نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

خديعة الرحمة

03/07/2025 - هناء محمد درويش

التريمسة...حين يلتقي العائد بظلّه

24/06/2025 - عبير داغر إسبر

انهيار إمبراطورية إيران

17/06/2025 - براءة الحمدو

حزب حاكم جديد في سورية

08/06/2025 - بشير البكر

المفتي قبلان صاحب الرؤية

02/06/2025 - يوسف بزي


سلطة الخضار رفاهية على موائد السوريين بعد ان كانت أهم أطباقهم اليومية




دمشق - اعتاد أغلب السوريين على تحضير صحن سلطة الخضار التقليدية بشكل دائم وملازم لوجبات الغداء والعشاء، لفوائدها،لكن على ما يبدو فإن هذه العادة أصبحت من الماضي في ظل تراجع توفر موادها الأولية القادمة من الأرياف سيما مع التضخم غير المسبوق في الأسعار .


سلطة الخضار رفاهية على موائد السوريين بعد ان كانت أهم أطباقهم اليومية
و لأن تحضيرها لا يحتاج وقتا طويلا، إضافة إلى توفر مكوناتها في السوق المحلية، ورخص أسعارموادها سابقا كانت عادة شبه يومية على موائد طعام السوريين  ، إلا أن الأزمة التي تشهدها البلاد أدت إلى ارتفاع جنوني في أسعار عناصرها لقلة المتوفر منها وصعوبة نقله، الأمر الذي غدا معه طبق "السلطة " لديهم عنصر رفاهية.
 
و تكاد أم مسعود تبكي و هي تتحدث عن أيام زمان حين كان كل شيء رخيصا و متوفرا  أما اليوم فهي تعاني حين تريد تأمين صحن السلطة لعائلتها فتقول : أعانىيوميا في تأمين احتياجات العائلة من الخضر والفواكه ضمن المصروف الشهري المخصص لذلك، جراء غلاء الأسعار، هذه الأيام بات صحن " السلطة " نوعا من الرفاهية اضطر في غالب الأيام إلى الاستغناء عن بعضها كي أوازنفي المصروف اليومي لنتدبر أمورنا حتى نهاية الشهر .
و تغص أم مسعود السيدة السورية وهي في عقدها الخمسين و تضيف "تمر بضعة ايامأو أكثر نكتفيفيهابتناول البقول والحبوب دون تواجد الخضر على المائدة "،وتوضح بتهكم، وهي تقوم بتقطيع الخيار لتحضير السلطة، "لا نحتاجها كثيرا"، و يتحشرج صوتها مرة ثانية عند ذكر أسعار بعض الخضر، مبدية حرصها على تحضيرها بعناية كبيرة "كونها لا تؤكل حاليا إلا في المناسباتنعم في المناسبات الأسعار باتت فوق قدرة السوريين على  التحمل ".
و أما  أبو حسين، الذي فضل التسوق لشراء حبات من كل مادة بدلا من الكيلو،فيقولإن "ارتفاع سعر الخضر أرهق المواطنين وخاصة ذوي الدخل المحدود، الأمر الذي أرغمهم على التفكير في بدائل أخرى، ما أدى إلى اختفائها عن المائدة "، ضاربا البندورة (الطماطم) كمثل عن ذلك ، يا لسخرية القدر كنا نشتري البندورة بالصناديق اليوم لا نقوى على شرائها إلا بالحبات.
وحازت البندورة (الطماطم) في سورية مؤخرالقب "الذهب الأحمر" بعد ارتفاع أسعار الكيلو جرام الواحد منها مؤخرا إلى أكثر من 130ليرة (نحو دولار واحد)، بعدما كان لا يصلسعر الكيلو في أفضل حالاته إلى أكثر من 70 ليرة (0,60 دولارمع الفارق في قيمة العملة بين الأمس و اليوم )، وهذا للبلاستيكية المتوفرة في الشتاء، وهو السعر الذي حطت عليه بعد انخفاض جراء توفير المادة في السوقأما البندورة البلدي ايام مواسمها فلم يتجاوز سعرها أنذاك عشرة ليرات سورية .
وجاء الارتفاع الكبير لسعر البندورةومعظم الخضار و الفواكه  مؤخرا بعد وقف استجرارها من مناطق زراعتها في الأرياف و المحافظات و خاصة البندورة من درعا في حوارن جنوب غرب البلاد والتي تضم مساحات واسعة لزراعتها، وذلك لانقطاع طريق درعا دمشق الدولي لاشتباكات وقصف متواتر، ما دفع الكثير من سائقي الشاحنات إلى الإعراض عن توصيل كميات منها إلى دمشق لارتفاع المخاطر، ومن قام بذلك استغل الوضع لرفع أجره، الأمر الذي انعكس على سعر الخضار و الفواكه كافة ويستبعد درويش الحسن ،وهوموظف، أن تنخفض أسعار الخضروات قريبا، قائلا "إن الأوضاع في سورية تسوء أكثر بشكل تدريجي، وهذا يؤثر على المزارعين من ناحية إمكانية القيام بزراعة أراضيهم أو جمع المحصول، إضافة إلى أن الطرق تقطعت بشكل مستمر نتيجة الاشتباكات بين السلطات والمعارضة  ".
 
و يضيف أن " قلة المعروض من هذه المواد، إضافة إلى زيادة الطلب نتيجة زيادة النازحين من المناطق الساخنة، أدى إلى خلل في ميزان العرض والطلب، انعكس ارتفاعا جنونيا في الأسعار ".
و يرى أحد التجار في سوق الهال بدمشق، وهو المركز الرئيسي لتوزيع الخضروات والفواكه في العاصمة، ويحتل مساحة واسعة بالقرب من حي جوبر الساخن، إن "حجم كميات المواد الواردة إلى السوق انخفض بشكل كبير بأكثر من  50%، إضافة إلى ارتفاع التكلفة نتيجة الأحداث وزيادة حجم الطلب، تسبب بارتفاع الأسعار بشكل جنوني".
و يعترف التاجر أن "ارتفاع الأسعار قد يؤدي إلى تجاوزها القدرة الشرائية لفئة كبيرة من المستهلكين ما يتسبب بانخفاض المبيعات جراء تخفيف المستهلك من حاجته إليها"، لكنه لفت إلى أن "حجم الطلب الكبير يعوض هذا الانخفاض".
 
و يوضح التاجر أن سوق الهال اضطر إلى إغلاق أبوابه عدة مرات مؤخرا نتيجة اقتراب المعارك إلى أطرافه وسقوط قذائف على مناطق فيه، الأمر الذي أدى إلى وقف مد السوق بالخضر والفواكه الضرورية لحاجة المدينة، كما كلف التجار خسارات كبيرة، على حد قوله.
في حين يتذمر تجار المفرق أو الباعة صغار الحجم من الأسعار المرتفعة، ولا يبدون ارتياحا لغلائها، إذ يتعين عليهم الشراء بالسعر المرتفع والبيع بسعر أعلى، يضطرون لزيادة رأسمالهم وسط احتمال امتناع المستهلك عن الشراء ظنا منه إنهم يرفعون أسعار السلع بشكل مقصود مستغلين الأوضاع.
 
ويقول أبو عبدو إنالتجار الكبار "يربحون كثيرا "، واصفا نفسه ببائع مفرق يعمل لدى هؤلاء، ويرى إنهم حيتان التهموا السوق واستغلوا حاجة الناس لرفع الأسعار مع قلة الكميات الواردة و السلطات تتفرج .
 
ويعتبر أبو عبدو أن ذلك سبب أضرارا لمن هم مثله إذ أن رأسماله القديم لم يعد يكفي للتبضع بنفس الكميات القديمة، ويقر بأن الأسعار ارتفعت، لكنه يلفت إلى أن الرأسمال المضاعف أدى إلى قلة الربح.
 
وتظهر ارتفاعات الأسعار بشكل جلي خلال جولة في أحد أسواق الخضار والفواكه في وسط العاصمة دمشق، وسط تدني الكميات المعروضة من الفواكه، لإقبال المستهلك على ما يعتبره أساسي في المرحلة الحالية من الخضر، التي ارتفعت أسعارها مرات عدة ويبدو غياب السلطات الحكومية في ضبط الأسعار واضحا و السكان يقولون انه " مقصود " كي يضغطون اكثر على الناس للالتفاف حولها و طلب المساعدة ...، فعلى الرغم من الوعود الحكومية لتخفيض الأسعار، استمرت الأسعار في تصاعد دائم.
 
فيما أشارت وزارة الاقتصاد السورية مؤخرا إلى أن فوضى ارتفاع الأسعار الحاصلة في الأسواق مستمرة، إذا لم يثبت سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية، والذي وصل إلى ارتفاعات قياسية، مشيرة إلى أن الأسعار ارتفعت بنحو 50% في الفترة الأخيرة، في حين يوضح مستهلكون أن الأسعار ارتفعت أكثر من 200%.ويحمل الكثير من السوريين المسؤولين مسؤولية ضبط الأسعار، إلا أن بعض المواطنين يرون أن دورها الحالي الفعال بشكل أكبر هو في العمل على تأمين هذه المواد والسلع وطريقة نقلها، إذ لا يمكنها أن تخفض الأسعار من دون تأمين الوفرة، والتي تصطدم حاليا بصعوبات عدة جراء الأزمة في البلاد.

د ب أ
الخميس 6 يونيو 2013