نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي


كان حبره أسود.. فكيف يرسم قوس قزح؟






هو شاعر، وأديب، وخطاط، ورسام، مترادفات ليست متفرقة، إنما هي تشكيل حروفي ولوني، لا يمكن أن ينبئك إلا أنه الصكّار، والصكّار وحده، سأفتقد ذلك الحضور للظل البارد الذي يرافقك كلما ضمتنا أمكنة في باريس، سأفتقد تلك الأشعار، والخواطر الإخوانية، والتي تتعب أن تجدها في بطون الكتب، سأفتقد النكتة "الجاحظية" تلك التي تسربّها طرقات البصرة، وحوانيت بغداد، سأفتقد ذاك المتيم في الحياة، والذي قال لطبيبه الفرنسي مرة: إن اغلقت عليّ باباً، سأجد شبّاكاً لأتنفس، فرقّ له الطبيب، وقال له: مثلك من يوعظ الأطباء

فقط أسبوع بين تكريمه في معهد العالم العربي بباريس، والذي جاءه رغم إشتداد مرضه، ونصائح طبيبه، على كرسي مدولب، تدفعه أم ريّا، كأي امرأة صابرة من بغداد، ورحيله مختتماً الثمانين، عافّاً عن قول زهير أبن أبي سلمى من يعش ثمانين حولاً لا أبا لك يسأم، فقد كان محبّاً للحياة، ودوداً لألوانها، عشق الحرف، فعرف النور والتجلي، أستهوته الكلمات، فأدرك معنى الكلم، وما يسطرون،


 لكي يغتنموا الحياة، سأفتقد ذاك الوجه الشائخ مثل بشرة طفل لا يكبر، ويداً برقة مسلك الحرير، وإن صافحتك برجفة العمر، غير أنها الدفء والإخلاص، ولم تعرف الخنجر، سأفتقد تلك الرائحة من مسك عربي يحضر قبله، ويبقى في المكان، وفي الذاكرة بعده، سأفتقد بحق إنساناً عاش، ومات، ولم يعرف الأذى! 

الصكّار.. رحل، ولتكتفي بغداد بالتأبين، ولطم الصدور لعظمائها، وأجلاّئها في المنافي الباردة، رحل أبو ريّا، ، وإن كان في القلب أسى من بغداد ولبغداد، لكنه أحب فرنسا كجنة من برزخ، أهدته بدل القلم، عشرة أقلام ومحبرة، وبدل السفر على جُنح الضاد في حدودها المعطلة، منحته الأفق والغمام، ومرسما إن تعب وعاد، ومعنى أن يكون الإحترام، يبكي الحلاّج، ويبكي نفسه، حينما يتذكر أيام محنة " أبجدية الصكّار" التي أبتكرها لتعزيز العربية، وتطويعها للتقانة، لكن المسؤول العربي، وما يمكن أن يفعله لشيء لا ينسب إليه، فكان خلاف الأصدقاء طارق عزيز - المسؤول- والصكّار - المبتكر-، وبداية رحلة المنافى والاختيارات، وتلك الأوجاع التي تذّكرك بالوطن دوماً وأبدا! 

ضمتنا وأبو ريّا مدن: كباريس ولندن وبيروت وأبوظبي، وأخرى، وأماكن كثر،، تحلّق حولنا أصدقاء عابرون، وباقون، كانت جلسات من معرفة، حين لا يخدش المعرفة شيء، وكانت الضحكات تتالي الضحكات، حين يمدح العنب والعنب، ويمتدح القمر، وحين نرعف نساء من وقت وتعب وسفر، كان الصكّار يشرق بتلك الضحكة المتبوعة بسعلة من تبغ، فيدفيء بمعطفه صدره وجسده الهزيل كقصبة من خيزران، ويعود يتذكر.. ويتذكر، كانت آخر جلسة ضمتنا قبل عام، وأكثر، في مطعم باريسي مع عماد الدين أديب، ونجم عبدالكريم، وكان الصكّار يومها متجليّاً، ولا يحب شيئاً أكثر من الحياة!  

المصدر: 

جريدة الاتحاد الأربعاء 26 مارس


ناصر الظاهري
الجمعة 28 مارس 2014