تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

طبالون ومكيودون وحائرون

07/11/2025 - ياسين الحاج صالح

"المتلحف بالخارج... عريان"

07/11/2025 - مزوان قبلان

كيف ساعد الهجري و"قسد" سلطة الشرع؟

07/11/2025 - حسين عبد العزيز

” قسد “.. ومتلازمة انتهاء الصلاحيّة

07/11/2025 - رئيس تحرير صحيفة الرأي

مفتاح الشَّرع الذَّهبي

06/11/2025 - د. مهنا بلال الرشيد

هل يعرف السوريون بعضهم بعضا؟

29/10/2025 - فارس الذهبي

كلمة للفائزين بعضوية مجلس الشعب السوري

26/10/2025 - ياسر محمد القادري


معسكر ل "للفرنج " يقيم دورات لتعليم قيادة الأفيال في غابات تايلاند




ماي سابوك - بيرند كوبيش- فى تايلاند يربطون الحظ السعيد بالجلوس على ظهر هذا الحيوان ....الفيل! ينطبق هذا على الأقل مع سكان قرية ماي سابوك بشمال تايلاند حيث يتزايد باستمرار عدد الأجانب من أصحاب البشرة البيضاء – أو "الفرنج" كما اعتاد التايلنديون تسمية أولئك الأجانب الواعيين لأهمية البيئة والذين يأتون من أجل الاسترخاء وسط الأفيال ويسيرون بها وسط الغابات بمرافقة خبراء من المرشدين المحليين ويتعلمون كيف يركبونها وفى أثناء ذلك يستكشفون طبيعة وحياة ساكني الجبال.


دورات لتعليم قيادة الأفيال في غابات تايلاند
دورات لتعليم قيادة الأفيال في غابات تايلاند
وغالبا ما يطلق اسم "الفرنج" على الزائرين الأوروبيين الذين يتميزون بالأنف الطويل ويمتلكون من المال الكثير.
ويعد الألماني بودو ينس فورستر ذو "الأنف الطويلة" الذي كان يعمل حارسا لحديقة حيوان "فريدريشسفيلده" ببرلين اليوم في تايلاند واحدا من وجهاء مدربي الأفيال فى تايلاند.
أصبحت هذه الحيوانات في حاجة إلى مساعدة عاجلة بعد أن أصبح عددها يتناقص دوما بصورة أكبر وأصبحت حياتها محزنة في أماكن كثيرة.
ويوجد فى قرية ماي سابوك معسكر أفيال أنشأه بودو ينس فورستر/46 عاما/بمساعدة شريكه التايلاندي شاى نام تسيتانج على أطراف الحديقة الوطنيةدوي إنثانون، ويبعد بنحو ساعة بالسيارة من مدينة شيانج ماي الكبيرة.

و أصبح هذا المعسكر محبوبا بصفة خاصة بسبب النزهات الاستكشافية التي يقدمها عن الغابة البكر والدورة التي تستمر 14 يوما لتعليم قيادة الأفيال. ويهز الألماني فورستر رأسه مبتسما عند إجابته على سؤال عما إذا كان اتخذ القرار الصائب في الحياة مع أفيال الغابة ويقول :"عندما كنت حارس الأفيال في حديقة فريدريشسفيلده ببرلين كنت أحلم بلقاء الحيوانات على طبيعتها الأصلية".
ويضيف فورستر أنه في أقل من عام وبعد سقوط سور برلين عام 1989 سافر إلى تايلاند، وهناك تعلم الرجل ذو الشعر الطويل مهاراته من الـ "ماهوتس" وهى كلمة يطلقها ساكنو جبال جنوب شرق آسيا على سائقي الأفيال و وصل تدريجيا إلى تعلم فهم قيادة هذا المخلوق في الطرق الضيقة بالغابة ومرافقة الأفيال أثناء الاستحمام في الأنهار.
ويتذكر فورستر ما قاله له أحد سائقي الأفيال آنذاك " حرك هذا الفيل". ويقول: "وبالفعل استطعت أن احركه وسمح لي بالبقاء والتعلم، فأنا أتقبل الحيوانات والناس والطبيعة، ولهذا تم قبولي آنذاك".

ومن يذهب لقضاء الإجازة في تايلاند مع الأفيال بين أشجار الخيزران وحقول الأرز وخشب الساج الذي ينمو في الغابات لا يشعر فقط بالسعادة ولكنه حتما ولابد سيجد الكثير مما يحكيه عن هذا عندما يعود لوطنه أو لشركته التي يعمل بها أو لزبائنه.
ويقول مشرف المعسكر ديتر شرام الذي جاء من مدينة انسبروك العاصمة النمساوية لولاية تيرول:" حياة السياح مع الأفيال وتعلمهم كيفية التعامل معها تمنح الأهالي والحيوانات الرزق والطعام وتشجع على فهم الطبيعة والشعوب المختلفة".
ويعمل شرام في مؤسسة الألماني فورستر والتايلاندي تسيتانج والمكونة من 30 موظفا، ويشرف شرام /47 عاما/ على المعسكر الأصغر من "معسكري السياحة الخاصة بالأفيال" في مدينة ماي سابوك وهما المعسكران اللذان تبدأ منهما أيضا رحلات طويلة إلى مناطق ساكني الجبال وإلى المعابد وشلالات المياه. والكل هنا رابح شريطة أن يمشوا مع بعضهم البعض بحذر. يشهد بذلك الزوار ومغرمو الأفيال من مدن ليفركوزن وبرلين وهامبورج و زيوريخ وفيينا وسيدنى.
وكذلك مستشارة المؤسسة بيانكا هورنا /39 عاما/ التي جاءت من مدينة فرانكفورت الألمانية، وتجلس هورنا باسترخاء تام على ظهر الفيلة "ماي جيو" التي تتوقف مرة أخرى أثناء التهام الطعام وبخرطومها القوى تقتلع اشجار الخيزران الصغيره التي تعترض طريقها. وتحب هورنا الأفيال منذ طفولتها. ويعد اعتلاء صهوة الأفيال وتوجيههم وقيادتهم والاتجاه بهم إلى الأماكن الضيقة في الغابة ومرافقتهم أثناء الاستحمام في مياه النهر وكذلك الصعود والجلوس على الهودج المثبت على ظهر الفيل من ضمن الدورة التعليمية التي تستمر 14 يوما مع ذلك الحيوان العملاق.
وتقول هورنا:"هذا كله ليس صعبا خاصة بعد أن نشأت علاقة أليفة بيني وبين حيواني"، وفى اليوم الأول للدرس يقترب الزوار بمرافقة سائق الأفيال من الحيوان ما بين الأنهار والحشائش وأشجار الخيزران وأشجار الأيكة العالية المتشابكة مع بعضها.

وبعد ذلك تبدأ الأفيال في التواصل معهم، كل شخص يتكلم بلغته مع حيوانه سواء كان ذلك باللغة الألمانية أو الانجليزية أو التايلاندية.

والجدير بالذكر أن حيوانات الغابة الضخمة كالأفيال تميز الرائحة والحركة والصوت وتعد روائح العطور أو الكريمات غير محبذة لدى الأفيال فهي تزعج وتؤذى حاسة الشم لديها.
وتقول هورنا: "الفيلة ماي جيو تقبلتني بسرعة" لكن المشكلة الوحيدة تكمن فى أن الزائرين يجدون صعوبة عند ربط زمام الصندوق المعدني على ظهرها الضخم. فربط هذه الأحبال الثقيلة بواسطة أيدى السيدات لا يعد أمرا هينا، وبالنسبة لي كان هذا أصعب شيئ في الدرس حيث ينبغي ألا تكون الحبال مشدودة بشكل كبير وكذلك ينبغي ألا تكون مرتخية. ويجب أن يظل الصندوق المثبت على ظهر الحيوان مستقرا على ظهر الفيلة أثناء الصعود والنزول خاصة عندما يكون محملا بأحمال كبيرة وليس مجرد راكب واحد". ولحسن الحظ فإن الشاب ديو /25 عاما/ على استعداد دائم للمساعدة وتدخل لشد إحدى عقد الحبل بإتقان.

كان ديو من سكان طائفة "الكارين" الذين هاجروا من ميانمار إلى تايلاند، وسكنوا مناطق الجبال ويعمل سائقا للأفيال ويهتم على مدار 24 ساعة بالفيلة "ماي جيو" ويستكشف معها مناطق الرعي الجديدة في الغابة وينام على بعد عدة أمتار منها.
وعلم ديو تلميذته الألمانية هورنا أن تترك للفيلة أثناء الجلوس على صهوتها الحرية الكبيرة في التهام الطعام. وهذا ما تفعله الألمانية اليوم فى آخر يوم لها من اليوم الربع عشر من الدورة.
والفيلة "ماي جيو" عمرها 22 عاما وحامل في الشهر التاسع عشر. ومن المنتظر أن تلد صغيرها خلال ثلاثة أو أربعة أشهر. وتستخدم الفيلة خرطومها فى سحب أعواد الخيزران ، وتكسره بمهارة وبراعة ثم تدفع القطع الصغيرة منها إلى فمها.

و عندما تلتهم الفيلة ما يكفيها من الطعام تواصل سيرها ولكن بعد أن توجه لها هورنا نداء "كوي" .. "كوي" أي "للوراء" مستخدمة قدميها في نفس الوقت لتوجيه الفيلة وتحويلها عن الطعام من خلال جذبها بعيدا عن أعواد الخيزران وحثها على السير البطيء و المتراخي. وبسماع نداء "هو" ... "هو" أي "للأمام" تواصل "ماى جيو" حركتها تدريجيا.

وينظر متعجبا إلى هذا المشهد ألماني كبير السن يأخذ درسا قصيرا في المعسكر. وهو سعيد لأنه لا يضطر إلى توجيه الفيلة بنفسه أو الصياح وأن فيلته تطيع أوامره.
وتسير الفيلة وتميل برقبتها إلى أسفل لكي تحمل بخرطومها خشب أشجار التيك (الساج) وفى أثناء هذا يتشبث الألماني بصندوق المقعد حتى لا ينزلق إلى الأمام باتجاه السائق تام الذي يجلس أمامه على رقبة الفيلة، والشاب تام /20 عاما/ من شعب الكارين أيضا يحافظ بدون أي جهد على توازنه ويوجه الفيلة بسهولة واسترخاء.

ونادرا ما يستعمل تام العصا الصغيرة مع الفيلة الأم "ماي كام نوى" التي تبلغ سبعة عشرة عاما، وتحوم وليدتها الفيلة وعمرها سبعة أشهر دائما حولها وتقطف بدعابة أوراق وفروع الأشجار، إلا أنها لا تلتهمها ولكنها ترضع لبن أمها بين وقت وآخر. ويقول تام انه عند الولادة كانت الفيلة الصغيرة تزن 100 كيلوجرام والآن تزن الضعف تقريبا.
ولكي يصل الفيل الصغير إلى وزن الأم البالغ طنين ونصف يتطلب فترة من الزمن.

ويقول بودو ينزفورستر:"يجب أن تبقى الأفيال الصغار على الأقل أربع سنوات مع الأم. إلا انه في معسكرات ومزارع كثيرة يتم فصل الرضيع عن الفيلة الأم وهذا ما يضر نموها وتطورها. ويبتسم الألماني فورستر ويتفاخر بأن حيوانات الأدغال تشعر بالراحة والطمأنينة في معسكره الذي يعيش فيه 8 أفيال بالغة ومن بينها فيل ذكر بالإضافة إلى خمسة أفيال وليدة. ويتم تأجير جميع الفيلة عدا حيوان واحد للسياح، ويعيش مالكوها في قرية على الحدود مع بيرما.

ويمكن أن تصل تكلفة قوت الفيل في اليوم إلى 25 يورو. ويبتلع الجامبو الكبير يوميا من 100 إلى 200 كيلو جرام من الخضروات، ويحتاج إلى 100 لتر من المياه. ويقول فورستر: " أفيالنا نصف برية، فهي تعيش في الغابات ليلا وتبحث عن طعامها، أما نهارا فنحن نلقمها طعامها”.
ويمتلك فورستر تصريحا من السلطات المختصة في بانكوك يسمح بموجبه للأفيال بالعيش والتهام الطعام في الغابات الحكومية.

ومن خلال النداءات وحملات الإعلام تحاول منظمات البيئة وحماية الحيوانات وكذلك الهيئات الحكومية والبلديات الحفاظ على تأمين وجود الأفيال في المحميات والحدائق والغابات.
وكذلك تكافح فايرات شاياخام/56 عاما/ منذ عقود من أجل حماية الحيوان وهى رئيسة قرية أفيال باتاياالتى تبعد 800 كم جنوب شيانج ماي.
ولطالما اشتكت فايرات من "أنه حتى يومنا هذا كثيرا ما تجبر الأفيال في آسيا وتايلاند على التجول للتسول من السياح ورجال الأعمال وسط الفوضى المرورية واكتظاظ السكان فى المدن الكبيرة والعواصم. وغالبا ما تعاني هذه الحيوانات من سوء التغذية ومصابة بالأمراض. وفى تايلاند تعتبر ممارسة التسول غير شرعية إلا انه لم يتم القضاء عليها بتاتا. وفى قرية أفيال باتايا يتعلم السكان المحليون والسائحون الكثير عن هذه الحيوانات ويحافظون على وجودها من خلال التنزه على صهوتها .. فهذا أفضل من التسول”.

وتوجد الآن في تايلاند أكثر من مئة حديقة ومعسكر أفيال ويوجد فى قرية باتايا وحدها ما لا يقل عن عشرة وفى شيانج ماي أكثر من 20 فيلا.
وفى أماكن كثيرة يستمتع الزوار بمشاهدة أفيال الأدغال فى بعض الفقرات الإضافيةمن برامج السيرك أوفى مباريات كرة القدم ويركبونها احيانا ويكتسبون المعلومات القليلة عن الحياة أو التهديدات التى يتعرض لها هذا الحيوان.

وبعض من حراس الأفيال الذين غالبا ما يحصلون على الكفاف من العيش يضربون حيواناتهم كثيرا بصفتهم الراعيين لهم. وكثيرا ما ترقد الأفيال ليلا بكثافة على رقعة أرض صغيرة ما بين الشوارع وحقول الأرز. ويعرب بودو ينس فورستر وفريقه عن استيائهم الكبير من سوء معاملة الحيوانات فى أماكن أخرى بالإضافة إلى سوء التغذية ووقوعهم ضحايا لحوادث المرور والألغام البرية.

ولحسن الحظ يوجد مستشفى سوريدا سالوالا لعلاج الفيلة وتسمى "المستشفى الآسيوي لعلاج الأفيال" في لامفانج على بعد 500 كيلومتر شمال العاصمة بانكوك.
وتتفانى التايلاندية سوريدا /53 عاما / في رعاية حيوانات الأدغال، فهي تتذكر منذ أن رأت في عامها الثامن أمام أعينها فيلة تموت بشكل مفجع ومؤلم عقب اصطدامها بشاحنة.

والفيلة الصغيرة "موسها" من الحيوانات التى عولجت فى مستشفى سوريدا. وبكل حذر تمشى بساقها اليمنى الأمامية والتى تم تدعيمها بطرف صناعي بديل صنعته سوريدا وفريقها: وهو عبارة عن كيس سميك من البلاستيك مملوء من الأسفل بنشارة خشب تعلوهوسادة طرية و تم ربط الطرف البديل عبر الجزء المتبقي من الساقاليمنى حول بطنها.

كانت الفيلة فى الشهر السابع من عمرها عندما كانت تمر بالمنطقة الحدودية مع بيرما وأصيبت بلغم بري وأدى الانفجار إلى تطاير نصف ساقها اليمنى الأمامية. ومن خلال الزيارات يكتشف مغرمو الأفيالالكثير عن هذا الفيلة.
قبل مئة عام كان يعيش أكثر من مئة ألف من الأفيال فى تايلاند ومنذ ذلك الوقت يشهد هذا العدد تناقصا كبيرا بشكل مأسوي.

والآن يبلغ عددهم 5000 فقط حسب مؤسسة الأفيال الآسيوية فى تايلاند.وللأسف فإن مستقبل حيوانات الأدغال مجهول . لذلك يحاول أصحاب المبادئ ومغرمو الأفيال مثل بودو ينس فورستر وسوريدا سالوالا المساعدة.
ويستطيع السياح أيضا المشاركة في ذلك. ففي المتوسط يتكلف قضاء اليوم مع حيوانات الأدغال ما بين 100 إلى 120 يورو شاملة الدروس والوجبات والرحلات الى القرى الجبلية ومعاهد الأفيال و المبيت فى البيوت الخشبية وسط المساحات الخضراء وإلقاء نظرة على حقول الأرز وأشجار الموز.

بيرند كوبيش
الاحد 7 فبراير 2010