
دول الشرق الأوسط تتصدر العالم في الإنفاق العسكري
ضعف المعدل العالمي
يلاحظ أن دول الشرق الأوسط تتصدر العالم في الإنفاق العسكري، إذا احتسب كنسبة مئوية من الدخل القومي، بحيث يساوي معدل إنفاقها ضعف المعدل العالمي البالغ 2.4 % من نسبة الدخل القومي. من الصعب القول إن دول الخليج تنفق كل هذه الأموال خوفا من الطموحات الإيرانية، خاصة وأن العرب أنفقوا خلال العشرين عاما الماضية ثلاثة آلاف مليار دولار، قبل أن تكشف إيران عن طموحاتها النووية، أما إسرائيل فقد تراجعت كخطر على الأمن القومي لدى أصحاب القرار في أغلب دول الشرق الأوسط، وبالرغم من محاولة إسرائيل عرقلة هذه الصفقة، إلا أنها عمليا لا تخشى من امتلاك السعودية للمزيد من الطائرات المتقدمة، لأنها تعلم أنها لن تستخدم ضدها، وهي تخشى أكثر صواريخ السكود التي تزعم أن إيران وسوريا زودتا بها حزب الله.
الفائدة الأمريكية المباشرة من هذه الصفقة هي أنها ستحافظ على 77 ألف موقع عمل، خلال واحدة من أكثر الأزمات الاقتصادية التي جعلت دولة مثل بريطانيا تفرض سياسة تقشف لم تضطر لها منذ الحرب العالمية الثانية.
علاقة السلطة بالثروة
وفقا للخبير الاستراتيجي الأردني جمال الطاهات، فإن هذه الصفقة تثير التساؤلات الاستراتيجية الكبرى حول وظيفتها وقيمتها، خاصة وانها ليست صفقة لتغيير موازين القوى العسكرية على الأرض، ويضيف الطاهات قائلا: "أعتقد أن هذه من الصفقات التي لا يمكن اختزالها في أنها مجرد تعديل في موازين القوى العسكرية، ولكنها صفقة تنتمي إلى المستوى الاستراتيجي ومن شأن التدقيق بها أن يعيد إثارة سؤال معادلة السلطة والثروة في المجتمعات العربية. كيف تتصرف النخب الحاكمة في هذه المعادلة ما هو دورها، بالإضافة إلى دور العمل الخارجي في تأمين غطاء لتآكل شرعية النخب الحاكمة في العالم العربي".
قبل بضع سنوات أثارت صفقة اليمامة شبهات قوية في حصول من يقف وراء الصفقة على عمولات كبيرة، وهو الأمر الذي جعل توني بلير يتدخل لإيقاف التحقيقات في الصفقة، خوفا من الكشف عن أسماء المسئولين السعوديين، وهو ما يؤكده الطاهات بأن مثل هذه الصفقات تتعلق بشكل أساسي بنصيب بعض الفئات من النخب الحاكمة في موارد الدولة.
الخطر الإيراني
لا يرى الطاهات أن هناك خطرا إيران يحدق بدول الخليج، كما لا توجد مخاطر داخلية تستدعي مثل هذه النوعية من الأسلحة، خاصة وأنه يمكن حل هذه المخاطر بالنظر بشكل عقلاني للعلاقة بين السلطة والموارد، ويضيف الطاهات قائلا إن "الخطر الإسرائيلي منح هذه الأنظمة غطاء لشرعية متآكلة على مدى نصف قرن، واعتقد أن شعوب المنطقة لم تعد على استعداد للقبول بمثل هذا الخطاب أو هذا الادعاء، والسؤال الكبير الذي يثار هو كيف يمكن لنا أن نعيد النظر في مركب السلطة والثروة بحيث تصبح مثل هذه الصفقات، وبناء الجيوش والمنظومات الأمنية تعبير حقيقي عن أمن المجتمعات بشكل كامل".
في عام 2008 احتلت دولة الإمارات العربية المتحدة الترتيب الثالث عالميا، كأكبر مستورد للأسلحة بعد الصين والهند، وهو ما يعكس مفارقة حقيقية. عن ذلك يقول الطاهات: "هذه الصفقات هي جزء أساسي من علاقات القوى داخليا وخارجيا، فالولايات المتحدة تحتاج إلى الفائض المالي المتوفر في دول الخليج، من أجل تحريك اقتصادها، ومن الواضح أن الاقتصادي الأمريكي لم يغادر كثيرا النموذج الذي كان سائدا في الثلاثينات، بمعنى هناك قطاعات حيوية لا تزال تمثل محركات هذا الاقتصاد، سواء بالنسبة للطلب الداخلي في السوق الأمريكي أو الخارجي، ومن أهمها الصناعات العسكرية، وبالتالي فإن الإبقاء على هذا القطاع بشكل حيوي وفاعل سيجعله يمثل رافعة حقيقية لزيادة الطلب، فسبعة وسبعون ألف فرصة عمل التي تضمنها الصفقة تعني أنها تحافظ على عشرة أضعاف هذا الرقم، وفي العادة يقدم الحلفاء لبعضهم الحلول لمشكلاتهم، ولكن هل فعلا هذه الصفقة تقدم حلولا للمشكلات في المجتمعات العربية؟".
مبدأ روزفلت
السؤال الذي يتوقف أمامه الطاهات، هو ما تقدمه هذه الأموال الطائلة التي تنفق بهذه الطريقة للتنمية والرفاهية في المجتمعات العربية؟ خاصة أن هذه الأسلحة ليست من أجل حروب على وشك الاشتعال، وإنما هدفها إرسال رسائل عن حاسمة عن علاقات القوى على المستوى العالمي وتأثيرها في المنطقة.
ويقترح الطاهات أن تذهب هذه الأموال ليس لتفعيل قطاعات الصناعات العسكرية في الولايات المتحدة، وإنما لتفعيل الجامعات ومراكز البحوث مضيفا: "وإذا استوعبت هذه الجامعات عددا هائلا من طلابنا المبدعين وبناتنا المبدعات لحدثت عملية نقل حقيقية للمعرفة، وفي نفس الوقت تقدم دعما للاقتصاد الأمريكي في محنته". ويؤكد الطاهات أنه يمكننا أن نرى الفرق خلال عشر إلى خمسة عشر سنة، وفي نفس الوقت يحذر الطاهات من مضاعفات هذه الصفقات الكبرى، التي لا تزال تتماهى مع مبدأ روزفلت في مطلع الأربعينات، والذي من خلاله تدير الولايات المتحدة علاقاتها مع المجتمعات العربية من خلال النخب الحاكمة "الذي يجري الآن هو أن هذه النخب بدأت تحتكر وتبعد المجتمعات العربية عن العلاقات المباشرة مع الغرب، وأصبح هذا الاحتكار يثير الكثير من التوترات والتشنجات، وقد تكون نهايتها بالمدى المنظور غير محسوبة، ولكن على المدى البعيد ستزداد الهوة بين مجتمعاتنا والغرب، وذلك بسبب إصرار الولايات المتحدة بالرغم من خطاب أوباما في جامعة القاهرة على مبدأ روزفلت القديم".
يلاحظ أن دول الشرق الأوسط تتصدر العالم في الإنفاق العسكري، إذا احتسب كنسبة مئوية من الدخل القومي، بحيث يساوي معدل إنفاقها ضعف المعدل العالمي البالغ 2.4 % من نسبة الدخل القومي. من الصعب القول إن دول الخليج تنفق كل هذه الأموال خوفا من الطموحات الإيرانية، خاصة وأن العرب أنفقوا خلال العشرين عاما الماضية ثلاثة آلاف مليار دولار، قبل أن تكشف إيران عن طموحاتها النووية، أما إسرائيل فقد تراجعت كخطر على الأمن القومي لدى أصحاب القرار في أغلب دول الشرق الأوسط، وبالرغم من محاولة إسرائيل عرقلة هذه الصفقة، إلا أنها عمليا لا تخشى من امتلاك السعودية للمزيد من الطائرات المتقدمة، لأنها تعلم أنها لن تستخدم ضدها، وهي تخشى أكثر صواريخ السكود التي تزعم أن إيران وسوريا زودتا بها حزب الله.
الفائدة الأمريكية المباشرة من هذه الصفقة هي أنها ستحافظ على 77 ألف موقع عمل، خلال واحدة من أكثر الأزمات الاقتصادية التي جعلت دولة مثل بريطانيا تفرض سياسة تقشف لم تضطر لها منذ الحرب العالمية الثانية.
علاقة السلطة بالثروة
وفقا للخبير الاستراتيجي الأردني جمال الطاهات، فإن هذه الصفقة تثير التساؤلات الاستراتيجية الكبرى حول وظيفتها وقيمتها، خاصة وانها ليست صفقة لتغيير موازين القوى العسكرية على الأرض، ويضيف الطاهات قائلا: "أعتقد أن هذه من الصفقات التي لا يمكن اختزالها في أنها مجرد تعديل في موازين القوى العسكرية، ولكنها صفقة تنتمي إلى المستوى الاستراتيجي ومن شأن التدقيق بها أن يعيد إثارة سؤال معادلة السلطة والثروة في المجتمعات العربية. كيف تتصرف النخب الحاكمة في هذه المعادلة ما هو دورها، بالإضافة إلى دور العمل الخارجي في تأمين غطاء لتآكل شرعية النخب الحاكمة في العالم العربي".
قبل بضع سنوات أثارت صفقة اليمامة شبهات قوية في حصول من يقف وراء الصفقة على عمولات كبيرة، وهو الأمر الذي جعل توني بلير يتدخل لإيقاف التحقيقات في الصفقة، خوفا من الكشف عن أسماء المسئولين السعوديين، وهو ما يؤكده الطاهات بأن مثل هذه الصفقات تتعلق بشكل أساسي بنصيب بعض الفئات من النخب الحاكمة في موارد الدولة.
الخطر الإيراني
لا يرى الطاهات أن هناك خطرا إيران يحدق بدول الخليج، كما لا توجد مخاطر داخلية تستدعي مثل هذه النوعية من الأسلحة، خاصة وأنه يمكن حل هذه المخاطر بالنظر بشكل عقلاني للعلاقة بين السلطة والموارد، ويضيف الطاهات قائلا إن "الخطر الإسرائيلي منح هذه الأنظمة غطاء لشرعية متآكلة على مدى نصف قرن، واعتقد أن شعوب المنطقة لم تعد على استعداد للقبول بمثل هذا الخطاب أو هذا الادعاء، والسؤال الكبير الذي يثار هو كيف يمكن لنا أن نعيد النظر في مركب السلطة والثروة بحيث تصبح مثل هذه الصفقات، وبناء الجيوش والمنظومات الأمنية تعبير حقيقي عن أمن المجتمعات بشكل كامل".
في عام 2008 احتلت دولة الإمارات العربية المتحدة الترتيب الثالث عالميا، كأكبر مستورد للأسلحة بعد الصين والهند، وهو ما يعكس مفارقة حقيقية. عن ذلك يقول الطاهات: "هذه الصفقات هي جزء أساسي من علاقات القوى داخليا وخارجيا، فالولايات المتحدة تحتاج إلى الفائض المالي المتوفر في دول الخليج، من أجل تحريك اقتصادها، ومن الواضح أن الاقتصادي الأمريكي لم يغادر كثيرا النموذج الذي كان سائدا في الثلاثينات، بمعنى هناك قطاعات حيوية لا تزال تمثل محركات هذا الاقتصاد، سواء بالنسبة للطلب الداخلي في السوق الأمريكي أو الخارجي، ومن أهمها الصناعات العسكرية، وبالتالي فإن الإبقاء على هذا القطاع بشكل حيوي وفاعل سيجعله يمثل رافعة حقيقية لزيادة الطلب، فسبعة وسبعون ألف فرصة عمل التي تضمنها الصفقة تعني أنها تحافظ على عشرة أضعاف هذا الرقم، وفي العادة يقدم الحلفاء لبعضهم الحلول لمشكلاتهم، ولكن هل فعلا هذه الصفقة تقدم حلولا للمشكلات في المجتمعات العربية؟".
مبدأ روزفلت
السؤال الذي يتوقف أمامه الطاهات، هو ما تقدمه هذه الأموال الطائلة التي تنفق بهذه الطريقة للتنمية والرفاهية في المجتمعات العربية؟ خاصة أن هذه الأسلحة ليست من أجل حروب على وشك الاشتعال، وإنما هدفها إرسال رسائل عن حاسمة عن علاقات القوى على المستوى العالمي وتأثيرها في المنطقة.
ويقترح الطاهات أن تذهب هذه الأموال ليس لتفعيل قطاعات الصناعات العسكرية في الولايات المتحدة، وإنما لتفعيل الجامعات ومراكز البحوث مضيفا: "وإذا استوعبت هذه الجامعات عددا هائلا من طلابنا المبدعين وبناتنا المبدعات لحدثت عملية نقل حقيقية للمعرفة، وفي نفس الوقت تقدم دعما للاقتصاد الأمريكي في محنته". ويؤكد الطاهات أنه يمكننا أن نرى الفرق خلال عشر إلى خمسة عشر سنة، وفي نفس الوقت يحذر الطاهات من مضاعفات هذه الصفقات الكبرى، التي لا تزال تتماهى مع مبدأ روزفلت في مطلع الأربعينات، والذي من خلاله تدير الولايات المتحدة علاقاتها مع المجتمعات العربية من خلال النخب الحاكمة "الذي يجري الآن هو أن هذه النخب بدأت تحتكر وتبعد المجتمعات العربية عن العلاقات المباشرة مع الغرب، وأصبح هذا الاحتكار يثير الكثير من التوترات والتشنجات، وقد تكون نهايتها بالمدى المنظور غير محسوبة، ولكن على المدى البعيد ستزداد الهوة بين مجتمعاتنا والغرب، وذلك بسبب إصرار الولايات المتحدة بالرغم من خطاب أوباما في جامعة القاهرة على مبدأ روزفلت القديم".