نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


«روابط رقمية» سلسلة المعرفة الرقمية






يُشكل التفكير في ثقافةٍ، أو معرفةٍ جديدة تحديا أمام التفكير نفسه. تُصبح العملية إذن مزدوجة. تُفكر الذات في الموضوعِ، ويتحول الموضوع إلى وسيطٍ للتفكير في الذات. إن تحول التفكير وتطوره يتم ـ بشكل عام ـ من خلال هذه العملية المزدوجة. أحيانا كثيرة، نهتم بإنتاج التفكير ونسعى إليه وننشغل به، باعتباره إمكانية للفهم، وإحداث المعنى. غير أن بناء المحتوى، وطريقة التفكير تُعبر عن الذات المفكرة أكثر من التعبير عن محتوى الموضوع.


  عندما نعود إلى المقالات التي حاولت أن تُفكر في زمن الجنس الروائي العربي، أو في القصيدة النثرية، أو في قضايا الحداثة، فإن هذه المقالات تُعتبر جسرا معرفيا للتواصل مع شكل التفكير في زمن كتابتها. وبالتالي، تُصبح المقالات والدراسات التأسيسية لفكرٍ أو قضيةٍ معرفية جديدةٍ محطة مهمة لدراسة مسار تطور التفكير في مجتمع ما.
تحضر التكنولوجيا باعتبارها استعمالا وسائطيا وتطبيقيا وتقنيا في الحياة الاجتماعية والاقتصادية، غير أن الوعي بالاستعمال، يحتاج إلى تشغيل الفكر، والبحث في منطق هذه الثقافة وفي تحدياتها، وما يمكن أن تمنحه للإنسان من امتيازات في الحياة، تُساعده على تطوير أسلوب حياته، وعلاقاته بمحيطه، واستثمار الوقت في الإبداع والتفكير، وما يمكن أن تسلبه التكنولوجيا من الإنسان من قيم ومنطق وذكاء. وعليه، فإن قرار التفكير في ثقافة الاستعمال التكنولوجي يصبح مُتجاوزا، بفعل طبيعة التكنولوجيا التي تتسرب إلى حياة المجتمعات بإيقاع سريع، وتفرض استعمالها بشكل يومي، ما يترتب عليه تحولا سريعا في نظام المعاملات بين الأفراد، وفي طبيعة القيم الاجتماعية، وفي شكل التفكير، إن كل تأخير في انخراط مسؤول في الثقافة التكنولوجية، ينعكس سلبا على طريقة الاستعمال، ويُؤثر في المجتمعات مستقبلا.
تدخل «روابط رقمية» السلسلة المعرفية العلمية المختصة في الثقافة الرقمية في مشروع تنوير الوعي بالاستعمال التكنولوجي. وتُعد من المشاريع العربية التي تدخل في إطار مُرافقة الحياة التكنولوجية في المجتمعات العربية، بالتفكير والتمثل والتحليل وإنتاج الوعي بمختلف القضايا المرتبطة بالتكنولوجيا. تنطلق «روابط رقمية» مع بداية 2018، لتنخرط في قضايا الثقافة الرقمية، محاولة أن تكون حاضرة بنوعية في المشهد العربي. تتشكل السلسلة من لجنتين: واحدة علمية تضم أهم المشتغلين والمبدعين في الثقافة الرقمية في المغرب وفي العالم العربي، ولجنة ترجمة من لغات أجنبية: الفرنسية والإنكليزية والألمانية والإسبانية والإيطالية، بهدف الانفتاح على أهم الدراسات الرقمية في العالم، وعلى أهم مختلف التجارب الثقافية العالمية، بدون اعتماد تجربة دون أخرى.
تُراهن السلسلة على تطوير الثقافة الرقمية، وخلق وعي بالممارسة التكنولوجية. لا تهدف «روابط رقمية» إلى حصر المشروع في الكتابة الرقمية، أو الأدب الرقمي، ولكنها تذهب أبعد من ذلك، لكونها أفقا مفتوحا على مختلف قضايا التكنولوجيا. ومن أجل تأسيس علمي وموضوعي للمشروع، فقد حمل العدد الأول من السلسلة سؤالا جوهريا: «نحن والثقافة الرقمية» باعتباره أرضية لانطلاق التفكير في هذه الثقافة، لأن تحديد العلاقة مع الثقافة الرقمية في مختلف القضايا يُشكل تأسيسا استراتيجيا لمناقشة هذه الثقافة، ضمن ترتيب منهجي يتوخى العلمية في الطرح.
هكذا، جاء العدد متنوعا ومتعددا، تبحث مقالاته في حقول متعددة من قضايا التكنولوجيا. إذ، شمل قضايا فلسفية، من خلال مقالة الباحث والمترجم المغربي عادل حدجامي «الوجود السائل تأملات في طبيعة الوجود الرقمي». يطرح الباحث سؤال الكينونة الرقمية، بما هي موجود يقاس على الموجود الطبيعي والثقافي، كما قدّم كشفا فينومولوجيا ينبني على خصوصية الإنسان، بما هو موجود رقمي، راصدا التحديات التي يوجهها الدرس الفلسفي في مقاربة هذا النوع من الموجود. وتبحث الباحثة المصرية ريهام حسني في دراستها «ما بعد الإنسانية، الرقمية، بعد ما بعد الحداثة: النوع الأدبي وتحولات العصر» عن الفلسفة الجديدة التي يتبناها خطاب بعد ما بعد الحداثة. وفي السؤال الثقافي، يقترح الباحث والمترجم المغربي محمد أسليم دراسة «الرقمية والتحولات الثقافيـة» ليرصد من خلالها الطفرة الرقمية باعتبارها طفرة غيرت منظور الإنسان لذاته وللكون، وكيف أن هذه الطفرة أثرت في مفهوم الثقافة والهوية. أما في قضايا الأدب والتراث، فقد اشتغل الباحث المغربي سعيد يقطين بقضية تُعتبر من الأوليات التي على الفكر العربي الانشغال بها، وهي «ترقيم التراث العربي: الضرورات والإشكالات»، مبرزا دور الوسائط الجديدة في بلورة علم جديد، هو علم الترقيم الذي سيتكلف بتحويل النص العربي القديم من صيغته الورقية إلى صيغته الرقمية، بهدف مواكبة تطلعات العصر، وجعل التراث متاحا على الوسائط الجديدة. أما الباحثة الإماراتية فاطمة البريكي فإنها تبحث في دراستها «أدب الطفل الرقمي» أوراشا مهمة تتعلق بتجويد أدب الطفل الرقمي، بما هو تجويد يشمل مستويات العناصر اللغوية وغير اللغوية، بهدف تطوير وعي الطفل وصقل مواهبه. وتكتب الباحثة السعودية أمل التميمي عن التحولات البنيوية والفنية والمعرفية التي تعرفها السيرة الذاتية مع الوسائط التكنولوجية، في دراستها «تحولات الأعراف الأدبية والثَّقافية في السِّيرة الذَّاتيّة الرقمية بعد ثورات الربيع العربي. ومن أجل تطوير الوعي بتحولات الأدب وهو ينتقل إلى الوسيط الرقمي، فقد انفتحت «روابط رقمـــية» على التجارب الأجنبية، من خلال ترجمة الباحث المغربي رشيد برهون لمقال الباحث الفرنسي جان كليمون «الأدب في مواجهة مجاهيل العالم الرقمي»، الذي يرصد المتغيرات التي رجت بعمق مجالي النظرية والممارسة الأدبية، ضمن ما يصطلح عليه باسم الأدب الرقمي.
كما قارب ملف العدد الأول من «روابط رقمية» قضايا تتعلق بعلاقة الرقميات من جهة بالنظام العالمي الجديد، ومن جهة أخرى بالتحولات التي يعرفها المجتمع. ففي دراسة الباحث المغربي محمد نوري «الرقميات والربط العازل: تأملات في نزاعات جديدة لمشروع عالمي جديد» يفكك الباحث منظور الشركات الرقمية للإعلام والعمل والصحة والدولة والتعليم والأمن، وتروم الدراسة الدفاع عن مكانة الإنسان الجديد في المشروع العالمي الجديد القائم على فرض الهيمنة. أما الباحثة المغربية بشرى زكاغ، فقد تناولت في دراستها «في حضرة التكنولوجيا: نحو مجتمع تكنو اجتماعي أكثر انفتاحا وتحررا» انتقال المجتمع من صيغته الواقعية إلى صيغته الافتراضية، بما هو تحول في المكان والزمن والفرد والتفاعل.
يشتمل العدد الأول على حوار مهم مع المبدع الأردني العربي محمد سناجلة رائد الإبداع الرقمي في التجربة العربية، إذ يتحدث في هذا الحوار عن مسار نشوء فكرة النص الرقمي العربي، من خلال تجربته، وعن التحديات الذهنية والثقافية التي رافقت التجربة. إلى جانب ذلك، تضمن العدد قراءات وصفية لكتب رقمية عربية، تعتبر مراجع مهمة في الثقافة الرقمية.
تُؤسس «روابط رقمية» السلسلة العلمية والمعرفية المختصة بالثقافة الرقمية مشروعها برؤية علمية، تتوخى من خلالها، تنوير الوعي العربي بهذه الثقافة، وتحصين التفكير فيها بموضوعية معرفية، من خلال ملفات الأعداد المقبلة التي ستنخرط في قضايا رقمية متعددة ومتنوعة.
يشتغل العدد الثاني على ملف «الأدب الرقمــي ونظرية الأدب»، عبر دراسات وأبحاث علمية تبحث في موضوع الأدب وهـو يتجلى رقميا. كما ستناقش ملفات الأعداد المقبلة من السلسلة مواضيع تخص التعليم واللغة والمصطلحات والإعلام والتشريع القانوني الرقمي، وغير ذلك من المواضيع التي لها علاقة بالرقميات، والبحث في التحولات التي تعرفها، بهدف الوعي باستعمالها.
---------------
القدس العربي
 

زهور كرام
الاحد 4 فبراير 2018