وجنوباً، غرباً وشرقاً دفاعاً عن الكيان الموريتاني معروفون، والذين غدر بهم القتلة الإرهابيون الجبناء في “الغلاوية” و”لمغيطي” و”تورين” معروفون، والذين هجروا الثكنات وساحات الشرف ليتصارعوا على السلطة معروفون” .
إذن، يضيف الكاتب، فموريتانيا هي البلد الوحيد- ربما في العالم كله- الذي لا يوجد فيه “جندي مجهول”، فالجميع معروفون بالأسماء، والرتب، والتاريخ والانتماءات القبلية والتقليدية، وحتى الفكرية!! ولذلك فإن لدينا فقراء مجهولين علينا الاحتفاء بهم
وذكر بتسابق كل المرشحين للرئاسات الموريتانية لحمل هموم الفقراء والتبشير بها فولد عبد العزيز “رئيس الفقراء” ومسعود “الزعيم الروحي للفقراء” وولد داداه “قائد الفقراء” وهكذا
جريدة الخليج الاماراتية
ولم يهنأ عزيز كثيرا منذ دخوله القصر الرئاسي حتى الآن، فكل حين تنطلق مجاميع من الفقراء والعاطلين عن العمل والعمال والمهمشين وسكان أحياء الصفيح صوب بوابة القصر الرئاسي رافعين لافتات كبيرة تطالب “رئيس الفقراء” بتحسين أوضاعهم وتلبية مطالبهم الملحة .تعامل الحرس الرئاسي، قوات النخبة في الجيش الموريتاني، بأدب جم واحترام كبير مع كل المتظاهرين طوال الأيام والأسابيع الماضية، ونقل ضباط الحرس الرسائل المكتوبة والشفوية للرئيس الذي يسمع من نافذة مكتبه في الطابق الثالث مضمون تلك الرسائل وهو يردد علنا من طرف الحناجر الجائعة .
كان الأكثر إحراجا ظهور ممثلي سكان “الحي الساكن” أمام القصر الرئاسي مطالبين برفع الظلم عنهم جراء توزيع أراضيهم بطرق غير شرعية . فهذا الحي بالذات هو أول حي شعبي يدشن عزيز من خلاله سياسة الاهتمام بواقع المحرومين والمهمشين، بل وفيه ألقى أشهر خطاباته ضد “الدولة الفاسدة” التي لا تولي اهتماما لغير “طبقة سياسية فاسدة” تنسى مواطنيها ثلاثين سنة وهم يسكنون في أعشاش لا تليق بالدجاج، بحسب تعبيره .
خطاب وقتها اعتبر “ثورياً” إلى أبعد الحدود، وتحريضياً ضد الدولة وضد طبقة الفساد الإداري والمالي والسياسي . قال عزيز يومها للفقراء اللابسين أسمالهم “حتى المرشحين كانوا يأنفون عن زيارتكم ويبعثون من يطلب أصواتكم لصالحهم” .
بعد يوم واحد من مظاهرة سكان “الحي الساكن”، التقط زعيم المعارضة الموريتانية أحمد ولد داداه “الخيط” الذي طالما نسج منه “كفن” عدم استقرار الأنظمة الموريتانية . فأصدر حزبه بيانا سخر فيه من تصرف “رئيس الفقراء” مع الفقراء، وقال إن أراضي الحي الساكن” وزعت “لفائدة رجال أعمال أثرياء وموظفين فاسدين ومحترفي استغلال النفوذ” . وجاء في بيان الحزب “وهكذا، وبتغطية من الدولة وبتوجيهات من “رئيس الفقراء” وجدت آلاف من الأسر الضعيفة، التي تتكون من أرامل ويتامى ومرضى عقليين وعاطلين عن العمل، نفسها من دون مأوى، أو مهجرة إلى مناطق نائية وغير مأهولة” .
قبل ذلك كان أحد أكبر زعماء المعارضة قد همس بأن نزول المعارضة للشارع سيكون في فترة وجيزة بعد أن يتأكد الفقراء من أن عزيزاً لا يملك وصفة سحرية لتغيير واقعهم، “حين تتراجع شعبيته إلى ما تحت الصفر” .
حتى يوم أمس تظاهر أيضا أمام القصر الرئاسي “متسولو نواكشوط” مطالبين بحقوقهم، ليتركوا المكان أيضا لمجموعة من نساء حي “الانتظار” جاءت تطالب بقطع أرضية لتقيم عليها عائلاتها .
صاحب ذلك حرقة “جيوب” الفقراء من الأسعار التي بدأت ترتفع هنا أو هناك متحدية “الجنرال” الذي قرر بملء إرادته هزيمة “إرهاب الأسعار”، وطاف بالبلاد في جولات انتخابية واعدا بذلك .
وبالفعل فإن “رئيس الفقراء”، بحسب الذين يعملون داخل أسوار القصر عاكف على مشاريع تنموية استعجالية ومتوسطة وطويلة الأمد لتحسين أوضاع الفقراء، ومنذ ذلك توفير السكن لقاطني أحياء الصفيح، ومشاريع مائية وكهربائية وصحية .
لكن عزيزاً الذي كان أول رئيس للبلاد يتجرأ على تبني شعار “رئيس الفقراء” أمام امتحان حقيقي و”سيف ذي حدين” . فبينما تذهب أحسن الاحتمالات إلى وجود 46% من سكان البلاد، الثلاثة ملايين نسمة، تحت خط الفقر، تذهب دراسات أخرى إلى أن 95% يعيشون تحت أشكال متعددة من الفقر . بل إن عزيزاً نفسه قال إن الثروة تتركز في يد 5% من الموريتانيين فقط .
ويقدر أحد قادة المعارضة أن المائة يوم الأولى من حكم عزيز كافية للحكم بنجاح أو فشل الرجل .
وفي غضون ذلك، يقول أحد المراقبين إن شعار “رئيس الفقراء” بات بالفعل شعاراً محرجاً، فآلاف الحناجر تصرخ طالبة السكن، وكسرة الخبز وحبة الدواء .
ويوم أمس دعا الكاتب الموريتاني حبيب الله ولد أحمد الرئيس عزيز إلى إقامة نصب تذكاري ل “الفقير المجهول” في “ساحة التغيير” وسط العاصمة نواكشوط التي كان عزيز يعقد فيها مهرجاناته الانتخابية الملتهبة . وفي مقال ساخر قال الكاتب إن ولد عبد العزيز وعد بتغيير تلك الساحة “إلى شيء ما” وأنها اليوم تحمل اسما متداولا هو “ساحة الفقراء” في انتظار تنفيذ التزام ولد عبد العزيز بتحويلها إلى “شيء ما” . وقال “أتوقع شخصيا أن تتحول تلك الساحة إلى حديقة غناء يتوسطها “نصب تذكاري للفقير المجهول” يزوره ضيوف البلاد ويضعون عليه أكاليل الزهور إن وجدت .
وأضاف “من المعروف طبعا في كل دول العالم أن تخصص ساحات فاخرة للنصب التذكارية للجنود المجهولين الذين سقطوا دفاعا عن بلدانهم في ساحات الشرف، غير أنه في بلادنا - وحسب علمي- لا يوجد جندي مجهول، فالذين قتلوا “كبولاني” (قائد فرنسي استعماري) معروفون، والذين دافعوا عن الوحدة الترابية للبلاد أيام الرمز المؤسس المختار ولد داداه معروفون، والذين حاربوا على ضفة النهر أيام أحلام التوسع السنغالي (،89 ،90 91) معروفون . والذين سقطوا شمالاً وجنوباً، غرباً وشرقاً دفاعاً عن الكيان الموريتاني معروفون، والذين غدر بهم القتلة الإرهابيون الجبناء في “الغلاوية” و”لمغيطي” و”تورين” معروفون، والذين هجروا الثكنات وساحات الشرف ليتصارعوا على السلطة معروفون” .
إذن، يضيف الكاتب، فموريتانيا هي البلد الوحيد- ربما في العالم كله- الذي لا يوجد فيه “جندي مجهول”، فالجميع معروفون بالأسماء، والرتب، والتاريخ والانتماءات القبلية والتقليدية، وحتى الفكرية!! ولذلك فإن لدينا فقراء مجهولين علينا الاحتفاء بهم
وذكر بتسابق كل المرشحين للرئاسات الموريتانية لحمل هموم الفقراء والتبشير بها فولد عبد العزيز “رئيس الفقراء” ومسعود “الزعيم الروحي للفقراء” وولد داداه “قائد الفقراء” وهكذا
جريدة الخليج الاماراتية